(بيروت) - قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن الحكومة الموريتانية أوقفت في 6 نوفمبر/تشرين الثاني 2019 العمل بشرط تمييزي يحدد سن الالتحاق بالجامعة كان قد أشعل احتجاجات امتدت أسابيع. الشرط الذي وضع في 2018 جعل التحاق الطلاب الجدد بالجامعات الحكومية العامة مقتصرا على من هم بسن 24 عاما أو أقل، ما نُظر إليه على أنه يؤثر على الطلاب ذوي الدخل المحدود بشكل غير متناسب.
منذ بداية أكتوبر/تشرين الأول، نظم متظاهرون، ومعظمهم طلاب، مظاهرات شبه يومية قرب وزارة التعليم العالي في العاصمة نواكشوط. فرقت الشرطة بانتظام الاحتجاجات، مستخدمة على ما يبدو القوة المفرطة. تسببت إجراءات الشرطة ضد المتظاهرين في 5 نوفمبر/تشرين الثاني في 15 حالة علاج على الأقل في مستشفى نواكشوط. فقدت مريم عطا الله، وهي إحدى المتظاهرات، وعيها بعد أن ضربتها الشرطة على رأسها بحسب الزعم. ينبغي للسلطات التحقيق في سلوك قوات الأمن خلال هذه الاحتجاجات ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات.
قالت سارة ليا ويتسن، مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "فعلت الحكومة الصواب في إيقافها العمل بالأنظمة التمييزية التي تحرم الطلاب من التعليم العالي. ينبغي ألا يخسر الموريتانيون فرصتهم في التعليم العالي لمجرد أنهم بلغوا سن 25 عاما".
يعتمد القبول الجامعي في موريتانيا على أداء الطالب في سنته الأخيرة في المدرسة الثانوية. يُلزم طلاب الجامعة المحتملين بالتسجيل في نظام مركزي على الإنترنت، ولا يتم إبلاغهم بمجال دراستهم الرئيسي المحتمل إلا بعد نهاية فترة التسجيل.
كانت الحكومة تشريع 2018، الذي فرضه وزير التعليم العالي سيدي ولد سالم، على أنه إجراء شائع تقوم به عدة بلدان أفريقية. خففت السلطات في 2018 القيود التي كان تؤثر وقتها على 1,400 طالب بعد احتجاجات عامة. يزعم منتقدو اللائحة أنها ستعود بالضرر على الطلاب الفقراء بشكل غير متناسب، كونهم يستغرقون وقتا أطول في المتوسط لإكمال تعليمهم ولأنهم أقل قدرة على دفع رسوم الجامعات الخاصة.
لدى مؤسسات التعليم العالي في موريتانيا قيود بالفعل على سن الالتحاق بالجامعة، إذ حددت السن الأقصى لالتحاق الطلبة بكلية الطب بـ22 عاما. قرار 2018 كان تأثيره واسعا أكثر.
في 6 نوفمبر/تشرين الثاني، أعلنت لجنة وزارية لإصلاح التعليم العالي أنه سيُسمح للطلاب المحتملين، ممن تتجاوز أعمارهم 24 سنة، بالتسجيل للعام الدراسي الحالي. سيشمل التغيير ما يقدر بـ 700 طالب محتمل.
قالت اللجنة الوزارية أيضا إن القرار النهائي مرهون بالإصلاح الشامل للتعليم العالي الذي كان أصلا على جدول أعمال الحكومة. قال الرئيس محمد ولد الغزواني، الذي تولى منصبه في 1 أغسطس/آب، في خطاب أمام "الجمعية العامة للأمم المتحدة" في 25 سبتمبر/أيلول، إنه يعتزم تحسين النظام التعليمي في البلاد.
تحدثت هيومن رايتس ووتش إلى ثلاثة طلاب محتملين قالوا إنهم مُنعوا من التسجيل هذا العام لسنهم، وكذلك مع رئيس جمعية طلابية، وناشط حقوقي، وصحفي.
قال المتظاهرون لـ هيومن رايتس ووتش إن الشرطة التي فرقت المتظاهرين ضربتهم في عدة مناسبات خلال احتجاجاتهم السلمية اليومية. راجعت هيومن رايتس ووتش مقاطع فيديو وصور بدت متسقة مع كلام المحتجين. تحتوي صفحة "الاتحاد الوطني لطلبة موريتانيا" (الاتحاد) على "فيسبوك" على مقطع فيديو يُزعم أنه يُظهر شرطة مكافحة الشغب في 6 نوفمبر/تشرين الثاني وهي تضرب المتظاهرين السلميين على ما يبدو بالهراوات وتسحل شخصا مستلقٍ على ظهره في الشارع.
قال أحمد مختار، رئيس الاتحاد وطالب اقتصاد بجامعة نواكشوط: "معظم [الطلاب المحتملين] المتضررين فقراء. التعليم الحكومي في موريتانيا منخفض المستوى، لهذا ينتهي المطاف بالطلاب بالرسوب بشكل متكرر. أما الأثرياء، فيمكنهم تحمل نفقات التعليم الخاص".
قال إنه في أعقاب الاحتجاجات عام 2018، أعلنت الحكومة "تدابير استثنائية" لإدراج الطلاب المتأثرين في برامج لا يختارونها، مثل التدريب المهني.
قال أحد الطلاب المحتملين، محمد ماء العينين سيد الخير (25 عاما) إن طلبه لدراسة القانون رُفض بسبب عمره. قال آماد محمد خطري إنه اجتاز امتحان شهادة الدراسة الثانوية بالبلاد، "البكالوريا"، في 2019 بعد رسوبه لسنتين. قال إن عوائق مالية حالت دون إنهاء دراسته في وقت أبكر.
خلال الاحتجاجات، وقف الطلاب في صفوف حاملين لافتات ترفض الشرط المفروض عليهم. قال من تمت مقابلتهم إن الشرطة استخدمت بانتظام الهراوات الكهربائية وضربت المحتجين بالعصي لتفريقهم، عادة كل مساء بعد حوالي الساعة 10 ليلا.
وصف مختار، الذي انضم إلى الاحتجاجات تضامنا مع الطلاب المتضررين، تعرضه للضرب في 23 أكتوبر/تشرين الأول. قال إنه كان مع مجموعة من المتظاهرين "نحاول عبور الطريق للاحتجاج أمام الوزارة، عندما ظهرت الشرطة وبدأت بضربنا. حاولت حماية البقية، لكن ضربني عنصر أمن بصاعق. ضُربت في ذراعيّ وخاصرتيّ وفخذيّ".
قالت عطالله (27 عاما)، وهي طالبة حقوق محتملة، إن المشاكل المالية حالت دون إنهائها الباكالوريا في وقت أبكر. قالت إنها بدأت وطلاب آخرين الاحتجاج بعد أن حاولوا مقابلة وزير التعليم العالي من دون نتيجة: "بعد أيام قليلة من الاحتجاج، جاءت الشرطة لقمع مظاهرتنا السلمية وبدأت في ضرب المحتجين بالعصي، بمن فيهم أنا".
كانت عطالله وسيد الخير من بين المتظاهرين الذين تعرضوا للضرب المبرح على أيدي الشرطة في 5 نوفمبر/تشرين الثاني. وفقا لسيد الخير، فقد تعرضت عطالله للضرب على أيدي الشرطة وفقدت الوعي.
ويبدو أن صور الحادث تؤيد هذه المزاعم.
قال سيد الخير: "عندما فقدت [عطالله] وعيها، كنت في أيدي الشرطة التي لم تتوقف عن ضربي رغم عدم قدرتي على الحركة. عندما رفعت رأسي، وجدت نفسي على الجانب الآخر من الطريق مع شبان مصابين آخرين، ورأيت أنها كانت تُنقل إلى المستشفى فاقدةً الوعي".
كدولة طرف في "العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية"، موريتانيا ملزمة بضمان إتاحة التعليم العالي "للجميع على قدم المساواة، تبعا للكفاءة". وفقا للتعليق العام رقم 13 بشأن تقييم الحق في التعليم، والإرشادات الرسمية بشأن تنفيذ العهد، ينبغي تقييم "كفاءة" الأفراد بحسب تجاربهم وخبراتهم ذات الصلة. وفقا لهذا التعليق، يجب ألا تستخدم البلدان العمر بمفرده كأساس لمنع الطلاب من الوصول إلى التعليم العالي العام.
يدعم "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية"، وموريتانيا طرف فيه، الحق في حرية التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع السلمي.
قالت هيومن رايتس ووتش إنه ينبغي لولد الغزواني توجيه قوات أمن الدولة بشكل عاجل إلى الالتزام بالمعايير الدولية لإنفاذ القانون أثناء المظاهرات.
تنص "مبادئ الأمم المتحدة الأساسية بشأن استخدام القوة والأسلحة النارية" من قبل موظفي إنفاذ القانون على وجوب قيام قوات الأمن بـ"تطبيق وسائل غير عنيفة قبل اللجوء إلى استخدام القوة والأسلحة النارية"، وأنه "إذ تحتّم الاستخدام القانوني للقوة والأسلحة النارية، ينبغي للموظفين المكلفين بإنفاذ القانون: (أ) ممارسة ضبط النفس في هذا الاستخدام والتصرف بما يتناسب مع خطورة الجريمة والهدف المشروع الذي يتعين تحقيقه؛ (ب) التقليل إلى أدنى حد من الأضرار والإصابات واحترام وحفظ الحياة البشرية". قوات الأمن الموريتانية ملزمة بالامتثال لهذه المبادئ.