(بيروت) - قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إنه ينبغي توفير بدائل غير الاعتقال للوافدين المحتجزين في دول الخليج بانتظار الترحيل، وسط المخاطر الصحية والقيود العالمية على السفر الناجمة عن تفشي فيروس "كورونا".
كما ينبغي لدول "مجلس التعاون الخليجي" وقف اعتقال الوافدين الذين لا يحملون وثائق، بمن فيهم العمال "الهاربون"، وإلغاء غرامات تجاوز مدة الإقامة، واتباع إجراءات تحترم معايير الصحة والسلامة فيما خص الوافدين الراغبين بالعودة إلى بلادهم. ينبغي للسلطات الإفراج عن جميع الوافدين المحتجزين بشكل غير قانوني أو غير ضروري، بمن فيهم أي شخص لا يمكن ترحيله في المستقبل القريب.
قال مايكل بَيْج، نائب مدير قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: "العديد من العمال الوافدين في الخليج، وخاصة من يفتقرون إلى الوثائق دون أن يكون ذلك خطأهم أو الفارّين من أصحاب عمل فاسدين، يخضعون للاحتجاز المطول قبل الترحيل في أماكن مكتظة وظروف غير صحية. مع تفاقم أزمة فيروس كورونا، ينبغي لدول الخليج اتخاذ تدابير فورية لحماية صحة وحقوق المحتجزين والعاملين في مراكز احتجاز الوافدين، بما يشمل الإفراج عن الأشخاص وإيجاد بدائل للاحتجاز".
تشكل الأمراض المعدية، مثل "كوفيد19-" الناتج عن فيروس كورونا، خطرا شديدا على المجموعات البشرية في المؤسسات المغلقة، مثل مراكز احتجاز الوافدين. غالبا ما وُجد أن هذه المؤسسات لا تقدم رعاية صحية غير كافية حتى قبل تفشي هذا المرض، وقد أصيب محتجزون بأمراض معدية في الماضي. في العديد من مراكز الاحتجاز، يجعل الاكتظاظ، والحمامات المشتركة، وسوء النظافة من المستحيل عمليا تنفيذ التدابير الأساسية لمنع تفشي فيروس كورونا.
تستضيف دول مجلس التعاون الخليجي – الإمارات، والبحرين، والسعودية، وعمان، وقطر، والكويت – أعدادا كبيرة من العمال الوافدين بموجب إصدارات مختلفة من نظام الكفالة الاستغلالي الذي يربط تأشيرات العمال الوافدين بأصحاب العمل ويعرضهم للانتهاكات. في جميع هذه البلدان، تُستخدم أشكال من الاحتجاز المتعلق بالهجرة لأغراض أخرى لا تشكل الخطوة الأخيرة لضمان الترحيل، غالبا في مواقف قد تعتبر تعسفية أو متعارضة بشكل آخر مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان.
يمثل الاكتظاظ مشكلة خطيرة تتكرر في العديد من السجون ومراكز الاحتجاز في دول الخليج. تعاني الكثير منها من سوء الظروف الصحية وقلة الطعام، والماء، والرعاية الطبية، ويواجه الكثير من المعتقلين سوء معاملة من جانب حراس السجن. ينبغي لدول الخليج العمل مع سلطات "الأمم المتحدة" ذات الصلة لتقديم إرشادات واضحة بشأن الإفراج، وبدائل الاحتجاز، وكيف يمكن للدول ضمان توفير المأوى المناسب والآمن للأشخاص بمجرد إطلاق سراحهم.
بموجب أنظمة الكفالة المختلفة في دول الخليج، يرتبط الوضع القانوني للعامل الوافد بصاحب عمل واحد خلال فترة العقد بينهما، ما يمنح صاحب العمل صلاحيات واسعة على العامل الوافد. يجب أن يكون العمال مكفولين من قبل صاحب العمل ليدخلوا البلاد، ويستمر ارتباطهم بصاحب العمل نفسه طوال إقامتهم. باستثناء البحرين، والإمارات في بعض الحالات، يمتلك صاحب العمل صلاحية تجديد تصاريح الإقامة، ما يجعل العمال الوافدين يعتمدون على أصحاب العمل لتأمين وضعهم القانوني.
