Skip to main content
تبرعوا الآن

عندما أتصل بأقاربي في السودان، لا أعرف إن كنت سأجدهم أحياء

ينبغي ألا يتغاضى العالم عما يجري هناك

نُشر في: The Guardian
الدخان يتصاعد في سماء الخرطوم، السودان في 22 أبريل/نيسان 2023. ©2023 "اسوشيتد بريس فوتو"/مروان علي

كل مكالمة هاتفية أُجريها إلى السودان تتخللها أصوات طلقات نارية أو دوي انفجار في الخلفية. يتبع ذلك صمت رهيب من الطرف الآخر، قبل أن يواصل أحدنا الكلام. بعد عدة أيام من اندلاع القتال في السودان، ربما يتعامل بعض الناس بالفعل مع الوضع على أنه أصبح عاديا، لكنه ليس كذلك.

القتال بين "القوات المسلحة السودانية" و"قوات الدعم السريع"، وهما الجماعتان العسكريتان الرئيسيتان في السودان، والذي اندلع في العاصمة الخرطوم في 15 أبريل/نيسان هو غير مسبوق حتى بالنظر إلى تاريخ السودان المضطرب والعنيف. مع أن الخرطوم لم تنجُ من العنف في تاريخها الحديث، بما في ذلك هجوم شنته جماعة متمردة في 2008 وعقود من تفريق المتظاهرين بشكل وحشي، إلا أن حجم القتال الحالي وشدته لم يسبق لهما مثيل في العاصمة. انتشر العنف بسرعة في الخرطوم وإلى مدن ومناطق أخرى معتادة أكثر على ويلات الحرب، بما في ذلك إقليم دارفور المضطرب.

قدّر الأطباء يوم الأربعاء عدد الضحايا المدنيين بنحو 180 قتيلا و1000 مصاب. قد يكون عدد الضحايا أكبر من ذلك بكثير لأن العديد من الأشخاص غير قادرين على الحصول على الرعاية الطبية. يصف اختصاصيو الرعاية الصحية الحالة بالمأساوية، حيث يفتقرون إلى الإمدادات الطبية ومعدات نقل الدم والموارد الحيوية الأخرى. بل هم أنفسهم يواجهون مخاطر كبيرة، حيث وقعت العديد من المستشفيات في مرمى النيران.

قال شهود عيان في مناطق متفرقة من العاصمة إنهم رأوا مبان أصيبت بقذائف مدفعية وغارات جوية ورصاص اخترق الجدران والنوافذ. ينشر النشطاء على وسائل التواصل الاجتماعي رسائل للتوعية بكيفية الاحتماء داخل المنازل. انقطعت المياه والكهرباء عن أحياء بأكملها في الخرطوم بسبب الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية الرئيسية. منذ يوم الثلاثاء، وردت تقارير كثيرة عن نهب جنود قوات الدعم السريع لمنازل في أنحاء العاصمة.

لدى الطرفين المتحاربين سجلات طويلة ومخزية من الفظائع، من النزاع في دارفور الذي اندلع قبل عقدين من الزمن إلى حملة القمع ضد المتظاهرين السلميين بعد انقلابهما المشترك في 2021. لم يُظهر أي من القوتين الطرفين المتنازعين أي اكتراث بأرواح المدنيين.

لم يتم التحقيق مع قائدي الطرفين المتنازعين، وهما الفريق أول عبد الفتاح البرهان والفريق أول محمد حمدان دقلو (المعروف أيضا بـ ’حميدتي‘) على الجرائم التي تورطا فيها. بدلا من ذلك، شهد كلاهما زيادة في عديد قوتيهما ونفوذهما في السنوات الأخيرة.

قاد البرهان وحميدتي بشكل مشترك انقلاب 25 أكتوبر/تشرين 2021، الذي أنهى الانتقال القصير الأمد إلى الحكم المدني في البلاد. لكنه كان بمثابة زواج مصلحة منذ البداية، حيث كان الزعيمان حريصين على إحكام قبضتهما على السلطة والموارد المالية. حافظ الرجلان على مظهر الوحدة لأشهر، لكن التصدعات بدأت تظهر في علاقتهما، وأصبح التوتر بارزا في الأسابيع التي سبقت اندلاع القتال بعد أن طالب البرهان بدمج قوات الدعم السريع بسرعة في الجيش.

ما الذي يجب أن يحدث الآن؟ بما أن القائدين العسكريين لم يبديا اهتماما يذكر بقوانين الحرب، يتعين على الحكومات المعنية أن تمارس ضغطها الدولي بشكل متضافر وسريع لتقليل الضرر اللاحق بالمدنيين.

من الأهمية بمكان ألّا تستهدف القوات المسلحة لطرفي النزاع المدنيين أو البنية التحتية المدنية أو أن تهاجمهم بشكل عشوائي. بدلا من ذلك، ينبغي لها أن تبذل كل ما في وسعها لحمايتهم. ينبغي ألا يستخدم أي من الجانبين أسلحة متفجرة ذات آثار واسعة النطاق مثل المدفعية أو الغارات الجوية في المناطق المأهولة بالسكان. ينبغي معاملة كل محتجز، سواء كان مدنيا أو أسيرا من المقاتلين، معاملة إنسانية. يتعين أيضا على الأطراف المتحاربة تسهيل إيصال المساعدات الإنسانية لا إعاقته، والسماح للمدنيين بالفرار من القتال والوصول إلى المرافق الطبية.

ينبغي لـ"الأمم المتحدة" والمملكة المتحدة والولايات المتحدة و"الاتحاد الأوروبي" إعادة النظر في نهجها: الوضع على حافة الانهيار وينبغي ألا تعود الأمور إلى ما كانت عليه. المملكة المتحدة، التي تقود عادة النقاشات بشأن السودان في "مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة"، يقع على عاتقها تحديدا مسؤولية خاصة في إظهار قيادة قوية، بما يشمل فرض عقوبات محددة الأهداف على جميع القادة الذين يرتكبون انتهاكات وتوسيع حظر الأسلحة الحالي ليشمل السودان بأكمله. يتعين على روسيا والصين والإمارات العربية المتحدة دعم عمل مجلس الأمن. ويتعين على المملكة المتحدة والدول الأخرى أن تتبنى وقفا فوريا لترحيل الأشخاص إلى السودان.

لطالما لم يُحرك مجلس الأمن ساكنا حيال عرقلة الرئيس السابق عمر البشير للعدالة وعدم تعاون السلطات السودانية مؤخرا مع تحقيق "المحكمة الجنائية الدولية" في الجرائم المرتكبة في دارفور. ينبغي للمجتمع الدولي ممارسة أقصى قدر من الضغط من أجل مساءلة ذات مغزى. لا شك أن الإفلات المستمر من العقاب على الفظائع في السودان قد أدى إلى ما نراه اليوم.

أما بالنسبة لي شخصيا، فلا أريد أبدا أن اضطر مرة أخرى إلى إغلاق الهاتف بعد التحدث إلى قريب أو صديق لا يعلم ما إذا كان سيبقى على قيد الحياة ذلك اليوم. هذا ليس بالطلب المبالغ فيه.

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

المنطقة/البلد

الأكثر مشاهدة