(عمان) - قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن التغييرات في قانون الأحوال الشخصية الأردني قيد المناقشة في البرلمان يجب أن تشمل إنهاء زواج الأطفال كليا وتوفير المساواة الكاملة للمرأة في الزواج والطلاق والميراث. وينبغي للأردن انتهاز الفرصة لمنع زواج الأطفال وتطبيق الحد الأدنى لسن الزواج (18 عاما) دون استثناء.
في ديسمبر/كانون الأول 2018، أقر مجلس الأعيان الأردني تعديلات على القانون ستسمح للأطفال بين 16 و18 عاما بالزواج بموافقة المحكمة عوضا عن الحد الأدنى المعتمد سابقا (15 عاما)، بالإضافة إلى خطوة صغيرة نحو المساواة في حقوق الميراث. رفض مجلس النواب هذه التغييرات، وسيتفاوض المجلسان بشأن التعديلات في جلسة مشتركة في 8 أبريل/نيسان، بحسب نشطاء محليين.
قال مايكل بَيْج، نائب مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: "زواج الأطفال يسلب طفولة الفتيات ويعرض صحتهن وتعليمهن للخطر. على البرلمان انتهاز هذه الفرصة لوقف هذه الممارسة التعسفية".
تؤدي التعديلات إلى تغييرات طفيفة في قانون الأحوال الشخصية المؤقت لعام 2010 والذي ينظم قضايا مثل الزواج والطلاق والميراث للأغلبية المسلمة في البلاد مستندا إلى حد كبير إلى مبادئ الشريعة الإسلامية. لا ينطبق القانون على الأقلية المسيحية في البلاد، حيث أن قوانين الأحوال الشخصية الخاصة بهم غير مشمولة في القانون الأردني وإنما تخضع لتنظيم من قبل السلطات الكنسية. يخضع كل فرد في الأردن لواحدة من مجموعتي القواعد هذه تبعا لدينه أو معتقده.
بموجب المادة 10 من قانون الأحوال الشخصية الحالي، السن الأدنى للزواج هو 18 عاما، لكن بإمكان قضاة المحكمة الشرعية استثناء بعض "الحالات الخاصة" للأطفال بين 15 و18 عاما إذا كان "[الزواج ضرورة] تقتضيها المصلحة، ويكتسب من تزوّج وفق ذلك أهلية كاملة في كل ما له علاقة بالزواج...". بموجب تعديلات مجلس الأعيان يصبح السن الأدنى الجديد للزواج 16 عاما بموجب استثناء من قاض، إلا أن مجلس النواب يريد الإبقاء على الاستثناء بدءا من سن 15.
تشكّل الفتيات الغالبية العظمى من الأطفال المتزوجين في الأردن. وفقا لـ "التقرير الإحصائي السنوي لسنة 2017" الصادر عن "دائرة قاضي القضاة"، أصدرت السلطات الأردنية 77,700 عقد زواج في 2017، بما في ذلك 10,434 حالة (13.4 بالمئة) كانت الزوجة فيها تحت 18 عاما، و299 حالة ( 0.004 بالمئة) كان الزوج فيها تحت الـ 18.
أظهر بحث أجرته هيومن رايتس ووتش في بلدان حول العالم أن زواج الأطفال يحرم الفتيات من التعليم، يعرضهن لمخاطر صحية شديدة، يعمّق الفقر ويزيد من تعرضهن لخطر العنف الأسري.
تدعم "لجنة الأمم المتحدة لحقوق الطفل" اعتماد سن أدنى عالمي للزواج بـ 18 عاما، دون استثناء.
يختلف المجلسان أيضا على المادة 279 من القانون الحالي، والتي تعطي الطفل الذي توفي والده الحق في الميراث من جده لأبيه وفقا لمبدأ "الوصية الواجبة". لا يرث الطفل الذي توفيت والدته من جده لأمه، إلا أن صيغة مجلس الأعيان تشمل حق أطفال الورثة الإناث في الميراث.
