(برلين، 5/6 يناير/كانون الثاني 2022) - قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إنه من المتوقع صدور حُكم محكمة ألمانيا في قضية تاريخية لضحايا التعذيب وللعدالة الدولية في يناير/كانون الثاني 2022. المحاكمة، التي تتضمن اتهامات بارتكاب جرائم ضد الإنسانية ضد ضابط مخابرات سوري سابق مزعوم هي الأولى في العالم ضد التعذيب الذي ترعاه الدولة في سوريا.
أصدرت هيومن رايتس ووتش وثيقة أسئلة وأجوبة ومقالة خاصة لتوفير شرحا للسياق وتسليط الضوء على القضايا الرئيسية المحيطة بالمحاكمة.
- تركز المقالة على كفاح السوريين من أجل العدالة وسير المحاكمة في ألمانية وما تعنيه بالنسبة لضحايا الجرائم الخطيرة. وهي تعتمد على ملاحظات المراقبة التي أعدت من أجل هيومن رايتس ووتش منذ أبريل/نيسان 2020، وتقارير بحثية عن سوريا، ومقابلات صوتية أجرتها هيومن رايتس ووتش مع سوريين وآخرين لهم صلة بالمحاكمة. تتضمن المقالة مقاطع صوتية.
- تُوفّر وثيقة الأسئلة والأجوبة معلومات عن المتهمين، بالإضافة إلى القضايا الرئيسية التي برزت أثناء المحاكمة. تشرح أيضا مفهوم الولاية القضائية العالمية، ودور الضحايا في المحاكمة، وتُسلّط الضوء على الجهود الشاملة في ألمانيا للتحقيق في الجرائم الخطيرة ومقاضاة مرتكبيها بموجب القانون الدولي. وتتضمن رسوما من قاعة المحكمة لفنان سوري حضر المحكمة لصالح هيومن رايتس ووتش.
قالت بلقيس جراح، مديرة مشاركة في برنامج العدالة الدولية في هيومن رايتس ووتش: "تتزايد أهمية هذه المحاكمات كجزء مهم من الجهود الدولية لتوفير العدالة للضحايا الذين ليس لديهم مكان آخر يلجؤون إليه، ولردع الجرائم المستقبلية، وللمساعدة في ضمان ألا تصبح البلدان ملاذا آمنا لمنتهكي الحقوق. هذه المحاكمة هي تذكير بأن ألمانيا لن تأوي مجرمي الحرب وأن المسؤولين عن الفظائع سيُحاسبون".
في أبريل/نيسان 2020، بدأت محكمة ألمانية في مدينة كوبلنز جلسات الاستماع في محاكمة اثنين من مسؤولي المخابرات السورية السابقين المزعومين، أنور ر. وإياد غ.، بتهم ارتكاب جرائم ضد الإنسانية. أدلى أكثر من 80 شاهدا بشهاداتهم أمام المحكمة، بمن فيهم محتجزون سوريون سابقون، وخبراء في الشأن السوري، ومحققو شرطة، وطبيب شرعي.
أنور ر. هو أكبر مسؤول حكومي سوري سابق مزعوم يُحاكَم في أوروبا لارتكابه جرائم خطيرة في سوريا. تتهمه النيابة العامة الألمانية بالإشراف على تعذيب المعتقلين بصفته رئيس قسم التحقيقات في مركز احتجاز الخطيب التابع لـ "إدارة المخابرات العامة" بدمشق، والمعروف أيضا بـ "الفرع 251".
حُكِم على إياد غ. بالسجن أربع سنوات ونصف بتهمة المساعدة والتحريض على جرائم ضد الإنسانية في 24 فبراير/شباط 2021. استأنف محامي الدفاع عن إياد غ. الحكم. لا يزال الاستئناف قيد النظر.
محاكمة أنور ر. وإياد غ. ممكنة لأن القوانين الألمانية تعترف بالولاية القضائية العالمية على بعض أخطر الجرائم بموجب القانون الدولي، ما يسمح بالتحقيق في هذه الجرائم ومقاضاة مرتكبيها بغضّ النظر عن مكان ارتكابها وعن جنسية المشتبه بهم أو الضحايا. لدى ألمانيا العديد من العناصر للسماح بتحقيق ناجح والمحاكمة في الجرائم الجسيمة في سوريا – لا سيّما إطار قانوني شامل، ووحدات جرائم حرب متخصصة وفعّالة، وخبرة سابقة في محاكمة هكذا جرائم.
تُعطي القضايا المطروحة في المحاكمة لمحة عن الفظائع التي ارتكبتها الحكومة السورية ضد شعبها بين 2011 و2012، ووفرّت القضية للضحايا وعائلاتهم فرصة كانت بعيدة المنال لرؤية تحقيق بعض العدالة على الأقل. اعتُقل عشرات الآلاف من الأشخاص أو أخفوا في سوريا منذ 2011، الغالبية العظمى منهم على يد القوات الحكومية باستخدام شبكة واسعة من مرافق الاحتجاز في أنحاء البلاد.
مات الآلاف في عهدة الحكومة السورية جراء التعذيب وظروف الاحتجاز المروعة. تواصل الحكومة السورية احتجاز وإساءة معاملة الناس في المناطق الخاضعة لسيطرتها. كان تحقيق العدالة الشاملة عن هذه الفظائع وغيرها في سوريا بعيد المنال. في 2014، أعاقت روسيا والصين الجهود المبذولة في "مجلس الأمن" التابع لـ "الأمم المتحدة" لمنح "المحكمة الجنائية الدولية" تفويضا على الجرائم الخطيرة هناك.
قالت هيومن رايتس ووتش إن المحاكمة في كوبلنز تظهر أن المحاكم - حتى على بُعد آلاف الأميال من مكان وقوع الفظائع - يمكن أن تلعب دورا حاسما في مكافحة الإفلات من العقاب. كأي إجراء جنائي، تتعلق المحاكمة بالمساءلة الجنائية الفردية، لكن من المرجح أن تمتد أهميتها إلى ما هو أبعد من براءة المتهمَين أو إدانتهم.
قالت جراح: "تُشكّل المحاكمة في كوبلنز رسالة للسلطات السورية بأن ما من أحد بعيد عن متناول العدالة. على الدول التي لديها قوانين الولاية القضائية العالمية تعزيز الجهود للتحقيق في الجرائم الخطيرة في سوريا ومقاضاة مرتكبيها".