هذا الشهر، بدأت منصة "نتفليكس" تعرض فيلم "حياة الماعز" (The Goat Life) الذي يرتكز على تجربة نجيب محمد، وهو عامل هندي وافد عمل في السعودية أوائل تسعينيات القرن الماضي، والذي أُجبِر على رعي الماعز بعد أن علق في الصحراء. الفيلم مقتبس من رواية "أيام الماعز" التي نُشرت في 2008 وكانت من الأكثر مبيعا والتي كتبها عامل وافد آخر تحت اسم مستعار "بنيامين.
أثار الفيلم ضجة عارمة في السعودية، إذ دعا مواطنون سعوديون إلى مقاطعة نتفليكس، على منصات التواصل الاجتماعي، متحججين بأن الفيلم "يبالغ بشكل كبير" في وصف حالة معزولة من انتهاك حقوق عامل وافد، ويعزز الصور النمطية السلبية عن الثقافة السعودية، وهو وصف قديم وخاطئ بالأساس لمعاملة السعودية لعمالها الوافدين.
مع أن الفيلم يبالغ على الأرجح في بعض عناصر قصة نجيب، لأغراض سينمائية، ويستند إلى حالة من تسعينيات القرني الماضي، إلا أن الانتهاكات التي يسردها لا تزال مع الأسف واسعة الانتشار أكثر مما يود المنتقدين السعوديين على التواصل الاجتماعي الاعتراف به. شارك نجيب أيضا تفاصيل إضافية عن تجربته في مقابلات ترويجية للفيلم.
الانتهاكات المصورة في الفيلم تتمحور حول عزلة رعاة الماعز، وتشمل السيطرة غير المتناسبة على حياة العمال التي يتيحها نظام الكفالة السعودي، وتفشي انتهاكات الأجور ورسوم التوظيف الباهظة، والتعرض للحرارة الشديدة، وغياب إشراف الدولة. تم توثيق جميع هذه الانتهاكات في السعودية ودول خليجية أخرى على مدى عقود. رعاة الماشية الوافدين، مثلهم مثل عاملات المنازل، يعانون من بعض أسوأ الانتهاكات بسبب استثنائهم من قانون العمل السعودي، وغالبا ما يقعون ضحية الإتجار بالبشر والعزلة والاعتداء الجسدي.
محاولة رفض الوصف المزعج لانتهاكات حقوق العمال الوافدين بصفته عنصرية أو تشهير، أو محاولة صرف النظر باللجوء إلى "الماذاعنية" هي أساليب للتقليل من شأن الانتهاكات التي يتيحها نظام الكفالة، وهو نظام عنصري لإدارة العمل. صحيح أن نجيب احتُجز على يد كفيل محتال انتحل صفة صاحب عمله واصطحبه من المطار، إلا أن نظام الكفالة التعسفي لا يزال قائما بعد 30 عاما من مغادرة نجيب للسعودية.
في هذه الأثناء، يعتمد تحقيق الطموحات العالمية للسعودي المذكورة بالتفصيل في خطط "رؤية 2030"، بما في ذلك تقديم عرض استضافة "كأس العالم لكرة القدم للرجال 2034"، إلى حد كبير على العمال الوافدين. أما في الواقع، إن لم تعطِ السعودية الأولوية لتدابير جريئة لحماية العمال بموازاة مشاريعها الطموحة، سنشهد مزيدا من الروايات المشابهة لرواية نجيب، التي تفضح الانتهاكات المرعبة التي يعاني منها العمال الوافدون في السعودية.
