– قالت هيومن رايتس ووتش وعيادة حقوق الإنسان الدولية بكلية الحقوق جامعة هارفارد (عيادة هارفارد) اليوم، إن الأردن يرفض بشكل متكرر وغير قانوني دخول اللاجئين الفلسطينيين والرجال غير المتزوجين ومن يدخلون بدون أوراق قانونية (غير الموثقين) الذين يلتمسون اللجوء لدى الحدود الأردنية السورية.
رغم أنه من المنتظر أن ينصبّ الاهتمام أثناء زيارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما إلى الأردن في 22 مارس/آذار 2013 على عدد اللاجئين السوريين الكبير الذين يرحب بهم الأردن ويستضيفهم منذ بداية الأزمة السورية في مارس/آذار 2011؛ فمن الواجب ألا يتم تجاهل رفض السلطات الأردنية لهذه الفئات من طالبي اللجوء الذين يفرون من العنف، على حد قول هيومن رايتس ووتش وعيادة هارفارد. لابد أن يسعى أوباما للحصول على ضمانات من الملك عبد الله الثاني بأن الأردن لن يرفض أي طالب لجوء على حدوده مع سوريا؛ إذ أن المخاطر التي تتهدد حياتهم في سوريا أكبر من إعادة أي شخص إلى هناك في الوقت الحالي.
وقال بيل فريليك، مدير برنامج اللاجئين في هيومن رايتس ووتش: "إن دعم الملك عبد الله لثلاثمائة وخمسين ألف لاجئ سوري يستحق إشادة الرئيس أوباما، لكن يجب ألا يتجاهل أوباما إجبار الأردن للاجئين وطالبي اللجوء الأردنيين على العودة إلى سوريا. يجب أن يقر الأردن بأن للجميع – بمن فيهم اللاجئين الفلسطينيين والرجال غير المتزوجين والأفراد غير الموثقين بأوراق قانونية – الحق في عدم الإعادة قسراً إلى سوريا لمواجهة خطر الموت والضرر الجسيم".
أجرت هيومن رايتس ووتش وعيادة هارفارد خلال رحلتين منفصلتين إلى الأردن ولبنان في يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط، مقابلات معمقة مع أكثر من 120 لاجئاً سوريا وفلسطينياً من سوريا. وثقت هيومن رايتس ووتش وعيادة هارفارد انتهاج الأردن سياسة إعادة بعض الأفراد إلى سوريا من على حدوده دون النظر إلى الخطر المحدق بهم. هذه السياسة تخرق مبدأ عدم الإعادة القسرية، وهو من مبادئ القانون الدولي، وهو المبدأ الذي يحظر على الحكومات إعادة اللاجئين وطالبي اللجوء إلى أماكن قد تتعرض فيها حياتهم وحريتهم للتهديد.
ليس عدد طالبي اللجوء الذين رُفض دخولهم لدى الحدود منذ بداية القتال في سوريا معروفاً بشكل دقيق. لكن الكثير من اللاجئين السوريين والفلسطينيين الذين قابلتهم هيومن رايتس ووتش وعيادة هارفارد في الأردن قالوا إنهم رأوا فلسطينيين ورجالاً غير متزوجين وأفراداً غير موثقين (ليس لديهم أوراق قانونية) من مجموعاتهم وقد مُنعوا من الدخول لدى الحدود أو أجبروا على العودة بعد فحصهم في مركز شرطة في المفرق وتبين من الفحص أنهم ينتمون إلى واحدة من الفئات المذكورة.
قال الشهود إن حرس الحدود حذروا أفراد هذه المجموعات بشكل صريح بأنهم لن يُسمح لهم بدخول الأردن، وأجبروهم في بعض الأحيان على العودة مباشرة إلى أماكن في سوريا تشهد مصادمات عنيفة دون أي اعتبار للخطر الذي يتهددهم. هناك رجل سوري متزوج من سيدة فلسطينية ذكر ما أخبره به ضابط دورية حدودية أردني عند الحدود في 16 ديسمبر/كانون الأول 2012:
"يمكنك الدخول لكن ليس مسموحاً لها بالدخول لأنها فلسطينية".. أخبرتهم بأن بيتنا احترق وليس لنا بيت نعود إليه. قال ضابط شرطة الحدود: "ليست هذه مشكلتنا". أخذت أتوسل إليه، وراحت زوجتي وأبنائي يتوسلون إليه ويبكون كي لا يعيدهم. قال: "هذا مستحيل" ثم وضعنا في عربة عسكرية أخذتنا إلى الحدود.
أعلن رئيس الوزراء عبد الله النسور بشكل صريح سياسة الأردن القاضية برفض دخول اللاجئين الفلسطينيين القادمين من سوريا. قال لصحيفة الحياة في أكتوبر/تشرين الأول: "هناك قرار أردني سيادي واضح وصريح بعدم عبور الإخوةالفلسطينيين من حملة الوثائق السورية إلى الأردن".
كما تبينت هيومن رايتس ووتش وعيادة هارفارد أن بعض طالبي اللجوء الفلسطينيين تمكنوا من دخول الأردن رغم خطر الإعادة القسرية إلى سوريا. وثقت هيومن رايتس ووتش وعيادة هارفارد منذ شهر سبتمبر/أيلول 2012 حالات إعادة ثمانية فلسطينيين على الأقل قسراً إلى سوريا من داخل الأردن.
