قال جو ستورك، نائب مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: "تتحجج السلطات المصرية بمكافحة الإرهاب لسحق المعارضة السلمية. لن تحرز الحكومة تقدما ضد المتطرفين بتكميم أفواه المعارضين السلميين".
بين الموقوفين المحامي الحقوقي البارز خالد علي الذي استدعته النيابة العامة للاستجواب في 23 مايو/أيار 2017، ثم أحالته إلى محاكمة عاجلة بتهمة "ارتكاب فعل فاضح" في مكان عام. ترشح علي للرئاسة عام 2012 وجاء ترتيبه السابع بين المرشحين بـ 134 ألف صوت. وأعرب عن إمكانية ترشحه ضد الرئيس عبد الفتاح السيسي في انتخابات 2018 الرئاسية.
غطت "الحرية للجدعان"، وهي مجموعة مصرية مستقلة تتابع الاعتقالات، موجة اعتقالات أبريل/نيسان ومايو/أيار.
في 1 يونيو/حزيران، أصدرت المجموعة قائمة تفصيلية بالـ 42 شخصا المعتقلين، موضحة أن 29 منهم ما زالوا وراء القضبان، مع إحالة 4 إلى المحاكمة. الكثير منهم نشطاء في حركات معارضة للحكومة، ومنها "حزب العيش والحرية" تحت التأسيس.
اتهمت النيابة العامة 17 شخصا بالانتماء إلى تنظيمات محظورة، منها "الإخوان المسلمون" و"حركة شباب 6 أبريل". ليلة 13 يونيو/حزيران، ألقت قوات وزارة الداخلية القبض على 5 نشطاء آخرين و3 صحفيين في محيط "نقابة الصحفيين" في وسط البلد بالقاهرة.
استخدمت الحكومة المادة 28 من القانون 95 لسنة 2015 بشأن الإرهاب لاتهام 8 نشطاء على الأقل بـ "الترويج لأفكار أو معتقدات داعية لارتكاب أعمال إرهابية". تعود الاتهامات إلى تعليقات على "فيسبوك"، بحسب بيان أصدرته 6 منظمات حقوقية مصرية. اعتُقل محمد وليد، العضو بحزب العيش والحرية، في السويس بعد أن كتب على فيسبوك: "أنا مش فلول ولا إخوان، أنا عايز أعيش إنسان"، "يسقط حكم العسكر"، وشعار حزب العيش والحرية "العيش والحرية لكل الناس".
اطلعت هيومن رايتس ووتش على ملف النيابة الخاص بأندرو ناصف، المتهم هو أيضا بـ "الترويج لارتكاب جرائم إرهابية". ورد في الملف أن النيابة صادرت مطبوعات ومنشورات معارضة للحكومة من بيته، عليها شعارات مثل "25 يناير من جديد"، إشارة إلى انتفاضة 25 يناير/كانون الثاني، و"أفرجوا عن مصر". تعليقات ناصف على فيسبوك المذكورة في الملف تشمل: "إمتى هنسقط السجون والدكتاتورية العسكرية تاني" و"اطلب الحرية واتكلم عن كل إنسان مظلوم في البلد وإن كنت تعرفه أو متعرفوش (...) لأن هيجي يوم عليك".
المعتقلون الآخرون متهمون بإهانة الرئيس ونشر أخبار كاذبة، أو استخدام مواقع التواصل الاجتماعي في التحريض على الدولة أو الترويج لقلب مؤسساتها.
في 24 مايو/أيار، فرضت السلطات المصرية حجبا منسقا على 21 موقعا على الأقل، أغلبها تخص منافذ إعلامية، بزعم "دعم الإرهاب ونشر الأكاذيب"، بحسب مصدر أمني رفيع المستوى لم يُعلن اسمه تحدث إلى "وكالة أنباء الشرق الأوسط" التابعة للحكومة. قالت "مؤسسة حرية الفكر والتعبير"، وهي منظمة حقوقية مصرية مستقلة، إن الحجب امتد ليطال 62 موقعا حتى 12 يونيو/حزيران.
بين الجهات المتضررة مواقع إخبارية مصرية مثل "مدى مصر" و"مصر العربية" و"دايلي نيوز إيجبت"؛ مواقع إخبارية تركية ومواقع إخبارية دولية مثل "الجزيرة" و"هافنغتن بوست" العربية؛ مواقع رسمية للإخوان المسلمين وحركة حماس الفلسطينية؛ وموقع "تور بروجكت" الداعم لتفصح الإنترنت دون الإفصاح عن بيانات المستخدم.
حدث هذا بعد ساعات من حجب السعودية والإمارات مواقع الجزيرة ومواقع قطرية أخرى، بدعوى الرد على تصريحات لأمير قطر نشرتها "وكالة الأنباء القطرية" الرسمية. هذا الجهد الذي يبدو منسقا وقادته السعودية والإمارات ودول حليفة أخرى لعزل قطر، وراؤه سنوات من الغضب إزاء سياسة قطر الخارجية. امتد في الأيام الأخيرة إلى قطع السعودية والإمارات كل العلاقات وإيقاف النقل الجوي والبري والبحري إلى قطر.
