في الأسابيع الأخيرة، برزت مخاوف شديدة بشأن تضارب المصالح لدى الإمارات عند استضافتها "مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغيّر المناخ" (كوب 28) المقبل، بالإضافة إلى مخاوف بشأن سلامة المشاركين وأمنهم في الدولة البترولية الشديدة القمع.
يبدو بشكل متزايد أن الإمارات، إحدى أكبر منتجي النفط في العالم، تسعى إلى استغلال المؤتمر لتلميع صورتها، مع استمرارها بدعم التوسع في الوقود الأحفوري، بما يقوض جهود مواجهة أزمة المناخ وحماية حقوق الإنسان.
في 12 يناير/كانون الثاني، عيّنت الإمارات سلطان أحمد الجابر رئيسا لـ كوب 28. الجابر هو الرئيس التنفيذي لـ "شركة بترول أبو ظبي الوطنية" (أدنوك)، وأسس شركة "مصدر" للطاقة المتجددة المملوكة للدولة عام 2006. سارع المبعوث الأمريكي جون كيري ومبعوث "الاتحاد الأوروبي" فرانس تيمرمانز إلى تأييد اختياره.
الإمارات واحدة من أكبر منتجي النفط في العالم، وتشكل أموال قطاع الوقود الأحفوري الواسع معظم الإيرادات الحكومية الإماراتية. أدنوك هي الشركة الحكومية الرئيسية للوقود الأحفوري، وأعلنت مؤخرا أنها توسع جميع جوانب عملياتها – رغم الإجماع المتزايد على أنه لا يمكن تطوير استثمارات جديدة في النفط أو الغاز أو الفحم إن أرادت الحكومات تحقيق أهداف المناخ العالمية وحماية حقوق الإنسان.
سيحتفظ الجابر بمنصبه في أدنوك أثناء دوره كمبعوث خاص للإمارات للتغير المناخي وقيادة المؤتمر.
لم تكن الإمارات داعما للعمل المناخي الطموح والقائم على الحقوق. أفادت منظمة "غلوبال ويتنس" أن الدولة الخليجية أرسلت أكبر عدد من أخصائيّي الضغط لصالح الوقود الأحفوري كجزء من وفدها إلى مؤتمر "كوب 27" في مصر، إذ صُنف 70 عضوا من وفدها كأخصائيي نشاطات الضغط وكانوا إما مرتبطين مباشرة بشركات النفط والغاز أو حضروا كأعضاء في الوفود التي تعمل نيابة عن قطاع النفط والغاز.
في أكتوبر/تشرين الأول 2021، كشف تحقيق أجرته مؤسسة "أن إيرثد" أن منظمة "أوبك"، والإمارات عضو رئيسي فيها، ضغطت على ما يبدو لإزالة الإشارات إلى التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري من تقرير تاريخي لـ "الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ" عام 2022.
تحاول الإمارات استخدام كوب 28 لتصوير نفسها كواحة متسامحة للتنمية المستدامة والطاقة الخضراء، مع استمرارها في تعزيز مصالح قطاع النفط والوقود الأحفوري. بعد أن نالت الإمارات حق ترؤّس كوب 28، سارعت إلى توظيف عدد من شركات العلاقات العامة الأمريكية باهظة التكاليف، للترويج لدورها كمضيف على ما يبدو.
يثير سجل الإمارات في القمع الشديد، والإغلاق الكامل لمساحة حرية التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع مخاوف جسيمة حول المشاركة الفعالة لأعضاء مستقلين في المجتمع المدني في كوب 28.
توضح حالة الأكاديمي البريطاني ماثيو هيدجز المخاطر المحتملة لاستضافة الإمارات مؤتمر كوب 28. احتجزت قوات الأمن الإماراتية هيدجز عام 2018 عندما كان يغادر الإمارات، بعد رحلة بحثية استمرت أسبوعين حيث أجرى العمل الميداني لأطروحة الدكتوراه.
حُبس هيدجز تعسفا لعدة أشهر انفراديا قبل إطلاق سراحه بضغط من المملكة المتحدة. في 13 يناير/كانون الثاني، ذكرت صحيفة "تلغراف" أن الإمارات تسعى إلى تشويه سمعة هيدجز من خلال توزيع ملف من 19 صفحة يحوي معلومات شخصية، بما فيها تقرير طبيب نفسي وصور التقطت أثناء سجنه.
تجربة هيدجز شائعة للأسف في الإمارات، والانتهاكات ضد المجتمع المدني الإماراتي أكثر قمعا. يقضي عشرات النشطاء والأكاديميين والمحامين عقوبات مطولة، بعد محاكمات جائرة بتهم غامضة وواسعة تنتهك حقوقهم في حرية التعبير وتكوين الجمعيات، دون أي أمل في الإفراج عنهم. أحمد منصور، المدافع الإماراتي البارز عن حقوق الإنسان، مسجون في زنزانة انفرادية منذ أكثر من ست سنوات.
يمتد عدم تسامح الإمارات مع الانتقادات إلى سَجن المقيمين الأجانب، وحتى الأشخاص الذين يزورون الإمارات أو يمرون عبرها. لذلك، تبرز مسألة تعامل السلطات الإماراتية مع انتقادات المجتمع المدني للدول التي لا تتخلص تدريجيا من جميع أنواع الوقود الأحفوري، وهي قطاع حيوي لاقتصاد الإمارات.
ستقدم الإمارات كل النفقات اللازمة خلال كوب 28، وستبذل قصارى جهدها بلا شك لتقديم رؤية براقة وخضراء لمستقبل خال من الكربون، لكن حالة هيدجز مثال مخيف لما قد ينتظر أي شخص يجرؤ على الانتقاد العلني وفضح نفاق الحكومة الإماراتية الواضح والضغط من أجل التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري.