Skip to main content
تبرعوا الآن

مصر: يجب وضع حد للتعذيب والمحاكمات العسكرية للمدنيين

القبض على المتظاهرين والصحفيين والإساءة إليهم أثناء إخلاء الجيش لميدان التحرير

 

(القاهرة، 11 مارس/آذار 2011) - قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن على المجلس الأعلى للقوات المسلحة أن يتخذ خطوات سريعة لوضع حد لأعمال التعذيب، وأن يحقق في جميع الانتهاكات القائمة بحق المتظاهرين السلميين، مع الكف عن مقاضاة المدنيين أمام المحاكم العسكرية.

مساء 9 مارس/آذار 2011 قام جنود مصريون ورجال في ثياب مدنية بتدمير مخيم يخص معتصمين في الحديقة الوسطى بميدان التحرير، وكان أفراد يخيمون فيها بشكل متقطع منذ 28 يناير/كانون الثاني. قال ستة شهود لـ هيومن رايتس ووتش إن بين الساعة 4 و6 مساءً، وقف الجنود يشاهدون عصابات في ثياب مدنية يمسكون بالمتظاهرين ويضربونهم. قال الشهود إن المهاجمين نقلوا أيضاً المتظاهرين بالقوة إلى منطقة المتحف المصري، حيث قام الجنود والشرطة العسكرية ورجال في ثياب مدنية باحتجازهم والإساءة إليهم بدنياً.

وقال جو ستورك، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "المجلس الأعلى يتجاهل تقارير قابلة للتصديق بوقوع أعمال اعتقال تعسفي وتعذيب. لا يمكن القول بانتهاء انتهاكات العهد الماضي مع استمرار قوات الأمن - وتشمل العاملين بالجيش - في الإساءة إلى الناس، مع إفلاتهم من العقاب".

قال أربعة أشخاص احتجزهم الجيش في 9 مارس/آذار لـ هيومن رايتس ووتش إن آسريهم قيدوهم وضربوهم بعصي مكهربة وهراوات وأنابيب معدنية. اثنان من الأربعة قالا إنهما تعرضا للصعق بأجهزة الصعق بالكهرباء عدة مرات.

كان الجيش قد نقل 190 من المحتجزين من ميدان التحرير يوم 9 مارس/آذار إلى سجون عسكرية، بنية استجوابهم على مدار الأيام القليلة التالية، على حد قول راجية عمراني، المحامية التابعة لمركز هشام مبارك وتتابع الملاحقات القضائية العسكرية للمتظاهرين.

أعمال الضرب في ميدان التحرير

قال ستة شهود قابلتهم هيومن رايتس ووتش - بالإضافة إلى الروايات الصحفية- إن المئات من الرجال في ثياب مدنية مسلحين بمواسير معدنية وعصي خشبية وأحجار من مخلفات الرصف دخلوا ميدان التحرير بين الساعة 3 و4 مساءً، وبدأوا في مهاجمة المتظاهرين. استمرت الهجمات لأكثر من ساعة قبل أن يدخل الجيش الميدان. في ذلك التوقيت، بدأ ضباط الجيش والمهاجمون في القبض على المتظاهرين واحتجازهم داخل المتحف المصري، عند الطرف الشمالي من ميدان التحرير.

قالت عايدة الكاشف، الناشطة الحقوقية، وكانت في الميدان أثناء الهجمات: "عندما رأينا الجيش هدأنا لأننا حسبنا أنهم جاءوا لحمايتنا". وتابعت: "بدلاً من ذلك بدأوا في تدمير الخيام أثناء ضرب البلطجية ومطاردتهم لنا".

جلال أ.، متظاهر آخر، قال لـ هيومن رايتس ووتش: "راح الجنود يقبضون على الناس ويزيلون الخيام، لكن البلطجية داوموا على ضربنا بالمواسير المعدنية. سرقوا كل شيء كان معنا، متعلقاتنا الشخصية. بعد عشر دقائق تقريباً [من وصول الجيش] قاموا [الجنود والرجال] بإخراج كل من كانوا في التحرير".

