(بيروت) – قالت "هيومن رايتس ووتش" في رسالة أرسلتها إلى رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي إن على الحكومة العراقية أن تتعهد بمنع عناصر القوات المسلحة المتورطة في انتهاكات لقوانين الحرب من المشاركة في العمليات المُخطط لها ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" المسلح والمتطرف (المعروف أيضا باسم "داعش") في الموصل.
يجب أن يكون من بين الممنوعين من المشاركة عناصر "قوات الحشد الشعبي" وهي مجموعة من القوات المسلحة المتحالفة مع الحكومة. كما أن على الحكومة ضمان حماية الحقوق الأساسية وعدم التمييز في الفحص الأمني واحتجاز الأسرى أثناء عمليات الموصل. ما زال ما يُقدر بـ 1.2 مليون مدني متواجدين في الموصل، ثاني أكبر مدن العراق، التي سيطر عليها داعش في يونيو/حزيران 2014.
قالت لمى فقيه، نائبة مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: "عانى المدنيون في الموصل لأكثر من سنتين في ظلّ حكم داعش، وقد يواجهون أعمال تنكيل وانتقام إذا استرجعت الحكومة المدينة، رغم أنهم يحتاجون إلى الدعم والمساعدة. آخر شيء يمكن أن تسمح به السلطات هو أن تقوم قوات متورطة في ارتكاب انتهاكات بتنفيذ هجمات انتقامية في مناخ من الإفلات من العقاب".
في أحدث عملية ضد داعش لاستعادة السيطرة على الفلوجة في مايو/أيار 2016، أبرزت بحوث هيومن رايتس ووتش أن عناصر الحشد الشعبي وما لا يقل عن عنصر واحد من الشرطة الاتحادية العراقية، قد ضربوا رجالا تم أسرهم، وعذبوهم وأعدموهم ميدانيا، مع إخفاء مدنيين قسرا بينهم أطفال، واللجوء إلى تشويه الجثامين. كما كشفت هيومن رايتس ووتش في الماضي عن انتهاكات واسعة ارتكبتها قوات الحشد الشعبي، منها تعمد تدمير ونهب ممتلكات للمدنيين في العلم وأميرلي والبوعجيل والدور، وأجزاء من تكريت، بعد استعادة السيطرة على تلك المناطق من داعش في مارس/آذار وأبريل/نيسان 2015.
على العبادي أن يمنع القوات المسلحة التي يقودها أو يسيطر عليها والتي تورطت في انتهاكات لقوانين الحرب – ومنها "كتائب بدر" و"كتائب حزب الله" وجماعات أخرى ضمن الحشد الشعبي – من المشاركة في العمليات المزمع تنفيذها لاستعادة الموصل. على السلطات اتخاذ تدابير لحماية المدنيين الهاربين والمتواجدين في المخيمات من الهجمات الانتقامية.
وثقت هيومن رايتس ووتش تجنيد الأطفال من قبل ميليشيتين قبليتين مدعومتين من الحكومة ("الحشد العشائري") وتشاركان في القتال ضد داعش. على الحكومة العراقية وقف التعامل مع الجماعات المسلحة التي تجند الأطفال، والتي لم تسرّحهم من صفوفها.
على السلطات العراقية محاسبة المقاتلين والقادة في صفوف قوات الأمن العراقية والميليشيات على أية انتهاكات تُرتكب أثناء العمليات العسكرية، وأن تعلن نتائج التحقيقات في تلك الانتهاكات.
في ضوء الانتهاكات التي شهدتها العمليات السابقة الخاصة باستعادة مناطق تخضع لسيطرة داعش، قدمت هيومن رايتس ووتش للعبادي أيضا توصيات لمنع وقوع انتهاكات أثناء أية أعمال فحص واحتجاز على صلة بعملية الموصل. إذا أعدت القوات العراقية والقوات الكردية الموالية لها مراكز لفحص مغادري الموصل، يجب أن تكون تحت إشراف قوات الأمن العراقية أو قوات حكومة إقليم كردستان فقط، وليس أية قوات مسلحة ارتكبت انتهاكات. على السلطات أن تضمن ألا تتجاوز عمليات الفحص هذه ساعات قليلة، وأن أي شخص يطول احتجازه يُعامل كمُحتجز وتُكفل له كل تدابير حماية المحتجزين بموجب القانونين العراقي والدولي. يجب ألا يُفترض انتماء أي شخص إلى داعش أو أن يُشتبه به في نشاط مُجرّم بسبب الجنس أو السن أو الطائفة الدينية أو الأصل القبلي.
أعربت هيومن رايتس ووتش عن قلقها من أن القانون العراقي يحدد سن المسؤولية الجنائية بتسع سنوات. إذا فحصت السلطات الأطفال الذين يغادرون الموصل واشتبهت في أن بعضهم قد جُندوا أو استخدموا كجنود من قبل داعش، فلابد أن تتركز معاملتهم على إعادة التأهيل وإعادة الدمج بالمجتمع، لا الاحتجاز أو الملاحقة القضائية.
على السلطات العراقية أن تُخطر المحتجزين سريعا بأية اتهامات منسوبة إليهم وأن تمنحهم فرصة للطعن الفوري في قانونية احتجازهم أمام هيئة قضائية مستقلة، كما يتطلب القانون العراقي. على السلطات أن تسمح لمراقبين حماية مستقلين بالوصول إلى جميع مراكز الفحص والاحتجاز.
منذ عملية الفلوجة رفضت حكومة العبادي الإعلان عن أية معلومات عن عدد القتلى والأسرى أثناء العملية أو بعدها، رغم طلبات متكررة من هيومن رايتس ووتش بالاطلاع على هذه المعلومات. على السلطات أن تعلن عن أعداد المقاتلين والمدنيين القتلى والأسرى نتيجة للنزاع مع داعش، وأن تعلن الاتهامات المنسوبة إلى المحتجزين.
قالت فقيه: "على المسؤولين العراقيين الذين يديرون مراكز الفحص ومنشآت الاحتجاز أن يأخذوا في اعتبارهم مدى هشاشة حال المدنيين الفارين من القتال، وأن يعاملوهم بعناية واحترام مع افتراض البراءة إلى أن يثبت العكس".