إذا لم يسوِّ أصحاب العمل الوضع القانوني لموظفيهم، سواء كان ذلك لتجنب الرسوم أو بسبب الإهمال، فإن العمال يعانون من العواقب، مع خطر الاعتقال والترحيل. في البلاد الستة جميعها، يمكن معاقبة العامل الوافد الذي يترك صاحب عمله دون إذن بالسجن، والغرامات، والترحيل، والحظر بتهمة "الهروب"، التي تشكل جريمة. يمنح هذا النظام أصحاب العمل نفوذا وسيطرة بلا ضوابط على العمال، الذين يرتبط العديد منهم بشكل كامل بصاحب العمل الكفيل لتأمين معيشتهم.
في بعض البلدان، قد يُعاقب أصحاب العمل لعدم إبلاغ السلطات عند "هروب" عُمّالهم. كما وثّقت هيومن رايتس ووتش حالات في جميع أنحاء المنطقة يدّعي فيها أصحاب العمل زورا "هروب" عامل كشكل من أشكال الانتقام، أو يهددون بالقيام بذلك لإبقاء العمال عالقين في أوضاع سيئة. في البلاد الستة جميعها، يمكن أن تتفاوت مدة الاحتجاز الإداري بحق الوافدين تفاوتا كبيرا، حيث تتراوح بين أسبوعين وأكثر من عام.
قالت هيومن رايتس ووتش إن حظر السفر المفروض كاستجابة لتفشي فيروس كورونا، سواء من قبل دول الخليج أو بلدان العمال الأصلية، أوقف السفر الدولي تماما في كثير من الحالات، حيث لم يعد احتجاز الوافدين في انتظار الترحيل مبررا. ينبغي للسلطات الإفراج عن الوافدين المحتجزين الذين لا يمكن ترحيلهم في المستقبل القريب. ينبغي لها إعطاء الأولوية لإطلاق سراح أولئك المهددين بالإصابة بأمراض خطيرة أو الموت إذا أصيبوا بفيروس كورونا، كالأشخاص ذوي الإعاقة والمسنين.
يجب توفير سكن بديل وآمن، والغذاء والماء، حتى لا يتشرد أي شخص بسبب الإفراج عنه. كما يجب فحص الأشخاص المفرج عنهم من مركز احتجاز الوافدين للكشف عن فيروس كورونا، فإذا كانت النتيجة إيجابية، يجب عزلهم ومراقبة حدة مرضهم. إذا كانت سلبية، يجب إطلاق سراحهم ليبقوا في الحجر الصحي، حسب الضرورة، وبنفس الشروط السارية على الأشخاص الآخرين في البلاد.
وفقا لـ "رويترز"، أعلنت "هيئة حقوق الإنسان" الحكومية السعودية في 26 مارس/آذار أن السعودية أفرجت عن 250 أجنبيا كانوا محتجزين بسبب مخالفات غير عنيفة لأنظمة الهجرة.
كما ينبغي لدول الخليج النظر في تعليق الاعتقالات بتهمة "الهروب" باعتبارها مخالَفة لأنظمة الهجرة، أو غيرها من مخالفات أنظمة الهجرة. كما ينبغي لها النظر في تمديد التأشيرات لضمان استمرار شرعية إقامة الوافدين في البلاد، خاصة وأن حظر السفر قد يجعلهم مخالفين من دون أي خطأ ارتكبوه. قد لا يتمكن العمال الموجودون حاليا خارج البلاد من العودة إليها أثناء الأزمة الحالية. قالت هيومن رايتس ووتش إنه ينبغي من حيث المبدأ السماح لهم بالعودة دون عقوبة بمجرد رفع حظر السفر.
في 25 مارس/آذار، قالت الإمارات إنها ستصدر وتجدد تلقائيا تصاريح العمل وتأشيرات الإقامة لعاملات المنازل والعمال الآخرين الوافدين، وتعفيهم من الفحوصات الطبية اللازمة لتجديد التصاريح. أصدرت الكويت عفوا خلال أبريل/نيسان يسمح للأشخاص الذين تجاوزوا مدة تأشيراتهم أو الذين لا يحملون وثائق، بمغادرة البلاد دون دفع غرامات وسيُسمح لهم بالعودة في المستقبل. يُسمح لبعض الوافدين بتسوية أوضاعهم بدفع غرامة.
قال بَيْج: "لا يمكن لدول الخليج تبرير استمرار احتجاز الوافدين رغم استحالة الترحيل وتعرض السجناء لمخاطر صحية متزايدة بلا نهاية في تلوح الأفق".