Skip to main content
تبرعوا الآن

غزة: إسرائيل تهاجم مواقع معروفة لعمال إغاثة

أوقفوا الهجمات غير القانونية واضمنوا المساءلة

في 1 أبريل/نيسان 2024، قتل هجوم إسرائيلي في دير البلح، غزة على قافلة من ثلاث مركبات تابعة لـ "المطبخ المركزي العالمي" سبعة عمال الإغاثة. © 2024 إسماعيل أبو دية/أ ب فوتو 2024

(القدس) – قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن القوات الإسرائيلية شنّت ثماني ضربات على الأقل على قوافل ومبانٍ لعمال إغاثة في غزة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، رغم أن منظمات الإغاثة قدمت إحداثيات مواقعها إلى السلطات الإسرائيلية لضمان حمايتها. لم تُصدر السلطات الإسرائيلية تحذيرات مسبقة لأي من منظمات الإغاثة قبل الضربات، التي قتلت أو أصابت على الأقل 31 عامل إغاثة ومن معهم. قُتل أكثر من 250 عامل إغاثة في غزة منذ هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول في إسرائيل، وفقا لـ "الأمم المتحدة".

أصابت إحدى الهجمات في 18 يناير/كانون الثاني 2024 ثلاثة أشخاص كانوا يقيمون في مضافة مشتركة تابعة لمنظمتَيْ إغاثة، ومن المرجح أنها نُفِّذت باستخدام ذخيرة أمريكية الصنع، وفقا لإحدى المنظمتين وتقرير محققي الأمم المتحدة الذين زاروا الموقع بعد الهجوم، والذي راجعته هيومن رايتس ووتش. قالت إحدى المنظمتين، وهي "جمعية العون الطبي للفلسطينيين"، إن مفتشي الأمم المتحدة خلصوا إلى أن القنبلة ألقتها طائرة "إف-16" (F-16). تستخدم طائرات إف-16 مكونات بريطانية الصنع وفقا لنشطاء.

تكشف الحوادث الثمانية عن عيوب جوهرية فيما يسمى بـ "نظام منع الاشتباك" (التنسيق لحماية العمليات الإنسانية)، الذي يهدف إلى حماية عمال الإغاثة والسماح لهم بتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة بشكل آمن في غزة.

قالت بلقيس والي، المديرة المشاركة لقسم الأزمات والأزمات والأسلحة في هيومن رايتس ووتش: "قتل إسرائيل سبعة عمال إغاثة من ’المطبخ المركزي العالمي‘ صادم وما كان ينبغي أن يحدث أصلا بموجب القانون الدولي. على حلفاء إسرائيل أن يدركوا أن هذه الهجمات التي قتلت عمال الإغاثة تتكرر، وينبغي أن تتوقف".

الهجوم الإسرائيلي في 1 أبريل/نيسان على قافلة المطبخ المركزي العالمي، والذي قتل سبعة عمال، ليس مجرد "خطأ" معزول، فهو فقط حادثة واحدة من ثماني حوادث على الأقل حددتها هيومن رايتس ووتش، حيث زودت منظمات الإغاثة ووكالات الأمم المتحدة السلطات الإسرائيلية بإحداثيات قافلة المساعدات أو المباني، ومع ذلك هاجمت القوات الإسرائيلية القافلة أو الملجأ دون أي تحذير.

في هذه الحوادث الثمانية، قتلت القوات الإسرائيلية 15 شخصا على الأقل، بينهم طفلان، وأصابت 16 آخرين على الأقل. كانت خمس من هذه الهجمات موضوع تحقيق أجرته "نيويورك تايمز" مؤخرا، وتضمن أدلة مرئية واتصالات داخلية بين منظمات الإغاثة والجيش الإسرائيلي.

 

الهجمات السبعة الأخرى هي:

  • هجوم على قافلة لـ "أطباء بلا حدود"، في 18 نوفمبر/تشرين الثاني 2023
  • هجوم على دار ضيافة لـ "وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى" (الأونروا)، في 9 ديسمبر/كانون الأول 2023
  • هجوم على ملجأ لـ أطباء بلا حدود، في 8 يناير/كانون الثاني 2024
  • هجوم على دار ضيافة لـ "لجنة الإنقاذ الدولية" وجمعية العون الطبي للفلسطينيين، في 18 يناير/كانون الثاني 2024
  • هجوم على قافلة لـ الأونروا، في 5 فبراير/شباط 2024
  • هجوم على دار ضيافة لـ أطباء بلا حدود، في 20 فبراير/شباط 2024
  • هجوم على منزل يأوي موظفا في منظمة "المعونة الأمريكية للاجئين في الشرق الأدنى" (أنيرا)، في 8 مارس/آذار 2024.

