Skip to main content
تبرعوا الآن

المغرب: وفاة فتاة تُلقي الضوء على القوانين الجائرة

يجب إصلاح قوانين العنف الأسري والاغتصاب

(الرباط) – قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إنه ينبغي على المغرب أن يسن قانونا فعالاً حول العنف الأسري وأن يلغي مقتضيات القانون الجنائي التي تسمح في الممارسة لرجال متهمين باغتصاب أو ممارسة الجنس مع قاصر، بتجنب الملاحقة القضائية إذا تزوجوا بضحاياهم. على ما يبدو، انتحرت فتاة عمرها 16 عاما في 10 مارس/آذار 2012، بعد زواجها في ظل هذه الظروف.

وأثارت وفاة أمينة الفيلالي في قرية في شمال المغرب، جدلاً عاما حول الفصل 475 من القانون الجنائي المثير للجدل، بما في ذلك مظاهرات جرت في الرباط ومدن أخرى، وتغطية واسعة من طرف وسائل إعلام رسمية ومستقلة. وقالت هيومن رايتس ووتش، إنه ومع ذلك، فإن مكافحة العنف ضد النساء والفتيات في المغرب تتطلب، ليس فقط إلغاء الفصل 475، ولكن مجموعة من الإصلاحات القانونية الإضافية التي تخفف من العقبات التي تحول دون محاكمة الاغتصاب والعنف الأسري، فضلا عن سياسات لضمان تمكين الضحايا من الحصول على الخدمات التي يحتاجون إليها.

وقالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "الفصل 475، بقدر ما هو سيئ، ليس سوى غيض من فيض من فشل المغرب في مجال حماية النساء والفتيات من العنف. على الرغم من إصلاحات مدونة الأسرة المغربية في عام 2004، فإن الفتيات والنساء لا يزلن بعيدات عن الحماية بموجب القانون عندما يكن ضحايا عنف".

منذ وفاة الفيلالي، فإن مصطفى الخلفي، وزير الاتصال، وبسيمة الحقاوي، وزيرة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية، المرأة الوحيدة من بين الـ 29 وزيرا في الحكومة، كانوا من بين المسؤولين الذين دعوا إلى ضرورة دراسة وربما مراجعة الفصل 475. ومع ذلك، فإن الحكومة التي تشكلت بعد انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني 2011، والتي يقودها حزب العدالة والتنمية الإسلامي، لم تعلن عن أية خطة للضغط من أجل تشريع أكثر فعالية بشأن العنف ضد المرأة.

وقدم والدي الفيلالي، اللذين يعيشان في قرية قريندي، قرب العرائش، شكوى في عام2011لدي الوكيل العام للملك (الادعاء) في طنجة، مشيرين إلى أن مصطفى فلاك، الذي يبلغ 25 عاما من العمر ويعيش في قرية خميس الساحل القريبة، اغتصب ابنتهما. وقالت الزهراء،  والدة الفتاة، لـ وكالة اسوشيتد برس مؤخرا، إن الطبيب الذي فحصها أصدر تقريرا ذكر فيه أنها فقدت عذريتها ولكن الفحص لم يظهر أي دليل على الاغتصاب.

بعد ورود تقارير في وسائل الإعلام المغربية بأن الفيلالي قد انتحرت بواسطة سم الفئران، أصدرت وزارة العدل والحريات بلاغا بتاريخ 16 مارس/آذار جاء فيه أنه في أعقاب شكوى بالاغتصاب، قالت الفيلالي للوكيل العام إن علاقاتها الجنسية مع فلاك كانت برضاها.

تقدم والدها، الحسن الفيلالي، إلى القاضي في 19 سبتمبر/أيلول بطلب للسماح لـ الفيلالي بالزواج بـ فلاك. وقال بيان لـ وزارة العدل والحريات، إن الفيلالي أكدت، خلال أربع جلسات أمام قاض في مدينة العرائش، بحضور والديها، رغبتها في الزواج. وأعرب فلاك عن رغبته في الزواج من الفيلالي، وفي 30 نوفمبر/تشرين الثاني، أصدر القاضي موافقته، وتخلى الوكيل العام عن التحقيق في الاغتصاب.

