(بيروت) - قالت "هيومن رايتس ووتش'' اليوم إن على الحكومة المصرية التراجع عن قرارها التعسفي والذي ينطوي على انتهاكات، الصادر في ديسمبر/كانون الأول 2020، بسحب الجنسية من الناشطة السياسية غادة نجيب. على البرلمان تعديل قوانين الجنسية المسيئة بما يتماشى مع التزامات الحقوقية الدولية المترتبة على مصر.
نشرت "الجريدة الرسمية" المصرية في 24 ديسمبر/كانون الأول 2020 قرار الحكومة الموقع من قبل رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، الذي يقضي بتجريد نجيب المقيمة بالخارج من جنسيتها المصرية. يستند الإجراء إلى القانون رقم 26 لعام 1975، الذي يمنح الحكومة سلطة القيام بذلك دون مراجعة قضائية.
قال جو ستورك، نائب مدير الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "قرار مصر إسقاط الجنسية عن غادة نجيب سابقة مروعة وخطيرة. السلطات المصرية تنحدر إلى مستوى جديد في معاقبة المعارضين".
نجيب (49 عاما) ناشطة سياسية تعيش في تركيا منذ أواخر 2015 مع عائلتها. القانون رقم 26 لسنة 1975 بشأن الجنسية المصرية هو عرضة لسوء الاستخدام لأنه يمنح السلطات التنفيذية سلطة تقديرية كبيرة، دون إشراف أو مراجعة قضائية، في تجريد المصريين من جنسيتهم.
بموجب المادة 16، يجوز لرئيس الوزراء تجريد أي شخص، سواء كان مولودا مصريا أو مُجنّسا، من جنسيته المصرية لأسباب عدة، منها "إذا كانت إقامته العادية [أي الدائمة] في الخارج وصدر حكم بإدانته في جناية من الجنايات المضرة بأمن الدول من جهة الخارج". تم الاستناد لهذه الفقرة في قرار الحكومة ضد نجيب. تمنح المادة 15 من القانون نفسه الحكومة سلطات أوسع لنزع الجنسية عن أولئك الذين حصلوا على الجنسية عن طريق التجنيس.
يشير قرار الحكومة إلى أن نجيب ولدت في القاهرة، لكن القرار ادعى – على خلاف الحقيقية– أنها "سورية الجنسية أصلاً". أطلعت نجيب هيومن رايتس ووتش على وثائق هوية ووثائق مدرسية تؤكد أنها مصرية ولدت في القاهرة، حيث نشأت وارتادت المدرسة. عاشت معظم حياتها في مصر ولم تعش في سوريا إطلاقا. ولدت لأم مصرية وأب سوري ولكن لم تحمل سوى جواز سفر مصري.
كثيرا ما استهدفت وسائل الإعلام الحكومية والموالية لها نجيب وزوجها الممثل والمقدم التلفزيوني المصري هشام عبد الله بسبب أنشطتهما المعارضة منذ أواخر 2013. سبق أن وثّقت هيومن رايتس ووتش أن الحكومة ضايقت، وأرهبت، واعتقلت أعضاء من أسرتيهما في مصر في يوليو/تموز وأغسطس/آب 2018.
في يناير/كانون الثاني 2019، قضت محكمة جنايات في الجيزة تشرف على قضايا متعلقة بـ "الإرهاب" و"أمن الدولة"، غيابيا، بسجن نجيب وعبد الله خمس سنوات، في محاكمة جماعية لأكثر من 25 متهما فيما يعرف بـ "إعلام الإخوان" (قضية رقم 1102 لسنة 2017 حصر أمن الدولة العليا "طوارئ")، بتهمة الانضمام إلى منظمة "أسست على خلاف أحكام القانون"، ونشر أخبار كاذبة لزعزعة الأمن القومي.
راجعت هيومن رايتس ووتش حكم المحكمة، الذي يظهر أن القضية برمتها استندت إلى مزاعم ضباط "الأمن الوطني" حول الأنشطة السياسية السلمية للمتهمين. واتهم ضباط الأمن الزوجين بالتآمر لقلب نظام الحكم من خلال العمل الإعلامي، والسياسي، والحقوقي. التهم تنتهك حقوقا أساسية، منها حرية تكوين الجمعيات وحرية التعبير. قالت هيومن رايتس ووتش إنه يجب إلغاء أحكام المحكمة.
في منتصف ديسمبر/كانون الأول 2020، اعتقلت القوات الأمنية خمسة من أولاد شقيق هشام عبد الله من محافظتَي مرسى مطروح وكفر الشيخ. فُقد أثرهم طيلة يومين. في 23 ديسمبر/كانون الأول، أمرت نيابة أمن الدولة باحتجاز الخمسة جميعا على ذمة التحقيق بتهم الانضمام إلى منظمة إرهابية وتمويلها. وثقت هيومن رايتس ووتش نمطا متصاعدا مارست فيه السلطات المضايقات والاعتقال والملاحقة بحق أقارب المعارضين في الخارج.
قالت نجيب لـ هيومن رايتس ووتش إنها لم تتمكن فورا من توكيل محام لاستئناف قرار السلطات في مصر. وقالت إن القنصلية المصرية في اسطنبول رفضت مرارا تقديم الخدمات القنصلية إليها.
منذ 2014، استندت حكومة الرئيس السيسي إلى المادة 15 من قانون الجنسية لتجريد العشرات، بل على الأرجح المئات، من الجنسية المصرية، معظمهم ولدوا لآباء فلسطينيين وأمهات مصريات وتم تجنيسهم.
في 2004، عدلت مصر قانون الجنسية لتصحيح التمييز ضد المرأة من خلال السماح لمن يُولد لأمهات مصريات وآباء أجانب بالحصول على الجنسية المصرية أسوة لمن يُولد للرجال المصريين. مع ذلك، كان على من ولدوا قبل تعديل 2004 تقديم طلبات للتجنس، والتي اعتادت وزارة الداخلية أن ترفضها.
في أعقاب انتفاضة 2011، منحت الحكومة العديد من هؤلاء الأشخاص الجنسية المصرية، ولكن في أعقاب الانقلاب العسكري عام 2013، سحبت الحكومة الجنسية من العديد ممن حصلوا عليها في 2011 و2012. بالإضافة إلى ذلك، علمت هيومن رايتس ووتش بعدة حالات قامت فيها السلطات بتجريد المصريين المولودين في مصر لأبوين مصريين من جنسيتهم، لا سيما الرجال والنساء المصريين المتزوجين من فلسطينيين، أو إسرائيليين، أو فلسطينيين يحملون الجنسية الإسرائيلية.
تنص المادة 15 من "الإعلان العالمي لحقوق الإنسان" على أنه "لا يجوز، تعسُّفا، حرمانُ أيِّ شخص من جنسيته". قوانين الجنسية المصرية تتعارض مع القانون الدولي بشأن الحق في الجنسية. تُلزم "الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري" لعام 1965 الدول في المادة 5 بـ "بضمان حق كل إنسان، دون تمييز بسبب العرق أو اللون أو الأصل القومي أو الإثني، في المساواة أمام القانون"، ولا سيما في التمتع بحقوق الإنسان الأساسية، منها "الحق في الجنسية". كما تدعو "اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة" (سيداو) الدول إلى منح المرأة حقوق متساوية مع الرجل فيما يتعلق بجنسية أولادها.
تذهب "اتفاقية الأمم المتحدة بشأن خفض حالات انعدام الجنسية" أبعد من ذلك في المادة 9، التي تنص على أنه "لا يجوز للدول المتعاقدة تجريد أي شخص أو أية مجموعة من الأشخاص من جنسيتهم لأسباب عنصرية أو إثنية أو دينية أو سياسية. قال "مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة" في قرارات عدة إن الحرمان التعسفي من الجنسية، بما في ذلك لأسباب سياسية، هو "انتهاك لحقوق الإنسان والحريات الأساسية" وإن الحكومات تستخدمه لحرمان الناس من حقوق الإنسان الأساسية.
قال ستورك: "يبدو أن الحكومة المصرية عازمة على نزع الجنسية عن معظم المولودين لأمهات مصريات وآباء أجانب، وهي بذلك تميز ضد النساء وأطفالهن. على السلطات المصرية أن تعيد فورا الجنسية إلى غادة نجيب وتتوقف عن استخدام الجنسية كسلاح لإسكات المنتقدين السياسيين".