(بيروت) – قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن السلطات اللبنانية لم تلتزم إلى حد كبير بقانون الحق بالوصول إلى المعلومات، ولم تُنشِئ الحكومة الهيئة المعنية بالإشراف على تطبيق القانون بعد ثلاث سنوات تقريبا من إقراره.
يُجبِر القانون جميع الهيئات الحكومية والمؤسسات العامة والمؤسسات التي تؤدي وظائف عامة – المشار إليها مجتمعة بـ "الإدارات" – على نشر الوثائق القانونية والتنظيمية والمالية المهمة. كما يمنح المواطنين الحق بتقديم طلب إلى هذه الإدارات للحصول على معلومات، بما يشمل قرارات وإحصاءات وعقود، وبالحصول على رد منها خلال 15 يوما.
قالت لما فقيه، مديرة قسم الشرق الأوسط بالإنابة في هيومن رايتس ووتش: "أقر لبنان قانونا يدعم نظريا الحق بالحصول على المعلومات. لكن عدم إنشاء هيئة الإشراف يشير إلى أن السلطات غير مهتمة بزيادة الشفافية".
بالمبدأ، ينص القانون على أن جميع البيانات يجب أن تكون متاحة، باستثناء تلك المتعلقة بالأمن القومي والعلاقات الخارجية، والبيانات الشخصية، والأسرار التجارية. على الإدارة التي تتلقى طلبا أن تؤكد استلامه فورا وتردّ خلال 15 يوما يمكن تمديدها 15 يوما آخرين إذا كان الطلب معقدا. ينبغي أن تقدم الإدارة تعليلا خطيا إن لم يكن بإمكانها تقديم المعلومات المطلوبة وبإمكان المواطن الطعن بالقرار خلال شهرين.
يعتبر القانون غياب الجواب معادلا للرفض وبالتالي سببا للطعن. بما أن "الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد"، المعنية بالإشراف، لم تُنشَأ بعد، بإمكان "مجلس شورى الدولة"– أعلى محكمة إدارية في البلاد– البت في الطعون.
منذ سريان القانون في فبراير/شباط 2017، قدمت هيومن رايتس ووتش 72 طلبا للحصول على معلومات من وزارات ومحاكم ومؤسسات حكومية مختلفة واستلمت 18 ردا يحتوي على مضمون. كما استملت خمسة ردود تزعم أن الإدارة لا يمكنها تقديم المعلومات المطلوبة. 10 من الردود فقط وردتنا خلال فترة الـ15 يوما المنصوص عليها.
قدمت منظمتان غير حكوميتين لبنانيتان مؤخرا طلبا للحصول على معلومات حول قرار الحكومة المتعلق بأحد عقود الكهرباء الذي يتطلب صرف ملايين الدولارات من المال العام، زعمت "الأمانة العامة لمجلس الوزراء" أن قانون الحق بالوصول إلى المعلومات لم يسرِ مفعوله بعد. قدمت المنظمتان طعنا لدى مجلس شورى الدولة. قالتا إن القانون ينص على أن الحكومة بإمكانها إصدار مراسيم تطبيقية "عند الاقتضاء" ولكن لم يكن أي إجراء من هذا النوع مطلوبا قبل أن يصبح القانون ساري المفعول.
"مبادرة غربال"، وهي مجموعة لبنانية تختبر الامتثال للقانون، طلبت سجلات مالية من 140 مؤسسة حكومية وهيئة عامة في 2019. ردت 65 منها فقط ولم تقدم سوى 32 منها الوثائق المطلوبة. قال أسعد ذبيان، مؤسس مبادرة غربال إن نسبة الرد التي بلغت 47% أفضل من نسبة 2018 التي بلغت 26%. أضاف أن السلطات الأعلى، ومن ضمنها مكاتب رئيس الجمهورية، ورئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب، لم تلتزم بالقانون.
تفتقر أغلب الإدارات حاليا إلى البنية التحتية والموارد اللازمة لتطبيق القانون. مثلا، يفرض القانون على الإدارات نشر التقارير السنوية والقرارات والعمليات المالية الضخمة على مواقعها الإلكترونية. لكن العديد منها لا يملك موقعا إلكترونيا.
كما لا تملك أغلب الإدارات سجلات رقمية التي من شأنها تسهيل سحب المعلومات. عندما طلبت هيومن رايتس ووتش إحصاءات حول التحقيقات في التشهير الجنائي والمقاضاة من هيئات قضائية مختلفة، أجاب المدعي العام التمييزي بالوكالة أنه يستحيل على مكتبه تقديم هذه الإحصاءات لأن سجلاتهم ليست ممكننة.
في 5 أبريل/نيسان، قال رئيس "مجلس القضاء الأعلى" لـ هيومن رايتس ووتش إنه ليس بإمكانه تقديم عدد قضايا التشهير في المحاكم الجنائية لأن "المحاكم اللبنانية لا تعتمد المكننة... بالتالي لا يمكنها تحضير هذه الإحصاءات". كتب أنه "يرحب بأي مبادرة يمكن أن تقوم بها هيومن رايتس ووتش لتوفير المستلزمات لبشرية والمالية اللازمة لاستخراج المعلومات الإحصائية من المحاكم وتنظيم بيانات وتقارير إحصائية فيها".
قالت هيومن رايتس ووتش إن على لبنان إنشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد فورا لتقديم التوجيه اللازم للإدارات الحكومية حول أحكام القانون ومحاسبة الهيئات التي لا تلتزم.
في لبنان، الحقيقة هي عنصر دفاع في بعض قضايا التشهير. عدم الالتزام بقانون الحق بالوصول إلى المعلومات يقوّض قدرة الأفراد والمحامين على إثبات صحة تصريحات التشهير المزعومة في الإجراءات الجنائية. لاحظ بعض المحامين أنه حتى عندما يحرص الأفراد على التأكد من الحقيقة لا يمكنهم غالبا تزويد المحاكم بوثائق من إدارات الدولة لإثبات زعمهم في الوقت المناسب.
الحق بالوصول إلى المعلومات منصوص عليه في "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية"، الذي صادق عليه لبنان. قالت "لجنة حقوق الإنسان الأممية"، المسؤولة عن تفسير للعهد، في تعليقها العام رقم 34، "ينبغي للدول الأطراف أن تتيح للعموم بصورة استباقية معلومات حكومية ذات أهمية عامة" وأن "تبذل كل الجهود لضمان الحصول على هذه المعلومات بطريقة سهلة وفورية وفعالة وعملية".
وقع لبنان أيضا على "اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد" التي تُلزم الدول الأطراف تشجيع المشاركة الناشطة للناس محاربة الفساد عبر ضمان حصولهم فعليا على المعلومات.
شددت مي شدياق، وزيرة الدولة لشؤون التنمية الإدارية، على دور قانون الحق بالوصول إلى المعلومات المهم في تنفيذ التزامات لبنان بموجب اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد. قالت إن تطبيق القانون يعزز الشفافية "ويعيد ثقة المواطن بدولته".
قالت فقيه: "الوصول إلى المعلومات أحد أعمدة الديمقراطية الفاعلة فهو يسمح للمواطنين بمحاسبة حكوماتهم والمشاركة في الحياة العامة. على السلطات اللبنانية أن تتوقف عن اختلاق الأعذار وأن تؤمن الموارد اللازمة لتنفيذ قانون الحق بالوصول إلى المعلومات".