بعد زواجهما في ديسمبر/كانون الأول، انتقلت الفيلالي وفلاك للعيش مع عائلته. وقال والدي الفيلالي لـ وسائل الإعلام إن فلاك كان يضرب ابنتهما باستمرار وأن والدي زوجها يعاملانها معاملة سيئة. وقالا على الأقل  لـ صحفي بأنها ذهبت في 9 مارس/آذار، قبل وفاتها بيوم، إلى المقر المحلي لـ الدرك – وهو جهة تطبيق القانون في المناطق الريفية المغربية – للشكوى من أن زوجها ضربها، وقيل لها بأنه دون شهادة طبية تثبت إصابات بدنية، فلا يمكن للدرك فعل أي شيء.

ونفى والدي فلاك، في حديثهما إلى وسائل الإعلام، سوء معاملة الفيلالي، ونفى مصدر في الدرك لـ ناشط محلي أن تكون الفيلالي قد زارت المقر قبل يوم من وفاتها. وقال بيان لوزارة العدل والحريات إن الوكيل يحقق في أسباب وفاة الفتاة.

وقالت هيومن رايتس ووتش إن قضية الفيلالي تبرز أوجه قصور كبيرة في الإطار القانوني في المغرب حول العنف الأسري والاغتصاب.

ليس للمغرب قانون محدد بشأن العنف الأسري، على الرغم من أن أحكام القانون الجنائي تنص على أن الضرب والجرح إذا كانت الضحية أحد أفراد الأسرة، بما في ذلك الزوجة، يمكن اعتباره ظرف تشديد لأغراض الحكم (الفصلين 404 و 414). ويجرم القانون الاغتصاب في الفصل 486، والأفعال الجنسية مع قاصر "دون عنف" في الفصل 484.

وينص الفصل 474 على عقوبة السجن لمدة سنة إلى خمس سنوات في حق  شحص "اختطف أو غرر بقاصر، تقل سنه عن 18 سنة، بدون استعمال عنف و لا تهديد و لا تدليس أو حاول ذلك". ومع ذلك، فإن الفقرة الثانية من هذا الفصل تنص على أنه عندما تتزوج القاصر بالرجل، "لا يمكن متابعته إلا بناءعلى شكوى من شخص له الحق في طلب إبطال الزواج، ولا يجوز الحكم بمؤاخذته إلا بعد صدور حكم بهذا البطلان فعلا". تمنع هذه الفقرة الوكيل فعليا من ملاحقة تهم الاغتصاب بشكل مستقل.

ويقول نشطاء حقوق المرأة في المغرب إن المحاكم طبقت الفصل 475 في قضايا الاغتصاب على الرغم من أن صياغته تفترض التبرئة الجنائية فقط عن الأفعال غير العنيفة. وتوجد أحكام مماثلة في بلدان أخرى في العالم العربي.

وقالت سارة ليا ويتسن: "لا يعكس الفصل 475 فقط العادات الاجتماعية الضارة بالمرأة والفتيات، وإنما يعززها، بقيادة القضاء للقمع".

الأصول الاجتماعية للتبرئة في الفصل 475 تجد تفسها في فكرة، وهي فكرة سائدة في الأوساط التقليدية في المغرب، مفادها أن الفتاة أو السيدة غير المتزوجة التي فقدت عذريتها - حتى عن طريق الاغتصاب - لم تعد صالحة للزواج وأنها مست شرف عائلتها. وتعتقد بعض الأسر أن الزواج من المغتصب أو الشريك يعالج هذه المشاكل. واحتمال تجنب السجن يدفع الرجل إلى الموافقة على الزواج.

نقلت وكالة الأسوشيتد برس عن والدة الفيلالي قولها: "كان علي أن أزوجها له، لأنني لا يمكن أن أسمح لابنتي أن لا يبقى لها مستقبل وأن تبقى غير متزوجة".

الحد الأدنى للسن القانونية للزواج في المغرب هو 18 سنة، ولكن مدونة الأسرة تسمح للقاضي أن يأذن لقاصر بالزواج بشرط أن يوقع كل من القاصر وولي أمرها/أمرهعلى الطلب، ويجري القاضي تحقيقا في صحة القاصر ووضعها/وضعه الاجتماعي، ويقدم القاضي سبب موافقته على الزواج.

لم تتأكد هيومن رايتس ووتش مما إذا كان القاضي استوفى هذه الشروط قبل الموافقة على زواج فلاك والفيلالي، أو كيف أكد أن موافقة فتاة عمرها 16 عاما كانت طوعية وواضحة.

وبغض النظر عن الحقائق في هذه القضية، فإن نشطاء حقوق المرأة يشيرون إلى القوانين والممارسات التي توفر للرجال الإفلات من العقاب بشكل فعال على العنف ضد النساء والفتيات. ولاحظ النشطاء، على سبيل المثال، أنه في حين لا شيء في القانون الجنائي يمنع العنف الزوجي من المتابعة بموجب المواد المتعلقة بالضرب والجرح، فإن الشرطة تميل لعلاج مثل هذه الشكاوى، ليس على أنها جنايات، بل على أنها مشاكل يتعين حلها داخل الأسرة. ونادرا ما تصل مثل هذه الحالات إلى المحاكم.

ويعتبر الفصل 496 من القانون الجنائي عقبة أخرى أمام مكافحة العنف الأسري، والذي يعاقب كل من "تعمد إخفاء امرأة متزوجة، هاربة من سلطة من له الولاية القانونية عليها". ويقول نشطاء حقوق المرأة، إن هذا الحكم، في الواقع، تمت صياغته بطريقة يمكن استخدامها ضد ملاجئ العنف الأسري التي تُديرها جمعيات نسائية منذ سنوات لمساعدة النساء والفتيات اللائي تعرضن للعنف.

كما يواجه ضحايا الاغتصاب عقبات ومخاطر بنسب اتهامات إليهن. وتواجه المشتكية نفسها مخاطر الملاحقة القضائية إذا تمت تبرئة المتهم باغتصابها، لأن القانون الجنائي يجرم حتى ممارسة الجنس بالتراضي خارج إطار الزواج. وعلاوة على ذلك، فإن طريقها إنحو إثبات الاغتصاب معقد بفعل الثقة الزائدة للمحاكم المغربية في الأدلة الطبية في حالات الاغتصاب واهتمامهم الأقل بشهادة ضحايا الاغتصاب.

وقالت هيومن رايتس ووتش إن لهذه الأسباب على المغرب أن يسن سلسلة من الإصلاحات لمكافحة العنف ضد الفتيات والنساء. وينبغي أن تشمل هذه الإصلاحات إلغاء الفصل 475 من القانون الجنائي، والفصل 490 الذي يجرم ممارسة الجنس بالتراضي بين غير المتزوجين، والفصل 496 الذي يجرم إيواء امرأة متزوجة تركت زوجها. وينبغي أن تشمل الإصلاحات أيضا اعتماد قانون يحدد ويعاقب على العنف الأسري، وتعليمات لوكلاء النيابة العامة والقضاة على إعطاء شهادة الضحايا، ليس فقط الأدلة الطبية والطب الشرعي، الاهتمام الكافي في العملية القضائية.

أعلنت الحكومات السابقة عزمها إصدار قانون بشأن العنف ضد المرأة من شأنه التصدي للعنف الأسري. وفي ديسمبر/كانون الأول 2010، قالت نزهة الصقلي، وزيرة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية في الحكومة السابقة، للبرلمان إنه يجري وضع مشروع قانون من 64 فصلا بشأن العنف الأسري. ومع ذلك، لم يتم الإعلان عن المسودة النهائية ووضعه الحالي غير واضح.

وقالت هيومن رايتس ووتش إن دستور المغرب لعام 2011 يلزم الحكومة بإصلاح القوانين القائمة لملاءمتها مع الفصول التي تؤكد حقوق المرأة. ويعلن الفصل 19 من الدستور عن تمتع الرجل والمرأة، على قدم المساواة، بالحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية. وينص الفصل 20 على الحق في الحياة، في حين ينص الفصل 21 على الحق في سلامة الشخص. ويحظر الفصل 22 جميع انتهاكات السلامة البدنية والمعنوية والكرامة، فضلا عن المعاملة القاسية واللاإنسانية والمهينة، سواء ارتكبت من قبل جهات خاصة أو عامة.

وقالت سارة ليا ويتسن: "القوانين وحدها لا تستطيع حل المشاكل الاجتماعية العميقة الجذور". وأضافت: "ولكن من دون اعتماد وتطبيق نظام قانوني يعامل الاغتصاب والعنف ضد المرأة دائما على أنها جرائم خطيرة، لا يمكن أن يكون هناك أمل في أي تغيير في الممارسات". 

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الموضوع