Saudi Arabia



Saudi Arabia Saudi Arabia
  

II. خلفية


خريطة المملكة العربية السعودية. المصدر: وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، 2003، على: http://commons.wikimedia.org/wiki/Image:Saudi_Arabia_2003_CIA_map.jpg (تمت الزيارة في 12 سبتمبر/أيلول 2008).

 


"إهداء مكتبات جامعة تكساس، جامعة تكساس بأوستن". 22 يوليو/تموز 2008.

تُعد نجران مركز الداعي المطلق لفرقة السليمانية الإسماعيلية. ويعود وضعها هذا، في ظل بعض الاستثناءات، إلى عام 1640.3 ويعيش أتباع الإسماعيلية في نجران منذ أكثر من ألف سنة، وكانوا أحد المذاهب الإيمانية الكثيرة التي تواجدت في بدايات الإسلام. ويطلق الإسماعيلية على أنفسهم أصحاب الحق، وقد جمعوا الأتباع من أجزاء متفرقة من بلاد الإسلام في القرنين التاسع والعاشر الميلادي. ووقع خلاف مع حلول القرن العاشر، فاعترف غالبية الإسماعيلية بـ عبيد الله المهدي، وهو رجل كان يعيش في سوريا، باعتباره الإمام. وأسس المهدي الدولة الفاطمية (909 – 1171) في مصر، وأسس مدينة القاهرة وجامعة الأزهر. وفي بدايات القرن الثاني عشر وقع خلاف آخر، فقام أتباع الإسماعيلية في اليمن – حيث كانوا يعيشون ويتقاتلون أحياناً مع أتباع الطائفة الزيدية (فرع آخر من الشيعة أصبح سائداً في اليمن) – باعتناق مبادئ وحُكم الدولة الفاطمية.4

ومنذ ظهور الطائفة الإسماعيلية راح المشككون يُصورونهم على أنهم زنادقة، وبناء على قصص مُختلقة راحوا يشككون في إيمانهم وبزعمهم أنهم من سلالة النبي.5

ولدى الإسماعيلية نظامهم الخاص في الشريعة، فنادراً ما يغير العلماء أو يتبنون تفسيرات حديثة منذ خرج القاضي الفاطمي النُعمان بمجموعة من وثائق الشريعة في القرن الحادي عشر.6

وكانت نجران – وهي منطقة سهول خصيبة تقع جنوب غرب المملكة العربية السعودية بحدودها الحالية، عند سفح مجموعة جبال تقع على حدود مساحة ممتدة من الأراضي الصحراوية معروفة باسم الربع الخالي – هي الموطن التقليدي لمجتمعات مسيحية ويهودية وكذلك أتباع الإسماعيلية والزيدية. وقد غاب المسيحيون عن نجران لبعض القرون، ومن المُعتقد أن المجتمعات اليهودية التي كانت فيها قد غادرت المنطقة عام 1949، إثر تأسيس دولة إسرائيل. ويبلغ تعداد الزيدية في نجران حالياً زهاء 2000 شخص.7

وقدّر تعداد المملكة العربية السعودية لعام 2004 عدد سكان نجران بزهاء 408000 نسمة.8 ويتمتع الإسماعيليون – الذين يُعتقد أنهم يشكلون أغلبية كبيرة من سكان نجران – بهوية متجانسة تستند إلى الجذور التاريخية والثقافية والدينية. وتعدّ مدينة نجران، بما فيها مجمع خشيوة، بالإضافة إلى مجمع مسجد منصورة، المركز الروحاني لفرقة السليمانية الإسماعيلية، وأحد فرعين أساسيين من بين فروع الإسماعيلية المعاصرة. وينتمي أتباع الإسماعيلية في نجران إلى إحدى قبيلتين، هما يام وحمدان. ويمتد تواجد هاتين القبيلتين إلى اليمن المعاصرة. كما يوجد بعض السنة في قبيلة يام، وهم أشخاص تحولوا إلى السنة منذ أجيال مضت.

وقد قام السعوديون أولاً بغزو إمارة الأدارسة المستقلة في منطقة عسير المجاورة لنجران عام 1926، ثم أتباع الإسماعيلية من قبيلة يام في نجران عام 1933.9 ثم انتهت حرب نشبت مع اليمن حول منطقة عسير بمعاهدة في عام 1934 تنازل بموجبها اليمنيون عن أي مطالب في نجران، التي كانت منطقة مستقلة إلى حد كبير تحت حُكم الشيوخ، وتم التنازل لصالح الملك عبد العزيز آل سعود.10 وكانت نجران هي آخر منطقة تتعرض للغزو من قبل الدولة السعودية التي عادت للظهور مجدداً.11

ويشعر أتباع الإسماعيلية حالياً بالتمييز السائد ضدهم أكثر من أي وقت مضى خلال العقود الستة الماضية من الحُكم السعودي. ففي الستينيات احتجزت السلطات السعودية الداعي المطلق في منزله في الطائف ومكة لفترة بلغت خمسة أعوام لأنه طالب باستقلال المساجد الإسماعيلية والتعاليم الإسماعيلية الدينية، وهو ما عارضته المؤسسة الدينية الوهابية حينها.12 وعلى الرغم من هذا فإن أتباع الإسماعيلية لديهم ذكريات طيبة عن خالد السديري الذي حكم نجران من 1962 وحتى 1980، ثم ابنه فهد الذي حكم حتى عام 1996. ثم أصبح الأمير مشعل بن سعود بن عبد العزيز آل سعود هو أول عضو بالأسرة المالكة يحكم المنطقة.

ويُعد التمييز ضد الإسماعيلية في المملكة العربية السعودية جزءاً من توجه أوسع للتمييز ضد الأقليات الدينية في البلاد، إلا أن له تفاعلاته وتطوراته الخاصة. فقد خرج الملك عبد العزيز، المعروف أيضاً باسم ابن سعود، في مطلع القرن العشرين لاسترجاع الرياض ولغزو أجزاء أخرى من مملكة سعود السابقة. واعتمد على تحالف أسرته وأسرة آل الشيخ مع أتباع محمد بن عبد الوهاب، عالم الدين ابن القرن الثامن عشر. وقد منح آل الشيخ شرعية دينية لآل سعود باعتبارهم الحُكام السياسيين، والذين تعهدوا بدورهم بالحفاظ على الإسلام.

من ثم ترك آل سعود نجد في عهدة خبراء في الشعائر الدينية، وهو المطوعون، فتولوا مسؤولية تعليم القوة القبلية الناشئة الخاصة بالإخوان، الذين ساعدوا على غزو ما تبقى من الأراضي التي تشكل الآن المملكة العربية السعودية، ومنها نجران.13 فقام الإخوان بتحويل السكان الذين تم غزوهم قسراً إلى تفسيرهم الضيق للإسلام، وقاموا في بعض الأحيان بارتكاب عمليات قتل جماعي، مثلما حدث في الطائف عام 1924.14

وما زال عدم التسامح إزاء المذاهب الأخرى في الإسلام صفة قائمة في سياسات الدولة السعودية، وتنعكس على التمييز في فرص العمل والتعليم والنفقات العامة. وإثر احتلال المسجد الكبير في مكة من قبل المتطرفين عام 1979، والثورة الإسلامية في إيران في الوقت نفسه، ردت الحكومة السعودية بالتركيز مجدداً على نشر الفكر الوهابي.15

وقد أدى النموذج الإيراني إلى تزايد المطالب السياسية للسكان الشيعة في المملكة العربية السعودية، الذين يقيم أغلبهم في المنطقة الشرقية. وردت الحكومة السعودية بقمع بالغ، ففر الكثير من الشيعة إلى الخارج. وبحلول عام 1993 توصل زعماء الشيعة السعوديون في المنفى إلى تفاهم مع الحكومة يسمح لهم بالعودة طالما هم كفوا عن معارضتهم للحكومة وعملوا على التغير "نحو الموالاة" للمملكة. وأفرجت السلطات بدورها عن سجناء سياسيين شيعة، ورفعت الحظر على السفر واتخذت خطوات صغيرة نحو التخفيف من التمييز بحق الشيعة في القطاع العام وفي الشعائر الدينية.16 إلا أنه في الأحساء على الأخص، وهي الجزء الجنوبي من المنطقة الشرقية، ما زال متفشياً قمع حرية الشيعة في ممارسة شعائرهم الدينية.17

