Skip to main content

إيران: على الرئيس الجديد معالجة الانتهاكات الحقوقية

ينبغي لبزشكيان وضع حد لانتهاكات قوات الأمن والإفلات من العقاب

الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان يُحيّي أنصاره في طهران، في 6 يوليو/تموز 2024. © 2024 أسوشيتد برس فوتو/وحيد سالمي

(بيروت) – قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن على الرئيس المنتخب مسعود بزشكيان معالجة الانتهاكات الحقوقية واسعة النطاق التي ترتكبها الأجهزة الحكومية، بما في ذلك قوات الأمن والسلطة القضائية الإيرانية. في 5 يوليو/تموز 2024، فاز بزكشيان على سعيد جليلي في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية الإيرانية.

قالت ناهيد نقشبندي، باحثة إيران بالإنابة في هيومن رايتس ووتش: "ينبغي للرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان التعاطي مع انتهاكات إيران الصارخة لحقوق الإنسان، بما في ذلك معدلات الإعدام المثيرة للقلق، والاضطهاد الممنهج للنساء، والقمع الوحشي للأقليات العرقية والدينية. إنهاء الإفلات من العقاب على هذه الممارسات الجائرة أمر ضروري حتى يُظهر بزشكيان  للإيرانيين أن الحكومة قادرة على معالجة مظالمهم المشروعة والواسعة النطاق ومطالباتهم بالتغيير الجذري".

قاطع عدد كبير من الناخبين ومنظمات المجتمع المدني الانتخابات. بحسب صحيفة "شرق" اليومية، بلغت نسبة إقبال الناخبين في الجولة الأولى من الانتخابات 39.96%، وهي أدنى نسبة مشاركة في تاريخ الانتخابات الرئاسية الإيرانية، رغم ارتفاع نسبة المشاركة في الجولة الثانية إلى 49.8%.

في بيانات منفصلة، أكدت تسع سجينات سياسيات و55 ناشطا سياسيا ومدنيا داخل إيران وخارجها، بما في ذلك نرجس محمدي الحائزة على جائزة نوبل لعام 2023، أن التحرر لا يمكن تحقيقه من خلال صناديق الاقتراع، وأن الوضع المزري للبلاد لن تُحسّنه "إبر التخدير المتمثلة  بالتصويت". كان من بين الموقعين على هذه البيانات نشطاء إيرانيون بارزون.

لم تكن الانتخابات حرة ولا نزيهة. قبل الانتخابات، استبعد "مجلس صيانة الدستور"، الهيئة  المكونة من 12 فقيها دينيا وخبيرا قانونيا والمسؤولة عن فحص المرشحين، مرشحين عديدين دون إبداء الأسباب، منهم مسؤولون حكوميون بارزون مثل علي لاريجاني، رئيس البرلمان السابق، وإسحق جهانغيري، النائب الأول للرئيس من 2013 حتى 2021 في حكومة حسن روحاني. يُذكر أن مجلس صيانة الدستور لم يقبل قط ترشيح امرأة للرئاسة.

من المقرر أن يبدأ بزشكيان رئاسته في أغسطس/آب المقبل، وهو يواجه تحديات كبيرة. يشكل السخط الاجتماعي الكبير، المنعكس في ضعف المشاركة في الانتخابات والاحتجاجات المتكررة، إلى جانب تردي الاقتصاد، أبرز القضايا المحلية. سلطت حركة "المرأة، الحياة، الحرية" والرد الوحشي للحكومة الضوء على الوضع الحقوقي المزري في البلاد.

ووفقا لتقرير صدر مؤخرا عن "منظمة العفو الدولية"، أعدمت إيران 853 شخصا في 2023، وهو أعلى رقم منذ ثماني سنوات، من ضمنهم 481 شخصا بتهم تتعلق بالمخدرات. بحلول 20 مارس/آذار، سُجلت 95 عملية إعدام على الأقل خلال 2024. شكلت الأقلية العرقية البلوشية، التي تمثل 5% من سكان إيران، 20% من الإعدامات في 2023، مع إعدام 172 فردا على الأقل من البلوش. كشف تقرير لـ"منظمة حقوق الإنسان الإيرانية" لعام 2023 عن زيادة في الإعدامات التي تستهدف الأقليات العرقية في محافظات مثل أذربيجان الغربية وأذربيجان الشرقية وسيستان وبلوشستان وكردستان، مع 130 عملية إعدام في 2022 مقارنة بـ62 إعداما في 2021 و60 في 2020.