قالت المنظمات التي تأثرت مبانيها وموظفوها لـ هيومن رايتس ووتش إنه، على حد علمها، لم تكن هناك أهداف عسكرية في المنطقة وقت الهجوم. قالت هيومن رايتس ووتش إنه إذا تم تأكيد ذلك، تكون الهجمات عشوائية بشكل غير قانوني أو غير قانونية لأنها لم تتخذ الاحتياطات الكافية لضمان أن الهدف كان عسكريا. حتى لو كانت هناك أهداف عسكرية في محيط بعض مواقع الهجوم، ونظرا لعدم تزويد إسرائيل في كل حادثة المدنيين هناك بأي نوع من التحذير، تُسلط هذه الحوادث الضوء على عدم حماية إسرائيل عمال الإغاثة والعمليات الإنسانية، وتجاهل أكبر لواجبها في تخفيف الضرر الذي يلحق بالمدنيين بشكل عام.

حتى 30 أبريل/نيسان، أفادت الأمم المتحدة أن 254 عامل إغاثة قتلوا في غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، 188 منهم من موظفي الأونروا. في 13 مايو/أيار، أصيبت مركبة تابعة للأمم المتحدة وهي في طريقها إلى مستشفى في غزة، فقُتل موظف أممي واحد على الأقل وأصيب موظف واحد آخر على الأقل. وفقا لـ الأونروا، تأثرت 169 من منشآتها بسبب الأعمال العدائية في 368 حادثا، وقُتل 429 نازحا على الأقل في ملاجئ الأونروا. بحسب الأمم المتحدة، أطلقت القوات الإسرائيلية النار وقصفت أشخاصا كانوا يتجمعون لاستلام المساعدات، ما أسفر عن مقتل وجرح مئات. لهذه الهجمات تأثير مروّع ومحبط على جهود تقديم المساعدات المنقذة للحياة في غزة.

كذلك، يعجز عمال الإغاثة عن مغادرة قطاع غزة منذ أن سيطرت القوات الإسرائيلية على معبر رفح وأغلقته في 7 مايو/أيار.

أثناء زيارتها مؤخرا إلى القاهرة وشمال سيناء، قرب الحدود بين مصر وغزة، التقت هيومن رايتس ووتش بموظفين من 11 منظمة إنسانية ووكالات إغاثة تابعة للأمم المتحدة تعمل في غزة، قالوا إن الهجمات الإسرائيلية على عمال الإغاثة أجبرتهم على اتخاذ تدابير متنوعة. شمل ذلك بالنسبة للبعض تعليق أنشطتهم لفترة من الوقت، أو تقليل عدد موظفيهم داخل غزة، أو تقييد أنشطة المساعدات بشدة بطرق أخرى.

قال موظف كبير في إحدى المنظمات التي تعرّضت بيوت ضيافتها للهجوم لـ هيومن رايتس ووتش: "لا أستطيع المخاطرة بإرسال مزيد من الموظفين إلى غزة لأنني لا أستطيع الاعتماد على نظام منع الاشتباك كوسيلة للحفاظ على سلامتهم". قال إن هذا كان عاملا رئيسيا في تقييد قدرة المنظمة على تقديم الخدمات الطبية: "يمكنك بناء أرصفة وإرسال الشحنات، لكن بدون بيئة تشغيل آمنة، سيكون لديك كومة من الشحنات التي لا يستطيع الناس نشرها بأمان لمساعدة الناس".

يثير هذا النمط من الهجمات، رغم إخطار السلطات الإسرائيلية بشكل مناسب، تساؤلات جدية حول التزام إسرائيل بالامتثال للقانون الإنساني الدولي وقدرتها على ذلك، وهو ما تعوّل عليه بعض الدول، بما فيها بريطانيا، لمواصلة ترخيص صادرات الأسلحة إلى إسرائيل.

وجدت هيومن رايتس ووتش أن السلطات الإسرائيلية تستخدم التجويع كأسلوب حرب في غزة. عملا بسياسة وضعها المسؤولون الإسرائيليون وتنفذها القوات الإسرائيلية، تمنع السلطات الإسرائيلية عمدا توصيل المياه والغذاء والوقود، وتعرقل عمدا المساعدات الإنسانية، وتدمر بحسب الافتراض المناطق الزراعية، وتحرم السكان المدنيين من الأشياء التي لا غنى عنها لبقائهم على قيد الحياة. يموت الأطفال في غزة بسبب المضاعفات المرتبطة بالتجويع.

لم ترد إسرائيل على رسالة هيومن رايتس ووتش التي أرسلتها في 1 مايو/أيار، والتي تطلب فيها معلومات محددة حول الهجمات على عمال الإغاثة الموثقة في هذا التقرير.

تحظر قوانين الحرب الهجمات التي تستهدف المدنيين والأعيان المدنية، والتي لا تميز بين المدنيين والمقاتلين، أو التي من المتوقع أن تسبب ضررا للمدنيين أو الأعيان المدنية بشكل لا يتناسب مع أي ميزة عسكرية متوقعة. تشمل الهجمات العشوائية الهجمات التي لا تستهدف هدفا عسكريا محددا أو تستخدم أسلوبا أو وسيلة قتالية لا يمكن حصر آثارها على النحو المطلوب.

ينبغي للأطراف المتحاربة اتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة لتقليل الضرر بالمدنيين، بسبل منها تقديم تحذيرات مسبقة فعالة بشأن الهجمات كلما سمحت الظروف بذلك، وتجنيب المدنيين الخاضعين لسيطرتها آثار الهجمات. الانتهاكات الجسيمة لقوانين الحرب التي يرتكبها أفراد بقصد إجرامي – أي عن عمد أو بإهمال – تشكّل جرائم حرب.

على إسرائيل إعلان نتائج التحقيقات في الهجمات التي أدت إلى مقتل وإصابة عمال الإغاثة، وفي جميع الهجمات الأخرى التي تسببت في خسائر في صفوف المدنيين. سجل الجيش الإسرائيلي الطويل في عدم التحقيق بشكل موثوق في جرائم الحرب المزعومة يسلط الضوء على أهمية تحقيق "المحكمة الجنائية الدولية" في الجرائم الخطيرة التي ارتكبتها جميع أطراف النزاع.

قالت هيومن رايتس ووتش إن على المسؤولين الإسرائيليين والفلسطينيين التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية في عملها. ينبغي لإسرائيل أيضا أن تتيح لـ "لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بالأرض الفلسطينية المحتلّة، بما في ذلك القدس الشرقية، وإسرائيل" إمكانية الوصول إلى غزة لإجراء تحقيقاتها.

نظرا لنمط الهجمات على منظمات الإغاثة التي زودت السلطات الإسرائيلية بالمعلومات المناسبة عن مواقعها، ينبغي أن تتولى مجموعة من الخبراء الدوليين المعترف بهم إجراء مراجعة مستقلة لعمليات التنسيق لحماية العمليات الإنسانية. ينبغي لإسرائيل أن تمنح هؤلاء الخبراء إمكانية الاطلاع الكامل على عملياتها، بما فيه عمليات التنسيق والاتصالات التي تتم قبل مثل هذه الهجمات وأثناءها وبعدها، بالإضافة إلى معلومات عن أي هدف عسكري مزعوم موجود في الجوار والتدابير الاحترازية المتخذة لتخفيف الضرر.

ينبغي لحلفاء إسرائيل، بمن فيهم الولايات المتحدة وبريطانيا – كلتا الدولتين أرسلتا أجزاء من الأسلحة التي يُفترض أنها استُخدِمت في واحدة على الأقل من الهجمات الموثّقة – تعليق المساعدات العسكرية ومبيعات الأسلحة إلى إسرائيل طالما ترتكب قواتها انتهاكات منهجية وواسعة لقوانين الحرب ضد المدنيين الفلسطينيين دون عقاب. تخاطر الحكومات التي تواصل تقديم الأسلحة إلى الحكومة الإسرائيلية بالتواطؤ في جرائم الحرب.

عليهم أيضا استخدام نفوذهم، بما فيه بالعقوبات محددة الهدف، للضغط على السلطات الإسرائيلية لوقف ارتكاب الانتهاكات الجسيمة وتمكين توفير المساعدات الإنسانية والخدمات الأساسية في غزة، وفقا لالتزامات إسرائيل بموجب القانون الدولي وأوامر "محكمة العدل الدولية" مؤخرا في القضية التي رفعتها جنوب أفريقيا بشأن الانتهاكات المزعومة لـ "اتفاقية منع ومعاقبة جريمة الإبادة الجماعية".

قالت والي: "من ناحية، تمنع إسرائيل الوصول إلى الإمدادات الإنسانية الحيوية المنقذة للحياة، ومن ناحية أخرى، تُهاجم القوافل التي تسلّم بعض الكميات الصغيرة التي تسمح بدخولها. على القوات الإسرائيلية أن توقف فورا هجماتها على منظمات الإغاثة، وينبغي أن تكون هناك محاسبة على هذه الجرائم".

الهجوم على عمال "المطبخ المركزي العالمي"

في 1 أبريل/نيسان، قُبيل الساعة 11 ليلا، قصفت القوات الإسرائيلية بثلاثة صواريخ، أطلقت من مسيّرة، قافلة في وسط قطاع غزة مكونة من ثلاث مركبات تابعة لمنظمة المطبخ المركزي العالمي، اثنتان منها تحملان شعار المنظمة على سطحها. كانت الآليات الثلاث تحمل مدنيين وترافق ثماني شاحنات مساعدات. قتل الهجوم سبعة عمال إغاثة. كانت القافلة قد غادرت توا مستودعا للأغذية في دير البلح وتسير في طريق قالت المنظمة إنها اتفقت عليه مع الجيش الإسرائيلي. وبحسب ما ورد، نُفّذ الهجوم بمسيَّرة إسرائيلية الصنع من طراز "هيرميس 450".

بعد الهجوم، أوقفت المنظمة عملياتها في غزة لعدة أسابيع، وكذلك فعلت "المنظمة الأمريكية لمساعدة اللاجئين في الشرق الأدنى" (أنيرا). كانت المنظمتان وقتها تقدمان معا ما معدله 300 ألف وجبة في جميع أنحاء غزة يوميا. تحققت مجموعة التحقيق المستقلة "بيلينغكات" من صور المركبات المتضررة في البداية، ثم تحقق منها بشكل مستقل باحثو هيومن رايتس ووتش.

خلص تحقيق إسرائيلي أوّلي في الهجوم، بحسب القوات المسلحة الإسرائيلية، إلى أن سلوك القوات الإسرائيلية كان "مخالفا لإجراءات التشغيل القياسية" وحدث بسبب "خطأ فادح"، شمل الافتقار إلى التنسيق بين مختلف مستويات الجيش والخطأ في تحديد هوية أحد راكبي المركبات. كما توصل التحقيق الأولي إلى أن صاروخَي المسيَّرة الإضافيين أُطلقا بشكل مخالف لبروتوكول الجيش.

في ردها، كررت المطبخ المركزي العالمي دعوتها إلى تشكيل لجنة مستقلة للتحقيق في الحادث لأن القوات الإسرائيلية، على حد تعبير المنظمة، "لا يمكنها إجراء تحقيق ذي مصداقية في التقاعس الذي ارتكبته هي نفسها في غزة". استأنفت المنظمة عملياتها في أواخر أبريل/نيسان لأن "الوضع الإنساني في غزة ما يزال مزريا"، لكنها قالت إنها لم تتلق بعد "أي ضمانات ملموسة" بوجود تغيير في الإجراءات العملياتية للجيش الإسرائيلي.

أثار هذا الحادث إدانة واسعة من أطراف شملت قادة الدول التي قُتل مواطنوها في الهجوم، منهم الرئيس الأمريكي جو بايدن، ورئيس وزراء البريطاني ريشي سوناك، ورئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيز، ورئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو.

الهجوم على قافلة "أطباء بلا حدود"، 18 نوفمبر/تشرين الثاني

في 18 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، هاجمت القوات المسلحة قافلة من خمس مركبات تحمل علامة أطباء بلا حدود، فقتلت شخصين، بحسب شهود. كانت المجموعة تحاول إجلاء 137 مدنيا من دار ضيافة تابعة لها، حيث كانوا عالقين لأسبوع، قرب "مستشفى الشفاء" في الرمال شمالي قطاع غزة، إلى جنوب القطاع. أشارت المنظمة إلى أنها نسّقت حركة القافلة مع القوات المسلحة الإسرائيلية واتبعت المسار الذي حدده الجيش. بمجرد وصولها إلى نقطة تفتيش مزدحمة قرب وادي غزة، لم يسمح الجنود الإسرائيليون للقافلة بعور الحاجز لساعات.

مع انطلاق أزيز الرصاص قرب الحاجز، قرر موظفو المنظمة، الذين كانوا ما يزالون ينتظرون المرور عبر الحاجز، العودة إلى دار الضيافة، على بعد 7.5 كيلومتر إلى الشمال. قالوا إنهم ظلوا على اتصال مع "مديرية التنسيق والارتباط" الإسرائيلية، الوحدة العسكرية المسؤولة عن تنسيق الدخول إلى غزة والخروج منها فيما يتعلق بتسهيل الاحتياجات المدنية والإنسانية، طوال فترة عودتهم وأبلغوها أن على القافلة العودة إلى دار الضيافة.

قالت أطباء بلا حدود إن الجيش الإسرائيلي هاجم القافلة بينما كانت تقترب من مقرها، بين 3:30 و4 عصرا، وأصاب مركبتين. نقلت المنظمة عن أحد الموظفين قوله: "أصبتُ بالذعر عندما رأيتُ الدبابات والقناصين يصوّبون نحونا، خصوصًا الفان الرابع والخامس [ضمن القافلة]". قالت المنظمة إن العاملين هناك أثناء الحادث لم يروا أي أهداف عسكرية في المنطقة. طلبت المنظمة شرحا من السلطات الإسرائيلية، لكنها لم تتلق أي رد، حسبما قال ممثل عنها لـ هيومن رايتس ووتش.

قال ممثل عن أطباء بلا حدود: "يُظهر هذا الحادث إلى أي مدى آليات التنسيق التي وضعتها السلطات الإسرائيلية غير مجدية، حيث يبدو أن التنسيق لم يكن له تأثير يُذكر على القوات العملياتية ميدانيا، بما يشمل السماح للمركبات بالمرور عبر الحاجز".

وكانت تقارير سابقة للأمم المتحدة قد أشارت إلى الخلل في التنسيق مع مديرية التنسيق والارتباط.

الهجوم على مضافة تابعة لـ "وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى" (الأونروا)، 9 ديسمبر/كانون الأول

في 9 ديسمبر/كانون الأول، أطلقت البحرية الإسرائيلية قذائف مدفع من عيار 20 ملم على دار ضيافة تابعة للأونروا تتكون من مبنيين في رفح في أقصى جنوب قطاع غزة، حسبما قالت الوكالة لـ هيومن رايتس ووتش. ألحقت القذائف أضرارا بالجانب الغربي من كلا المبنيين، ووقع الهجوم في وقت متأخر من الليل بينما كان 10 موظفين نائمين في الداخل. قالت الوكالة لـ هيومن رايتس ووتش إنها كانت تشارك مع السلطات الإسرائيلية بشكل منتظم إحداثيات دار الضيافة قبل الهجوم، بما في ذلك يوم وقوع الهجوم، ولم تكن على علم بأي أهداف عسكرية في المنطقة وقتئذ ولم تكن قد تلقت أي تحذير بشأن الهجوم. قالت الأونروا لـ هيومن رايتس ووتش إن نائب قائد القيادة الجنوبية الإسرائيلية قال في أعقاب الهجوم للأونروا إن الهجوم تم عن طريق الخطأ.

الهجوم على مأوى لـ "أطباء بلا حدود"، 8 يناير/كانون الثاني

قالت أطباء بلا حدود إنه في 8 يناير/كانون الثاني، اخترقت قذيفة إسرائيلية جانب مبنى كان يأوي أكثر من 100 من موظفي المنظمة وعائلاتهم في خان يونس. قتل القصف ابنة أحد العاملين في المنظمة وعمرها 5 سنوات وجرح أربعة أشخاص آخرين. لم يرَ الموظفون يومها أي أهداف عسكرية في المنطقة ولم يتلقوا أي تحذير من الهجوم، الذي وقع في منطقة غير خاضعة لأوامر الإخلاء، على حد قول المنظمة لـ هيومن رايتس ووتش. أضافت المنظمة أنها كانت تشارك إحداثيات المبنى مع السلطات الإسرائيلية بشكل منتظم، مع الذكر أنه يُستخدم كمأوى للمنظمة.