لا تتناول التعديلات المقترحة المجالات التي يميّز فيها قانون الأحوال الشخصية الأردني ضد المرأة. بموجب المادة 310 من القانون الحالي، ترث النساء نصف المبلغ الذي يرثه أقاربهن الذكور، ولا تعالج التعديلات الجديدة عدم المساواة هذه. تدرس تونس تعديلا يلغي التمييز بين الجنسين في أحكام الميراث. الدول الأخرى ذات الأغلبية المسلمة والتي لا تميّز قوانينها ضد المرأة في الميراث تشمل البوسنة والهرسك، تركيا، طاجيكستان، كازاخستان، كوسوفو، ومالي.
بموجب القانون الأردني، على المرأة الحصول على إذن ولي أمرها الذكر، عادة الأب، للزواج، وفقا للمادة 14 من قانون الأحوال الشخصية المؤقت لعام 2010. لا ينص القانون الأردني على المساواة بين الزوجين، بل ينص على الحقوق التكميلية التي تفرض على الزوجة طاعة زوجها مقابل الدعم المالي(النفقة). قد تفقد المرأة الحق في النفقة من زوجها بموجب المادتين 60 و61 إذا كانت تعيش أو تعمل خارج المنزل دون موافقته.
يمكن للرجال تطليق زوجاتهم من طرف واحد دون قيود بموجب المواد 82-84، ويكون الزوج ملزما بالتعويض عن الطلاق التعسفي في حالات معيّنة. قد لا يكون التعويض عادلا أو كافيا أو لا يتجاوز نفقة 3 سنوات. لا يحق للمرأة تطليق زوجها من طرف واحد وتخضع لإجراءات أطول وأكثر تكلفة. بموجب المواد 114-144، يجوز للمرأة طلب التفريق القضائي لأسباب محددة مثل عدم دفع المهور أو توفير النفقة أو عقم الزوج أو الحبس أو التخلّي عن حقوقها الزوجية وإعادة ما قبضته من مهر. بخلاف ذلك، تشترط المواد 102-113 على المرأة الحصول على موافقة الزوج على تطليقه مقابل عوض مالي.
يمنح قانون الأحوال الشخصية الأردني الأفضلية للأم بعد الطلاق في اتخاذ قرار بشأن حضانة الطفل حتى يبلغ 15 عاما، بعد ذلك يمكن للطفل أن يختار بين الوالدين. تسحب الحضانة من الأم المطلقة بموجب المادة 171 إذا تزوجت مرة أخرى. يبقى والد الطفل الولي القانوني عليه، وبموجب المادتين 176-177 لا يمكن للأم أن تسافر للخارج مع الطفل دون موافقة ولي أمره أو القاضي.
يلتزم الأردن بموجب "اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة"، كونه طرفا فيها، بإنهاء التمييز ضد المرأة في القانون. أثناء استعراض تنفيذ الأردن للاتفاقية في 2017، أشارت لجنة الاستعراض إلى قلقها بشأن "الاستمرار في تطبيق الأحكام التمييزيّة الواردة في قانون الأحوال الشخصية في الأردن، ولا سيما السماح بتعدد الزوجات، وشرط حصول المرأة على موافقة ولي أمرها لتتزوّج، بصرف النظر عن كونها راضية، والقيود المفروضة على حرية المرأة في التنقل وعلى حقها في العمل والطلاق". بموجب اتفاقية حقوق الطفل، يلتزم الأردن بضمان أن تكون مصالح الطفل هي الاعتبار الرئيسي في جميع الإجراءات المتعلقة بالأطفال.
قال بَيْج: "قضايا الأحوال الشخصية من بين أهم القضايا التي تؤثر على حياة الأردنيين العاديين بشكل منتظم. على السلطات أن تضمن تكافؤ الفرص من خلال توفير حقوق متساوية للمرأة مع الرجل".