قال محام كان يسير في شارع قصر العيني وقت وقوع تلك الأحداث، لـ هيومن رايتس ووتش، إنه رأى ضابط جيش يحمل سوطاً. عندما سأل المحامي - الذي طلب عدم ذكر اسمه - الضابط عن سبب حمله للسوط قال: "للتعامل مع بعض الأمور".

قالت عايدة الكاشف إن الرجال في الثياب المدنية راحوا يدفعونها هي وأصدقائها إلى خارج الميدان، ورأوا الجنود يفكون الخيمة الطبية وكان فيها اثنين من المصابين.

وقالت: "طلبنا منهم عدم تفكيكها حتى يخرج منها المصابون. بدأوا في إهانتنا وقالوا أشياء مثل: اخرجوا من هنا يا كلاب. ثم قال ضابط جيش للمدنيين: خذوهم إلى المتحف".

متظاهر آخر طلب عدم ذكر اسمه قال لـ هيومن رايتس ووتش: "رأيت فتيات يسحبهن البلطجية على الأرض. كان الجيش متواجداً ولم يفعل شيئاً".

وقال جو ستورك: "في ميدان التحرير يوم 9 مارس/آذار رأينا الجيش يستعين ببلطجية في ثياب مدنية بنفس طريقة استخدام الحكومة السابقة لهم لأداء عملها القذر". وتابع: "ومن كان يعتقد أن مثل هذه الأعمال أصبحت من سمات العهد الماضي، فيا لحسرته الآن".

الضرب والتعذيب عند المتحف المصري

قابلت هيومن رايتس ووتش أربعة أشخاص قالوا إن الجنود احتجزوهم داخل المتحف المصري وعذبوهم بضراوة هناك.

قال أحمد م.، متظاهر يبلغ من العمر 24 عاماً طلب عدم استخدام اسمه الحقيقي: "نقلونا إلى المتحف. منذ لحظة عبورنا البوابة، تعرضنا للضرب بكل شيء، العصي الخشبية والقضبان المعدنية والأسلاك الكهربية والمواسير، ضربونا بكل شيء، وصفعونا على وجوهنا مراراً". وتابع: "داخل المتحف رأيت عدد من الناس المحتجزين، باعة الشوارع وأجانب ونشطاء سياسيين. رأيت كروت ذاكرة لكاميرات تُحطم. أُجبر الناس على الوقوف لصق الحائط أثناء ضرب رجال الشرطة العسكرية لهم بعصي خشبية".

شريف عازر، المسئول في المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، قال لـ هيومن رايتس ووتش إن الجنود احتجزوه داخل أرض المتحف.

وقال شريف: "قلت لضابط أنني من منظمة لحقوق الإنسان فأجاب: لا نعرف شيئاً عن حقوق الإنسان... نحن هنا منذ 40 يوماً ويجب أن ينتهي هذا الأمر. اليد العليا لنا الآن ونعرف كيف نحمي الناس".

رشا عزب، الصحفية البالغة من العمر 28 عاماً وتعمل في صحيفة الفجر الأسبوعية، قالت لـ هيومن رايتس ووتش إنها تعرضت لتقييد الأيدي إلى جدار خارجي في فناء المتحف:

ركلوني في بطني وضربوني بعصي خشبية وصفعوني على وجهي. وجهوا لي شتائم قذرة. ذات مرة جاء أحدهم وشد على رباط يدي. وقفت هكذا أربع ساعات. رأيت عشرات الرجال يُجرجرون على الأرض ويُضربون بالسياط. كانوا جميعاً من المعتصمين في التحرير. سمعت الناس تصرخ من داخل المتحف، ويقول [الجنود]: "احمدي ربنا أنك لست في الداخل".