وفيما يواجه أتباع الطائفة الإسماعيلية تمييزا مماثلا لما يتعرض له الشيعة في المنطقة الشرقية، سواء في التوظيف أو الحرية الدينية أو نظام العدالة، فإنهم لا يتمتعون بنفس الصوت السياسي المسموع الذي يتمتع به أخوتهم من الشيعة في الشرق. وليست لديهم معارضة مُنظمة خارج السعودية أو أتباع لنفس الطائفة من أصحاب النفوذ، كما هو وضع الشيعة مع إيران، كما أن عددهم أقل بكثير، وكذلك فإن نجران معزولة أكثر عن العالم الخارجي من المنطقة الشرقية. وقال شيعي من المنطقة الشرقية لـ هيومن رايتس ووتش في عام 2006: "وضع أتباع الإسماعيلية في نجران يشبه وضعنا منذ عشرة أعوام".18

ومع تجاهل نجران باعتبارها منطقة هادئة هامشية ضمن المملكة العربية السعودية طيلة عدة عقود،19 إلا أنها جذبت الانتباه إليها في أواخر التسعينيات. فمع قربها من اليمن وتوحيد الجمهورية اليمنية العربية (شمال اليمن) مع الجمهورية الشعبية الديمقراطية اليمنية (جنوب اليمن) في عام 1990، ثم مفاوضات الحدود السعودية اليمنية في عام 1997، نالت المنطقة الاهتمام الكافي للبحث في مصير عشرات الآلاف من سكان جنوب اليمن الذين لجأوا إلى نجران. ويعترض أتباع الإسماعيلية بشدة على الحل الرسمي المُفضل وهو تطبيع وضع هؤلاء اليمنيون وتوطينهم (وهم من السنة) في نجران، مما يغير من التركيبة الديمغرافية التي تشتمل على أغلبية إسماعيلية في المنطقة.




3  انظر: Heinz Halm, Die Schia (Darmstadt: Wissenschaftliche Buchgesellschaft, 1988) صفحات 234 إلى 243.

4  المرجع السابق. صفحات 193 إلى 219. الزيديون هم مسلمون شيعة حكم قادتهم أجزاء كبيرة من اليمن طيلة ألف سنة حتى عام 1962.

5  أغلب المزاعم بحق الإسماعيلية تم تكذيبها فيما بعد، انظر: Farhad Daftary, “Introduction,” in Farhad Daftary, ed., Mediaeval Isma’ili History and Thought (Cambridge, UK: Cambridge University Press, 1996) الصفحات من 1 إلى 18.

6  انظر: Ismail K Poonawala, “Al-Qadi al-Nu’man and Isma’ili jurisprudence,” in Daftary, ed., Mediaeval Isma’ili History and Thought, الصفحات 114 إلى 117.

7  انظر: Joseph Tobi, The Jews of Yemen: Studies in Their History and Culture  (Brill: Leiden, Boston, Köln: 1999), صفحة 22. في أكتوبر/ تشرين الثاني 1949 غادر يهود نجران اليمن، إذ كان يهود اليمن يحضرون للذهاب إلى إسرائيل عبر عدن بعد إصدار الإمام أحمد حاكم اليمن قراراً في مايو/ أيار 1949 يسمح لهم بالمغادرة. مراسلة بالبريد الإلكتروني لـ هيومن رايتس ووتش مع أكاديمي إسرائيلي من جامعة تل أبيب (تم حجب الاسم)، 13 يونيو/ حزيران 2008.

8  انظر: "منطقة مكة هي الأكثر ازدحاماً في السعودية"، Saudi Info، 5 يناير/ كانون الثاني 2005، على: http://www.saudinf.com/main/y7733.htm (تمت الزيارة في 22 فبراير/ شباط 2008).

9  انظر: Isam Ghanem, “The Legal History of 'A Sir (Al-Mikhlaf Al-Sulaymani),” Arab Law Quarterly, vol. 5, no. 3, أغسطس/ آب 1990، صفحات 221 إلى 214. تعود العداوة بين الوهابيين – الذين ظهروا في المملكة العربية السعودية في منطقة وسط نجد، وإسماعيلية نجران، إلى حملة إسماعيلية وقعت بالقرب من الدرعية، موطن الأسرة الحاكمة السعودية في عام 1764. انظر: George Rentz, “Wahhabism and Saudi Arabia,” in Derek Hopwood, ed.,The Arabian Peninsula: Society and Politics (Oxford: Allen and Unwin, 1972), صفحة 57.

10  انظر: Askar Halwan Al-Enazy, “‘The International Boundary Treaty’ (Treaty of Jeddah) Concluded between the Kingdom of Saudi Arabia and the Yemeni Republic on June 12, 2000,” The American Journal of International Law, vol. 96, no. 161, January 2002. الملك عبد العزيز آل سعود والإمام يحيى حامد الدين، معاهدة الطائف، 20 مايو/ أيار 1934: " إن جلالة الإمام يحيى يتنازل بهذه المعاهدة عن أي حق يدعيه باسم الوحدة اليمانية أو غيرها من البلاد التي هي بموجب هذه المعاهدة تابعة للمملكة العربية السعودية من البلاد التي كانت بيد الأدارسة أو آل عائض أو في نجران وبلاد يام".

11  في عام 1934 وقع الملك عبد العزيز آل سعود على اتفاقية مع قبيلة يام، وهي القبيلة الكبرى في نجران، وفيها تعهد بألا يتدخل في شؤون الطائفة الإسماعيلية وأن يحترم سيادتهم السكانية في نجران بألا يساعد على هجرتهم أو هجرة آخرين. مراسلة بالبريد الإلكتروني لـ هيومن رايتس ووتش مع إسماعيلي من نجران، 22 أغسطس/آب 2007، ومقابلات هيومن رايتس ووتش مع أكثر من ستة أشخاص بارزين من الطائفة الإسماعيلية، في يوليو/ تموز 2006  ومارس/ آذار 2008. وفي زيارة للمنطقة في نوفمبر/ تشرين الثاني 2006 علق الملك عبد الله قائلاً: كم يسعدني في هذه المناسبة أن استذكر العهد التاريخي بين جلالة الملك الموحد عبدالعزيز (رحمة الله عليه) وبين الأبطال من أجدادكم وآبائكم ولقد وفى الملك الموحد بعهده كما وفيتم أنتم. علي عون اليامي وحمد المنصور، "خادم الحرمين: دولتكم لا تفرق بين منطقة ومنطقة أو بين مواطن ومواطن"، الرياض، 1 نوفمبر/ تشرين الثاني 2006، على: http://www.alriyadh.com/2006/11/01/article198407_s.html (تمت الزيارة في 29 فبراير/شباط 2008).

12  مقابلة هاتفية لـ هيومن رايتس ووتش مع شخص إسماعيلي، نجران، 24 يونيو/ حزيران 2008.

13  انظر: Nadav Safran, Saudi Arabia. The Ceaseless Quest for Security (Ithaca and London: Cornell University Press, 1985) صفحة 54. يختلف التاريخ المذكور هنا لغزو نجران في عام 1932 عن التاريخ المذكور في مصادر أخرى، والتي تحدد تاريخ المعركة في أبي سعود في عام 1933 أو 1934. ومن الممكن أن تكون أكثر من معركة قد نشبت، أو أن التحويل من التقويم الهجري إلى الميلادي هو السبب في الاختلاف.

14  انظر: Rachel Bronson, Thicker Than Oil. America’s Uneasy Partnership with Saudi Arabia (New York: Oxford University Press, 2006), p. 30; and Madawi Al-Rasheed, A History of Saudi Arabia (Cambridge: Cambridge University Press, 2002 ) p. 61

15  انظر: Thomas Hegghammer and Stephane Lacoix, “Rejectionist Islamism in Saudi Arabia: The Story of Juhayman al-`Utaybi Revisited,” International Journal of Middle East Studies , vol. 39 (2007)

16  انظر: 16 International Crisis Group, “The Shiite Question in Saudi Arabia,” Middle East Report No. 45, 19 سبتمبر/أيلول 2005، وأيضاً: مقابلة هيومن رايتس ووتش مع زعماء الشيعة بالقطيف والأحساء، فبراير/ شباط 2006.

17  مقابلات هيومن رايتس ووتش مع شيعة من القطيف وتاروت والدمام والأحساء، ق1، ت1، د1، أ1، فبراير/ شباط وديسمبر/كانون الأول 2006، وديسمبر/كانون الأول 2007.

18  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع شيعي من القطيف، ق2، فبراير/شباط 2006.

19  "لم أسمع قط عن الإسماعيلية قبل أن يحدثني [عضو مجلس الشورى] محمد الظلفة عن وضعهم". مقابلة هيومن رايتس ووتش مع عضو سابق بمجلس الشورى، ر1، الرياض، 19 ديسمبر/ كانون الأول 2006.