(بيروت) - قالت "هيومن رايتس ووتش'' اليوم إن السلطات الإيرانية استخدمت على ما يبدو القوة المفرطة ضد متظاهرين في جنوب غرب إيران احتجوا على عدم حصولهم على المياه. ينبغي للسلطات التحقيق بشفافية في وفاة ثلاثة متظاهرين على الأقل، بحسب تقارير، ومحاسبة المسؤولين. ينبغي للحكومة أيضا الإسراع في معالجة المظالم القائمة منذ فترة طويلة بشأن الحصول على المياه.
منذ 15 يوليو/تموز 2021، خرج الناس في عشرات البلدات والمدن في محافظة خوزستان، التي يسكنها عدد كبير من السكان العرب، إلى الشوارع كل مساء محتجين على صعوبات الحصول على المياه في مناطقهم. أفادت عائلات خلال مقابلاتها مع وسائل إعلامية حكومية عن وفاة رجلين خلال الاحتجاجات، بينما تُظهر مقاطع الفيديو المنشورة على وسائل التواصل عناصر الأمن يستخدمون الأسلحة النارية والغاز المسيل للدموع، ويطلقون النار على المتظاهرين. في 21 يوليو/تموز، أفادت "وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية" عن مقتل متظاهر ثالث في مدينة إيزيه وشرطي في مدينة طالقاني. تشير تقارير غير مؤكدة إلى حصيلة محتملة أعلى من القتلى والجرحى.
قالت تارا سبهري فر، باحثة إيران في هيومن رايتس ووتش: "للسلطات الإيرانية تاريخ مقلق للغاية في ردها بالرصاص على المتظاهرين المحبطين من الصعوبات الاقتصادية المتزايدة وتدهور الظروف المعيشية. ينبغي للسلطات الحكومية ضمان الحق في التجمع السلمي ومنع قوات الأمن من استخدام القوة المفرطة".
ثمة مخاوف قائمة منذ زمن بعيد في مختلف أنحاء إيران، وخصوصا خوزستان، بشأن سوء إدارة الموارد المائية والتلوث الناجم عن الأعمال النفطية. حذر خبراء البيئة على مدى عقود من أن مشاريع التنمية في خوزستان الغنية بالنفط، بما فيها بناء السدود الكهرومائية، وشبكات الري، وتحويل المياه إلى المقاطعات المجاورة، تتسبب في أضرار بيئية وتؤدي إلى نقص المياه، ما يؤثر على مجموعة من الحقوق.
في 16 يوليو/تموز، قال عميد صابريبور، القائم بأعمال محافظ مدينة شاديجان، لصحيفة "همشهري" إن "مثيري الشغب" أطلقوا النار على شاب أثناء الاحتجاجات متسببين بمقتله. قالت عائلته إن الضحية كانت مصطفى نعيموي (30 عاما). قال أفراد من عائلة قاسم ناصري (أيضا قاسم خوزيري) لـ "وكالة أنباء فارس" إنه أصيب برصاصة قاتلة أثناء عودته من العمل.
في 20 يوليو/تموز، أفادت "وكالة أنباء الناشطين في حقوق الإنسان" أنها حددت هوية 18 ناشطا محليا على الأقل اعتقلتهم السلطات. تُظهر العديد من مقاطع الفيديو المنشورة على وسائل التواصل الاجتماعي عناصر الأمن يطلقون النار على المتظاهرين الفارين.
قال مجتبى يوسفي، عضو البرلمان عن مدينة الأهواز، لموقع "عصر إيران" الإخباري، إن 702 قرية في محافظة خوزستان تفتقر إلى مياه الشرب. كما ذكر "نفوق الماشية" في الأجزاء الجنوبية والشمالية من المحافظة جرّاء نقص المياه وأن "الزراعة حلم للسكان المحليين". أفادت صحيفة "أرمان ملي" عن افتقار 660 قرية في المنطقة إلى مياه الخدمة وأن المياه يتم إيصالها إلى جميع القرى في المنطقة بالصهاريج.
تُظهر مقاطع الفيديو المنشورة على وسائل التواصل متظاهرون يحملون جثة رجل تم تحديد هويته على أنه محمد عبد الله خلال الاحتجاجات في إيزه. أفادت أنباء "إيلنا'' أن حسن نابوفاتيم، القائم بأعمال محافظ إيزه، نفى تقارير عن مقتل ثلاثة متظاهرين خلال الاحتجاجات هناك، لكنه أقر بمقتل شخص واحد متأثرا بجراحه، وإصابة 14 شرطيا. قال فريدون بنداري، القائم بأعمال محافظ ماهشهر، لوكالة فارس للأنباء، إن عنصرَي شرطة أصيبا بالرصاص من سطح مبنى في بلدة طالقاني توفي أحدهما.
