(لندن) — قالت "هيومن رايتس ووتش" ومنظمة "فيرسكوير بروجكتس" اليوم إنّ على "الدوري الإنغليزي الممتاز" أن يحترم حقوق الإنسان في جميع أعماله، بما في ذلك تقييمه لمحاولة صندوق سيادي سعودي شراء "نادي نيوكاسل يونايتد". على الدوري الإنغليزي الممتاز و"الاتحاد الإنغليزي لكرة القدم" التفكير في اعتماد سياسة حقوقية شاملة تتماشى مع السياسة التي وضعها "الاتحاد الدولي لكرة القدم" (الفيفا) في 2017.
راسلت هيومن رايتس ووتش في يونيو/حزيران، وفيرسكوير بروجكتس في أبريل/نيسان، بشكل منفصل الرئيس التنفيذي للدوري الإنغليزي الممتاز ريتشارد ماسترز بخصوص مخاوفهما من صفقة الشراء المحتملة من "صندوق الاستثمارات العامة" السعودي. أجوبة الدوري الموجزة التي تضمّنت عبارات متشابهة لم تنجح في تبديد المخاوف المطروحة حول استيفاء الشاري لشروط فحوصات الدوري للشراة المحتملين. لم يذكر الدوري أيضا ما إذا كان سيأخذ سجلّ السعودية الحقوقي في الاعتبار عند النظر في صفقة البيع، واكتفى بالقول إنّ البيع إلى "شركة مقرّها في السعودية" خضع لإجراءات واجبة "لا يمكن القيام بها علنا والتعليق عليها".
قال بنجامين وورد، مدير مكتب هيومن رايتس ووتش في المملكة المتحدة: "ينبغي ألّا يضع الدوري الإنغليزي الممتاز سياسة الفيفا الحقوقية جانبا ويتجاهل انتهاكات السعودية الحقوقية أثناء نظره في صفقة بيع أحد أنديته إلى صندوق سيادي سعودي. قد يشكّل اعتماد سياسة حقوقية شاملة وإدراج حقوق الإنسان كمعيار لتقييم الشراة المحتملين لأندية كرة القدم قدوة إيجابية يُحتذى بها".
في 6 يوليو/تموز، اعتمدت المملكة المتحدة نظام عقوبات عالمي جديد لحقوق الإنسان يشمل تجميد الأصول، وحظر السفر بحقّ 20 رجلا سعوديا لهم علاقة بجريمة قتل الصحفي جمال خاشقجي في أكتوبر/تشرين الأول 2018. من بين هؤلاء سعود القحطاني، مستشار سابق مقرّب من ولي العهد محمد بن سلمان ورئيس مجلس إدارة صندوق الاستثمارات العامة السعودي.
قدّم الصندوق السعودي عرضه لشراء نادي نيوكاسل يونايتد في يناير/كانون الثاني، لكنّ الدوري الإنغليزي الممتاز ينظر في صفقة البيع منذ ذلك الحين. في 30 يونيو/حزيران، مثل ماسترز أمام "اللجنة الرقمية والثقافية والإعلامية والرياضية" في البرلمان البريطاني وقال إنّ صفقة البيع المحتملة "معقّدة"، مضيفا أنّه "عندما تطول [إجراءات الموافقة] أحيانا، تكون هناك حاجة إلى معلومات". ليس من الواضح ما هي المعلومات التي كان ماسترز يشير إليها في حديثه.
واجهت السعودية تدقيقا غير مسبوق في انتهاكاتها الحقوقية منذ تسلّم بن سلمان ولاية العهد في يونيو/حزيران 2017. في نوفمبر/تشرين الثاني 2019، وثّق تقرير لـ هيومن رايتس ووتش بعنوان "الثمن الفادح للتغيير: تشديد القمع في عهد محمد بن سلمان يشوّه الإصلاحات" كيف أنّ تعيين بن سلمان وليا للعهد تزامن مع إعادة تنظيم أجهزة النيابة العامة والأمن، أدوات القمع الأساسية في المملكة، ووضعها تحت إشراف الديوان الملكي مباشرة.
بدأت السلطات السعودية بعدها بشنّ سلسلة من حملات الاعتقال، استهدفت فيها رجال دين مستقلّين ومفكّرين بارزين، وناشطات بارزات في مجال حقوق المرأة. أفادت ناشطات حقوق المرأة ونشطاء آخرين عن التعرّض للتعذيب على يَد السلطات في الاحتجاز. السعودية بلد ذو أولوية بالنسبة إلى وزارة الخارجية والكومنولث في بريطانيا بسبب سجلّها الحقوقي المتردّي.
في يونيو/حزيران 2019، نشرت أغنيس كالامارد، المقرّرة الخاصة بحالات الإعدام خارج القضاء، نتائج تحقيقها في مقتل خاشقجي. وجدت كالامارد أدلّة تشير إلى أنّ المسؤولية عن مقتل خاشقجي تتجاوز الـ 11 متهما بالقتل قيد المحاكمة حاليا في السعودية، وأن مهمة إعدام خاشقجي تطلبت "تنسيقا حكوميا وموارد وتمويلات كبيرة". أكدت المقررة الخاصة وجود أدلة موثوقة تستدعي المزيد من التحقيق مع مسؤولين سعوديين رفيعي المستوى، بمن فيهم بن سلمان، بسبب دورهم في الجريمة.
يشغل ولي العهد أيضا منصب وزير الدفاع السعودي منذ 2015، ووثّقت هيومن رايتس ووتش منذ مارس/آذار 2015 غارات جوية غير قانونية شنّها التحالف بقيادة السعودية في اليمن لتفجير منازل، وأسواق، ومستشفيات، ومدارس، وجوامع. قد ترقى بعض هذه الهجمات إلى جرائم حرب. في نوفمبر/تشرين الثاني 2018، خلال زيارة بن سلمان إلى بوينس آيرس لحضور "قمّة مجموعة العشرين"، اتخذ القضاء الأرجنتيني خطوات للتحقيق رسميا في المسؤولية المحتملة عن جرائم حرب في اليمن والتعذيب المزعوم لمواطنين سعوديين.
الدوري الإنغليزي الممتاز مسؤول عن احترام حقوق الإنسان في جميع عملياته. تذكر "المبادئ التوجيهية بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان في الأمم المتحدة" هذه المسؤوليات، بما فيها التوقّع من الشركات أن تتبنّى سياسات محدّدة وتتوخّى العناية الواجبة لتحديد أي مخاطر تساهم في الإضرار بالحقوق. قد يشمل الضرر منح منافع متعلّقة بالسمعة تساعد في التستّر على الانتهاكات الحقوقية. حقوق الإنسان غير واردة حاليا ضمن خانة "فحص المالكين والمدراء" في الدليل الحالي للدوري الإنغليزي الممتاز، رغم تزايد امتلاك كيانات تابعة لدول أو أفراد مقرّبين من زعماء الدول لأندية كرة القدم البارزة في أوروبا.
بضغط من النشطاء، والمشجّعين، والرعاة، عدّل الفيفا لوائحه في 2017، وأسّس مجلسا استشاريا لحقوق الإنسان واعتمد سياسة خاصة بحقوق الإنسان تذكر أنّ "التزامات حقوق الإنسان ملزمة لجميع هيئات ومسؤولي الاتحاد". تنصّ السياسة الجديدة على أنّ مقدّمي العروض لاستضافة فعاليات الفيفا عليهم ذكر جميع المخاطر الحقوقية وتقديم استراتيجية لمعالجتها، وتضيف أنّ الاتحاد سيرسّخ مبدأ احترام الحقوق الإنسان في الهيئات الأعضاء فيه.
قال جايمس لينش، المدير المؤسس لـ فيرسكوير: " القضية المطوّلة لعرض شراء نادي نيوكاسل فضحت أوجُه القصور في الترتيبات الراهنة للدوري الإنغليزي الممتاز في تقييم المخاطر الحقوقية وإدارتها. من شأن سياسة راسخة تُصاغ بحسن نية وبدعم مؤسساتي كامل لتطبيقها أن تقطع أشواطَ في حماية الدوري في المستقبل".