قالت هيومن رايتس ووتش في تقرير أصدرته اليوم إن أصحاب الإعاقات الذهنية يعانون من انتهاكات جسيمة في مؤسسات العلاج النفسي ومراكز العلاج الروحاني في غانا. لم تبذل الحكومة الغانية جهداً يُذكر في مكافحة الانتهاكات أو لضمان قدرة المعاقين ذهنياً على العيش ضمن المجتمع، وهو الحق المكفول لهم بموجب القانون الدولي.
تقرير "كعقوبة الإعدام: الانتهاكات ضد أصحاب الإعاقات الذهنية في غانا" الذي صدر في 84 صفحة، يصف كيف يُجبر الآلاف من المعاقين ذهنياً على العيش في تلك المؤسسات، وكثيراً ما يحدث ذلك ضد رغبتهم وبأقل القدرة على الطعن على تحديد إقامتهم. يواجه المعاقون ذهنياً في المستشفيات النفسية مشكلات الازدحام والعيش في مستوى متدني من النظافة الصحية. في بعض مراكز العلاج الروحاني، المعروفة شعبياً بمسمى "مخيمات الصلاة"، كثيراً ما يتم ربطهم بالأشجار، ويُتركون في الشمس، ويُجبرون على الصيام لأسابيع في إطار "عملية العلاج"، مع حرمانهم من العقاقير الطبية.
كما يلقي التقرير الضوء على التحديات التي تواجه المعاقين ذهنياً الذين يعيشون في المجتمع الغاني، ويواجهون مشكلات الوصم والتمييز وكثيراً ما يفتقرون للمأوى الملائم والطعام والرعاية الصحية.
وقالت ميدي سينغوبا، الباحثة الملتحقة بـ هيومن رايتس ووتش من برنامج بينبرغ: "على الحكومة تخاذ خطوات فورية لوقف الانتهاكات ضد أصحاب الإعاقات الذهنية في مؤسسات الدولة، وفي مخيمات الصلاة وفي المجتمع الغاني. إن الظروف المعيشية للعديد من أصحاب الإعاقات الذهنية في غانا لاإنسانية ومهينة".
يستند التقرير إلى أكثر من 170 مقابلة مع معاقين ذهنياً في مستشفيات غانا النفسية العامة الثلاث، وفي ثمانية مخيمات صلاة وفي المجتمع الغاني، ومقابلات مع أقارب وموفري خدمات صحية وإداريين وعاملين بمخيمات الصلاة، ومع مسؤولين حكوميين، ومع عاملين بمنظمات دولية ومحلية تعمل في غانا.
تقدر منظمة الصحة العالمية أن هناك نحو 3 ملايين غاني يعانون من إعاقات ذهنية وأن 600 ألف منهم يعانون من ظروف نفسية وعصبية حادة للغاية.
مستشفيات غانا النفسية الحكومية الثلاث – في أكرا وبانتانغ وأنكافول – تستضيف نحو 1000 شخص مصابين بإعاقات ذهنية. في جميع المستشفيات الثلاث، وجدت هيومن رايتس ووتش أن حالة المكان قذرة للغاية، وتنبعث الروائح الكريهة من بعض العنابر بل وحتى فضلات بشرية على الأرضيات بسبب نظم الصرف الصحي المحطمة. وجدنا المستشفى في أكرا مكتظاً للغاية وأن العديد من الأشخاص يمضون اليوم بطوله خارج مبنى المستشفى تحت أشعة الشمس الحارة، دون توفر أماكن ظليلة.
تبينت هيومن رايتس ووتش أن هناك المئات – إن لم يكن الآلاف – من أصحاب الإعاقات الذهنية يوضعون في مخيمات للصلاة على صلة بالكنائس الخمسينية. هذه المخيمات التي يديرها أشخاص يعتبرون أنفسهم أنبياء، تعمل خارج سيطرة الدولة تماماً. لا يتلقى أصحاب الإعاقات الذهنية في هذه المخيمات أي علاج طبي، وفي بعضها يُحظر العلاج حتى وإن وصف الأطباء عقاقير طبية للمرضى. بل يسعى "الأنبياء" إلى "علاج" نزلاء المخيم عن طريق عمل المعجزات والتشاور مع "الملائكة" وبالعلاج الروحاني.
توصل التقرير إلى وجود أوضاع أسوأ في مخيمات الصلاة، عن تلك التي وجدناها في المستشفيات النفسية. في ثمانية من مخيمات الصلاة التي جرى تفقدها، كان جميع النزلاء تقريباً مقيدين بالسلاسل من كاحلهم إلى أشجار في مجمعات مفتوحة، حيث ينامون ويتبولون ويتبرزون ويستحمون. بعضهم يقيمون في مخيمات الصلاة منذ خمسة أشهر. وضمن برنامج العلاج، يُجبر الأشخاص في المخيمات – وبينهم أطفال تصل أعمارهم إلى العاشرة – على الصيام لمدة أسابيع، عادة بداية بالصوم لمدة 36 ساعة فيما يُعرف بمسمى "الصيام الجاف"، إذ يحرمون من الماء بالإضافة إلى الطعام.
دوريس آبياه أقامت في مخيمات صلاة ومستشفيات نفسية لمدة بلغت 10 سنوات، وتعيش الآن في المجتمع. أثناء إقامتها في مخيمات الصلاة، تم ربط آبياه بالحبال لأكثر من شهرين، وأُجبرت على تعاطي أعشاب محلية مؤذية، أدت إلى آثار جانبية لحقت بلسانها.
وقالت لـ هيومن رايتس ووتش: "ما إن تصاب بإعاقة ذهنية، تفقد كل حقوقك، حتى الحق في أن تعرض رأيك. نطالب الحكومة بضمان توفر الخدمات لأصحاب الإعاقات الذهنية وأن تتم مراقبة مخيمات الصلاة لمنع الانتهاكات ضد من يدخلونها".
صدقت غانا على اتفاقية حقوق الأشخاص أصحاب الإعاقات في يوليو/تموز 2012. بموجب هذه الاتفاقية، على الدول اتخاذ خطوات لضمان قدرة أصحاب الإعاقات الذهنية على اتخاذ قراراتهم الحياتية بأنفسهم، بما في ذلك اختيار محل الإقامة ومع من يعيشون، وألا يُجبروا على الإقامة في مؤسسات علاجية.
قانون الصحة النفسي الغاني لعام 2012 الذي بدأ نفاذه في يونيو/حزيران، يهيئ لنظام يمكن من خلاله للمعاقين ذهنياً الطعن على احتجازهم في مستشفيات نفسية. إلا أن القانون لا ينطبق على مخيمات الصلاة، ولا يسمح للأفراد بقنوات قانونية يلتمسون من خلالها الإفراج عنهم. في أغلب مخيمات الصلاة، لا يمكن للنزلاء أن يغادروا إلا عندما يرى "النبي" أنهم قد شُفوا من مرضهم.
كما يسمح القانون بالإدخال والعلاج الجبري في المستشفيات النفسية، ويدعم مبدأ الوصاية وليس اتخاذ القرارات بمساعدة من الوصي، مما يحد من فرص اتخاذ المعاقين ذهنياً لقراراتهم بأنفسهم. والأمران لا يستقيمان مع اتفاقية حقوق أصحاب الإعاقة.
قالت هيومن رايتس ووتش إن على الحكومة أن تهيئ خدمات مجتمعية لدعم المعاقين ذهنياً، بما في ذلك نظام للسكن والرعاية الصحية يمكن أصحاب الإعاقات الذهنية من العيش في المجتمع. ولابد من تنظيم المؤسسات التي يدخلها المعاقون ذهنياً للإقامة أو العلاج، بما في ذلك مخيمات الصلاة. وعلى الحكومة أيضاً أن تضمن عدم إجبار الأفراد على الإقامة في تلك المنشآت أو في المستشفيات النفسية وأن تُتاح لهم آليات الطعن في أي انتهاك لحقوقهم.
وقالت ميدي سينغوبا: "تستحق غانا الإشادة لتصديقها على اتفاقية حقوق أصحاب الإعاقة". وأضافت: "حان الوقت لإحداث تغييرات حقيقية، في السياسات والممارسات المتعلقة بالمعاقين ذهنياً في غانا".