تعرض محمود مرجان وزوجته وأولاده للإعادة القسرية من سايبر سيتي – وهي منشأة احتجاز في الأردن – إلى سوريا في 25 سبتمبر/أيلول. تم القبض على مرجان من بيته بعد 20 يوماً من إعادته قسراً إلى سوريا، وتم العثور فيما بعد على جثمانه ملقى في الشارع أمام بيت والده، وفيه إصابات برصاصات وآثار تعذيب.
يتواجد في سايبر سيتي – وهي قريبة من الرمثا شمالي الأردن – حوالي مائتي لاجئ فلسطيني، بالإضافة إلى عدد مماثل من اللاجئين السوريين. في منشأة الاحتجاز هذه، تُحدد إقامة جميع اللاجئين. لكن يتسم تعامل السلطات الأردنية بقدر أكبر بكثير من المرونة تجاه اللاجئين السوريين، وكثيراً ما تسمح لهم بالخروج لأسباب إنسانية، فيما لا يُسمح للاجئين الفلسطينيين بهذا الأمر إلا نادراً.
وقالت ميرا شاه، منسقة مناصرة حقوق الإنسان في عيادة هارفارد: "إن احتجاز الفلسطينيين في سايبر سيتي – وكذلك التمييز في المعاملة ضد الفلسطينيين والرجال غير المتزوجين الذي يؤدي إلى عدم استحقاقهم للجوء في الأردن – هو أمر يخرق التزامات الأردن الدولية". وأضافت: "ينبغي على الأردن أن يعامل هذه الفئات نفس معاملة طالبي اللجوء الآخرين الذين يفرون من القتال في سوريا".
كان هناك ما يُقدر بخمسمائة ألف لاجئ فلسطيني يعيشون في سوريا قبيل اندلاع النزاع هناك. ومثل باقي السكان في سوريا، عانى الفلسطينيون جراء العنف. قابلت هيومن رايتس ووتش وعيادة هارفارد فلسطينيين أفادوا بأنهم فروا من بيوتهم في سوريا بسبب القصف الجوي أو تدمير بيوتهم أثناء القصف المدفعي والإغارة بالقنابل. هناك آخرون تم استهدافهم شخصياً من قِبل الحكومة السورية، وتم القبض عليهم وتعرضوا لإساءات وتعذيب.
قال كثيرون إنهم اختاروا اللجوء في لبنان لأنهم يعرفون أن الحدود الأردنية مغلقة دونهم. أبقى لبنان حدوده مفتوحة أمام اللاجئين الفلسطينيين القادمين من سوريا، رغم أنه يطلب منهم دفع رسوم تأشيرة توازي 17 دولاراً عن كل فرد، وهو الإجراء الذي لا يُطلب من اللاجئين السوريين الذين يدخلون لبنان. يستضيف لبنان 32 ألف لاجئ فلسطيني من سوريا، طبقاً لتقديرات الأمم المتحدة.
للمزيد من تغطية هيومن رايتس ووتش للأردن:
https://www.hrw.org/ar/middle-eastn-africa/jordan
للمزيد من تغطية هيومن رايتس ووتش للاجئين:
http://www.hrw.org/topic/refugees
خلفية عن الإعادة القسرية من الأردن
رفض اللاجئين الفلسطينيين على الحدود السورية
باستثناءات نادرة، رفضت السلطات الأردنية على الحدود السورية عبور اللاجئين الفلسطينيين الذين لا يحملون الجنسية الأردنية. تبين أوراق الهوية السورية، بما فيها ما يسمى بـ"دفاتر العائلة"، إن كان حاملها فلسطينياً. وكان من المعروف وسط اللاجئين الذين أجرت معهم هيومن رايتس ووتش وعيادة هارفارد مقابلات، سواء كانوا سوريين أو فلسطينيين، أن الفلسطينيين يتعرضون للرفض على الحدود. وقد شهد عديد ممن أجريت معهم المقابلات شخصياً تعرض فلسطينيين كانوا يسافرون معهم للرفض على الحدود، بينما تعرض بعضهم للرفض هم أنفسهم:
"في منطقة الاستقبال سأل الضابط، ‘إذا كان هناك فلسطيني بينكم فأخبروني‘. نسي [اسم محجوب] وقال، ‘أنا فلسطيني‘. فأمسكوا به وأعادوه. أرسلوه إلى الطيبة، وهي مكان شديد الخطورة حيث يطلقون النار على الناس".
- رجل فلسطيني، 37 سنة، من المزاريب بدرعا
"على الحدود رأى ضابط الجيش الأردني أن معي دفتر عائلة زائف فألقى به في وجهي. ‘أنت فلسطيني. لا يمكنك الدخول‘. كنا مجموعة من حوالي 60 شخصاً. ولم يستوقف إلا أنا وزوجتي ورضيعي. وتمت إعادتنا إلى حيث أتى بنا الجيش السوري الحر [مقاتلو المعارضة المسلحون]".
- رجل فلسطيني، 23 سنة، من المزاريب بدرعا
"ذهبت إلى الحدود بجواز سفري وأوراقي ـ أنا مصرية-فلسطينية بوثيقة سفر من غزة. كنت بمفردي. فأعادوني ـ حدث هذا منذ نحو الشهر. لم يرغب [الأردنيون] في السماح لنا بالدخول، لكن وقعت مصادمات وأجبروا على السماح لنا بدخول نقطة التفتيش العسكرية. وهناك رأى ضابط أردني أوراقي فأعادني مع 10 عائلات فلسطينية أخرى. عدنا من حيث أتينا، حتى في وجود المصادمات. توسل الناس إلى الضابط كي يدخلنا، لكنه قال، ‘أنتم فلسطينيون، غير مرغوب فيكم هنا‘".
- سيدة فلسطينية، 37 سنة، من المزاريب بدرعا.
"حتى عند دخول البلاد كانوا يحسنون معاملتنا، لكنهم قالوا، ‘إذا شاء أحد أن يدخل ظناً منه أن بوسعه خداعنا، أي شخص بهوية زائفة أو رخصة قيادة زائفة أو هوية فلسطينية، فليرجع الآن حتى لا يقع تحت طائلة المساءلة‘. وكان هذا أمام 150 شخصاً، كل من يحمل هوية زائفة أو فلسطينية كان عليه أن يرجع".
- رجل فلسطيني، 22 سنة، من مخيم اليرموك بدمشق
وسط اللاجئين الفلسطينيين من سوريا الذين أجرت معهم هيومن رايتس ووتش وعيادة هارفارد مقابلات في لبنان في يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط 2013، كان معروفاً على نطاق واسع أن الحدود الأردنية مغلقة دونهم، مما حدا بالكثيرين منهم لطلب اللجوء في لبنان بدلاً من الأردن:
"تزوجت ابنتي من أردني، لكننا جئنا إلى لبنان لأن الأردن لا يرحب بالفلسطينيين".
- رجل فلسطيني، 50 سنة، من حي السيدة زينب بدمشق
"لا يسمح الأردن للفلسطينيين بالدخول، ولذا ذهبت إلى لبنان. بوسعك رؤية أناس تمت إعادتهم في درعا. قالوا لي إنهم أعيدوا لأنهم فلسطينيون".
- رجل فلسطيني، 20 سنة، من درعا
"ذهبت إلى الحدود الأردنية منذ نحو ثلاثة أشهر. قالوا لي إنني ممنوع من الدخول بأمر الملك عبد الله. رفضوا دخول أطفالي أيضاً. كنت مع سوري سمحوا له بالدخول... لا أعرف أحداً في لبنان، لكنني أشعر هنا بالأمان عما في اليرموك. أفضل النوم على الأرض على العودة إلى سوريا".
- رجل فلسطيني، 30 سنة، من اليرموك
في الأردن وسوريا تتحدد الجنسية، وكذلك وضع اللاجئ الفلسطيني، عن طريق الأب وحده. في الزعتري التقت هيومن رايتس ووتش وعيادة هارفارد بسيدة فلسطينية سمح لها بدخول الأردن مع زوجها السوري وأطفالها، وسيدة سورية سمح لها بجلب طفلها الفلسطيني معها. ويبدو أن تلك الحالات استثنائية وقد اتخذ القرار فيها على أساس فردي. في المقابل، كانت حكاية رجل فلسطيني عمره 37 سنة أكثر تمثيلاً لمن تحدثت معهم هيومن رايتس ووتش وعيادة هارفارد. وصف كيف عاملت السلطات الأردنية زوجته الفلسطينية على الحدود عند وصولهما مع أطفالهما الأربعة، الذين أصيب اثنان منهما بجراح جراء الشظايا عند سقوط قنبلة على منزلهما في المزاريب بدرعا:
اتسم الأردنيون على الحدود بالفظاظة. ضايقونا كثيراً لأن زوجتي فلسطينية. كان هناك نحو 50 شخصاً في مجموعتي. سألونا، "من فلسطيني؟ من عراقي؟" لم أخبرهم، لكن دفتر العائلة يقرر أن زوجتي لاجئة فلسطينية. ألقى بالدفتر من يده وقال، "ينبغي إعادة زوجتك. يمكنك المجيء، أما هي فممنوعة لأنها فلسطينية". قلت لهم إن منزلنا احترق تماماً وليس لنا منزل نعود إليه. فقال ضابط دورية الحدود، "هذه ليست مشكلتنا". توسلت إليه. كان زوجتي وأطفالي يتوسلون ويبكون لكي لا يعادوا. فقال، "مستحيل" ووضعنا في عربة عسكرية وأخذنا إلى الحدود.
ألقوا بنا على الحدود. فكررت القول، "ليس لنا مكان نذهب إليه". فدفعني جندي وقال، "لدينا ما يكفينا من الفلسطينيين، لا نريد المزيد". ولم يخطروا الجيش السوري الحر حتى يصحبنا عائدين. قلت لهم أن يمهلونا في انتظار الجيش السوري الحر فقال، "هذه ليست مشكلتنا" ودفعنا إلى الجهة الأخرى. كان الوقت ليلاً، ولم يعطونا ولو قنينة مياه. حدث هذا في تل شهاب. كنا نسمع اشتباكات قريبة.
عند دخولنا الأردن للمرة الثانية، تذكرني نفس الضابط وقال، "لقد أعدتك منذ يومين. لماذا أعدتك؟" قلت "لأن زوجتي فلسطينية". قلت له إنها عادت للإقامة عند أخيها. فتشوا بحثاً عنها وسط الآخرين في مجموعتنا، لكننا كنا مع مجموعة كبيرة من 2000 شخص، وقد غطت وجهها وحملت رضيع إحدى الجارات، وأخذت هوية سيدة سورية متوفاة.
وأضافت زوجته، التي تعيش الآن في الزعتري بهوية سورية زائفة، "أكبر مخاوفي هو أن يستبقوا أطفالي هنا ويعيدونني".
كما يقع رفض مقابل حين يكون الزوج والأطفال فلسطينيين والزوجة سورية. سرد رجل فلسطيني عمره 32 سنة ما حدث حين اقترب من الحدود الأردنية مع زوجته الحبلى، التي تحمل الجنسية السورية، وأطفالهما الثلاث، فتيات في أعمار 3 و4 و5 سنوات:
قال الجيش الأردني، "يمكن لزوجتك المجيء أما أنت وأطفالك فلا يمكنكم الدخول". فقلت لهم إننا نهرب من الموت. قلت، "من المستحيل بالنسبة لي أن أعود، اقتلوني الآن". فقال الضابط، "هذه ليست مشكلتنا. يجب أن تعود".
أخذت المخابرات العسكرية الأسرة، بمن فيها أقارب آخرين، إلى الحدود عند تل شهاب وأبعدتهم. فقضوا الـ18 يوماً التالية في محيط الـ200 متر الواقعة بين نقطتي مراقبة الحدود الأردنية والسورية:
في كل ليلة كان يتكرر نفس الشيء. في الواحدة صباحاً يأتون بنا في سيارة ويأمروننا بالعودة. فنرفض. فيتركوننا في منطقة مكشوفة وسط الشجر. ذات مرة دفعتنا المخابرات العسكرية بالأيدي، قائلين إن علينا أن نعود. استخدموا القوة البدنية مرة واحدة فقط. كانوا يصيحون فينا ويضايقوننا. أخذوا هواتفنا المحمولة. وفي مرة أطلق حرس الحدود السوري النار علينا حين كان أخي ذاهباً لإحضار الماء.
بعد ثمانية محاولات لإعادتنا، أرسلونا إلى وادي حياة، وهو واد بري وعر. كنا وسط الأشواك من الثامنة مساءً وحتي الثانية صباحاً. وكان الأطفال يبكون. ومع ذلك رفضنا العودة. فأخذونا عائدين إلى المخابرات العسكرية وسألونا بطريقة عدائية عن أحداث وقعت منذ 40 عاماً قبل أن نولد [مشيراً إلى الصدام المسلح في سبتمبر/أيلول 1970 بين الجيش الأردني ومقاتلين فلسطينيين، المعروف بأيلول الأسود]. شعرت بأنني مجرم، لكنني لم أدر ما هي جريمتي.
قال الرجل إنه خلال الـ18 يوماً في المنطقة بين الحدود السورية والأردنية التقى بفلسطينيين عالقين آخرين، منهم أسر أخرى نتجت عن زيجات مختلطة.
رأينا سيدة فلسطينية لها 8 أطفال ويبين دفتر عائلتها أن أطفالها سوريون. قالوا لها إن بوسع أطفالها الدخول أما هي فلا. فقضت يومين من المعاناة معنا على الحدود، ثم أخذت أطفالها الثمانية وعادت.
هناك سورية أخرى متزوجة من فلسطيني، وأجرت معها عيادة هارفارد مقابلة، سُمح لها بالدخول مع طفلتها الصغيرة، أما زوجها فقد رُفض:
"سمح لنا الضابط الأردني بالدخول، أنا وابنتي، لكنه أعاد زوجي. قال، ‘يستحيل السماح بدخولكم جميعاً. يمكنك الدخول أنت وابنتك لكن الفلسطينيين ممنوعون‘. وعرفنا خبر منع الفلسطينيين من الدخول. كنا قد أتينا بدفتر عائلة وأوراق هوية فلسطينية. حين شاهدوا الأوراق قالوا إننا لا نستطيع الدخول".
- سيدة سورية، 19 سنة، متزوجة من فلسطيني، من عتمان بدرعا
حاول زوجها العبور مرة ثانية، لكنه أعيد مجدداً.
رفض الرجال غير المتزوجين والأشخاص غير الموثقين
يتعرض الرجال من طالبي اللجوء على الحدود الأردنية، الذين لا يصحبهم أفراد آخرون من عائلاتهم، وكذلك الأشخاص غير الموثقين، للرفض الروتيني. رغم أن أغلبية ساحقة من اللاجئين السوريين الذين أجرت معهم هيومن رايتس ووتش وعيادة هارفارد المقابلات في مخيم الزعتري قالوا إنهم قوبلوا بترحيب كبير ومعاونة من الجيش الأردني، إلا أن معظمهم قالوا أيضاُ إن الجنود الأردنيين أو سلطات الحدود رفضت الرجال غير المتزوجين والأشخاص غير الموثقين الذين كانوا في مجموعات عند بلوغ الحدود:
"أعادوا كل رجل غير متزوج. من مجموعتنا التي يبلغ قوامها 80 شخصاً، أعادوا ستة أو سبعة. رفضوا الأشخاص غير الموثقين. لم يكن هناك فلسطينيون في مجموعتنا".
- رجل سوري، 33 سنة، من دوما، وصل في 31 يناير/كانون الثاني 2013
"تم استيقاف الرجال غير المتزوجين وكل من لا يحمل بطاقة هوية. سُمح للعائلات بالمرور. في مجموعتنا التي تبلغ 50 شخصاً، لم يُسمح لسبعة أشخاص بالمرور".
- رجل سوري، 37 سنة، من داريا، وصل في 2 فبراير/شباط 2013
"على الحدود أعيد 100 من مجموعتنا التي تبلغ 500 شخص. كان المستبعدون غير متزوجين وفلسطينيين ومتزوجين بدون دفتر عائلة".
- رجل سوري، 21 سنة، من درعا، وصل في 25 يناير/كانون الثاني 2013
"رحبت بنا دورية الحدود الأردنية وقبّلونا... أعادوا بعض الناس. كان أحدهم غير متزوج، وقيل له إن المجيء للعائلات فقط. والآخرون لم تكن معهم أوراق فتم استبعادهم".
- رجل سوري، 40 سنة، من دوما، وصل في 5 فبراير/شباط 2013
قال رجلان سوريان إنهما استبعدا على الحدود من قبل إلى أن تمكنا من إحضار والدتيهما معهما. قالت أم أحد هذين الرجلين، "حاول ابني مرتين [دخول الأردن] واستبعد في المرتين. فأتيت حتى نتمكن من العبور كعائلة".
وهناك رجل سوري ثالث كانت أمه تعيش في الأردن بالفعل فعادت إلى الحدود حتى تعبر معه فلا يظل في عداد الذكور غير المتزوجين. قال الرجل، "أخذني الجيشالأردني إلى مركز الأمن التابع للشرطة. قلت لهم إن أمي هنا ومعي اسمها. فعثروا عليها وأدخلوني. لولا وجود أمي هنا لأعادوني".
تعرض أردني فلسطيني عمره 19 عاماً، فر من اليرموك مع أخيه وأخته المتزوجة وزوجها، بعد سقوط القنابل على منزلهم ومقتل أبيه، تعرض للرفض لكونه غير متزوج، كما حدث مع أخيه، إلى أن تدخلت أمه التي تحمل الجنسية الأردنية:
على الحدود رحب بنا الجيش الأردني في البداية وأعطونا الطعام والماء، بكل تهذيب وود. ثم أخذونا إلى مركز شرطة المفرق. قلت لهم إنني جئت مع أختي وزوجها وأخي، وإن أمي مواطنة أردنية تعيش في الأردن. فقالوا، "لا يمكن اعتبار أختك عائلتك لأنها متزوجة وتنتمي إلى عائلة زوجها، وبالتالي فإنك أنت وأخاك غير متزوجين وعليكما العودة إلى سوريا". وضعوا 21 شخصاً على الحافلة، كلهم من الرجال غير المتزوجين، لإعادتنا إلى سوريا. كنا الفلسطينيين الوحيدين. وصلت أمي إلى الحافلة مباشرة قبل تحركها لتعود بنا إلى الحدود.
الإعادة القسرية لفلسطينيين من داخل الأردن
رغم مصاعب عبور الحدود إلا أن عددا صغيراً نسبياً من الفلسطينيين القادمين من سوريا (4569 حتى 8 مارس/آذار)، بحسب تقديرات الأمم المتحدة، تمكن من دخول الأردن. دخل بعض هؤلاء الفلسطينيين في بداية الأزمة، حين كان الأردن على ما يبدو يتبع سياسة أكثر تسامحاً. ويتمتع آخرون بالجنسية الأردنية وقد عبروا إلى داخل الأردن من المعابر الرسمية.
كما وثقت هيومن رايتس ووتش وعيادة هارفارد حالات لفلسطينيين قادمين من سوريا دخلوا بهويات سورية زائفة. في حالات نادرة تم السماح لفلسطينيين بالدخول بسبب كثافة الاشتباكات على الحدود بوجه خاص في توقيت عبورهم، أو لأنهم جرحى، أو لوجود فلسطينية متزوجة من سوري وأطفالهما سوريون. ومع ذلك ففور دخول الأردن، يعيش الفلسطينيون القلائل الذين تمكنوا من الدخول في خوف مقيم من الإعادة إلى سوريا. وكما قال فلسطيني في مخيم الزعتري، "إذا علموا بأمري سيعيدونني في اليوم نفسه".
وثقت هيومن رايتس ووتش وعيادة هارفارد ثمانية تقارير ذات مصداقية عن فلسطينيين قادمين من سوريا تتم إعادتهم قسراً من داخل الأراضي الأردنية. وتثير هذه الحالات المخاوف من تورط الأردن في ممارسة أوسع نطاقاً للإعادة القسرية من داخل حدوده إلى سوريا، حيث يواجه المعادون خطراً جدياً من الإيذاء الجسيم أو الاضطهاد، وفي هذا انتهاك لكل من مبدأ القانون الدولي العرفي الذي يقضي بعدم الإعادة القسرية، والتزامات الأردن التعاهدية.
من حالات الإعادة القسرية المعروفة حالة الإعادة القسرية لمحمود مرجان وزوجته وأطفاله في 25 سبتمبر/أيلول. كان مرجان فلسطينياً يعتبره حراس سايبر سيتي أيضاً عنصراً مثيراً للشغب. هناك جدل يدور حول ما إذا كان قد أرغم على توقيع نموذج إعادة توطين طوعي، وما إذا كان قد واصل الإصرار على رفضه للعودة في أثناء إبعاده. قال واحد ممن أجريت معهم المقابلات إنه تحدث مع مرجان هاتفياً أثناء إعادته، وإن مرجان قال إنه لا يريد العودة وإن السلطات التي أخذته إلى الحدود هددته بإطلاق النار عليه إذا لم يواصل السير عائداً إلى سوريا.
قتل مرجان في منزله في سوريا بعد 20 يوماً، في 15 أكتوبر/تشرين الأول، بعد أن اقتحم مسلحون منزله وأطلقوا النار على ساقه في وجود زوجته وأطفاله، وسحبوه إلى سيارة. في موعد لاحق من نفس اليوم، تم إلقاء جثته، وعليها آثار تعذيب، في الشارع أمام منزل أبيه.
أعيدت سيدة فلسطينية أخرى من سايبر سيتي قسراً إلى سوريا في نفس اليوم مع مرجان وأسرته. كان قد خصص للسيدة نفس الغرفة في مقر الاحتجاز مع سيدتين سوريتين. وأفادت واحدة ممن أجريت معهم المقابلات إن السيدات الثلاث تعرضنللمتاعب مع سلطات المخيم. "تعرضن للضرب [من قبل سلطات المخيم] والاتهامبسوء السلوك... طلبت الشرطة رؤيتهن عند منتصف الليل ووجه رجالها إليهن السباب وقرروا أن [الفلسطينية] مجنونة فأرسلوها إلى مركز علاجي للمجانين". بقيت السيدة عدة أشهر في المركز العلاجي قبل إعادتها إلى سايبر سيتي، حيث بقيت لمدة أسبوع قبل إعادتها قسراً إلى سوريا في سبتمبر/أيلول.
وبحسب شهادات عن الإعادة القسرية واردة من داخل الأردن، قامت السلطات الأردنية بإعادة بعض اللاجئين الفلسطينيين إلى أوضاع خطيرة بالمنطقة الملاصقة للحدود التي كان يجري إعادتهم إليها:
"في [تاريخ محجوب] قامت المخابرات العسكرية [الأردنية] بأخذ[أسماء محجوبة] إلى الحدود وضربتهم ودفعتهم عبر الحدود. أشهروا السلاح وأجبروا [اسم محجوب] على العبور. بقي [اسم محجوب] لمدة 3 أيام [بين نقطتي المراقبة الحدوديتين السورية والأردنية] ينام وسط الصخور. أطلق الجيش السوري قذائف الهاون عليهم. أصيب [اسم محجوب]. أطلق قناص النار عليه فسقط وكسر ساقه. وهم الآن مشردون داخل سوريا بسبب احتراق منزلهم. كما أن الجيش الأردني أخذ كل أوراقهم ولم يردها إليهم".
- رجل فلسطيني [تفاصيل التعريف محجوبة]
من حالات الإعادة القسرية الأخرى حالة رجل سجلت هيومن رايتس ووتش اسمه ورقم جنسيته الأردنية إلا أنها تخفيهما هنا لحمايته. إنه فلسطيني من مخيم السبينة للاجئين في سوريا بهوية أردنية منتهية الصلاحية كانت تشمل رقم جنسيته، بما يدل على كونه مواطن أردني وقد غادر الأردن في مطلع سبعينيات القرن العشرين ـ إبان أيلول الأسود ـ حين كان في الرابعة من عمره. دخل الرجل الأردن للمرة الأولى في صيف عام 2012 دون مشاكل، وذهب إلى الزعتري و"خرج بكفالة" (أي سمح له بمغادرة المخيم حين ضمنه مواطن أردني) وأقام في إربد. ذهب الرجل لتجديد وثائق هويته فأرسل إلى المخابرات المركزية بعمان، حيث تم تعصيب عينيه وتقييد يديه وإرساله إلى سجن الأمن العام بجرش. ومن هناك نقل إلى سايبر سيتي، إلا أنه تم رفضه لأنهم اعتبروه أردنياً، وأعيد إلى الزعتري، ومن هناك وضع على حافلة عبرت به الحدود عائدة إلى سوريا في فبراير/شباط 2013.
بعد ثلاثة أيام عاد الرجل إلى الحدود الأردنية وحاول الدخول ثانية. فأخذ إلى المخابرات العسكرية حيث استمر استجوابه طوال الليل وأرغم على الوقوف طيلة الوقت. كان المحقق شديد العدوانية. قال له، "قُتل أبي في أيلول الأسود. سأثأر لموته". وأعادوه إلى سوريا مرة ثانية بالقرب من الطيبة. كانت المنطقة التي أعيد إليها "منطقة خطيرة" وبعد عودته القسرية بقليل سقطت قذيفة هاون بالقرب منه، بحسب مصدر ظل على اتصال معه. كان آخر ما عرف عنه أنه في سوريا.
وتثير هذه التقارير الأسئلة حول تصريحات وزير الداخلية الأردني التي تفيد بأن الأشخاص لا يعودون إلا طوعاً. قال صالح الكيلاني منسق شؤون اللاجئين لـ عيادة هارفارد: "إنهم [اللاجئون] يقولون، ‘أود العودة طواعية‘. وكل من يريد العودة عليه توقيع ورقة أمام المفوضية السامية لشؤون اللاجئين ومنظمة الهجرة الدولية تفيد بأنه يريد العودة".
إلا أن هيومن رايتس ووتش وعيادة هارفارد تحدثتا مع أشخاص قالوا إن هذه التوقيعات لم تكن دائماً طوعية. وصف أحد الأشخاص عودة أحد أقاربه القسرية إلى سوريا:
"أجبرتهم المخابرات العسكرية على توقيع طلب بالعودة، تحت تهديد السلاح... أجبروهم على التوقيع بحيث لا تقع على السلطات أي مسؤولية، فهم يريدون منهم التوقيع بحيث إذا سألهم الصليب الأحمرأو هيومن رايتس ووتش لماذا [أعيدوا إلى سوريا]، يمكن لهم القول بأنهم ‘وقعوا على طلب‘".
- رجل فلسطيني، السن والمكان محجوبان
تنتهك الإعادة القسرية إلى حيث يوجد خطر جدي من الانتهاكات مبدأ عدم الإعادة، وأي شخص يزعم التعرض لمثل هذا الخطر يستحق فحص حالته على نحو فردي.
الفلسطينيون يفرون من النزاع ومن الاضطهاد
مثلهم مثل غيرهم في سوريا، عانى الفلسطينيون جراء النزاع، والشهادات التي جمعتها هيومن رايتس ووتش وعيادة هارفارد تشدد على فرار بعض الفلسطينيين بعد التعرض للاعتقال والتعذيب، وفرار غيرهم من قصف منازلهم ومن الاشتباكات العنيفة في مدنهم وقراهم وما حولها:
"لم يميز النظام بين السوريين وغير السوريين حين بدأ القصف... أصبت في ساقي... بالنسبة للنظام السوري، يعتبر كل من أصيب محتجاً لهذا السبب... اعتقلني الأمن لمدة 3 شهور... كان جندي يدخل كل ساعتين أو ثلاث ويصيح فينا. كانت أرجلنا تتورم من كثرة الضرب، وتتساقط أظافر أقدامنا... نقلت إلى مستشفى عسكري بعد عدة أسابيع. على سرير [المستشفى] يتم تقييد ساقيك وتعصيب عينيك، ولا تدري من الذي يضربك..."
- رجل فلسطيني، 38 سنة، من أطراف درعا
"تم تدمير منزلي، واضطررنا للانتقال إلى مكان آخر. وبعد 3 أشهر هاجمنا الشبيحة [العصابات الموالية للحكومة]. حملت بندقية للدفاع عن حيي. كنت مدنياً أجبر على حمل السلاح للدفاع عن كرامتنا. حين أصبت بالرصاص للمرة الأولى أصبت برصاصتين في الردف. أخذت إلى مستشفى حمص، لكن الشبيحة جاءوا إلى المستشفى واعتقلوا كافة المصابين.
"أخذوني إلى المخابرات العسكرية، معصوب العينين ومقيد اليدين، ووضعوني في زنزانة صغيرة. كنت معلقاً من السقف بسلسلة، على طريقة "الشبْح" في التعذيب. لا أذكر المدة، فقد كنت مشوش الذهن. استعملوا الصدمات الكهربية على إصابتي 5 مرات. والآن اسود الجلد تماماً حول ثقوب الرصاص [يستعرض الندوب]. تحت التعذيب، قلت ما أرادوا مني قوله. قلت إن الإرهابيين أطلقوا عليّ النار. قالت لي المخابرات العسكرية، ‘أنت فلسطيني، أجنبي، ولا يصح أن تتورط‘. حبسوني لمدة شهرين، وخرجت بالرشوة".
- رجل فلسطيني، 32 سنة، من كرم الزيتون بحمص
"في البداية كانت طلقات نارية فقط، رصاصات عادية. ثم بدأت قنابل الهاون؛ كانت تصيب السطح لكن الناس بالداخل يظلون بخير. ثم انطلقت الصواريخ، وكانت تنفجر بداخل المنازل؛ ماتت عائلات كثيرة داخل منازلها. قررت الرحيل من أجل أطفالي ولأننا كنا بلا مأوى؛ فقررنا المجيء إلى الأردن".
- رجل سوري متزوج من فلسطينية، 44 سنة، من محافظة درعا
تدمر منزلنا بفعل قنبلة. أصيب ابني بشظية في ساقه؛ ولدى ابنتي شظايا في ذراعها".
- سيدة فلسطينية، 35 سنة، من المزاريب بدرعا
"جيء بجرحى كثيرين من درعا إلى مستشفى مخيم المحطة [للاجئين الفلسطينيين]ٍ، ولذا هاجمونا [القوات الحكومية]. أعدموا أشخاصاً في شارعنا. تم تجريد أحمد الكوة، حوالي 37 سنة، لاجئ فلسطيني من المحطة، من ملابسه وإعدامه. وظلت جثته في الشارع لمدة يومين. كان كل من يذهب لجلب الجثة يتعرض للنيران من قناص. كما أعدم في شارعنا أحمد الحلافي، حوالي 25 سنة، وأحمد أبو حمدي، حوالي 24 سنة، وأحمد مهاوش، في أواخر الثلاثينات، الذي أصيب بالرصاص وهو يحاول الجري من منزله في أواخر أكتوبر/تشرين الأول. في حينا كنا ندفن الناس في باحات المنازل الخلفية. ثم فررنا إلى اليرموك [مخيم اللاجئين بدمشق]".
- سيدة فلسطينية، 34 سنة، من مخيم المحطة للاجئين
التزامات الأردن بموجب القانون الدولي
عدم الإعادة في قانون اللاجئين هو المبدأ المندرج ضمن القانون الدولي العرفي والذي يقضي بأنه لا يجوز لدولة أن تعيد لاجئاً أو طالب لجوء إلى بلد تتعرض فيه حياته أو حريته للتهديد بسبب العرق أو الديانة أو الجنسية أو الانتماء إلى فئة اجتماعية أو إلى رأي سياسي معين. كما أن وضع اللاجئ إشهاري ـ أي أنه اعتراف بتوافق شخص ما مع تعريف اللاجئ، وليس مكانة تكتسب. وعلى هذا فإن المبادئالأساسية لحماية اللاجئين تنطبق على أولئك الذين لم يتم الاعتراف بهم رسمياً مثل انطباقها على اللاجئين المعترف بهم.
ورغم أن الأردن ليس طرفاً في اتفاقية اللاجئين لسنة 1951 أو ملحقها لسنة 1967 فإنه ملزم مع ذلك بحكم القانون الدولي العرفي بعدم إعادة اللاجئين إلى مكان يتهدد الخطر فيه حياتهم أو حريتهم. وقد تبنت اللجنة التنفيذية للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين ـ والأردن عضو فيها ـ تبنت الاستنتاج رقم 25 في 1981 الذي يعلن أن "مبدأ عدم الإعادة... يكتسب بالتدريج طبيعة حكم قطعي من أحكام القانون الدولي".
وينطبق التزام الدولة بعدم الإعادة على ترابها كما ينطبق على حدودها. في اجتماع اللجنة التنفيذية للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين في أكتوبر/تشرين الأول 2004، أصدرت اللجنة الاستنتاج رقم 99، الذي يدعو الدول إلى ضمان "الاحترام التام للمبدأ الأساسي المتمثل في عدم الإعادة، بما فيه عدم الرفض على الحدود دون سبيل إلى إجراءات نزيهة وفعالة لتحديد الوضع واحتياجات الحماية". ويلاحظ هذا الرأي الختامي صراحةً أن الالتزام بعدم الإعادة ينطبق على الرفض على الحدود ويدعو إلى إجراءات نزيهة وفعالة لتحديد الوضع واحتياجات الحماية. غير أن هذه الإجراءات غائبة حالياً عن الحدود التي تستقبل الوافدين من سوريا في الأردن،وأعداد الوافدين الهائلة تجعل تحديد وضع اللاجئين بشكل فردي غير مجدي في الوقت الراهن.
شخصت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين الوضع السوري بأنه "نزوح جماعي هائل للاجئين". وينص استنتاج اللجنة التنفيذية للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين رقم 22 لسنة 1981 بشأن حماية طالبي اللجوء في أوضاع التدفق واسع النطاق ـ مثل أوضاع القادمين من سوريا حالياً ـ ينص على أنه:
في أوضاع التدفق واسع النطاق، يجب السماح بدخول طالبي اللجوء إلى الدولة التي يطلبون اللجوء إليها أولاً، وإذا عجزت تلك الدولة عن إدخالهم على أساس مستديم فعليها دائماً إدخالهم على أساس مؤقت على الأقل... ويجب السماح بدخولهم دون أي تمييز من حيث العرق أو الديانة أو الرأي السياسي أو الجنسية أو البلد الأصلي أو القدرة البدنية. وفي كافة الأحوال تنبغي مراعاة المبدأ الأساسي المتمثل في عدم الإعادة ـ بما فيه عدم الرفض على الحدود ـ بكل تدقيق.
إن النتائج العملية لتطبيق مبدأ عدم الإعادة على الحدود تلزم الأردن بالسماح لطالبي اللجوء الوافدين كجزء من نزوح جماعي فراراً من انتهاكات واسعة النطاق لحقوق الإنسان ومن العنف المعمم، السماح لهم بدخول البلاد، ولو مؤقتاً، لضمان عدم عودة أحد إلى الاضطهاد.
وعلاوة على التزامات القانون الدولي العرفي، فإن الأردن دولة طرف في اتفاقية مناهضة التعذيب، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، واتفاقية حقوق الطفل، التي تشمل كلها التزامات تتعلق بعدم الإعادة، حيثما كانت إعادة فرد تمثل خطراً جدياً بانتهاك أحد حقوق الإنسان الأساسية، كالتعذيب أو المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. كما أن حكومة الأردن وافقت مراراً على تعزيز التزامها بعدم إعادة طالبي اللجوء. في مذكرة التفاهم التي وقعها الأردن مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في أبريل/نيسان 1998، وافق الأردن:
بغرض حماية مؤسسة اللجوء في الأردن، وتمكين المفوضية السامية لشؤون اللاجئين من التصرف بمقتضى تفويضها... تم الاتفاق... على ضرورة احترام مبدأ عدم الإعادة، وعدم إعادة أي لاجيء يطلب اللجوء إلى الأردن إلى بلد يتهدد الخطر فيه حياته أو حريته بسبب عرقه أو ديانته أو جنسيته أو انتمائه إلى فئة اجتماعية معينة أو إلى رأي سياسي.
وحينما قدم الأردن ترشيحه لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بتاريخ 20 أبريل/نيسان 2006، تقدم للأمم المتحدة رسمياً بتعهداته والتزاماته بتعزيز وحماية حقوق الإنسان، فقال:
قدم البلد على مدار العقود الماضية المأوى والحماية إلى موجات عديدة من اللاجئين؛ ويكرر الأردن التزامه، كبلد قديم العهد بالاستضافة، بالوفاء بالتزاماته اتفاقاً مع مباديء القانون الدولي للاجئين بما فيها المبادئ القطعية، علاوة على القانون الدولي لحقوق الإنسان.
وكرر الأردن التزامه في مارس/آذار 2012 أمام لجنة الأمم المتحدة للقضاء على التمييز العنصري، حيث نُقل عن الوفد الأردني قوله "رغم أن هذا البلد لم يكن بين الموقعين على اتفاقية 1951 المتعلقة بوضع اللاجئين إلا أنه اعترف على الدوام بالمعايير القطعية للقانون الدولي للاجئين وعززها، وبالأخص مبدأ عدم الإعادة".
إن تصريحات الأردن تعترف رسمياً بأن حماية اللاجئين هي التزام، وبأنه حريص على الوفاء بهذا الالتزام، الذي يشمل الالتزام بالمعايير القطعية (أي القانون العرفي). وأكثر تلك المعايير جوهرية، بالنسبة للاجئين، هو مبدأ عدم الإعادة القسرية.