Skip to main content
تبرعوا الآن

اليونان: احتجاز حوالي 2,000 وافد جديد في مخيمات مكتظّة في البرّ

احتجاز عشوائي بذريعة فيروس "كورونا"

عائلات تصل إلى مركز الاحتجاز في مالاكاس، اليونان، في 14 مارس/آذار 2020.  © 2020 خاص

 (أثينا) — قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إنّ السلطات اليونانية تحتجز حوالي 2,000 مهاجر وطالب لجوء في ظروف غير مقبولة في موقعَيْ احتجاز أُنشئا حديثا في البر اليوناني، وتحرمهم من حقّ تقديم طلبات لجوء. تدّعي السلطات أنّها تبقي المهاجرين الجُدُد، بمَن فيهم الأطفال، والأشخاص ذوي الإعاقة، والمسنّين، والنساء الحوامل في الحَجر تحسّبا لإصابتهم بفيروس "كورونا" المستجدّ، لكنّ غياب أبسط أشكال الوقاية الصحية سيساهم في نشر الفيروس على الأرجح.

قالت بلقيس والي، باحثة أولى في قسم الأزمات والنزاعات في هيومن رايتس ووتش: "إذا كانت الحكومة جدّية بشأن منع انتقال فيروس كورونا وتفشيه بين المهاجرين وطالبي اللجوء، عليها أن تزيد الفحوصات، وتؤمّن المزيد من الخيم، وما يكفي من الحمامات، والماء، والصابون، وتنفذ إجراءات وقائية. إرغام الناس، وبعضهم معرّض بشدة لخطر الإصابة بمرض حادّ أو الوفاة، على العيش في ظروف غير صحية وسط القذارة والاكتظاظ، كفيل بنشر الفيروس، كما أنّه غير إنساني ومذلّ".  

يجيز القانون للحكومات أن تفرض حجرا على أشخاص منفردين قد يكونون تعرّضوا لمرضٍ معدٍ أو يُظهرون أعراضه. الحجر القانوني يجب أن يكون ضروريا ومناسبا لتحقيق هدف حماية الصحة العامة، وينبغي فرضه بطريقة غير عشوائية أو تمييزية.

إلا أن اليونان تحتجز المهاجرين بسبب أوضاع هجرتهم، ولا تؤمّن لهم حماية صحية ملائمة كما تنصّ اللوائح الصحية الدولية أو توجيهات "منظمة الصحة العالمية" الحالية.

يُحتجز النساء، والأطفال، والرجال في ظروف غير صحية وأماكن مكتظة، بغضّ النظر عمّا إذا كان البلد الذي وصلوا منه موبوءا بفيروس كورونا، في غياب أيّ إشارة إلى احتمال الإفراج عنهم إذا لم يكونوا مصابين بالفيروس. يبدو أنّ السلطات لم تفحص المحتجزين، كما أنّها لم تأخذ حرارتهم لدى وصولهم. لن تطلق سراحهم بعد فترة العزل التي توصي بها "منظمة الصحة العالمية" لـ 14 يوما.

قد يستمر احتجاز المهاجرين وطالبي اللجوء، مع أنّ اليونان غير قادرة على الأرجح على إعادتهم إلى تركيا كدولة عبور أو إلى بلدانهم الأصلية في المستقبل المنظور. في هذه الظروف، ما من تبرير قانوني لاحتجازهم المطوّل.

في 25 و26 مارس/آذار، قابلت هيومن رايتس ووتش عن بُعد أربعة رجال يقبعون في مركز مالاكاسا للاحتجاز منذ 14 مارس/آذار. قال كلّ منهم إن المحتجزين الـ 450 تقريبا الذين كانوا معهم كانت قدرتهم محدودة جدا على الحصول على الماء، والكهرباء، ومنتجات النظافة الشخصية، والملابس، والأغطية. أضافوا أنّ المحتجزين ينامون في خيم مكتظة تضمّ حتى عشرة أشخاص، من عائلات مختلفة غالبا. قال رجلان منهم لديهما أطفال صغار إنّهما يفتقدان إلى كمية كافية من الحليب والحفاضات لأطفالهما، واشتكيا من عدم اتخاذ السلطات أي تدابير لمنع تفشي فيروس كورونا. قال الرجال الأربعة ومحامية من "مركز لسبوس للقضايا القانونية" إنّ عناصر الشرطة الذين يحمون المواقع لا يسمحون لأحد في الداخل بالمغادرة، باستثناء الحالات الطبية الطارئة.

