(القدس) – قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن السلطات الإسرائيلية رفضت طلبها الحصول على تصريح عمل لمدير قسم إسرائيل وفلسطين لديها، قائلة إنها ليست منظمة حقيقية لحقوق الإنسان.
نقلت وزارة الداخلية في رسالتها في 20 فبراير/شباط 2017، التي ترفض منح تصريح عمل لـ عمر شاكر، رأي وزارة الخارجية أن "الأنشطة والتقارير العلنية [الصادرة عن هيومن رايتس ووتش] انخرطت في السياسة لخدمة الدعاية الفلسطينية، في حين رفعت زورا شعار ’حقوق الإنسان‘". يأتي المنع في الوقت الذي تسعى السلطات فيه إلى الحد من مساحة عمل المنظمات الحقوقية المحلية والدولية في إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة.
قال إيان ليفاين، نائب المدير التنفيذي لشؤون البرامج في هيومن رايتس ووتش: "هذا القرار والمنطق الزائف يجب أن يقلقا أي شخص مهتم بالتزام إسرائيل بالقيم الديمقراطية الأساسية. من المخيب للآمال أن تبدو الحكومة الإسرائيلية عاجزة عن التمييز بين الانتقادات المبرَّرة لأفعالها والدعاية السياسية المعادية، أو غير راغبة في فعل ذلك".
قالت هيومن رايتس ووتش إن القرار كان مفاجئا ولا سيما بالنظر إلى أن المنظمة تلتقي مع مسؤولين في الحكومة الإسرائيلية وتتواصل معهم بانتظام، بمن فيهم ممثلين عن الجيش والشرطة ووزارة الخارجية. طلبت وزارة الخارجية من هيومن رايتس ووتش العام الماضي التدخل في قضية تتعلق بضحايا إسرائيليين لانتهاكات حقوقية.
يمثل القرار منعطفا مشؤوما بعد نحو 3 عقود استطاع فيها العاملون في هيومن رايتس ووتش الوصول بشكل منتظم ودون عوائق إلى إسرائيل والضفة الغربية. لكنّ إسرائيل ترفض دخول هيومن رايتس ووتش إلى غزة منذ العام 2010، باستثناء زيارة واحدة العام 2016.
يأتي رفض إسرائيل منح تصريح عمل لـ هيومن رايتس ووتش وسط تزايد الضغط على الحقوقيين العاملين في إسرائيل وفلسطين. أقر الكنيست في يوليو/تموز قانونا يستهدف جماعات حقوقية، ويفرض متطلبات مرهقة لتقديم التقارير، تشكل عبئا على عملها في المناصرة. اتّهم مسؤولون إسرائيليون مباشرة جماعات مناصرة إسرائيلية بـ "الافتراء" وتشويه سمعة الدولة أو الجيش. تلقّى حقوقيون فلسطينيون تهديدات بالقتل من مجهولين، وخضعوا لقيود السفر وحتى الاعتقال وتوجيه تهم جنائية.
لا يستوي اتهام هيومن رايتس ووتش بالترويج للدعاية الفلسطينية مع البحث والمناصرة اللذين تجريهما المنظمة لمواجهة انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي من جميع الأطراف الفاعلة في المنطقة، بما فيها السلطة الفلسطينية وحكومة "حماس" في غزة. بالإضافة إلى انتقادها انتهاكات الحكومة الإسرائيلية خلال العام الماضي، أصدرت هيومن رايتس ووتش تقارير بشأن الاحتجاز التعسفي للصحفيين والنشطاء من قبل السلطة الفلسطينية وحماس؛ عملية إعدام خارج القضاء من قبل الجناح العسكري لـ حماس؛ تفجير حافلة في القدس من قبل عضو في حماس على ما يبدو؛ والإعدامات التي تنفذها سلطات حماس في غزة.
هيومن رايتس ووتش منظمة دولية مستقلة، غير حكومية تعمل على تعزيز حقوق الإنسان والقانون الدولي. ترصد انتهاكات حقوق الإنسان في أكثر من 90 دولة حول العالم. تقاسمت هيومن رايتس ووتش جائزة "نوبل" للسلام كعضو مؤسس في "الحملة الدولية لحظر الألغام الأرضية". لإنجاز مهمتها، تعتمد هيومن رايتس ووتش على البحث الدقيق من قبل الباحثين المتخصصين على الأرض، ومشاركة المسؤولين الحكوميين وغيرهم بانتظام معلومات من المصدر مباشرة.
تعمل هيومن رايتس ووتش في جميع دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا البالغ عددها 19. في العام الماضي، وثّقت هيومن رايتس ووتش انتهاكات تنظيم "الدولة الإسلامية" والمعروف أيضا بـ "داعش"، بما فيها العنف الجنسي والاغتصاب والتعذيب والهجمات بالأسلحة الكيماوية من قبل قوات الحكومة السورية في مدينة حلب؛ نظام وصاية الذكور في السعودية؛ التعذيب في مصر؛ الغارات الجوية التي يشنها التحالف بقيادة السعودية في اليمن والذي أسفر عن مقتل مدنيين؛ والإعدامات في إيران، من بين قضايا أخرى كثيرة. غالبا ما تغطي وسائل الإعلام الإسرائيلية هذه التقارير.
تتمتع هيومن رايتس ووتش بالوصول المباشر إلى الغالبية العظمى من الدول التي تصدر تقارير بشأنها. من بين الدول القليلة التي منعت وصول موظفين من هيومن رايتس ووتش: كوبا، كوريا الشمالية، السودان، أوزبكستان، وفنزويلا. على النقيض من ذلك، لدى هيومن رايتس ووتش موظفون يعملون بشكل قانوني في مكاتبها المسجلة في نحو 24 بلدا في جميع أنحاء العالم، من بينها لبنان والأردن وتونس.
تقدمت هيومن رايتس ووتش إلى هيئة السكان والهجرة التابعة لوزارة الداخلية الإسرائيلية، في 14 يوليو/تموز 2016 للحصول على تصريح عمل نيابة عن المواطن الأمريكي شاكر. تنصّ لوائح وزارة الداخلية على وجوب تقديم القرار في غضون 60 يوما، إلا إن هيومن رايتس ووتش لم تتلق ردا حتى 20 فبراير/شباط 2017. وكّلت هيومن رايتس ووتش محاميا، وتعتزم الطعن في القرار أمام محكمة إسرائيلية.
قال ليفاين: "الحكومة الاسرائيلية ليست الوحيدة التي تختلف مع النتائج المدروسة جيدا التي توصلنا إليها، ولكن جهودها لخنق من ينقل الحقيقة تشير إلى عدم رغبتها بالتدقيق الجدّي في سجلها الحقوقي. نأمل أن تتراجع السلطات الإسرائيلية عن هذا القرار وتسمح للمنظمات الحقوقية الدولية والمحلية بالعمل بحُرية".