غرّد تقي رحماني، زوج الناشطة الحقوقية البارزة نرجس محمدي، أن السلطات في طهران احتجزت في 20 يوليو/تموز لفترة وجيزة محمدي ونشطاء حقوقيين آخرين، منهم آراش صادقي، وآراش كيخسروي، وجعفر عظيم زاده الذين تجمعوا أمام وزارة الداخلية بسبب دعم احتجاجات خوزستان. قال رحماني إن الشرطة ضربت المتظاهرين أثناء الاعتقال.
بموجب "المبادئ الأساسية المتعلقة باستخدام موظفي إنفاذ القانون للقوة والأسلحة النارية"، لا يمكن لموظفي إنفاذ القانون اللجوء إلى استخدام القوة إلا بقدر الضرورة وبالدرجة التي تؤدي إلى تحقيق هدف مشروع يتعلق بالعمل الشرطي. وعند استخدام القوة، على مسؤولي إنفاذ القانون تقليل الضرر والإصابات، واحترام الحياة البشرية والحفاظ عليها. الاستخدام المتعمد للقوة القاتلة يُسمح به فقط عند الضرورة القصوى لحماية الحياة. يجب أن تبلغ السلطات فورا عن جميع الوقائع التي يقتل فيها مسؤولو إنفاذ القانون الأفراد أو يصيبونهم بالأسلحة النارية وتحقق في هذه الوقائع، عبر عملية تحقيق إدارية أو قضائية مستقلة.
أفادت لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة في تعليقها العام رقم 37 أنه "لا تعد الأسلحة النارية أداة مناسبة لضبط الأمن أثناء التجمعات ولا يجب استخدامها أبدا لتفريق تجمع ما... يجب أن يقتصر أي استخدام للأسلحة النارية من جانب موظفي إنفاذ القانون في سياق التجمعات على استهداف أفراد بعينهم في ظروف لا مناص فيها من مواجهة خطر محدق يهدد بوقوع وفيات أو إصابات خطيرة".
أفاد مستخدمون ومراسلون إيرانيون عدة عن وجود مشاكل في الوصول إلى الإنترنت في المنطقة. على مدى السنوات الثلاث الماضية، غالبا ما قيّدت السلطات الوصول إلى المعلومات أثناء الاحتجاجات.
ينتهك قطع الإنترنت حقوقا متعددة، كالحق في حرية التعبير والوصول إلى المعلومات، والحق في التجمع السلمي وتكوين الجمعيات. بحسب القانون الدولي لحقوق الإنسان، إيران ملزمة بضمان أن تكون القيود على الإنترنت بموجب القانون وأن تأتي كاستجابة ضرورية ومتناسبة لمخاوف أمنية محددة. يجب ألا يستخدم المسؤولون قطع الإنترنت بشكل واسع وعشوائي للحد من تدفق المعلومات أو الإضرار بقدرة الناس على التجمع والتعبير عن الآراء السياسية بحرية.
من المتوقع أن يؤدي التغير المناخي إلى تفاقم التهديدات لموارد المياه في خوزستان، إذ تسبب الطقس الحار والجاف هذا الصيف، خصوصا في خوزستان، في زيادة حالات الجفاف وانقطاع التيار الكهربائي، وتسبب على الأرجح بعواصف رملية وترابية إضافية، وكلها تضخم تأثير سوء إدارة الحكومة للموارد المائية.
يمنح الحق في الماء كل فرد، دون تمييز، "الحصول على مياه كافية ومأمونة ومقبولة ويمكن الوصول إليها وبأسعار معقولة للاستخدام الشخصي والمنزلي". قالت لجنة الأمم المتحدة للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، في تعليقها العام رقم 15 بشأن الحق في الماء، إنه "تحدث انتهاكات الالتزام" بالحق في الماء عندما عندما "لا تُنفق كميات كافية أو يكون هناك سوء تخصيص للموارد العامة، ما يؤدي إلى عدم تمتع الأفراد أو المجموعات".
أفاد مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بالحق في المياه والصرف الصحي في تقرير عام 2014 أن انتهاكات الحق في الماء قد تنجم عن عمل أو قد تكون نتيجة عواقب غير مقصودة للسياسات والبرامج والتدابير الأخرى أيضا.
قالت سبهري فر: "بدلا من قمع الاحتجاجات، على السلطات الإيرانية الاعتراف بخطورة أزمة المياه والالتزام بمعالجتها بسرعة على المستوى الوطني".