(بيروت) – قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم نقلا عن إفادات إن المحاكم الإيرانية أصدرت أو أيدت أربعة أحكام إعدام على الأقل منذ أواخر يونيو/حزيران 2020، متصلة بالاحتجاجات المتكررة ضد تدهور الأوضاع الاقتصادية والفساد الحكومي على مدى العامين الماضيين.
صدرت الأحكام بناء على تهم غامضة متصلة بالأمن القومي، ومُنع المدعى عليهم من الاتصال بمحامين، مع مزاعم بقيام السلطات بتعذيبهم أو ارتكاب انتهاكات بحقهم لانتزاع اعترافات بالإكراه. ينبغي للسلطات الإيرانية إلغاء أحكام الإعدام فورا.
قالت تارا سبهري فر، باحثة إيران في هيومن رايتس ووتش: "يبدو أن إيران ترى "المساءلة" على أنها الحكم على المرتبطين بالاحتجاجات في محاكمات جائرة، بدلا من التحقيق في الأدلة الدامغة على استخدام قوات الأمن المفرط للقوة ومقتل مئات المتظاهرين بالرصاص. ينبغي للقضاء إلغاء أحكام الإعدام الأخيرة فورا وضمان محاكمات عادلة للمتهمين المزعومين بجرائم يمكن تحديدها".
في 24 يونيو/حزيران، أفادت "وكالة أنباء نشطاء حقوق الإنسان" )هرانا( بأن المحكمة العليا الإيرانية أيدت أحكام الإعدام بحق أمير حسين مرادي، وسعيد تمجيدي، ومحمد رجبي، وهم ثلاثة شبان قُبض عليهم بعد مشاركتهم في احتجاجات نوفمبر/تشرين الثاني 2019، بتهم "المشاركة في التدمير والحرق بهدف مجابهة جمهورية إيران الإسلامية". بعد ذلك بيوم واحد، نقلت "وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء" أن مصدرا مطلعا نفى أن تكون "المحكمة العليا" قد أيدت الأحكام.
لكن في 10 يوليو/تموز، غرّد مصطفى نيلي، عضو الفريق القانوني الذي اختارته الأسرة، قائلا إن المحكمة العليا أيدت أحكام الإعدام. في وقت سابق، ذكر نيلي، والمحاميان الآخران باباك باكنيا وحسين تاج، اللذان اختارتهما أُسر المحكوم عليهم، في منشورات على حساباتهم على وسائل التواصل الاجتماعي أن السلطات رفضت طلباتهم قراءة لائحة الاتهام والتهم وتقديم الدفاع عن موكليهم.
اعتقلت السلطات مرادي في 19 نوفمبر/تشرين الثاني، بعد مشاركته في وقت سابق في الاحتجاجات في طهران. قال مصدر فضل عدم الكشف عن هويته لـ هيومن رايتس ووتش في 5 يوليو/تموز، إن عناصر من الشرطة وأمن سجن إيفين ضربوا مرادي بشدة، وهو لديه الصدفية، مرض ناتج عن المناعة الذاتية يسبب تهيجا مزمنا للجلد وقد يتفاقم بسبب التوتر. دخل مرادي المستشفى بين 15 مارس/آذار و16 مايو/أيار بسبب حالته الصحية.
أضاف المصدر أن السلطات اعتقلت تمجيدي ورجبي في 28 ديسمبر/كانون الأول وضربتهما أثناء الاحتجاز.
نقلت وكالة هرانا أن المدعى عليهم الثلاثة ظهروا في الفرع 15 من محكمة طهران الثورية يومي 24 و25 يناير/كانون الثاني، إلى جانب امرأتين هما مجغان إسكندري وشيما ر. حكمت المحكمة لاحقا على مرادي وتمجيدي ورجبي بالإعدام بتهمة "المشاركة في التدمير والحرق بهدف مجابهة جمهورية إيران الإسلامية".
قال المصدر إن المحكمة أدانت أيضا مرادي بالمشاركة في سطو مسلح، نتيجة مزاعم أنه حاول أخذ كاميرا من قوات الأمن خلال الاحتجاجات. قال مصدر آخر فضل عدم ذكر اسمه إن قاضي المحاكمة تجاهل أقوال المتهمين إنهم تعرضوا للتعذيب والإكراه للإدلاء باعترافات.
في قضية منفصلة، في 30 يونيو/حزيران، قال المتحدث باسم القضاء غلام حسين إسماعيلي إن الفرع 15 من المحكمة الثورية في طهران حكم على روح الله زم، صحفي ومدير قناة "آمادنيوز" المعروفة على "تيلغرام"، تطبيق المراسلة الشائع، بالإعدام بتهمة "الإفساد في الأرض". واجه زم 17 تهمة، منها تأسيس "آمادنيوز" لزعزعة الأمن القومي، والتجسس لصالح المخابرات الفرنسية والإسرائيلية، والتجمع والتواطؤ ضد الأمن القومي.
في 19 أكتوبر/تشرين الأول، أصدرت استخبارات الحرس الثوري بيانا قالت فيه إنها اعتقلت زم، وهو ناشط سياسي كان إلى ذلك الحين يعيش في المنفى في باريس. لم يحدد البيان مكان اعتقاله، لكن عائلته قالت إنه كان في طريقه إلى العراق آنذاك.
أصبحت "آمادنيوز" إحدى أكثر مصادر المعلومات شعبية لدى الإيرانيين خلال الاحتجاجات الواسعة في ديسمبر/كانون الأول 2017 ويناير/كانون الثاني 2018. آنذاك، أعلن، المدير التنفيذي لشركة تليغرام بافل دوروف أن التطبيق أوقف قناة آمادنيوز لأنها وجّهت مشتركيها باستخدام قنابل مولوتوف ضد الشرطة بحسب الزعم.
في 1 يوليو/تموز، نشر محمد علي زم، وهو مسؤول حكومي سابق ووالد روح الله، صورة لرسالته إلى رئيس السلطة القضائية، قال فيها إنه لم يُسمح للمحامي في قضية ابنه بمقابلة موكله على انفراد. قال إنه لم يكن لدى ابنه أي اتصال بزوجته وابنته اللتين تعيشان في فرنسا، أو والديه في إيران، على مدى الأشهر التسعة الماضية.
في 27 يونيو/حزيران، قال رئيس السلطة القضائية في محافظة أصفهان أيضا خلال صلاة الجمعة إن ثمانية أشخاص اعتقلوا خلال احتجاجات ديسمبر/كانون الأول 2017 ويناير/كانون الثاني 2018 ونوفمبر/تشرين الثاني 2019 حُكم عليهم بتهمة "الإفساد في الأرض" دون تفاصيل. "الإفساد في الأرض" تهمة غامضة ضد الأمن القومي يمكن أن تصل عقوبتها إلى الإعدام.
ردت قوات الأمن على الاحتجاجات الواسعة على مدى السنوات الثلاث الماضية باستخدام مفرط للقوة والاعتقالات الجماعية للمتظاهرين، واستخدمت القوة المفرطة والقوة القاتلة غير القانونية في مواجهة الاحتجاجات الواسعة التي بدأت في 15 نوفمبر/تشرين الثاني 2019. وفقا لـ "منظمة العفو الدولية"، قُتل 304 أشخاص على الأقل خلال الاحتجاجات.
في 26 نوفمبر/تشرين الثاني، قال وزير الداخلية عبد الرضا رحماني فضلي على شاشة التلفزيون الحكومي إن 731 مصرفا و140 منشأة عامة تعرضت للتخريب على يد "مثيري الشغب".
في 1 يونيو/حزيران، قال مجتبى ذو النور، رئيس لجنة الأمن القومي البرلمانية الإيرانية، إن 230 شخصا قتلوا خلال الاحتجاجات. زعم مقتل 7% منهم في مواجهة مباشرة مع عناصر الأمن و16% في هجمات ضد أماكن عسكرية، وأن سبب وفاة 26% منهم ما يزال مجهولا. لم تنشر السلطات أي تحقيق مفصل ولم تُحاسب أي شخص على الانتهاكات.
بحسب غلام حسين محسني إيجئي، المتحدث السابق باسم السلطة القضائية، قُتل 25 شخصا أيضا خلال الاحتجاجات في ديسمبر/كانون الأول 2017 ويناير/كانون الثاني 2018.
تعارض هيومن رايتس ووتش عقوبة الإعدام في جميع الظروف، لأنها بطبيعتها قاسية ولا رجعة فيها.
بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، للجميع الحق في حرية التعبير والتجمع السلمي، كما ورد في "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية"، وإيران دولة طرف فيه.
يضمن القانون الدولي لأي متهم بارتكاب جريمة الوصول إلى محام في جميع مراحل الإجراءات الجنائية، بما فيها خلال التحقيق، وإجراءات ما قبل المحاكمة وأثناءها. تنصّ المادة 1 من "مبادئ الأمم المتحدة الأساسية بشأن دور المحامين" على أن "لكل شخص الحق في طلب المساعدة من محام يختاره بنفسه لحماية حقوقه وإثباتها، وللدفاع عنه في جميع مراحل الإجراءات الجنائية".
بموجب "المبادئ الأساسية المتعلقة باستخدام موظفي إنفاذ القانون للقوة والأسلحة النارية"، لا يمكن لموظفي إنفاذ القانون اللجوء إلى استخدام القوة إلا بقدر الضرورة وبالدرجة التي تؤدي إلى تحقيق هدف مشروع فيما بتعلق بفرض الأمن. وعند استخدام القوة، على مسؤولي إنفاذ القانون تقليل الضرر والإصابات، واحترام الحياة البشرية والحفاظ عليها. الاستخدام المتعمد للقوة القاتلة يُسمح به فقط عند الضرورة القصوى لحماية الحياة.
قالت سبهري فر: "إعدام أولئك الذين خرجوا إلى الشارع مدفوعين بإحباطهم من الفساد وعدم محاسبة المسؤولين سيزيد مرارة الناس الذين سحقهم الوضع الاقتصادي المتدهور. المحاكمة العادلة والإجراءات القانونية الواجبة ضرورية لأي شخص متهم بارتكاب جريمة، ولكن علاوة على ذلك، في القضايا التي تنطوي على عقوبة الإعدام غيابها سيؤدي إلى ظلم خطير لا رجعة فيه".