Skip to main content
تبرعوا الآن

بعد تسع سنوات على انتفاضة البحرين، أزمة حقوق الإنسان تشتد

نُشر في: Foreign Policy In Focus
مظاهرات بعد وفاة شاب بحريني على إثر إطلاق النار عليه خارج منزل أحد قادة الشيعة في البحرين في 25 مارس/آذار 2017.  © 2017 سيد باقر الكامل/ نور فوتو عبر غيتي إيمادجز

مرت تسع سنوات على انتفاضة فبراير/شباط 2011 في البحرين. خرج عشرات آلاف المتظاهرين في جميع مدن وبلدات البلاد احتجاجا على القبضة الخانقة للعائلة الحاكمة آل خليفة على السلطة، والتمييز ضد الأغلبية الشيعية في البلاد، واعتقال معارضي السياسات الحكومية.

جاءت انتفاضة 2011 بدورها بعد عشر سنوات من استفتاء 2001، الذي صوّت فيه المواطنون بأغلبية ساحقة لصالح "ميثاق العمل الوطني" (الميثاق). وعد الميثاق بإصلاحات ديمقراطية رئيسية، منها جمعية وطنية منتخبة من الشعب.

رغم "شهر العسل" بعد اعتماد الميثاق، عادت البحرين تدريجيا إلى ماضيها القمعي، وبحلول 2010، كانت السلطات تحتجز نشطاء المعارضة البارزين وتغلق منظمات المعارضة، كما تكرر ظهور تقارير حول تعذيب المحتجزين.

ظهر نمط مماثل بعد الانتفاضة الأخيرة.

في السنوات اللاحقة، تدهورت أزمة حقوق الإنسان في البحرين. اتبعت السلطات سياسة عدم التسامح مطلقا مع أي فكر سياسي حر ومستقل، وسجنت، أو نفت أي شخص ينتقد الحكومة، أو أرهبته ليلزم الصمت.

منذ البداية، نفذت السلطات البحرينية حملة انتقامية ممنهجة، باستخدام القوة القاتلة لتفريق المظاهرات، واعتقال الآلاف، وفصل مئات موظفي القطاع العام من العمل للاشتباه بدعمهم مطالب المتظاهرين الديمقراطية. أكدت "اللجنة المستقلة لتقصي الحقائق في البحرين"، في تقريرها الصادر في نوفمبر/تشرين الثاني 2011، "وجود خطة عملية" لبث الرعب بين المتظاهرين، وخلصت إلى أن غياب المساءلة أدى إلى تفشي "ثقافة الإفلات من العقاب".

ومن الأمثلة على ذلك قضية نبيل رجب، أحد أبرز الحقوقيين البحرينيين وعضو اللجنة الاستشارية لقسم الشرق الأوسط في "هيومن رايتس ووتش"، المُعتقل منذ يوليو/تموز 2016 بسبب انتقاده السلمي لسجل البحرين السيئ في حقوق الإنسان. رغم أنه كان ينبغي ألا يُسجن رجب على الإطلاق، رفضت المحاكم مرارا استئنافه الهادف إلى استبدال خمس سنوات في السجن بعقوبة غير سجنية.

قضيته ليست فريدة من نوعها. إنه واحد من عشرات الحقوقيين، والنشطاء السياسيين، وزعماء المعارضة، والصحفيين المعتقلين ظلما منذ أن قمعت الحكومة احتجاجات 2011.

في أكتوبر/تشرين الأول، وجدنا أن السلطات البحرينية تحرم السجناء السياسيين البارزين من الرعاية الطبية العاجلة، ما يُعرِّض حياتهم للخطر في بعض الحالات. في مثال على ذلك، تدهورت جدا صحة عبد الجليل السنكيس، وهو زعيم معارض بارز يقضي عقوبة بالسجن المؤبد بسبب دوره في احتجاجات 2011.

أصيب السنكيس بشلل الأطفال في طفولته ويحتاج إلى عكازين للمشي. أخبرتنا ابنته أنه يعاني من ألم شديد في الصدر، وتخدر في أصابعه، ورعشة في يده اليسرى. رفضت سلطات السجون اصطحاب السنكيس إلى مواعيده الطبية لرفضه ارتداء زي السجن أو وضع الأغلال، والتي يعتبرها مهينة. قال خبراء حقوقيون دوليون إن تقييد السجناء المسنين أو المرضى العاجزين حين ينتفي خطر هروبهم قد يشكل معاملة لا إنسانية أو مهينة.

كما وثقنا التعذيب الروتيني في سجون البحرين، خاصة أثناء الاستجواب. يذكر المحتجزون الصدمات الكهربائية، والتعليق في وضعيات مؤلمة، والإجبار على الوقوف لفترات مطولة، والتعرض للبرد الشديد، والاعتداء الجنسي.

يستخدم المدعون والقضاة البحرينيون الاعترافات المُنتزَعة تحت التعذيب لإدانة المحتجزين، بل والحكم عليهم بالإعدام. في يوليو/تموز، أعدمت السلطات رجلين شابت محاكمتهما مزاعم بشأن التعذيب والانتهاكات الخطيرة للإجراءات القانونية الواجبة. في 8 يناير/كانون الثاني، أعادت محكمة الاستئناف فرض الإعدام ضد اثنين آخرين، حتى بعد أن قدمت هيئة إشراف بحرينية أدلة "أثارت الشكوك" بأن الرجلين تعرضا للتعذيب.

بينما تنشط السلطات بمحاكمة الأشخاص لمجرد ممارسة حقهم في حرية التعبير، لم يخضع سوى قلة من عناصر الأمن لمحاكمات ذات مغزى على خلفية انتهاكاتهم الواسعة ضد المحتجزين. طالت المحاكمات القليلة بشكل شبه كامل عناصر أمن برتب متدنية، وأسفرت - دون استثناء - عن أحكام بالبراءة أو عقوبات مخففة وغير متناسبة.

يبدو حلفاء البحرين، بمن فيهم الولايات المتحدة وبريطانيا، مترددين في مواجهة حقيقة ما يحدث في البلاد. خلال 2019، وافقت "وزارة الخارجية" الأمريكية على ثلاث صفقات كبيرة لبيع الأسلحة للبحرين بقيمة 3.4 مليار دولار، رغم السجل الحقوقي السيئ للحكومة والاضطهاد الشديد بحق المعارضين. كما لم تُثر الولايات المتحدة مخاوفها بشأن حقوق الإنسان علنا مع السلطات البحرينية.

بناء على التقارير بموجب طلبات حرية الوصول إلى المعلومات، قدمت بريطانيا مساعدات فنية بقيمة 6.5 مليون جنيه استرليني إلى البحرين منذ 2012، بما في ذلك الدعم الهادف إلى إصلاح قطاعَيْ الأمن والعدل. مع ذلك، تقاعست هيئات الإشراف التي دعمتها بريطانيا مرارا عن محاسبة حراس السجون وعناصر الأمن، وسط أدلة على ظروف لاإنسانية ومهينة في سجون البحرين.

ينبغي لحلفاء البحرين التحقيق ونشر النتائج التي يتوصلون إليها بشأن مدى فعالية مبيعات الأسلحة للمملكة والمساعدة المقدمة إليها. عليهم التفكير فيما إذا كان ينبغي لهم تعليق دعمهم للقطاع الأمني حتى تفرج البحرين عن نبيل رجب وغيره ممن سُجنوا ظلما بسبب انتقادهم للسلطات.

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة