(نيويورك) - قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن ترشح السعودية وروسيا لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة موضع شك شديد، بسبب الهجمات غير القانونية الواسعة التي يشنها البلدان على المدنيين في اليمن وسوريا على التوالي. ستجرى الانتخابات السنوية لعضوية مجلس حقوق الإنسان المؤلف من 47 دولة في الجمعية العامة في 28 أكتوبر/تشرين الأول 2016.
قبول طلبيّ إعادة انتخاب السعودية وروسيا سيكون مخالفا للمعايير الأساسية التي أنشئ بموجبها مجلس حقوق الإنسان منذ 10 أعوام، ويشكل خطرا على مصداقيته وقدرته على مساءلة المنتهكين. على الدول الأعضاء في الأمم المتحدة أخذ ذلك في عين الاعتبار عند النظر في الاختيار الذي سيقومون به. أعربت هيومن رايتس ووتش أيضا عن قلقها الجدي بشأن سجليّ الصين ومصر الحقوقي السيّئين، من بين دول أخرى تتنافس على عضوية المجلس لمدة 3 سنوات.
قال لويس شاربونو، مدير قسم الأمم المتحدة في هيومن رايتس ووتش: "قدرة مجلس حقوق الإنسان الأممي على فضح ومحاسبة الجناة بنجاح مهددة، لأن عددا من البلدان تستخدمه لإحباط محاولات فضح جرائمها وتجاوزاتها. مسؤولية انتخاب أعضاء ملتزمين حقا بتحسين حقوق الإنسان تقع على عاتق كل بلد من البلدان الأعضاء في الأمم المتحدة، والسعودية وروسيا لا تحترمان المُثل التي يقوم عليها المجلس".
في المجموعة الأفريقية، تتنافس مصر، ورواندا، وجنوب أفريقيا، وتونس ضمن لائحة مغلقة تضمن عمليا الفوز للجميع. والشيء نفسه ينطبق على مجموعة آسيا والمحيط الهادئ التي تسعى فيها الصين، والعراق، واليابان، والسعودية إلى الحصول على المقاعد الأربعة المتاحة. وفي المجموعة الغربية تتنافس المملكة المتحدة والولايات المتحدة دون معارضة. في أوروبا الشرقية تسعى كل من كرواتيا، والمجر، وروسيا إلى أحد المقعدين المتاحين. وفي مجموعة أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي تتنافس البرازيل، وكوبا، وغواتيمالا على مقعدين.
على الدول الأعضاء في الأمم المتحدة أن تضع حدا للوائح المغلقة، ووقف تبادل الأصوات، وأن تقول بصراحة إن الدول المنتخبة يجب أن تتوقع فحص متزايدا لسجلاتها الحقوقية خلال فترة عضويتها في المجلس.
في يونيو/حزيران 2016، دعت هيومن رايتس ووتش و"منظمة العفو الدولية"، مع ائتلاف واسع من المنظمات غير الحكومية، إلى تعليق عضوية السعودية في مجلس حقوق الإنسان بسبب الهجمات غير المشروعة العديدة التي شنها التحالف بقيادة السعودية على المدنيين في اليمن. ومنذ ذلك الحين، استمر عدد القتلى المدنيين نتيجة غارات التحالف الجوية العشوائية في الارتفاع. قتل أو جرح أكثر من 11000 مدني منذ مارس/آذار 2015، معظمهم في غارات التحالف الجوية. في أوائل 2016، هددت السعودية بسحب الأموال من برامج هامة للأمم المتحدة، لإجبار أمين عام المنظمة بان كي مون على إزالة التحالف من "قائمة العار" بسبب قتل وتشويه الأطفال، ومهاجمة المدارس والمستشفيات في اليمن.
قالت هيومن رايتس ووتش إن تجاهل روسيا الفاضح لأرواح المدنيين في سوريا يجعلها غير صالحة للعمل في المجلس. تحالفت روسيا مع الحكومة السورية لأكثر من عام، ونفذت ضربات جوية لدعم القوات المسلحة السورية التي قتلت وجرحت، بشكل عشوائي، عددا لا يحصى من المدنيين. وثقت هيومن رايتس ووتش العمليات العسكرية السورية-الروسية المشتركة التي استخدمت فيها ذخائر عنقودية محظورة دوليا وأسلحة حارقة في مناطق سورية مأهولة بالسكان، في انتهاك لقوانين الحرب.
تشارك روسيا في حملة قصف تصعيدية في حلب تعرض حياة حوالي 250 ألف مدني، بينهم العديد من الأطفال، لخطر داهم. استخدمت روسيا أيضا عضويتها في مجلس حقوق الإنسان لتقويض المعايير الدولية، ساعية إلى سمو "القيم التقليدية" التي تقرها الحكومات على حقوق الإنسان العالمية، وأدخلت عشرات التعديلات على قرارات المجلس في محاولة للقضاء على مفهوم المدافعين عن حقوق الإنسان، ولجأت لوسائل إجرائية لخنق النقاش.
بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 60/251، الذي أنشأ مجلس حقوق الإنسان، على الدول الأعضاء في الأمم المتحدة أن تراعي "إسهام المرشحين في تعزيز وحماية حقوق الإنسان" وأن يتحلى الأعضاء المنتخبون في المجلس "بأعلى المعايير في تعزيز وحماية حقوق الإنسان وأن يتعاونوا مع المجلس تعاونا كاملا".
قالت هيومن رايتس ووتش إنه، قياسا على هذه المعايير، لا تنتمي روسيا ولا السعودية لمجلس حقوق الإنسان، بالإضافة إلى وجود مخاوف جدية إزاء مرشحين آخرين. قامت مصر باعتقالات جماعية، وحرمت الناس من المحاكمة العادلة، وقضت على المنظمات المستقلة، وأصدرت العديد من أحكام الإعدام بعد محاكمات جائرة. لم تكن هناك أيضا أي مساءلة عن عمليات القتل الجماعي في أغسطس/آب 2013 في ميدان رابعة العدوية في القاهرة.
في الصين، أشرفت حكومة شى جين بينغ على أشرس حملة ضد حقوق الإنسان منذ مذبحة تيانانمين عام 1989. أرهبت وعاقبت بكين نشطاء يسعون للتعامل مع وحدات حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، وحدت من قدرة المقررين الخاصين على العمل في البلاد، ووفرت معلومات غير نزيهة في الاستعراضات الرئيسية. كما ترفض الصين على نحو متزايد فكرة كونية حقوق الإنسان، ما يحجب بالفعل الرصد الأممي عن للناس في جميع أنحاء الصين.
قالت هيومن رايتس ووتش إن على الدول المرشحة الأخرى تعزيز عروضها للعضوية من خلال التعهد بمعالجة المخاوف الخطيرة إزاء حقوق الإنسان. قبل أن تعتبر مرشحا موثوقا، تحتاج كوبا إلى إنهاء القمع الممنهج للمعارضة ورفضها السماح بزيارات مراقبي الأمم المتحدة الحقوقيين.
على العراق إجراء تحقيق وإنهاء أي انتهاكات من قبل القوات الحكومية، التي يُزعم أنها ارتكبت في الفلوجة إعدامات جماعية، وضرب، وإخفاء قسري، وغيرها من الانتهاكات. على السلطات العراقية محاسبة القوات الموالية للحكومة التي انخرطت في هجمات عشوائية واسعة النطاق ضد مدنيين وأطفال مجندين.
على رواندا التمسك بالحق في حرية التعبير وتكوين الجمعيات، وضمان عدم تهديد أو إساءة معاملة المعارضين السياسيين. على المجر إنهاء طردها للاجئين والمهاجرين. وعلى المملكة المتحدة إصلاح التشريعات التي تسمح بالرقابة المفرطة، في حين تحتاج الولايات المتحدة إلى ضمان المساءلة عن التعذيب المرتكب في أعقاب هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001. على كل من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وقف بيع جميع الأسلحة للسعودية. وعلى جنوب أفريقيا أن تعيد النظر في خطتها للانسحاب من المحكمة الجنائية الدولية، وهو قرار بمثابة صفعة على وجه ضحايا الجرائم الأكثر جسامة في جميع أنحاء العالم.
تم إنشاء مجلس حقوق الإنسان عام 2006 ليحل محل لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان التي فشلت، والتي كانت إلى حد كبير غير مستعدة لمعالجة المخاوف الحقيقية إزاء حقوق الإنسان، وكان بسهولة يمكن لأسوأ منتهكي الحقوق في العالم الحصول على عضوية فيها. على مدى الـ 10 سنوات الماضية، حقق المجلس مساهمات كبيرة في مجال حقوق الإنسان، وراجع السجلات الحقوقية لجميع الدول في إطار الاستعراض الدوري الشامل، وخلق لجانا للتحقيق في كوريا الشمالية، وسوريا، وبوروندي، ودول أخرى، وعيّن العديد من المقررين الخاصين والخبراء المستقلين الآخرين لضمان إجراء تحقيقات فعالة في الانتهاكات المزعومة، حتى عندما يرفض البلد المعني التعاون.
مع ذلك، يجب أن يكون المجلس يقظا لتجنب المشاكل التي عانت منها سابقته، بما في ذلك فقدان المصداقية بسبب قبول لا تحترم بما يكفي المعايير الدولية الحقوقية التي أقسم المجلس على التشبث بها. بدلا من الانتخابات التنافسية التي تسعى الدول من خلالها إلى عرض مؤهلاتها الحقوقية، غالبا ما تتفق المجموعات الإقليمية مسبقا على المرشح الذي سيتم تقديمه، مما أدى إلى لوائح معظمها مغلقة تضمن الفوز لكل المتبارين.
قال شاربونو: "على الدول الأعضاء في الأمم المتحدة رفع مستوى عضوية مجلس حقوق الإنسان. إذا كان على المجلس أن يكون أداة موثوقة لكشف الانتهاكات الحقوقية وإنهائها في جميع أنحاء العالم، فعلى المجموعات الإقليمية ضمان المنافسة السليمة وتقديم مرشحين مؤهلين لكل مقعد، بدل عقد الصفقات خلف الكواليس. خلاف ذلك، يخاطر المجلس بأن يصبح تجمعا لأسوأ منتهكي حقوق الإنسان".