في 26 مارس/آذار، صدّق البرلمان اليوناني على مرسوم وزاري صادر في 1 مارس/آذار لتعليق تقديم طلبات اللجوء لـ30 يوما للأشخاص الذين دخلوا البلاد بطريقة غير قانونية، علما أنّه اتُخذ قبل أي تدابير لمعالجة تفشي فيروس كورونا في اليونان. يدعو هذا المرسوم إلى ترحيل الوافدين الجُدُد فورا "عند الإمكان، إلى بلدانهم الأصلية" أو إلى دول العبور، مثل تركيا، من دون تسجيلهم. لم يُشِر المرسوم اليوناني إلى أي منع لعدوى فيروس كورونا، إنما كان ردّ فعل على إعلان تركيا فتح حدودها مع "الاتحاد الأوروبي" أمام المهاجرين وطالبي اللجوء الذين يريدون المغادرة.

لم تتمّ أي عمليات ترحيل منذ ذلك الحين بسبب رفض تركيا استقبال أي مرحَّلين من اليونان. عوضا عن ذلك، بعد صدور القرار، جمعت السلطات اليونانية حوالي 1,974 شخصا وصلوا إلى اليونان منذ 1 مارس/آذار ونقلتهم إلى مركزَيْ احتجاز حديثين خارج مدينة سيرس على بُعد 350 كيلومتر شمال أثينا، وعلى قطعة أرض يملكها الجيش خارج بلدة مالاكسا، على بُعد 20 كيلومتر شمال أثينا. يستمرّ احتجاز وافدين جُدُد آخرين في المرافئ ومواقع الوصول.

في 14 مارس/آذار، نقلت سفينة حربية 436 مهاجرا، بمَن فيهم رجال ونساء وأطفال، إلى مركز احتجاز في مالاكاسا، وتابعت الحكومة نقل أفواج الوافدين الجُدُد إليه، وفق محتجزين في الداخل. في 20 مارس/آذار، نقلت السلطات 603 أشخاص على الأقلّ أيضا بسفينة من لسبوس وجزر يونانية أخرى إلى مركز الاحتجاز في سيرس. بحسب عمّال إغاثة يراقبون عمليات النقل والأشخاص في الداخل، تحرس الشرطة المركزَين. في 17 مارس/آذار، برّرت الحكومة نقل المهاجرين بأنّه جزء من استجابتها لفيروس كورونا.

قالت المحامية في مركز لسبوس للقضايا القانونية، التي تتواصل مع بعض الناس منذ وصولهم إلى لسبوس وتشيوس ونقلهم إلى مالاكاسا وسيرس، إنّ الشرطة أصدرت أمرا باحتجاز الناس الذين قابلتهم لثلاثة أيام في أوائل مارس/آذار، بانتظار ترحيلهم. مباشرة قبل نقلهم من جزيرة لسبوس إلى البر في 14 مارس/آذار، سلّمتهم الشرطة أمر ترحيل لـ "إعادتهم الفورية إلى تركيا". راجعت هيومن رايتس ووتش نسخا عن الوثيقتين.

قالت المحامية إنّ الحكومة اليونانية صرّحت علنا عن رغبتها في ترحيل هؤلاء الأفراد من دون منحهم فرصة تقديم طلبات اللجوء. لم يتّضح بعد ما ستفعله الحكومة بعد انتهاء فترة تعليق الطلبات التي تدوم 30 يوما. تقفل خدمة اللجوء أبوابها حتى 10 أبريل/نيسان على الأقلّ بسبب فيروس كورونا، ومن المستبعد أن توفّر معلومات إضافية في المستقبل القريب.

أصدرت "اتحادات طواقم الشرطة" في أثينا، وشمال شرق أتيكا، وغربها بيانا في 26 مارس/آذار أعربت فيه عن "غياب" تدابير النظافة في مالاكاسا، مضيفة أنّ الوضع في مواجهة فيروس كورونا "يتطور باضطراد وسيشتعل تدريجيا، وسط غياب أشكال الوقاية الصحية الأساسية (المراحيض، والنظافة، والكمامات، والقفازات، وعدد الأشخاص في الخيم، إلخ.)".

حاولت هيومن رايتس ووتش الاتصال بثلاثة أشخاص قيل إنّهم محتجزون في سيرس، لكنّ الكهرباء غير متوفّرة في المنشأة، وكانت هواتفهم مطفأة. أجرى الباحثون مقابلة مع رجل محتجز في مالاكاسا قال إنّه تحدّث إلى صديقة فور وصولها إلى سيرس، ومحاميا آخر تحدّث إلى ثلاثة أشخاص آخرين لدى وصولهم إلى سيرس أيضا. وفق الرجل والمحامي، الاكتظاظ والظروف غير الصحية هي ذاتها في مالاكاسا وسيرس.

ذكر اتحاد طاقم الشرطة في سيرس في 23 مارس/آذار أنّ مركز الاحتجاز "غير ملائم أبدا" و"من شأنه أن يخلق ظروف اختناق للقابعين فيه". وفق الاتحاد، وُضع كلّ عشرة محتجزين في خيمة تستوعب أصلا خمسة أشخاص، ومن المستبعد أن تتمكّن الخيم من تحمّل الطقس القاسي، علما أنّ الجوّ في سيرس بارد حاليا، مع انخفاض الحرارة ليلا إلى أربع درجات مئوية.

قالت هيومن رايتس ووتش إنّه لا يجوز لليونان أن تمدّد قرار 1 مارس/آذار لتعليق طلبات اللجوء لـ30 يوما للأشخاص الذين دخلوا البلاد بشكل غير قانوني. على الدولة أن تحرص على تطبيق جميع التدابير التي تتخذها لمواجهة فيروس كورونا من دون تمييز.

نشرت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي حرسها الحدودي الوطني من خلال "وكالة حرس الحدود وخفر السواحل الأوروبية (فرونتكس)" للعمل تحت القيادة التشغيلية لسلطات مراقبة الحدود اليونانية، وتشارك في اعتقال طالبي اللجوء المحتملين. على الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي التوقف عن أي مشاركة في عمليات فرونتكس التي لا تمتثل للمعايير الدولية المُلزمة لحقوق الإنسان.

على "المفوضية الأوروبية" حثّ اليونان على إعادة تسيير طلبات اللجوء للأشخاص الذين دخلوا اليونان بشكل غير قانوني، بما يتماشى مع القوانين الدولية وقوانين الاتحاد الأوروبي، كما عليها الضغط على السلطات اليونانية لعدم احتجاز الوافدين الجُدُد عشوائيا. عليها أيضا أن تربط دعمها لإدارة الحدود في اليونان بالتزامها بتأمين حقّ طلب اللجوء.

على المفوضية الأوروبية تحديدا أن تراقب الوضع الذي يواجهه طالبو اللجوء في مركزَيْ مالاكاسا وسيرس، وأن تعبّر للسلطات اليونانية عن مخاوفها إزاء رفض اليونان تقديم طلبات اللجوء، والظروف غير الملائمة، وعدم إتاحة الدعم القانوني، وخطر مواجهة هؤلاء الأشخاص الاحتجاز العشوائي والإعادة القسرية. ينبغي أن تتّخذ المفوضية إجراءات قضائية في حقّ اليونان، إذا لم تعد السلطات اليونانية فعليا إتاحة طلبات اللجوء، ولم تحترم معايير الاتحاد الأوروبي المُلزمة حول شروط استقبال الأشخاص الذين يلتمسون حماية دولية.

ينبغي تأمين منشآت ذات ظروف آمنة، وصحية، وتتسم بالنظافة تلائم المهاجرات والمهاجرين وأطفالهم، والسماح لهم بتقديم طلبات لجوء، بالإضافة إلى تلبية أيّ احتياجات للرعاية الصحية فورا.

قالت والي: "تدعو هيئات حقوق الإنسان الدولية وخبراء الصحة حول العالم السلطات إلى تخفيض عدد الأشخاص في مراكز الاحتجاز للحدّ من تفشي الفيروس. من غير المفهوم لماذا تسير اليونان عكس التيار وتعرّض الناس لخطر شديد على ما يبدو".

لمزيد من التفاصيل، يرجى الاطلاع على التقرير كاملا بالإنغليزية

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة