(رام الله) – قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن "السلطة الفلسطينية" في الضفة الغربية وسلطات "حماس" في غزة تعتقلان المنتقدين والمعارضين السلميين تعسفا.
من يناير/كانون الثاني 2018 إلى مارس/آذار 2019، اعترفت السلطة الفلسطينية باحتجاز أكثر من 1,600 شخص بسبب التعبير السلمي، بينما اعتقلت سلطات حماس أكثر من ألف آخرين فقط أثناء احتجاجات مارس/آذار 2019 المعارضة لحكمها.
قال إريك غولدستين، نائب مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "رغم استمرار الانقسام الشديد بين السلطة الفلسطينية وحماس، إلا أنهما متفقتان على نهج واحد يتمثل في سحق المعارضة. على القادة الذين لا زالوا في السلطة منذ أكثر من 10سنوات دون انتخابات أن يستمعوا إلى الانتقاد على الأقل، وليس معاقبته".
بعد أكثر من 6 أشهر على صدور تقرير لـ هيومن رايتس ووتش وجد أن السلطة الفلسطينية وحماس تنفذان اعتقالات تعسفية وتعذيب بشكل منهجي، لم تُبذَل أي جهود جدية لمحاسبة المتورطين ولم يحصل أي تغيير واضح في السياسات والممارسات. من يناير/كانون الثاني 2018 إلى مارس/آذار 2019، لم تُدن المحاكم في غزة أي عناصر أمنية بارتكاب اعتقالات تعسفية أو إساءة معاملة أو تعذيب، بينما أدانت محاكم الضفة الغربية عنصرا أمنيا واحدا بهذه الجرائم، وقضت بسجنه 10 أيام، وفق بيانات قدمتها وزارتي الداخلية التابعتين للسلطة وحماس.
وثقت هيومن رايتس ووتش 5 حالات تعكس هذه الممارسة المنهجية منذ مطلع 2019 – 2 في الضفة الغربية و3 في غزة – اعتقلت خلالها قوات الأمن صحفيين ونشطاء بسبب معارضتهم السلمية أو انتقادهم للسلطات. كما أجابت كل من السلطة الفلسطينية وحماس بالتفصيل على طلب هيومن رايتس ووتش لمعلومات بشأن الفترة منذ بداية 2018، وهي الفترة اللاحقة للفترة التي غطاها التقرير السابق.
قبل تشكيل الحكومة الجديدة بأيام في أبريل/نيسان، تعهّد رئيس وزراء السلطة الفلسطيني محمد أشتيه في اجتماع مع صحفيين فلسطينيين بحماية حرية التعبير. كرّرت سلطات حماس في ردها على هيومن رايتس ووتش التزامها بمعاهدات حقوق الانسان التي صادقت عليها دولة فلسطين. لكن هيومن رايتس ووتش قالت إن الحد من الانتهاكات المنهجية يستوجب ترجمة جميع التصريحات المعهودة إلى محاسبة الجناة.
قالت السلطة الفلسطينية في ردودها، التي عكست درجة إيجابية من الشفافية، إن قوات أمنها احتجزت 65,415 فلسطينيا في الضفة الغربية في 2018 والأشهر الثلاثة الأولى من 2019. قالت سلطات حماس إنها اعتقلت 4,235 شخصا في غزة في نفس الفترة. قالت السلطة الفلسطينية إنها كانت تحتجز 1,134 شخصا حتى 21 أبريل/نيسان، بينما كانت حماس تحتجز 1,885 شخصا حتى 23 أبريل/نيسان.
قالت السلطة الفلسطينية أيضا إن الشرطة وقوات "الأمن الوقائي" احتجزت 1,609 شخصا بتهمة الإساءة إلى "مقامات عليا" و "إثارة نعرات طائفية" خلال هذه الفترة، وهما تهمتان تتسببان في تجريم المعارضة السلمية فعليا. قالت إن قواتها اعتقلت 752 شخصا في نفس الفترة بسبب منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي. قالت أيضا إن النيابة العامة اتهمت 815 شخصا في 2018 بموجب "قانون الجرائم الإلكترونية" التقييدي، استند بعض التهم إلى منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي. بعض هذه الاعتقالات على الأقل كانت بسبب انتقادات سلمية، أو معارضة، للسلطة الفلسطينية أو مسؤوليها. وثقت هيومن رايتس ووتش عشرات الاعتقالات المماثلة في 2016 و2017.
في حالة حصلت في يناير/كانون الثاني 2019، احتجز الأمن الوقائي للسلطة الفلسطينية يوسف فقيه، صحفي من الخليل، واستجوبه بشأن انتماءاته السياسية ومنشور على "فيسبوك" عدّد فيه جميع الوظائف التي يشغلها مسؤول رفيع.
قالت سلطات حماس إنها وجهت بين يناير/كانون الثاني 2018 ومارس/آذار 2019 تهمة الإساءة إلى آخرين في منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي إلى 24 شخصا، وتهمة "النيل من الوحدة الثورية" إلى 15 شخصا، وتهمة "اساءة استخدام التكنولوجيا" إلى 27 شخصا. تُستخدم هذه الجرائم الثلاثة الفضفاضة لمعاقبة مخالفة الرأي أو المعارضة السلمية.
غير أن هذه الأرقام لا تعكس العدد الحقيقي للاعتقالات التعسفية. وثقت هيومن رايتس ووتش حالات عديدة لأشخاص احتجزوا بسبب التعبير السلمي، دون أن توجه لهم تهم رسمية، بما يشمل أكثر من ألف حالة أثناء مظاهرات "بدنا نعيش" في مارس/آذار، بحسب "الهيئة المستقلة لحقوق الانسان" – "ديوان المظالم" (الهيئة المستقلة)، وهي هيئة رقابة قانونية فلسطينية.
قالت الهيئة المستقلة أيضا إنها استلمت 455 شكوى من فلسطينيين في الضفة الغربية وغزة تعرضوا "للتعذيب وسوء المعاملة" في 2018 والأشهر الثلاثة الأولى من 2019 – 242 منها على يد قوات الأمن الفلسطينية في الضفة الغربية و213 على يد قوات حماس في غزة.
تُنكر السلطتان ارتكاب أي مخالفات، ولم تتخذا أي تدابير مُجدية للتصدي للانتهاكات، في جو يسوده الافلات من العقاب. قالت السلطة الفلسطينية إنها استلمت بين يناير/كانون الثاني 2018 ومارس/آذار 2019 346 شكوى بشأن الاعتقال التعسفي وسوء المعاملة، أغلبها منسوبة إلى الشرطة، وحققت فيها جميعا. لكنها خلصت إلى وجود مخالفات في 48 حالة فقط، بنسبة لا تتجاوز 14 في المئة، انتهت 28 منها بتوجيه تحذيرات أو عقوبات إدارية، مثل تخفيض الرواتب أو تأخير الترقيات. كما أشارت الرسالة إلى أن أغلب الشكاوى المتعلقة بالتعذيب الموجهة إلى جهاز الأمن الوقائي كانت ترمي إلى "الإساءة إلى دولة فلسطين وتشويه صورتها أمام المجتمع المدني الدولي". أُحيل 20 ملفا إلى النيابة العامة أو المحاكمة وبعضها لا يزال مفتوحا. لكن أدين ضابط واحد، من مخابرات السلطة الفلسطينية، وحُكم عليه بالسجن 10 أيام بتهمة الاعتداء على متظاهرين.
قالت سلطات حماس إنها استلمت 47 شكوى بشأن الاعتقال التعسفي والتعذيب أثناء هذه الفترة، وخلصت إلى وجود مخالفات في 8 منها، وحققت فيها جميعا. تعلقت 7 منها بالاعتقال التعسفي وسوء المعاملة، وأدت إلى اتخاذ عقوبات إدارية، منها النقل والاحتجاز لمدة تصل إلى شهر دون محاكمة. كما أحيل ملف تعذيب إلى المحاكمة العسكرية، ولا زال معروضا على المحاكم. لم تحصل أي إدانات.
لم يُدن أيّ من عناصر الأمن الفلسطينيين بتهمة الاعتقال غير المشروع أو التعذيب في 2016 أو 2017.
على السلطات الفلسطينية الالتزام بالمعاهدات الدولية لحقوق الإنسان التي انضمت إليها في السنوات الخمس الماضية، بما يشمل التحقيق بجدية في المخالفات ومحاسبة المخالفين. كانت وزارة الداخلية قد تعهدت في رسالتها – خلال المئة يوم الأولى من عمر الحكومة، التي تنتهي في 22 يوليو/تموز – باعتماد قانون وتخصيص ميزانية لإنشاء "آلية وقائية وطنية" لمراقبة مراكز الاحتجاز، بشكل مستقل تشمل زيارات فجائية، كما يقتضيه "البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب" (البروتوكول الاختياري)، وفلسطين طرف فيه. يتعين على الحكومة تنفيذ هذا التعهد، ويتعين على السلطات الاسرائيلية السماح لـ "لجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب" بدخول الضفة الغربية وقطاع غزة حتى تتمكن من مراقبة الالتزام بالبروتوكول الاختياري.
على الدول الأخرى تعليق مساعداتها لأجهزة الأمن الفلسطينية التي تمارس التعذيب بشكل روتيني ضدّ المعارضين – بما يشمل أجهزة المخابرات والأمن الوقائي و"اللجنة الأمنية المشتركة" التابعة للسلطة الفلسطينية، والأمن الداخلي التابع لحماس – مادام التعذيب المنهجي وغيره من الانتهاكات الجسيمة مستمرين.
قال غولدستين: "وعود الاصلاح المستمرة والتحذيرات المتعلقة بهشاشة المؤسسات لن تنطلي على أحد في ظل استمرار الانتهاكات المنهجية والافلات من العقاب بلا هوادة. على الحكومات ألا تنخدع بهذه الأعذار الواهية، وأن تقطع صلاتها بقوات الأمن الفلسطينية المتورطة في الانتهاكات".
ردود الحكومتين
لم يردّ محمد أشتيه، رئيس وزراء السلطة الفلسطينية، على رسالة من هيومن رايتس ووتش سألته فيها عما ينوي فعله للحد من الاعتقالات التعسفية والتعذيب. لكن في ردّ جاء في 16 صفحة في نوفمبر/تشرين الثاني 2018، على تقرير كانت هيومن رايتس ووتش قد أصدرته قبل ذلك بشهر، عددت السلطة الفلسطينية بإسهاب الإجراءات والأنظمة الرامية إلى وقف التجاوزات، دون أن تشرح لماذا لم تنجح في إيقافها.
كتبت وزارة داخلية السلطة الفلسطينية في أبريل/نيسان إنها لم تُقابل أي من الضحايا المزعومين للانتهاكات في سياق إعداد ردّها. كما اعتبرت السلطة الفلسطينية في ردّها في نوفمبر/تشرين الثاني أن الاعتقالات قانونية دون أن تتطرق إلى مزاعم أنها تستخدم قوانين فضفاضة لاحتجاز الأشخاص بسبب المعارضة السلمية. أكدت السلطة أن التعذيب المنهجي "لم يحصل أبدا"، دون أن تعد بتغيير سياساتها للحد من الانتهاكات.
كتبت سلطات حماس لـ هيومن رايتس ووتش أنها "اتخذت عدة إجراءات لمكافحة التعذيب" منذ أكتوبر/تشرين الأول دون تحديدها. قالت إنها نظمت عددا من ورش العمل وأصدرت توجيهات إلى قوات الأمن بأن تتم الاعتقالات، باستثناء الحالات الطارئة، بمذكرة توقيف فقط.
الحالات المتعلقة بالسلطة الفلسطينية
يوسف فقيه (الخليل، الضفة الغربية)
اعتقلت قوات الأمن الوقائي يوسف فقيه، صحفي (34 عاما)، في منزله في قرية البرج بالقرب من الخليل في يناير/كانون الثاني، واحتجزته أسبوعين.
قال فقيه إن عناصر أمن استجوبوه بشأن منشور على فيسبوك في أغسطس/آب 2018 عدّد فيه الوظائف الستة التي قال إن نبيل أبو ردينه، المتحدث باسم الرئيس محمود عباس، يشغلها حاليا وهو ما اعتبرته السلطات على ما يبدو انتقادا لتركّز السلطات لدى السلطة الفلسطينية.
قال فقيه إنهم سألوه "لماذا تتحدث عن أبو ردينة هكذا؟ هل كنت تهينه؟"، وقدموا له قائمة مطبوعة بأسماء كل من علقوا على المنشور، وسألوه عن انتماءاتهم السياسية. قال أيضا إنهم سألوه عن آرائه السياسية، وحققوا في عمله مع مؤسسات إعلامية محددة، وقرؤوا رسائله الإلكترونية ورسائله على فيسبوك، واتهموه "بالعمل مع حماس".
قال فراس كراجه، محامي فقيه، لـ هيومن رايتس ووتش إن النيابة العامة اتهمت موكله "بإثارة النعرات الطائفية"، ورغم الإفراج عنه، لا زالت التهمة قائمة. حتى مايو/أيار، لا زالت قوات الأمن تحتفظ بهاتف فقيه الشخصي وحاسوبه المحمول، وكذلك هاتفين آخرين لأفراد عائلته، تمت مصادرتهما أثناء الاعتقال.
حازم عماد ناصر (طولكرم، الضفة الغربية)
اعتقلت أجهزة المخابرات حازم عماد ناصر، مصوّر (29 عاما)، في طولكرم في مارس/آذار، واحتجزته 19 يوما في سجن جهاز المخابرات في أريحا. جاء الاعتقال بعد ما وصفه بأسابيع من المضايقات على يد قوات الأمن.
قال ناصر إن قوات الأمن الوقائي احتجزته في يناير/كانون الثاني 24 ساعة بعد أن دعا في منشور على فيسبوك إلى إطلاق سراح عمه، الذي كان محتجزا لدى قوات الأمن. بحسب المحامي الذي يمثل ناصر وعمه، فإن النيابة العامة وجهت إلى عم ناصر تهمة إثارة "النعرات الطائفية" استنادا إلى كلمة ألقاها
في فعالية قدم خلالها المجتمع المحلي تبرعات لعائلة محلية لتعيد بناء منزلها، الذي دمرته القوات الاسرائيلية في رد انتقامي على قتل أحد أقاربهما لمستوطنَين اسرائيليَين بالرصاص. اعتقلت السلطات لاحقا اثنين من أقارب ناصر: هيثم ناصر وأمين خويلد، لأنهما علّقا على منشوره بـ "الله ينتقم منهم"، وحكمت عليهما بالسجن 3 أشهر بموجب قانون الجرائم الالكترونية، لكنها أفرجت عنهما بعد ما يزيد عن أسبوع بقليل.
بعد أسابيع من المكالمات الدورية من أجهزة الأمن، وافق ناصر على حضور استجواب أجهزة المخابرات في رام الله في 24 فبراير/شباط. غير أنه قال إن بدل استجوابه، عرض عليه عناصر المخابرات ألفَي شيكل (550 دولار أمريكي) شهريا وحماية مقابل العمل معهم سرا. قال إنه رفض، فردّ عليه أحد الضباط "أعدك أنك ستندم. سأراك في أريحا"، في إشارة إلى مركز الاحتجاز في هذه المدينة الذي يُعرف بأنه مكانا للاستجوابات المسيئة.
احتجز ضباط المخابرات ناصر بعد أسبوع. قال ناصر إن النيابة العامة وجهت له تهمة "حيازة وتجارة الأسلحة"، دون تقديم أي أدلة للمحكمة. كما قال إن ضابطا قال له "انسى هذه الادعاءات، نحن نضع هذه الادعاءات لنبقيك هنا قانونيا". ركّزت الاستجوابات اليومية على آرائه السياسية وعلاقاته بحماس، رغم أنه ينكر ذلك. كما استجوبوه بشأن اعتقاله من قبل الجيش الاسرائيلي بسبب عمله مع "ترانس ميديا"، وهي شركة تقدم خدمات التصوير/الإنتاج لقناة تلفزيونية تابعة لحماس. قال أيضا إن نفس الضابط الذي هدده في رام الله ظهر في أريحا ذات يوم وسأله "ألم أعدك بأنك ستندم؟"
بحسب ما نقله محاميه وتقارير للمركز الفلسطيني للتنمية والحريات الإعلامية - "مدى"، قال ناصر في المحكمة إن الضباط أخضعوه مرارا لـ 'الشبح'، وهو أسلوب تعذيب يُجبَر فيه الشخص على اتخاذ وضعية مؤلمة. قال إن الضباط كبّلوا يديه خلف ظهره في مرات عديدة وعلقوه منهما في باب الحمام، واستمر ذلك لأكثر من ساعة في إحدى المرات. كما أجبروه على الوقوف فاتحا رجليه ورافعا يديه لدقائق كل مرة، فيما كانوا يضربونه بخرطوم بلاستيكي. أمضى كل فترة الاحتجاز، باستثناء 3 أيام، في الحبس الانفرادي. قال ناصر إن النيابة أخبرته في 16 مايو/أيار أنها أسقطت القضية لعدم كفاية الأدلة، وإنه رفع دعوى على المعاملة التي لقيها في الحبس لدى النيابة العامة، لكنه لا يعلم بوجود أي تحقيقات في ذلك.
الحالات المتعلقة بحماس
اعتقلت سلطات حماس أكثر من ألف شخص، غالبا باستخدام القوة المفرطة، أثناء مظاهرات "بدنا نعيش" في مارس/آذار، بحسب الهيئة المستقلة لحقوق الانسان. كانت الاحتجاجات ناتجة عن غلاء المعيشة والضرائب التي فرضتها حماس على البضائع، مثل السجائر والخضروات، بسبب إغلاق اسرائيل لغزة منذ أكثر من عقد. من بين المعتقلين 23 صحفيا و5 عاملين حقوقيين فلسطينيين كانوا يوثّقون الانتهاكات، منهم موظفون في "المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان"، "مركز الميزان لحقوق الإنسان"، و"مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان" في غزة، وكذلك موظف في "العفو الدولية".
قالت وزارة داخلية حماس في رسالتها إلى هيومن رايتس ووتش إنها استدعت "العشرات" لاستجوابهم بشأن الإضرار بالأملاك وإثارة الشغب، لكنها أفرجت عنهم جميعا باستثناء 9 "محرضين أساسيين" خلال 48 ساعة. اعتبرت الاعتقالات ضرورية لحماية المواطنين ومحاربة "الفتن"، قائلة إن التحقيقات أبرزت أن مخابرات السلطة الفلسطينية هي التي حرّكت الاحتجاجات. نفت حماس احتجاز أي صحفيين مسجلين.
قابلت هيومن رايتس ووتش صحفيَين مسجلَين اعتُقلا بسبب تغطية المظاهرات وناشطا يُعرف بانتقاده لحماس، واشتبه مسؤولو حماس بأنه منظم الاحتجاجات.
أسامة الكحلوت (دير البلح، قطاع غزة)
احتجزت قوات الأمن الداخلي التابعة لحماس أسامة الكحلوت، مصور صحفي مستقل (34 عاما)، 3 أيام في مارس/آذار بعد بث مظاهرة "بدنا نعيش" وتفريقها من قبل قوات حماس أمام منزله في دير البلح، مباشرة على فيسبوك.
قال الكحلوت إن 20 عنصرا من الأمن الداخلي جاؤوا إلى منزله بُعيد تفريق المظاهرة، لما كان يجتمع مع جميل سرحان وبكر التركماني، وهما ممثلان عن الهيئة المستقلة. قال إن العناصر ضربوه بهراوة على رأسه وكامل جسمه، وسحبوه خارج منزله، ووضعوه في سيارة جيب تابعة للشرطة وهم ينعتونه بـ "عميل أبو مازن". قال إن قوات الأمن أتلفت بعض أثاثه أثناء تفتيش المنزل. قالت الهيئة المستقلة إن عناصر الأمن اعتدوا أيضا على سرحان والتركماني جسديا. أصيب سرحان بجروح في الرأس وكان الرجلان يحملان كدمات في جميع أنحاء جسديهما.
احتجزت قوات الأمن الكحلوت 3 أيام في مركز شرطة دير البلح دون تهم، واستجوبته مطولا بشأن النقل المباشر ولماذا بثّ "تلفزيون فلسطين"، التابع لحركة فتح المنافسة، التسجيل. قال إنه شرح لهم أنهم لم يطلبوا موافقته، وأن كثيرين يقتبسون أعماله، وأنه حذف البث المباشر بعيد اكتشافه أنه حقق 30 ألف مشاهدة في 20 دقيقة.
إيهاب فسفوس (خان يونس، قطاع غزة)
اعتقلت قوات أمن حماس إيهاب فسفوس، صحفي مستقل (46 عاما)، في منزله في خان يونس في 13 مارس/آذار، بعد ساعات من نشره على فيسبوك فيديو صوّره لمظاهرة "بدنا نعيش" ولتقرير إخباري حولها. صادرت قوات الأمن حاسوبه وهاتفه ونقلته إلى منشأة تابعة للأمن الداخلي، واتهمته بتنظيم المظاهرة وبث "الفتنة".
قال فسفوس إن عناصر الأمن اتهموه أثناء التحقيق معه في منشأة الأمن الداخلي في خان يونس بـ "تلقي أوامر من رام الله". أخرج المحققون نسخا مطبوعة لمنشوراته على فيسبوك ووبخوه لانتقاده حماس. قال إنهم أشاروا إلى منشور ينتقد دوافع حماس خلال "مسيرة العودة الكبرى"، ومظاهرات منتظمة بجانب السياج مع إسرائيل، ضدّ الانتهاكات الإسرائيلية لحقوق الإنسان، واتهموه بأنه "عميل" و"يعمل ضدّ المقاومة". قال فسفوس إن المحققين كانوا يضربونه على وجهه وكافة أنحاء جسمه ويسكبون الماء البارد عليه أثناء الاستجواب.
اتهموه بـ "التحريض عبر فيسبوك"، لكنهم أطلقوا سراحه بعد يوم بسبب مشكلة صحية، واشترطوا عودته في اليوم التالي. لم يعد، فقد سمع أن السلطات قررت الافراج عن جميع الصحفيين. قال إن قضيته مازالت مفتوحة.
عامر بعلوشة (بيت لاهيا، قطاع غزة)
اعتقلت قوات الأمن الداخلي التابعة لحماس عامر بعلوشة، ناشط وصحفي مستقل (27 عاما)، في منزل صديقه بعد يومين من احتجاجات "بدنا نعيش" الأولى في أنحاء غزة في 16 مارس/آذار. احتجزته قوات الأمن 4 مرات في 2017 و2018 بسبب معارضته أو انتقاده لسلطات حماس، إحداها دامت 15 يوما بسبب منشور على فيسبوك سأل فيه قادة حماس "هل ينام أطفالكم على البلاط كما ينام أطفالنا؟".
قال بعلوشة إن عناصر الأمن اتهموه بتنظيم الاحتجاجات، وهو ما أنكره، والحصول على دعم من السلطة الفلسطينية. وجهت النيابة العسكرية لبعلوشة تهمة " مناهضة السياسة العامة للثورة" واحتجزته 9 أيام، أمضى 7 منها في الحبس الانفرادي، ثم أفرجت عنه قبيل حصول تصعيد عسكري مع إسرائيل. قال إنه ذهب بعد تراجع الأعمال القتالية إلى مقر الأمن الداخلي في مدينة غزة، حيث طلب منه العناصر التوقيع على تعهد بـ "الالتزام بالقانون"، ثم أفرجوا عنه دون أن يذكروا أي شيء حول التهم.