(بيروت) – قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إنه في 21 مارس/آذار 2017 اعتُقل ناشط لبناني، وهو يواجه تهما بسبب منشور على "فيسبوك" ينتقد فيه مسؤولين حكوميين. توقيف الناشط أحمد أمهز واحتجازه يتنافى مع التزامات لبنان الحقوقية. على السلطات اللبنانية إخلاء سبيله فورا والتوقف عن توجيه اتهامات إلى من ينتقد المسؤولين.
قال محامي أمهز وعائلته لـ هيومن رايتس ووتش إنه اعتقل في 21 مارس/ آذار، ونقل إلى مكتب "مكافحة الجرائم المعلوماتية" بسبب منشور على فيسبوك يعود لشهر شباط/ فبراير، انتقد فيه رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ورئيس البرلمان في لبنان. قال المحامي إن أمهز استُجوب دون محام، واتهمه المدعي العام بموجب المواد 383، 384، 386 من قانون العقوبات اللبناني التي تجرم انتقاد المسؤولين. إن أدِين أمهز سيواجه عقوبة تصل إلى السجن سنتين.
قالت لما فقيه، نائبة مديرة قسم الشرط الأوسط في هيومن رايتس ووتش: "رسخّت السلطات اللبنانية نمطا مقلقا باعتقال كل من ينتقد المسؤولين الحكوميين. على السلطات الإفراج عن أحمد أمهز وإسقاط التهم الموجهة ضده، وعلى البرلمان إلغاء القوانين الغامضة والفضفاضة التي تجرّم حرية التعبير".
من المقرر أن يمثل أمهز، الذي كان قد شارك في احتجاجات ضد أزمة النفايات في بيروت العام 2015، في 27 مارس/ آذار، أمام قاضي التحقيق الذي سيقرر إذا ما كان سيفرج عنه. أصدرت 7 منظمات حقوقية وإعلامية بيانا في 24 مارس/ آذار، أدانت فيه اعتقال أمهز ودعت لبنان إلى إلغاء القوانين التي تجرم التشهير والانتقاد بحق المسؤولين.
يضمن الدستور اللبناني حرية التعبير "ضمن دائرة القانون". إلا أن قانون العقوبات اللبناني يجرّم القدح والذم بحق المسؤولين الحكوميين ويجيز الحبس لمدة أقصاها عاما في مثل هذه القضايا. المادة 384 من قانون العقوبات تجيز السجن من 6 أشهر إلى سنتين بتهمة تحقير رئيس الجمهورية أو العلَم أو الشعار الوطني.
القوانين التي تسمح بالحبس ردا على انتقادات موجهة إلى أفراد أو مسؤولين بالدولة تتنافى مع التزامات لبنان الدولية إزاء حماية حرية التعبير. مثل هذه القوانين هي رد غير متناسب أو غير ضروري على الحاجة إلى حماية السمعة، وتؤثر سلبا على حرية التعبير. كما أن "القدح" و"الذم" و"التحقير" ليست اتهامات واضحة التعريف في القانون اللبناني، ومثل هذه المواد المبهمة والفضفاصة يمكن استخدامها في تكميم الأفواه المنتقدة لقرارات أو سياسات مسؤولين حكوميين.
رأت "لجنة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة"، التي تفسر "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية"، أن "مضايقة شخص بسبب الآراء التي يعتنقها أو تخويفه أو وصمه، بما في ذلك توقيفه أو احتجازه أو محاكمته أو سجنه" تنتهك العهد، الذي صادق عليه لبنان العام 1972. نصت اللجنة على رفضها القوانين التي تُجرّم إهانة رئيس الدولة أو الرموز الوطنية. كما أوضحت أن العهد يولي "أهمية بالغة بشكل استثنائي للتعبير الحر في حالات النقاش العام الذي يتناول في مجتمع ديمقراطي شخصيات موجودة في اﻟﻤﺠال العام والسياسي".
وثقت منظمات حقوقية محلية ودولية منذ فترة طويلة استخدام لبنان قوانين القدح والذم في معاقبة المحامين والصحفيين والنشطاء بسبب آراء وتصريحات يحميها "القانون الدولي لحقوق الإنسان". في ديسمبر/ كانون الأول 2016، اعتقلت السلطات اللبنانية باسل الأمين، وهو طالب صحافة (21 عاما)، بسبب منشور ناقد في فيسبوك.
وجد "مركز سكايز للدفاع عن الحريات الاعلامية والثقافية" في تقريره لعام 2016 أن قوانين التشهير اللبنانية استخدمت لـ "استهداف النشطاء والمعارضين و... ترهيب صحفيي الإنترنت والمدونين ومستخدمي الإنترنت من التحدث عن بعض المواضيع، مما يمهد الطريق للرقابة الذاتية وتقييد التعبير".
في أكتوبر/تشرين الأول 2015، أنشأت جمعية "مارش"، وهي منظمة غير حكومية لبنانية تعمل على حماية حرية التعبير، خطا ساخنا واعدة بتقديم الدعم القانوني لأي شخص يتم استدعاؤه من قبل مكتب مكافحة الجرائم الإلكترونية بسبب التعبير على الإنترنت.
انتشار مثل هذه الملاحقات والتهديد بالاعتقال يعكسان حاجة البرلمان اللبناني المُلحة إلى تعديل قوانينه لإزالة العقوبات الجنائية بتهم القدح والذم وتحقير المسؤولين والرموز الوطنية.
قالت فقيه: "اعتقال شخص بسبب انتقاده كبار السياسيين لا يخدم أي هدف مشروع، بل يُقوض حرية التعبير في لبنان. على السلطات اللبنانية ضمان الحق في حرية التعبير بدلا من تكميم الأفواه المنتقدة".