(بيروت) – قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن القوات العسكرية الحكومية والموالية للحكومة التي دخلت بني وليد في 24 أكتوبر/تشرين الأول 2012 بعد عملية عسكرية مطولة، عليها حماية السكان والممتلكات في البلدة. يعتبر الكثير من الليبيين أن بني وليد ملاذ آمن لمؤيدي معمر القذافي زعيم ليبيا السابق، وللمسؤولين السابقين بنظامه.
قالت هيومن رايتس ووتش إن على الحكومة الليبية أن تيسر التوصيل الفوري للإمدادات الطبية والغذاء والوقود لبني وليد. وعليها أيضاً أن تعلن بوضوح أن الجرائم التي ارتكبتها القوات القائمة بالهجوم – مثل النهب والضرب وتدمير الممتلكات – ستتم ملاحقة المسؤولين عنها قضائياً.
وقال فريد آبراهامز، الاستشاري لـ هيومن رايتس ووتش والمعني بالشأن الليبي: "ينبغي على الحكومة والقوات الخاضعة لقيادتها أن تحمي سكان بني وليد وأن ترفض أعمال الانتقام والثأر. من الضروري وقف تدمير البلدة فوراً والبدء في إعادة إعمارها، وكذلك مقاضاة أولئك الذين خالفوا القانون".
قالت هيومن رايتس ووتش إن العملية العسكرية في بني وليد التي يبدو أنها بدأت إثر إخفاق الحكومة في القبض على مشتبهين بأعمال جنائية في البلدة، تُظهر أيضاً ضرورة إنشاء نظام عدالة جنائية فوراً، يُراعى بموجبه تحري العدالة في توقيف واحتجاز وملاحقة المشتبهين الجنائيين من أي فصيل سياسي.
ما زال عدد ضحايا القتال والقصف العشوائي في بني وليد غير واضح. قال أطباء من مستشفى في البلدة لـ هيومن رايتس ووتش إن سبعة أشخاص على الأقل لا صلة لهم بجماعات مسلحة قُتلوا، وأصيب 60 آخرين منذ بداية الحصار أواخر سبتمبر/أيلول وحتى 18 أكتوبر/تشرين الأول. ارتفع هذا العدد مع بدء القوات التي ضربت الحصار في عمليتها الكبرى في 19 أكتوبر/تشرين الأول، مما أدى إلى فرار الآلاف من سكان بني وليد.
بحسب وكالة الأنباء الليبية الرسمية، فإن 22 شخصاً على الأقل لاقوا مصرعهم أثناء القتال. لم يُسمح للصحفيين ومراقبي حقوق الإنسان بدخول البلدة لتأكيد الرقم.
حاولت جماعات مسلحة في بني وليد أن تدافع عن البلدة، وأفادت وسائل الإعلام بوقوع أعمال قتال على مشارف البلدة حتى 24 أكتوبر/تشرين الأول. دعت هيومن رايتس ووتش قوات بني وليد إلى بذل كل المستطاع من أجل حماية السكان المدنيين، بما في ذلك السماح للمدنيين بالفرار والإفراج عن أي محتجزين.
تعتبر بني وليد – على مسافة 170 كيلومتراً جنوب غرب طرابلس – معقل أكبر قبيلة ليبية وهي الورفلة. يعتبر الكثيرون بني وليد بلدة موالية للقذافي، رغم أن هناك ميليشيا من الورفلة قاتلت القذافي أثناء ثورة العام الماضي وشاركت في الحصار القائم. في عام 1993 كانت هناك مجموعة من الورفلة ضمن أولئك الذين شنوا محاولات انقلاب فاشلة على القذافي.
قال مسؤولو بني وليد إن السكان موالين للحكومة الليبية الجديدة. لكنهم قالوا إنهم يرفضون تسليم أشخاص مطلوبين على ذمة جرائم قبل أو أثناء نزاع 2011 الذي خُلع فيه القذافي، إلى أن يصبح في ليبيا نظام عدالة قائم، وحتى يتم الإفراج عن المئات من قبيلة الورفلة المحتجزين دون اتهامات، لا سيما في مصراتة. هناك تاريخ من الخصومة بين بني وليد ومصراتة.
وثقت هيومن رايتس ووتش أعمال تعذيب محتجزين من بني وليد فيما كانوا محتجزين في مصراتة.
بدأت أعمال العنف الجارية في مطلع يوليو/تموز، عندما قام مجهولون من بني وليد حسب التقارير باختطاف اثنين من الصحفيين من مصراتة. خرجت مجموعات مسلحة من مصراتة لإرجاع الصحفيين، وكان أحدهما هو عمران شعبان، الذي قيل إنه هو من اكتشف وجود القذافي في ماسورة صرف في سرت قبل عام. حسب التقارير، تم إطلاق النار على شعبان واحتجز في بني وليد، ومعه رجل آخر. تم الإفراج عن الرجلين بعد شهرين، في 13 سبتمبر/أيلول بعد التفاوض على اتفاق. تم نقل شعبان إلى فرنسا لتلقي الرعاية الطبية لكنه مات هناك يوم 25 سبتمبر/أيلول. ظهرت تقارير عن تعرضه للتعذيب رهن الاحتجاز، وهي التقارير التي ينكرها قيادات بني وليد.
يوم وفاة شعبان أصدر المؤتمر الوطني العام المنتخب حديثاً القرار رقم 7 وصرح فيه لوزارتي الداخلية والدفاع "باستخدام كافة الصلاحيات" بما في ذلك استخدام القوة عند اللزوم للقبض على قتلة شعبان المزعومين وكذلك أفراد آخرين في بني وليد يُشتبه في ارتكابهم أعمال إجرامية قبل وأثناء نزاع 2011. قامت القوات الحكومية والجماعات المسلحة المنحازة لها وأغلبها من مصراتة بحصار البلدة. تعتبر الجماعات المسلحة تحت مظلة درع ليبيا وهو تجمع موالي لوزارة الدفاع.
أرسل أطباء من بني وليد لـ هيومن رايتس ووتش سجلات طبية وصور فوتوغرافية تشير لأن الهجمات على البلدة في مطلع أكتوبر/تشرين الأول تسببت في وقوع إصابات، بما في ذلك لأشخاص غير منخرطين في أي جماعات مسلحة.
حوالي التاسعة من صباح 7 أكتوبر/تشرين الأول على سبيل المثال أصابت مقذوفة غير واضحة المعالم منزلاً في المنطقة الجنوبية الغربية من البلدة حيث كان يقيم أشخاص نازحين من تاورغاء، وهي بلدة أخرى تعتبر موالية للقذافي. أدى الهجوم لإصابة سعاد عبدله عبد الحفيظ، 42 عاماً، وابنها عبد الله عبد النبي، 12 عاماً، وابنتها محفوظة عبد النبي، 15 عاماً. تعرض الأطفال لحروق من الدرجة الثانية والثالثة، وأصيبت محفوظة أيضاً في ساقها وقدمها.
في 10 أكتوبر/تشرين الأول أصابت مقذوفة أخرى منزلاً في حي الكميعات، مما أسفر عن مقتل محمود مصطفى محمد فتح الله، 8 أعوام، وخاله، عبد العظيم محمد المبروك، 23 عاماً.
طبقاً لطبيب بالمستشفى، فإن 23 شخصاً ذهبوا إلى المستشفى للعلاج في 19 أكتوبر/تشرين الأول من إصابات جراء الهجمات التي شنتها القوات من خارج المدينة، واحتاج أربعة من المصابين لعمليات بتر أطراف.
قال طبيبان من بني وليد لـ هيومن رايتس ووتش إن في 23 أكتوبر/تشرين الأول هجر العاملون بالمستشفى المكان وأنهما لم يتمكنا إلا من علاج المصابين بجراح خفيفة. قالا إن المنطقة المحيطة بالمستشفى كانت تتعرض للقصف، وكان المستشفى بحاجة لمعدات طبية وطعام وحليب.
انتشر التوتر بسبب القتال في بني وليد إلى مناطق أخرى من ليبيا. في بنغازي يوم 21 أكتوبر/تشرين الأول داهم متظاهرون غاضبون مقر قناة ليبيا الحرة، بزعم أن المحطة تبث أنباءً مضللة عن بني وليد تبرر الهجمات. وفي طرابلس بتاريخ 21 أكتوبر/تشرين الأول قام أشخاص يساندون بني وليد بالتظاهر أمام مبنى المؤتمر الوطني العام وحاول بعضهم على ما يبدو اقتحامه. ظهرت تقارير عن توقيف بعض المتظاهرين لكن هيومن رايتس ووتش لم تتمكن من تأكيد هذا الزعم.
وقال فريد آبراهامز: "ما كان يجب أن تؤدي الحاجة للقبض على المشتبهين الجنائيين إلى عملية عسكرية على بني وليد". وتابع: "على الحكومة الآن أن تبذل قصارى جهدها كي تحمي سكان البلدة من أعمال الثأر وأن تساعدهم على إعادة بناء حياتهم".