(القدس) – قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن قرار إدارة ترامب إنكار واقع احتلال إسرائيل لهضبة الجولان يُظهر عدم احترامها للحماية الواجبة للسكان السوريين بموجب القانون الإنساني الدولي. في خضم الانتهاكات المستمرة والجسيمة لحقوق الإنسان التي ترتكبها إسرائيل في هضبة الجولان، يحتاج السكان السوريون إلى الحماية المستمرة بموجب قانون الاحتلال، بما فيها حظر بناء المستوطنات واستخراج الموارد الطبيعية لصالح المحتل.
في تغريدة بتاريخ 21 مارس/آذار 2019، أشار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى أنه حان الوقت لاعتبار هضبة الجولان شرعيا جزءا من إسرائيل. الجولان منطقة سورية احتلتها إسرائيل خلال حرب يونيو/حزيران 1967.
قال إريك غولدستين، نائب مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "يبدو أن الرئيس ترامب يستعد لتدمير القانون الدولي الذي يحمي سكان الجولان المحتل. إذا تابع ترامب ذلك، قد يشجع دولا أخرى محتلة على تصعيد ضمّ الأراضي وإنشاء المستوطنات ونهب الموارد".
احتلت إسرائيل هضبة الجولان في جنوب غرب سوريا، بالإضافة إلى الضفة الغربية وقطاع غزة وشبه جزيرة سيناء، خلال حرب يونيو/حزيران 1967. نتج عن هذا النزاع نزوح عشرات آلاف السوريين الذين فروا من ديارهم في الجولان إلى أجزاء أخرى من سوريا، والذين منعت إسرائيل عودتهم منذ ذلك الحين.
في 1981، طبّقت الحكومة الإسرائيلية من جانب واحد قوانينها الخاصة في هضبة الجولان، وضمتها فعليا، وهو ما أدانه "مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة" في القرار 497 واعتبره "لاغيا وباطلا وبدون أي أثر قانوني دولي". أقرّ مجلس "حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة" عديدا من القوانين تؤكد هذا الموقف، وآخرها في 22 مارس/آذار، بأن هضبة الجولان "محتلة" بموجب القانون الدولي. كون إسرائيل عرضت على السوريين في هضبة الجولان الجنسية الإسرائيلية، التي رفضها معظمهم، لا يغيّر وضع الأراضي المحتلة. يستمر الاحتلال طالما ظل المحتل يسيطر فعليا على الإقليم، وبلا تسوية سياسية مقبولة على نطاق واسع لتغيير هذا الوضع.
بموجب قوانين الاحتلال، السوريون الباقون في هضبة الجولان، الذين يبلغ عددهم حوالي 27 ألف، هم "أشخاص محميون". يحظر القانون الإنساني الدولي على إسرائيل، بصفتها المحتل، نقل سكانها المدنيين إلى الأراضي المحتلة، أو تدمير الممتلكات الخاصة ما لم تكن العمليات العسكرية "تقتضي حتما" ذلك، أو الاستيلاء على الموارد. قوى الاحتلال ملزمة أيضا باحترام الحقوق الإنسانية للسكان تحت سيطرتها. بالإضافة إلى القانون الإنساني الدولي، يسري القانون الدولي لحقوق الإنسان على حالات الاحتلال، رغم أن القيود المفروضة على بعض الحقوق مسموح بها إذا كانت "لا تتجاوز مطلقا ما تقتضيه ضرورات الوضع".
قالت هيومن رايتس ووتش إن الدولة، بما في ذلك القوى المحتلة، لا يمكنها إلغاء هذه الحمايات والواجبات بإعلان من جانب واحد.
ضمّت إسرائيل القدس الشرقية من جانب واحد عام 1967، ولكن لم تعترف أي دولة أخرى، بما فيها الولايات المتحدة، بهذا الضم. لم تضّم إسرائيل الضفة الغربية أو قطاع غزة، لكن بعض السياسيين الإسرائيليين، بمن فيهم رئيس الكنيست الحالي، وصفوا ضم الجولان كخطوة أولى نحو ضم بعض أو كل الضفة الغربية.
وفقا لـ "المرصد"، وهي منظمة حقوقية في الجولان، أنشأت السلطات الإسرائيلية 34 مستوطنة في هضبة الجولان، والتي تضم 26 ألف مستوطن على الأقل، في انتهاك للقانون الإنساني الدولي. في تقرير لدورة مجلس حقوق الإنسان في مارس/آذار، لاحظ مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان: "لا يزال السكان السوريون في الجولان السوري المحتل يواجهون تحديات بسبب التخطيط التمييزي وسياسات تقسيم المناطق التي تعطي الأفضلية للمستوطنات الإسرائيلية غير القانونية. هذه السياسات تجعل من المستحيل تقريبا على السوريين بناء أو تخطيط أو توسيع منازلهم والبنية التحتية لقراهم". كما أعرب قرار مجلس حقوق الإنسان الصادر في 22 مارس/آذار عن "قلق شديد" إزاء الممارسات الإسرائيلية، بما فيها "الاعتقالات التعسفية للسوريين، والافتقار إلى ضمانات الإجراءات القانونية المقدمة للسوريين والممارسات غير القانونية المتمثلة في زرع الألغام التي تقوم بها قوات الاحتلال الإسرائيلية في الجولان السوري المحتل"، و"تستنكر خطط توسيع المستوطنات الإسرائيلية في الجولان السوري المحتل".
لتبرير قرارهم المحتمل اعتبار هضبة الجولان جزءا شرعيا من إسرائيل، أشار مسؤولون أمريكيون حاليون وسابقون إلى انتهاكات الحكومة السورية المنهجية لحقوق الإنسان ضد سكانها، والتي يرقى بعضها إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، والنفوذ الإيراني في سوريا، من بين أمور أخرى. لكن انتهاكات الحقوق من جانب أحد ممثلي الدولة لا تبرر الاعتراف بالضم المزعوم لدولة أخرى. عدم تعرض سكان الجولان السوريين للفظائع التي ارتكبتها الحكومة السورية خلال قمعها للحراك الشعبي، لا يبرر حرمان هؤلاء السكان من الحقوق التي يتمتعون بها بموجب القانون الإنساني الدولي الذي يحكم الاحتلال، مثل المحظورات المذكورة أعلاه المتعلقة بنقل سكان الدولة المحتلة إلى الجزء المحتل، وتدمير ممتلكات السكان الذين تسيطر عليهم، ونهب مواردهم.
لم يعترف أي بلد بضم إسرائيل المزعوم لهضبة الجولان. أكد "الاتحاد الأوروبي" ودول أوروبية مثل ألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة من بين دول أخرى مؤخرا أنها تعتبر هضبة الجولان محتلة.
قال غولدستين: "سواء كانت الأرض المحتلة شبه جزيرة القرم أو الضفة الغربية أو الجولان، فإن نفس المبادئ التي تحمي المدنيين تنطبق عليها. لا يمكن لترامب أن يمسحها بمرسوم".