أشار بزشكيان بشكل غير مباشر إلى استخدام الحكومة المثير للقلق للإعدامات في مناظرة متلفزة ردا على سعيد جليلي، المرشح الآخر في انتخابات الإعادة.  قال خلال المناظرة التي بثتها قناة تلفزيونية إيرانية رسمية في الأول من يوليو/تموز: "سأنسحب من الانتخابات إذا تعهد السيد جليلي بأنه ينبغي إعدامه إذا لم تحقق حكومته نموا اقتصاديا بنسبة 8%".

ينبغي لبزشكيان أيضا معالجة الحواجز القانونية والاجتماعية واسعة النطاق التي تقيّد حياة المرأة وتحدّ من قدرتها على الوصول إلى الفرص الاقتصادية، مما يؤدي إلى إدامة التفاوتات الجندرية الكبيرة. تحتل إيران مرتبة سيئة في التقييمات العالمية للمساواة بين الجنسين، وخاصة في المشاركة الاقتصادية. تتفاقم هذه التحديات بسبب الانتهاكات المنهجية لحقوق المرأة، بما في ذلك المادة 638 من قانون العقوبات الإسلامي الإيراني، التي تجرم عدم ارتداء الحجاب "المناسب". يفرض القانون عقوبة السجن لمدة تصل إلى شهرين وغرامات على النساء المتهمات بارتكاب الانتهاكات، في انتهاك لحقوقهن في الخصوصية وعدم التمييز.

في 21 يونيو/حزيران، خلال المناظرة الثالثة بين المرشحين للرئاسة، قال بزشكيان: "فيما يتعلق بالحجاب، ينبغي ألا نفرضه بطريقة تتسبب في النفور. حتى مع الإكراه، لا يمكننا أن نجبر أطفالنا وأحفادنا على أي شيء".

جاء هذا التعهد بعد عامين من وفاة مهسا جينا أميني أثناء احتجازها لدى شرطة الآداب، مما أثار احتجاجات واسعة النطاق عام 2022. أدخلت إيران، فيما عُرف باسم "خطة نور"، شرطة الآداب بعد تجديدها، وأقرت "مشروع قانون الحجاب والعفة" في البرلمان.

كان قمع السلطات الإيرانية للأقليات العرقية والدينية وحشيا أيضا على مدى السنوات العديدة الماضية. وثقت هيومن رايتس ووتش استخدام القوة المفرطة والقاتلة ضد المتظاهرين في المناطق التي يغلب عليها الأكراد والبلوش، فضلا عن استخدام الاغتصاب والتعذيب في مرافق الاحتجاز في مناطق الأكراد والبلوش والأذريين. في أبريل/نيسان 2024، أصدرت هيومن رايتس ووتش تقريرا وجد فيه الباحثون أن القمع المنهجي المستمر منذ عقود للأقلية البهائية يرقى إلى مستوى الاضطهاد، وهو جريمة ضد الإنسانية.

في 22 يونيو/حزيران، خلال تجمع في سنندج في محافظة كردستان، أوضح بزشكيان الحاجة الملحة لمعالجة مشاكل المناطق التي لا تحظى بنمو كاف، وخاصة تلك القريبة من الحدود. قال: "سأضع بالتأكيد حدا لأوجه الظلم والتفاوت الإقليمية". قالت هيومن رايتس ووتش إنه لا يزال يتعين معاينة مدى كفاءة خططه، نظرا لتقاعس الإدارات السابقة عن معالجة هذه التفاوتات. القمع ضد الأقليات الدينية والعرقية في ظل الإدارات الرئاسية لكل من حسن روحاني وإبراهيم رئيسي استمر دون تراجع.

في السياسة الخارجية، يواجه الرئيس الإيراني ووزير الخارجية قيودا على عملية اتخاذ القرار، بما أن القرارات المتخذة من السلطة التنفيذية ووزارة الخارجية لا تخضع لإشراف المرشد الأعلى فحسب، بل تخضع أيضا لجهات فاعلة قوية مثل " فيلق الحرس الثوري الإسلامي".

قالت نقشبندي: "تتطلب إعادة بناء الثقة مع الناس في إيران ما يتجاوز مجرد تقديم وعود لم يتم الوفاء بها لسنوات. يتطلب ذلك إجراءات فورية وملموسة لتحسين حقوق الإنسان للناس في جميع أنحاء البلاد. ستتمثل أهم خطوة في أن يأمر بزشكيان بالإفراج عن جميع النشطاء والمتظاهرين السلميين والمدافعين الحقوقيين المحتجزين، ممن لم يكن ينبغي سجنهم في المقام الأول".

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة