(بيروت) – قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن على القضاء الإيراني أن يتحرك بشكل سريع لإجراء تحقيق مستقل وشفاف في وفاة المدون ستار بهشتي، والذي لقي حتفه وهو رهن احتجاز شرطة الإنترنت بطهران في نوفمبر/تشرين الثاني 2012. وعلى السلطات الإيرانية أن تكف عن مضايقة أسرته وإعاقة جهود الأسرة في سعيها للعدالة وضمان محاسبة المسؤولين عن وفاة المدون.
رغم أن بهشتي مات قبل أربعة أشهر، فلا توجد مؤشرات على أن القضاء أجرى تحقيقاً جنائياً مع الضباط المتهمين بالمسؤولية عن وفاته، رغم وعود المسؤولين بإحالة المسألة إلى القضاء قبل منتصف فبراير/شباط. وعلمت هيومن رايتس ووتش أن مسؤولي الأمن وضعوا والدته وأقارب له آخرين تحت المراقبة وأخبروهم ألا يتحدثوا إلى الإعلام أو منظمات حقوق الإنسان الدولية بشأن القضية.
وقال نديم حوري، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: "بعد أربعة أشهر من وفاة المدون وهو رهن احتجاز الشرطة، لا تعرف أسرته المكلومة ما الذي حدث له. إن عدم الكشف عمّا حدث لستار بهشتي وعدم البدء في الملاحقة القضائية للمسؤولين عن وفاته – ناهيك عن مضايقة أسرته – هي أمور تشير لعمليات تستر وتعتيم".
أخبر المسؤولون أسرة بهشتي بوفاته في 6 نوفمبر/تشرين الثاني، بعد سبعة أيام من مداهمة شرطة الإنترنت لبيت والدته في رباط كريم، بالقرب من طهران، حين ألقت القبض عليه. هذه الوحدة الشرطية المعروفة أيضاً بمسمى "فاتا" أنشئت في يناير/كانون الثاني 2011 لإنفاذ القوانين المنظمة لاستخدام الإنترنت التي قد تهدد الأمن الوطني أو تخرق الآداب.
قالت جوهر إشغي والدة بهشتي لـ هيومن رايتس ووتش إن محققاً من النيابة زارها في بيتها يوم 2 فبراير/شباط. كانت الزيارة الأولى من نوعها إلى بيتها. قال المحقق إنه جاء لمناقشة القضية رغم أن الأسرة أوكلت محامٍ يمثلها.
حذر المحقق الأم من الحديث إلى الإعلام أو آخرين بشأن وفاة ابنها. قال لها إن القضية تأخرت جزئياً لأن السلطات رأت أن والد بهشتي لم يكن "راجح العقل" عندما أوكل المحامي جيتي بور فاضل لتمثيل الأسرة، وهو ما قالت الأم أنه أمر غير صحيح. قالت إن مناورة المحقق بدت محاولة متأخرة لتبرير إخفاق السلطات في الوفاء بوعودها التي قطعتها للأسرة بشأن فتح قضية في الحادث.
قال بور فاضل لوكالة الأنباء الإيرانية الطلابية الرسمية في فبراير/شباط إن رغم تأكيدات من مسؤولين بالقضاء بأن القضية سوف تُحال إلى المحاكم في أواسط فبراير/شباط، فلم يحدث شيء، وإن السلطات المختصة لم توفر إلى الآن معلومات عن مجريات القضية وتطوراتها.
قالت جوهر إشغي لـ هيومن رايتس ووتش إنها اتبعت في البداية تعليمات السلطات بعدم الحديث إلى الإعلام بشأن قضية ابنها لكنها لم تعد مستعدة للبقاء صامتة في مواجهة لا مبالاة القضاء. قالت لـ هيومن رايتس ووتش: "لا أريد سوى أن تصل قضية أبني إلى المحاكم، وأن تبدأ محاكمة علنية. لا أريد أن يضيع دم ابني هدراً".
أفادت لجنة برلمانية حققت في وفاة بهشتي يوم 7 يناير/كانون الثاني بأن شرطة إنترنت طهران قبضت عليه بصفة قانونية ثم احتجزته بصفة غير قانونية في منشأة غير مصرح بالاحتجاز فيها وفي ظروف غير ملائمة. قالت اللجنة إن أدلة الطب الشرعي الخاصة بفحص جثته تشير إلى إصابته بكدمات في كتفه وساقيه وظهره لكن لم يتوصل تقرير الطب الشرعي إلى سبب الوفاة. دعت اللجنة القضاء إلى إجراء المزيد من التحقيقات.
بعد أيام من ذيوع خبر وفاة بهشتي كتب سجناء آخرون في جناح 350 بسجن إيفن بطهران حيث يتواجد الكثير من المعتقلين السياسيين، كتبوا إلى السلطات يقولون إنهم رأوا بهشتي قبل وفاته وأنه كان يعاني من إصابات يبدو أن الضرب هو سببها.
في ديسمبر/كانون الأول وسط قلق المجتمع الدولي إزاء وفاة بهشتي، فصلت السلطات في البداية رئيس شرطة الإنترنت بطهران من منصبه وأعلنت بعد ذلك عن إجراء ثلاثة اعتقالات. قالت جوهر إشغي لـ هيومن رايتس ووتش إنها تعتقد أن الثلاثة ما زالوا معتقلين. قالت إن المسؤولين أخبروها بأن أحدهم مسؤول مسؤولية مباشرة عن وفاة ابنها.
وفي 26 فبراير/شباط وقّع آية الله لارجياني رئيس القضاء الإيراني تشريعات جديدة تشدد من الرقابة على مراكز الاحتجاز التي تديرها قوات الشرطة. من بين بنود أخرى، تطالب القواعد الجديد بالتفتيش المنتظم على هذه المنشآت من قبل هيئة السجون الإيرانية وتوفير سجلات دقيقة بدخول وخروج المحتجزين. يحظر القانون الاستجوابات في مراكز الشرطة ومراكز الاحتجاز. بعد أيام قليلة أعلن النائب العام الإيراني عباس جعفري دولت أبادي أن الإجراءات الجديدة ترمي إلى تحسين الإشراف الحكومي على مراكز الاحتجاز التي تديرها الشرطة في زمام طهران.
و أعرب كل من الأمين العام للأمم المتحدة وخبير الأمم المتحدة المعني بإيران، المقرر الخاص المعني بوضع حقوق الإنسان في إيران، عن القلق إزاء وفاة بهشتي. وبالاستشهاد من مصدر سري، أفاد المقرر الخاص في 28 فبراير/شباط بأن شرطة الإنترنت عذبت بهشتي "بغرض معرفة معلومات حسابه على الفيس بوك" وقال إنه تعرض مراراً للتهديد بالقتل أثناء الاستجواب "وتم ضربه في الوجه والجذع بهراوة".
أعرب المقرر الخاص أيضاً عن القلق إزاء المضايقات الحكومية لأقارب بهشتي، بما في ذلك الاعتداءات البدنية أثناء إحياء ذكرى الأربعين لوفاة بهشتي.
وقال نديم حوري: "يستحق ستار بهشتي وأسرته العدالة، ويستحقونها الآن. لابد أن يكف القضاء عن الكذب وأن يحيل المسؤولين عن وفاته إلى العدالة. لابد أن يرسل القضاء رسالة واضحة إلى جميع من يعذبون أو يؤذون السجناء بأنهم سيحاسبون".