(بيروت) – قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن اختيار مصر لاستضافة قمة "الأمم المتحدة" المقبلة للمناخ يعرّض مشاركة المجتمع المدني المصري والدولي لخطر شديد، وهي مكون أساسي في الجهود العالمية لمعالجة أزمة المناخ.
رشّح "مجلس السلم والأمن" التابع لـ "الاتحاد الأفريقي" مصر في أبريل/نيسان 2021، وفقا لنظام التناوب الإقليمي على استضافة قمة المناخ، لتكون الدولة المضيفة للدورة الـ 27 العام المقبل، والمقرر عقدها في نوفمبر/تشرين الثاني 2022، على الرغم من أزمة حقوق الإنسان العميقة في البلاد. تشمل الأزمة سَجن نشطاء المجتمع المدني والحقوقيين على نطاق واسع والقوانين التي تجرم التجمع السلمي.
قال جو ستورك، نائب مدير قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: "منح مصر حق استضافة قمة المناخ 27 خيار سيئ جدا ويُكافئ الحكم القمعي للرئيس السيسي، على الرغم من الانتهاكات المروعة لحكومته. على الدول المشاركة في الدورة 27 الضغط على مصر للإفراج عن آلاف الأشخاص المسجونين لمجرد ممارسة حقهم في حرية التعبير والتجمع السلمي ووقف الإجراءات الجنائية ضد نشطاء المجتمع المدني قبل الالتزام بحضور القمة".
من المقرر عقد الدورة الـ 27 لمؤتمر الأطراف في مدينة شرم الشيخ السياحية النائية، ما يحول دون إمكانية حدوث مظاهرات شعبية في الشوارع كتلك التي شوهدت في غلاسكو. علاوة على ذلك، تسيطر الحكومة بشدة على الاحتجاجات، باستخدام قانون 2013 الذي يمنع المظاهرات، والذي يحظر أي تجمع عام دون موافقة وزارة الداخلية. تفرق قوات الأمن بتفريق المتظاهرين بشكل معتاد باستخدام القوة المفرطة وتعتقل آلاف الأشخاص بسبب الاحتجاج دون تصريح.
قمعت حكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي المجتمع المدني بلا رحمة، وفرضت قيودا صارمة على عمل المنظمات غير الحكومية، وسجنت نشطاء حقوق الإنسان بشكل تعسفي، وحجبت مئات المواقع الإلكترونية – وهي أفعال تتعارض مع مبادئ الشفافية، والانفتاح، والشمول المطلوبة لاستضافة مؤتمرات الأمم المتحدة لتغير المناخ. يحد قمع مصر المستمر للمجتمع المدني المصري بشكل كبير من إمكانية عمل نشطاء المناخ بأمان خلال المؤتمر. أفادت "فرونت لاين ديفندرز" بأن أحمد عماشة، وهو ناشط بيئي ورئيس "الجمعية العربية للبيئة والتنمية المستدامة"، معتقل منذ يوليو/تموز 2020.
قالت هيومن رايتس ووتش إنه من المؤكد أن السلطات المصرية ستستخدم مؤتمرا دوليا رفيع المستوى كهذا للرد على الانتقادات السلبية لانتهاكات حقوق الإنسان، ما يبرز الحاجة إلى النظر في السجل الحقوقي للدول المضيفة قبل ترشيحها.
كما أن ترشيح مصر لاستضافة الدورة الـ 27 للمؤتمر يكافئ حكومة الرئيس السيسي بأول رحلة ملكية بريطانية إلى الخارج منذ بداية تفشي فيروس كورونا. فمن المقرر أن يزور الأمير تشارلز مصر في 18 نوفمبر/تشرين الثاني "لتسليط الضوء على علاقة البلاد الوثيقة مع المملكة المتحدة وتوفير فرصة لإظهار التزام مصر المتزايد بحماية البيئة"، وفقا لمكتب الأمير.
على الدول المشاركة في قمة المناخ 27 الاستعداد لمواجهة استخدام مصر لدورها كمضيف لغسل لتبييض سجلها الحقوقي المروع. يمكنها فعل ذلك عبر الضغط على الحكومة المصرية لإطلاق سراح آلاف السجناء السياسيين المحتجزين ظلما، ووقف المضايقات القضائية لنشطاء حقوق الإنسان، واتخاذ خطوات محددة لحماية حرية التعبير والتجمع السلمي قبل مؤتمر تغير المناخ العام المقبل.
قال ستورك: "مبادئ حركة التصدي لتغيّر المناخ المرتبطة بالمشاركة المدنية تتعارض بشكل صارخ مع سجل مصر الذي يشمل إغلاق الأماكن العامة. على الدول المشاركة في مؤتمر المناخ العام المقبل مطالبة مصر باتخاذ خطوات ملموسة لحماية التجمع السلمي وحرية التعبير في الفترة التي تسبق الدورة الـ 27".