بـ 253 إعداما في 2018، منها 6 في حق أشخاص كانوا أطفالا عندما ارتكبوا جرائمهم المزعومة، مازالت إيران من أكثر البلدان التي تنفذ هذه العقوبة في العالم، بحسب تقرير سنوي أصدرته "منظمة العفو الدولية" حديثا عن التوجهات العالمية في استخدام عقوبة الإعدام. غير أن الإعدامات في إيران تراجعت إلى النصف في العام الماضي، إذ بلغت 507 في 2017.
هذا الانخفاض الكبير يُعزى في الغالب إلى إصلاح قانون المخدرات شديد القسوة، الذي دخل حيز النفاذ أواخر 2017. سعى التعديل الذي طال انتظاره في البداية إلى إلغاء الإعدام لجميع جرائم المخدرات غير العنيفة، ولكن بعد سجالات تشريعية لم ترقَ النسخة النهائية إلى هذا المستوى، لكنها رفّعت كثيرا من كمية المخدرات التي يتعين حيازتها من قبل المشتبه به حتى يكون الإعدام إلزاميا. منذ يناير/كانون الثاني 2018، أوقف القضاء الإيراني عددا كبيرا من الإعدامات بسبب جرائم المخدرات، حيث راجع 15 ألف قضية لمُدانين محكومين بالإعدام.
عُدِّل القانون بعد أعمال مناصرة دامت عقدا من الزمن تقريبا على الأرض، وضغط من هيئات حقوق الإنسان الدولية. لكن هناك أيضا حركة موازية داخل إيران نشطت بشكل كبير خارج العمل التقليدي الحقوقي – قادتها جمعيات خيرية ومشاهير وبعض المسؤولين القضائيين – ويبدو أنها غيّرت المواقف الإيرانية من عقوبة الإعدام.
قبل تعديل قانون المخدرات، كانت أغلب الإعدامات تتم بسبب جرائم تتعلق بالمخدرات. ولكن بعد دخول القانون الجديد حيز النفاذ، صار أغلب الذين أُعدموا في 2018 من المدانين بالقتل العمد بموجب القصاص، وهو مبدأ إسلامي يقوم على فكرة العقاب بالمثل. وفقا لهذا المبدأ، يُمكن لورثة الضحية المطالبة بالإعدام، أو الصفح والتماس "ديّة القتل"، فيستطيع القاضي عندها الحكم على المتهم بالسجن حتى 10 أعوام.
في المعركة التي خاضها المجتمع المدني الإيراني ضدّ عقوبة الإعدام على مرّ السنين، حاول النشطاء إقناع عائلات الضحايا بالتسامح كحل أخير. تصاعدت هذه الجهود في العقد الماضي، فنتجت عنها 200 حالة صفح سنويا على الأقل في السنوات الأربع الماضية. في 2018، أشارت "حقوق الإنسان في إيران"، وهي منظمة غير حكومية مقرها النرويج، إلى تصاعد حركة تشجيع العائلات على الصفح، وسجلت 272 حالة – نفس عدد الإعدامات المسجلة تقريبا. يُرجح أنّ العدد الحقيقي لحالات الصفح أعلى من ذلك.
رغم أن مسؤولي القضاء يشجعون على الصفح أيضا، فإن قلب الحركة هم النشطاء والعاملون في المجال الخيري والصحفيون. عملت المنظمات مثل "جمعية الإمام علي" وغيرها من الجمعيات التي تدعم السجناء، وكذلك النشطاء المستقلون، في كافة أرجاء البلاد للتوسط بين عائلات الضحايا والمتهمين في أماكن غير رسمية لإقناع الورثة بالتنازل عن الإعدام. وكانت هذه العائلات تطالب في الغالب بديّة القتل. تُحدد الحكومة القيمة الرسمية لديّة القتل بحوالي 55 ألف دولار أمريكي للذكور البالغين، لكن العائلات تستطيع أن تطلب المبلغ الذي تريد.
الكثير من عائلات المتهمين لا تستطيع دفع هذه المبالغ – نصيب الفرد من الناتج القومي الخام لم يتجاوز 5,600 دولار في 2017 – غير أن العاملين في المجال الخيري والنشطاء غالبا ما يعملون مع المشاهير، مثل الممثلين ولاعبي كرة القدم، لجمع الأموال. كل عام، يُنظم النشطاء فعاليات لجمع التبرعات يشارك فيها مشاهير، وفي بعض الحالات الاستثنائية مسؤولون حكوميون.
شاركت النائبة السابقة لرئيس الجمهورية لشؤون المرأة والأسرة شهيندخت مولاوردي في بعض جهود جمع التبرعات عندما كانت في منصبها. وفي ديسمبر/كانون الأول، نظّم أصغر فرهادي، المخرج الإيراني الفائز بجائزتي أوسكار، مع رخشان بني إعتماد، وهو أيضا مخرج معروف، عرضا لجمع تبرعات لمحكومين بالإعدام بسبب جرائم يُزعم أنهم ارتكبوها لما كانوا أطفالا.
كما ساهم صحفيون إيرانيون في صنع التغيير من خلال التركيز على الأضرار غير القابلة للإصلاح التي تلحقها الإعدامات بالعائلات، لا سيما عندما يكون الجُناة أحداثا. نشرت الصحف أيضا مقابلات مع عائلات اختارت ألا تطالب بالإعدام، وعبّرت عن ارتياحها لقرارها.
ركّزت العديد من الجهود على الأطفال والنساء المتهمات بقتل أزواجهن. لكن هذه الجهود لم تنقذ الجميع، فقد أُعدم 180 شخصا بتهمة القتل على الأقل في 2018، وقدّرت العفو الدولية عدد المحكوم عليهم بالإعدام بسبب جرائم ارتكبوها لما كانوا أطفالا بـ 90.
يقيّد القانون الدولي فرض عقوبة الإعدام – في البلدان التي اختارت المحافظة عليها – بقصرها على أكثر الجرائم خطورة، مثل القتل، وحظرها بشكل كامل في الجرائم التي يرتكبها أطفال. تعارض "هيومن رايتس ووتش" والعديد من المنظمات الأخرى، وكذلك "الاتحاد الأوروبي"، عقوبة الإعدام لأنها بطبيعتها قاسية ولا رجعة فيها. في هذا الإطار، لا يمكن اعتبار مطالبة العائلات بالصفح بديلا كافيا أو حقيقيا عن إلغاء الإعدام.
لا يجوز ربط الحقوق بالرأي العام، لكن المجتمع الإيراني اليوم بات أكثر اطلاعا على الضرر غير القابل للإصلاح للإعدام، وخاصة في ما يتعلق بالأطفال، بفضل جهود النشطاء. هذه الحركة تنقذ الأرواح وتلعب دورا هاما في تغيير الرأي العام بشأن الإعدام في إيران. قد لا تلغي الحكومة هذه العقوبة في المستقبل القريب، لكن ينبغي لها الإصغاء إلى نداءات النشطاء والسير نحو ذلك الهدف من الآن، من خلال وقف إعدام الأشخاص بسبب جرائم يُزعم أنهم ارتكبوها في سن الطفولة.