زعمت قطر أن التصريحات المنسوبة إلى الأمير كاذبة وأن وكالة الأنباء القطرية قد تعرضت للقرصنة. نقلت تقارير إعلامية أن "مكتب التحقيقات الفدرالية" الأمريكي ومسؤولين بريطانيين معنيين بإنفاذ القانون قد دعموا هذا القول.
ذهبت مصر إلى أبعد من ذلك، فامتدت الرقابة إلى حركات معارضة محلية، بما يشمل حجب موقع "الحملة الشعبية للدفاع عن الأرض" التي تعارض مخطط للسيسي للتنازل عن جزيرتين بالبحر الأحمر للسعودية. التمست إدارة السيسي الموافقة البرلمانية على المضي قدما في الخطة، رغم حُكم محكمة بأنها غير قانونية. أحيل الأمر للبرلمان للمناقشة يومي 11 و12 يونيو/حزيران، وأجاز الاتفاقية يوم 14. في 13 يونيو/حزيران، حاصرت قوات أمن تابعة لوزارة الداخلية نشطاء تجمعوا عند نقابة الصحفيين للاحتجاج على الاتفاقية، واعتقلت بعضهم. مازال 8 من المعتقلين على الأقل، بينهم 3 صحفيين، محتجزين بعدما حققت معهم النيابة العامة بتهمة التظاهر بدون تصريح.
في 31 مايو/أيار، قال ممثلون عن 4 مواقع – بينها مدى مصر – إنهم سيتقدمون ببلاغ مشترك للنائب العام باعتبار الحجب غير قانوني.
كان علي – المحامي والمرشح الرئاسي السابق – عضوا رئيسيا في فريق المحامين الذين نجحوا في الطعن ضد قرار بالتنازل عن الجزيرتين للسعودية. اتُهم بعمل حركة بذيئة بإصبعيه الأوسطين أثناء مظاهرة بالشارع إبان صدور حكم المحكمة الإدارية العليا بشأن جزيرتي البحر الأحمر في يناير/كانون الثاني. هذه التهمة يُعاقب عليها بعقوبة حدها الأقصى السجن عاما أو غرامة بـ 300 جنيه (17 دولارا) بموجب المادة 278 من قانون العقوبات المصري.
قال محامو علي لـ هيومن رايتس ووتش إنهم يخشون أن تؤدي الإدانة بهذه التهمة إلى منعه من الترشح للانتخابات الرئاسية في 2018، بما أن قانون الانتخابات يمنع ترشح من حُكم عليهم في "الجرائم المخلة بالشرف". لا يوجد قانون يُعرّف هذه الجرائم، لكن قال المحامون إن المحاكم المصرية سبق وفسرت الإيماءات الجنسية بصفتها جرائم مخلة بالشرف.
قالت هيومن رايتس ووتش إنه رغم أن دول كثيرة تجرّم التعدي على النظام العام، فإن محاكمة شخص بتهمة عمل إشارة بذيئة أثناء مظاهرة سلمية هو تقييد غير معقول لحرية التعبير، وتجريم عمل كهذا بالسجن أو بسحب حقوق سياسية يعد إجراء غير متناسب. قررت محكمة جنح الدقي بالقاهرة عقد جلسة خالد علي المقبلة في 3 يوليو/تموز، وأمرت بالسماح للمحامين بالاطلاع على ملف القضية.
تنص المادة 57 من الدستور المصري على أنه "لا يجوز" حرمان المواطنين من الحق في "استخدام وسائل الاتصال العامة بكافة أشكالها" ولا يجوز تعطيلها أو وقفها تعسفا. تنص المادة 71 على أنه: "يُحظر بأي وجه فرض رقابة على الصحف ووسائل الإعلام المصرية أو مصادرتها أو وقفها أو إغلاقها".
لكن قانون الطوارئ الصادر منذ 59 عاما في مصر، والذي عاود السيسي فرضه في 11 أبريل/نيسان بعد هجوم دموي على كنيستين من قبل تنظيم "الدولة الإسلامية" المتطرف، يسمح للسلطات بفرض الرقابة على المطبوعات كما تشاء. بعد إعلان السيسي حالة الطوارئ، قال رئيس البرلمان علي عبد العال إن مواقع التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك و"تويتر" و"يوتيوب" يجب أن تخضع لقوانين الرقابة والرصد، حسبما نقلت صحيفة "المصري اليوم".
ذكرت "لجنة حقوق الإنسان" – وهي هيئة الخبراء المعنية برصد تنفيذ "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية" – في تعليقها العام رقم 34، أن منع "موقع أو نظم لنشر المعلومات من نشر مواد معينة لسبب لا يزيد عن كونها تنتقد الحكومة أو النظم الاجتماعية والسياسية التي تتبناها الحكومة" يمثل انتهاكا للحق في حرية التعبير. صدقت مصر على العهد في 1982.