متظاهر آخر طلب عدم ذكر اسمه قال لـ هيومن رايتس ووتش: "أجبرنا [الجنود] على الرقاد على بطننا [داخل حجرة]. بدأوا في ضربنا بالسياط وصدمنا بالكهرباء وركلنا. كانوا يضربون ويكهربون الناس في أربع مناطق أساسية، في الرأس والظهر والمؤخرة والساقين". قال المتظاهر إن الضرب استمر من 5 إلى 9 مساءً تقريباً.

وقال جو ستورك: "هذه الأساليب القاسية من الإساءة والانتهاكات هي من سمات عهد مبارك، وقد اعتصم هؤلاء المتظاهرون في الميدان 40 يوماً كي تنتهي هذه الممارسات". وأضاف: "الجيش الذي يدير شئون مصر الآن ما زال عليه أن يحقق في هذه الادعاءات بوقوع التعذيب على يد الجيش وأن يقاضي المسئولين عنه".

الاحتجاز والملاحقة القضائية للمتظاهرين من جانب الجيش

راجية عمراني من مركز هشام مبارك قالت لـ هيومن رايتس ووتش إن 173 رجلاً و17 امرأة تم القبض عليهم في 9 مارس/آذار يخضعون للاحتجاز في سجون عسكرية. قالت عمراني إن العقيد محمد الشناوي، رئيس النيابة العسكرية، قال لها ولمحامي آخر، هو محمد عيسى، أنه لم يتلق أوامر بمتى يبدأ استجواب المحتجزين، ولم يقدم أي معلومات إضافية.

في 7 مارس/آذار قابلت هيومن رايتس ووتش اثنين من المتظاهرين كانوا قد خضعوا للاستجواب في مجمع النيابات العسكرية، لكنهم حُرموا من مقابلة محاميهم، رغم طلباتهم وجهود المحامين لزيارتهم.

في الأول من مارس/آذار قدم المحامون من جبهة الدفاع عن متظاهري مصر شكوى قانونية إلى مكتب النائب العام بشأن الهجمات السابقة. أحال النائب العام الشكوى إلى النيابة العسكرية. المادة 7 من قانون العدل العسكري ورد فيها أن أن أي جريمة يرتكبها أفراد من الجيش أو تُرتكب ضد الجيش يجب أن تُحال إلى القضاء العسكري.

عادل رمضان، المحامي من المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، قال لـ هيومن رايتس ووتش إن أحكام السجن الصادرة عن المحاكم العسكرية تتراوح إلى الآن بين 6 شهور إلى 15 عاماً، وأن محاكمات الجيش تنطوي على إشكالية بما أن المدعى عليهم لا يمكنهم الطعن في الأحكام الصادرة بحقهم. قال رمضان إنه كان حاضراً أثناء جلسة محاكمة صبي يبلغ من العمر 15 عاماً في المحكمة العسكرية، وأن المحامي الذي عينته المحكمة لم يتحدث عن سن الصبي أو مسألة إن كان للمحكمة في الأصل اختصاص في نظر قضيته.

وقابلت هيومن رايتس ووتش شقيقة صبي يبلغ من العمر 17 عاماً قالت إن الجيش قبض على شقيقها أثناء بيعه الفاكهة في الشارع. قالت لـ هيومن رايتس ووتش إن المحكمة العسكرية حاكمته بتهمة السرقة وأدانته، وحكمت عليه بالسجن سبع سنوات. ذهبت لزيارته في سجن استئناف القاهرة، وهناك قال لها الحراس إن شقيقها موجود لكن إدارة السجن تمنع الزيارات.

وقال جو ستورك: "الزج بالمدنيين إلى السجون العسكرية وقطع اتصالاتهم بأسرهم ومحاميهم واستجوابهم والحكم عليهم دون إمكانية الطعن في الأحكام، هو إهدار للعدالة واستهزاء بها". وتابع: "لا توجد مبررات لاستمرار استخدام المحاكم العسكرية. يجب على المجلس الأعلى للقوات المسلحة أن يأمر سريعاً بنقل جميع محاكمات المدنيين إلى محاكم مدنية".

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة