(بيروت) - قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن على السلطات المصرية الإفراج فورا عن طالب ماجستير في الأنثروبولوجيا في " جامعة أوروبا الوسطى "، أو تقديم أدلة على ارتكابه مخالفات جنائية حقيقية.
اعتقل عناصر الشرطة الطالب أحمد سمير سنطاوي في 1 فبراير/شباط 2021، ويُزعم أنهم ضربوه. أمرت النيابة باحتجازه على ذمة التحقيق بناء على مزاعم "انضمامه إلى جماعة إرهابية" و"نشر أخبار كاذبة". يندرج اعتقال سنطاوي تحت نمط الاعتقال التعسفي بحق الأكاديميين والمنتقدين المصريين عند عودتهم من الخارج.
قال جو ستورك، نائب مدير الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "يبدو أن اعتقال سنطاوي واحتجازه تعسفيَان تماما وجزء من نمط معاقبة الأصوات المستقلة. للأسف، سنطاوي واحد من أكاديميين ومنتقدين عدة سُجنوا ويواجهون تهم إرهاب مزعومة عند عودتهم من الخارج."
قالت شريكة سنطاوي البلجيكية سهيلة يلدز، وأحد أقربائه، لـ هيومن رايتس ووتش إن الشرطة احتجزت سنطاوي بمعزل عن العالم الخارجي لخمسة أيام، حتى 6 فبراير/شباط، ثم عرضته على نيابة أمن الدولة العليا، وهي فرع تابع للنيابة العامة وثقت ضده انتهاكات ويشرف بشكل مستمر على الاعتقالات الجائرة. تسمح الإجراءات الجنائية المصرية للنيابة باحتجاز الأشخاص حتى خمسة أشهر من دون مثولهم أمام قاضٍ.
قالت يلدز إنه، فور وصول سنطاوي من فيينا إلى مطار شرم الشيخ الدولي في مصر في 15 ديسمبر/كانون الأول 2020 في إجازة، استجوبه ضباط المطار لساعتين حول دراسته في الخارج، قبل السماح له بالمغادرة. في 23 يناير/كانون الثاني، داهم سبعة ضباط وجنود مسلّحين من وزارة الداخلية و"قطاع الأمن الوطني" منزل عائلته في القاهرة، وفتشوه، وصادروا تسجيلات كاميرا المراقبة في المنزل من دون إبراز مذكرة تفتيش أو توقيف، بحسب شكاوى رسمية قدمتها الأسرة للسلطات واطلعت عليها هيومن رايتس ووتش.
قالت يلدز وقريب سنطاوي إنّه لم يكن في المنزل، وترك الضباط مذكرة يأمرونه فيها بمقابلة ضابط الأمن الوطني في قسم شرطة التجمع الخامس بالقاهرة. قالا إن سنطاوي قصد الضابط في 30 يناير/كانون الثاني، لكن الضباط في القسم أمروه أن يعود خلال يومين، فلبّى ذلك في 1 فبراير/شباط، لكنه لم يعُد إلى منزله. تعتقد الأسرة أنه نُقل إلى مبنى تابع لـ الأمن الوطني، حيث احتُجز بمعزل عن العالم الخارجي لخمسة أيام ومُنع من الاتصال بأسرته وبمحامين.
مثُل سنطاوي أمام نيابة أمن الدولة للاستجواب في 6 فبراير/شباط. أُضيف إلى القضية رقم 65 لـ 2021، متهما بـ "الانضمام إلى جماعة إرهابية" و"نشر أخبار كاذبة". تشمل القضية الصحفيتين المعتقلتين تعسفا نرمين حسين ونجلاء فتحي فؤاد، الموقوفتَيْن في مارس/آذار ويونيو/حزيران 2020 على التوالي، وأُمر باحتجازهما في هذه القضية رغم أوامر المحكمة بالإفراج عنهما في قضايا سابقة بناء على الاتهامات نفسها. تؤيّد نيابة أمن الدولة روتينيا المزاعم الأمنية، غير المدعومة بالأدلة، لاحتجاز النشطاء السلميين.
قال قريب سنطاوي إنّ الاستجوابات ركّزت على دراساته، ونشاطه، ومنشوراته على "فيسبوك" التي نفى كتابتها.
قال محامي سنطاوي لموقع "المنصّة" إنّ سنطاوي أبلغ النيابة بأنه تعرض للضرب المبرح أثناء استجوابه في مكتب الأمن الوطني داخل قسم الشرطة.
وقالت يلدز إن نيابة أمن الدولة جددت، في 17 فبراير/شباط، حبس سنطاوي 15 يوما إضافيا، في غيابه هو ومحاميه. في 23 فبراير/شباط، اتهمته النيابة أيضا بـ "تمويل منظمة إرهابية"، بناء على تحقيقات لم يُسمح لسنطاوي ولا لمحاميه بمراجعتها.
وفقا لرسائل إلكترونية تلقّتها هيومن رايتس ووتش من رئيس اتحاد الطلاب في جامعة أوروبا الوسطى، ركز عمل سنطاوي الأكاديمي على الحقوق الإنجابية للمرأة.
سنطاوي أحد المصريين الذين اعتُقلوا تعسفا، وفي بعض الحالات اختفوا، وحوكموا لدى عودتهم إلى مصر. في 22 فبراير/شباط، اعتقلت سلطات المطار جمال الجمل، صحفي سياسي معروف، لدى عودته من تركيا، واقتادته إلى نيابة أمن الدولة، بعد احتجازه بمعزل عن العالم الخارجي لخمسة أيام. أضافت النيابة الجمل إلى القضية رقم 977 لـ 2017، التي تضم عشرات الصحفيين والناشطين، وأمرت بحبسه احتياطيا بتهمة نشر أخبار كاذبة وإساءة استخدام منصات التواصل الاجتماعي، على ما يبدو بناء على كتاباته فقط.
في 7 فبراير/شباط 2020، اعتقلت السلطات باحث الحقوق الجندرية في "المبادرة المصرية للحقوق الشخصية" (المبادرة المصرية) باتريك جورج زكي في مطار القاهرة لدى عودته من دراسته في إيطاليا. أخبر محاموه المبادرة المصرية عن مزاعم أن عناصر الأمن الوطني عذبوه، بما يشمل صعقه بالكهرباء. منذئذ، تحبسه النيابة والقضاة احتياطيا بتهم تشمل نشر أخبار كاذبة، والدعوة لمظاهرات من دون تصريح، والتحريض على ارتكاب أعمال عنف وجرائم إرهابية، من دون تقديم أي دليل على ارتكابه هذه المخالفات.
استجوبت قوات الأمن في مطار القاهرة الدولي الصحفي في "الجزيرة" هشام عبد العزيز، واعتقلته لاحقا لدى وصوله من قطر لقضاء إجازته السنوية في 20 يونيو/حزيران 2019. أمرت نيابة أمن الدولة باحتجاز عبد العزيز بتهم "الانتماء إلى جماعة إرهابية ونشر أخبار كاذبة". يقبع في سجن طرة من دون محاكمة منذ ذلك الحين، وقالت زوجته سميرة الطاهر على وسائل التواصل الاجتماعي إنّ وضعه الصحي يتراجع، وتحتاج عينه إلى رعاية طبية غير متوفرة في السجن. في يناير/كانون الثاني 2019، اعتقلت قوات الأمن المصور والمراسل الصحفي أحمد جمال زيادة، فور وصوله إلى مطار القاهرة من رحلة عمل في تونس، واحتجزته بمعزل عن العالم الخارجي لـ 14 يوما. أُفرج عن زيادة بكفالة في 9 مارس/آذار 2019.
اعتقلت قوات الأمن وليد سالم، طالب دكتوراه في "جامعة واشنطن"، في مارس/آذار 2018، واحتجزته لسبعة أشهر بسبب أبحاثه حول النظام القضائي المصري. أُفرج عنه بشروط في ديسمبر/كانون الأول 2018، لكنه ما يزال خاضعا للمنع من السفر.
في 14 فبراير/شباط 2018، داهمت قوات الأمن الوطني منزل المرشح الرئاسي السابق ورئيس "حزب مصر القوية" عبد المنعم أبو الفتوح، بعد يوم من عودته من لندن حيث أجرت معه الجزيرة و"بي بي سي" مقابلات دقيقة. يُحتجز من دون محاكمة رغم تجاوز أقصى مدة للحبس الاحتياطي والبالغة سنتين، التي ينصّ عليها القانون المصري.
في 29 نوفمبر/تشرين الثاني 2015، أوقف ضباط الأمن في مطار الغردقة الصحفي والباحث المستقل إسماعيل الإسكندراني، واستجوبوه عند عودته من ألمانيا. أمرت النيابة باحتجازه بتهمة الانتماء إلى جماعة غير شرعية ونشر أخبار كاذبة. أحيل إلى النيابة العسكرية في ديسمبر/كانون الأول 2017، وحكمت عليه محكمة عسكرية بالسجن عشر سنوات في مايو/أيار 2018.
قال ستورك: "يوجّه نمط اعتقال الأصوات الناقدة عند عودتها إلى مصر رسالة إلى الأشخاص في الخارج بأنه غير مرحب بهم في بلادهم، وإلى الأشخاص في الداخل بأنهم ليسوا بأمان إذا انتقدوا الحكومة. على الحكومة المصرية إنهاء اعتقالاتها التعسفية وعدم تسامحها المطلق مع المنتقدين".