(عمان) – قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن السلطات الأردنية تستهدف بشكل متزايد النشطاء السياسيين ومناهضي الفساد بتهم تنتهك حقهم في حرية التعبير. احتجزت السلطات منذ منتصف مارس/آذار 2019 أكثر من 10 أشخاص، معظمهم مرتبطون بتحالف فضفاض للنشطاء السياسيين عبر البلاد يُعرف باسم تحالف "الحراك"، وتحتجز صحفيين لانتقاداتهم العلنية لقادة الأردن وسياساته.
تتراوح التهم الموجهة إلى الناشطين من "إطالة اللسان على جلالة الملك" إلى التهمة الغامضة بـ "تقويض نظام الحكم السياسي في المملكة" مروراً بالقدح والذم على الإنترنت. بدأ 6 من النشطاء المحتجزين على الأقل إضرابات عن الطعام في شهر مايو/أيار.
قال مايكل بَيج، نائب مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: "على السلطات الأردنية معالجة السخط العام حول المشاكل الاقتصادية المحلية وسياسات التقشف بإشراك المواطنين والاستماع إليهم بدل القبض على منظمي الاحتجاج والمطالبين بالمساءلة العامة. استمعت السلطات في شهر رمضان من العام الماضي إلى مخاوف المواطنين بعد المظاهرات الحاشدة وعليها فعل الشيء نفسه الآن".
من بين المحتجزين حاليا صبري المشاعلة (31 عاما)، مدِّرس من بلدة ذيبان، المُضرب عن الطعام منذ 6 مايو/أيار. قال أحد أفراد أسرته لهيومن رايتس ووتش إن "وحدة مكافحة الجرائم الإلكترونية التابعة لوزارة الداخلية" استدعت المشاعلة للاستجواب في 28 مارس/آذار حول 4 منشورات على فيسبوك كتبها في فبراير/شباط، ذكر في واحدة منها فقط الملك مباشرة بالاسم.
اتهمت السلطات المشاعلة بإطالة اللسان على جلالة الملك وقدمته للمحاكمة أمام محكمة عمان الابتدائية. أدانته المحكمة في 30 أبريل/نيسان بعد 6 جلسات، رفض فيها القاضي طلب محاميه استدعاء محققين من وحدة مكافحة الجرائم الإلكترونية بحسب أحد أفراد أسرة المشاعلة. حكمت عليه المحكمة بالسجن لعامين ثم خفضتها لاحقا لعام واحد يقضيها في سجن السواقة جنوب عمان.
أحمد طبنجة (33 عاما)، ناشط حقوقي من مدينة إربد الشمالية، هو أحد المحتجزين وقد اعتقل مؤخرا. احتجزته السلطات الأردنية لأول مرة في 17 مارس/آذار خلال استخدامه هاتفه لبث احتجاج لأردنيين عاطلين عن العمل أمام الديوان الملكي في عمان مباشرة على فيسبوك. أطلقت السلطات سراحه بعد يومين. في 29 مارس/آذار، اعتقلته السلطات مجددا بسبب منشورات كتبها على فيسبوك. اعتُقل لمدة شهر بشبهة "إهانة جهة رسمية". قال صديق مقرب من طبنجة لهيومن رايتس ووتش إن السلطات مددت فترة احتجازه إداريا، ونقلته إلى سجن معان جنوبي الأردن، على بعد 296 كيلومترا من منزله، ثم أطلقت سراحه في 21 مايو/أيار.
هناك أحمد النعيمات (33 عاما)، طه الدقامسة (40 عاما)، عبد الله الوريكات (45 عاما) هم من النشطاء الآخرين المحتجزين بتهمة إطالة اللسان على جلالة الملك. أدانت المحكمة الوريكات في 22 أبريل/نيسان وحكمت عليه بالسجن لعام واحد بسبب تغريدة كتبها ردا على عضو في العائلة المالكة، وانتقد فيها الملك.
يُحاكم العديد من النشطاء أمام محكمة أمن الدولة الأردنية، وهي محكمة عسكرية تضم بعض القضاة المدنيين، بتهم تتعلق بالاحتجاجات ضد سياسات التقشف والفساد المفترض وتجريم التعبير السلمي.
معاوية الشواورة، 58 عاما، مدرّس من مدينة الكرك جنوب المملكة هو من المحتجزين قيد المحاكمة. قال أحد أفراد عائلة الشواورة لهيومن رايتس ووتش إن السلطات احتجزته في 13 ديسمبر/ كانون الأول أثناء عودته إلى الكرك من مظاهرة في عمان أمام مبنى رئاسة الوزراء. قال أحد أفراد الأسرة إن الشواورة يواجه تهمة "تقويض نظام الحكم السياسي في المملكة" لهتافاته الاحتجاجية حول فساد الحكومة. قال أحد أفراد الأسرة إن صحته تدهورت أثناء الاحتجاز وأنه وُضع ضمن وحدة العناية المركزة في المستشفى في نيسان/أبريل مكبل اليدين إلى السرير.
كميل الزعبي (42 عاما)، ونعيم أبو ردنية (37 عاما)، والمحتجزان كلاهما منذ 11 مايو/أيار، هما من بين المحتجزين الآخرين حاليا بتهمة "تقويض نظام الحكم السياسي في المملكة"، والتي تخضع باعتبارها تهمة بالإرهاب لاختصاص محكمة أمن الدولة. قال أقارب أبو ردنية لهيومن رايتس ووتش إن مجموعة كبيرة من عناصر الشرطة يرتدون زياً رسمياً ومدنياً جاءوا إلى منزل أبو ردنية لاعتقاله. قال الأقارب: "حاصروا المنطقة بأكملها ودخلوا فتشوا البيت تقولي كأنه جاسوس". يقبع نعيم حاليا في سجن الجويدة في عمان وبدأ في 24 مايو/أيار إضرابا عن الطعام احتجاجا على استمرار اعتقاله.
قال الأقارب إن مسؤولي الأمن ضغطوا على أعضاء قبيلة بني حسن التي ينتمي إليها أبو ردنية، وهي الأكبر في البلاد، لإدانة نشاطه علنا، لكنهم رفضوا. في 15 مايو/أيار، وجّه رئيس المركز الوطني لحقوق الإنسان في الأردن رسالة إلى رئيس الوزراء عمر الرزاز نيابة عن قادة بني حسن يطالبون فيها بإطلاق سراح النشطاء المحتجزين.
في 22 مايو/ أيار، اعتقلت السلطات فراس الروسان (53 عاما)، محامي أبو ردنية والزعبي، لدى دخوله سجن الجويدة لمقابلة موكلَيه. قال أحد أقارب الروسان لهيومن رايتس ووتش إن السلطات أخذته لاستجوابه في مركز للشرطة ثم أرسلته للاحتجاز قبل المحاكمة واتهمته بإطالة اللسان على جلالة الملك و"تقويض نظام الحكم السياسي في المملكة". رفضت السلطات طلبات الإفراج بكفالة، ويقبع حاليا في سجن الجويدة.
شملت حملة القمع أيضا صحفيان يعملان لصالح قناة "الأردن اليوم". اعتقلت السلطات المخرج محمد العجلوني، ومقدمة البرامج رنا الحموز في 19 مايو/أيار بسبب حلقة تلفزيونية في 15 مايو/أيار انتقدت فيها الحموز مدير عام قوات "الدرك" الأردنية لانتقاده العسكريين المتقاعدين لمشاركتهم في الاحتجاجات المؤيدة للإصلاح، ولمزاعم تعيينه أفرادا من منطقته في وظائف مختلفة. أُطلق سراح الاثنان بكفالة في 19 مايو/ايار، لكنهما يواجهان تهمة الذم والقدح.
في مارس/آذار، حجبت السلطات الأردنية أيضا الوصول المحلي إلى موقع "الأردنية نت" وهو موقع إلكتروني أنشأه نشطاء أردنيون في المنفى يسعون لتوثيق الشؤون السياسية في الأردن واعتقالات الناشطين.
تأتي هذه الاعتقالات الأخيرة وسط تعديل شمل الأجهزة الأمنية الأردنية المشرفة على القوات التي تنفذ هذه الاعتقالات. أصدر الملك عبد الله الثاني مرسوما ملكيا في 1 مايو/أيار بتعيين اللواء أحمد حسني مديرا عاما جديدا لـ "مديرية المخابرات العامة"، وسلامة حمّاد وزيرا جديدا للداخلية في 9 مايو/أيار. شغل حماد هذا المنصب 3 مرات مختلفة، آخرها بين 2015 وأوائل 2017.
حرية التعبير مكفولة بموجب المادة 15 من الدستور الأردني. "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية"، الأردن دولة طرف فيه، يحمي حق كل إنسان في حرية التعبير، بما في ذلك "حريته في التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى آخرين دونما اعتبار للحدود، سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو في قالب فني أو بأية وسيلة أخرى يختارها" (المادة 19).
يسمح القانون الدولي بقيود ضيقة التعريف على هذه الحقوق، تكون متسقة مع القانون وضرورية في مجتمع ديمقراطي لحماية الأمن القومي أو السلامة العامة أو النظام العام أو حماية الصحة العامة أو الآداب العامة أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم.
قال بَيج: "لا يمكن للحكومة الأردنية إسكات استياء المواطنين من حكومتهم بالاعتقالات والمضايقات".