نشرت أطباء بلا حدود فيديو وصف فيه رئيس بعثة المنظمة في فلسطين ليو كان الهجوم وأظهر فتحتين متوازيتين في الجدار مرت عبرهما المقذوفات، على حد قوله. كما تضمن الفيديو صورتين، يُزعم التقاطهما خارج المبنى، لمخلفات قذائف على العشب. لم تتمكن هيومن رايتس ووتش من التأكد من موقع هذه المخلفات، لكنها لم تتمكن من العثور عليها على الإنترنت قبل 8 يناير/كانون الثاني. وقد حلّلت نيويورك تايمز الصور وقالت إنها تُظهر وجود مخلفات قذيفة دبابة إسرائيلية عيار 120 ملم خارج الملجأ تحوي علامات بالعبرية. تحققت هيومن رايتس ووتش بشكل مستقل من نوع المخلفات.

نفى الجيش الإسرائيلي لـ نيويورك تايمز أن يكون قد قصف المبنى. إلا أن أطباء بلا حدود قالت إن السلطات الإسرائيلية أبلغت المنظمة لاحقا أن الأضرار التي لحقت ببيت الضيافة كانت نتيجة هجوم على هدف "إرهابي".

الهجوم على مضافة لـ "لجنة الإنقاذ الدولية" و"جمعية العون الطبي للفلسطينيين"، 18 يناير/كانون الثاني

في 18 يناير/كانون الثاني، أصاب هجوم جوي إسرائيلي السور المحيط بمضافة تستخدمها لجنة الإنقاذ الدولية وجمعية العون الطبية للفلسطينيين إلى الشمال من خان يونس، حيث كان يقيم وقتئذ 12 شخصا، بينهم أربعة أطباء، بحسب المنظمتين. قالت العون الطبي للفلسطينيين لـ هيومن رايتس ووتش إنه لم يُقتل أحد في الغارة لكن أصيب ثلاثة أشخاص بجروح طفيفة.

يُظهر تحليل الأقمار الصناعية أن الهجوم خلّف حفرة بعرض 15 متر تقريبا في الأرض الرملية، ودمر السور المحيط بالعقار، وألحق أضرارا جسيمة بالدار. أكدت العون الطبي للفلسطينيين لـ هيومن رايتس ووتش أنها شاركت إحداثيات دار الضيافة مع السلطات الإسرائيلية والأمم المتحدة مرتين في أواخر 2023 لضمان عدم تعرضها لهجوم. المبنى منفرد، من دون أي مبان أو هياكل أخرى مجاورة. أضافت المنظمة أنها لم تكن على علم بوجود أهداف عسكرية في المنطقة وقت الهجوم ولم تتلق أي تحذيرات.

راجعت هيومن رايتس ووتش تقريرا عن تقييم مستقل في الموقع أجراه فريق أممي متعدد الوكالات بعد الهجوم، وخلص إلى أن الأضرار كانت نتيجة غارة جوية، على الأرجح باستخدام قنبلة "جي بي يو-32"  (GBU-32 ) أمريكية الصنع أُسقطت جوا. قالت العون الطبي للفلسطينيين إن المفتشين توصلوا إلى أن القنبلة ألقتها طائرة إف-16. أضافت المنظمتان أنه منذ الهجوم، قدمت إسرائيل ستة تفسيرات مختلفة ومتناقضة في كثير من الأحيان حول ما إذا كان الهجوم قد وقع وما سببه، لكنهما قالتا إن التفسيرات افتقرت إلى الوضوح أو المساءلة.

الهجوم على قافلة للأونروا، 5 فبراير/شباط

في 5 فبراير/شباط، بحسب ما قالت الأونروا، أصابت نيران البحرية الإسرائيلية شاحنة مساعدات تابعة للوكالة. وقع الهجوم بينما كانت قافلة من 10 شاحنات محاطة على الجانبين بمركبات للأمم المتحدة تحمل علامات متوقفة على طريق غرب النصيرات، وتنتظر في نقطة توقف متفق عليها مسبقا للحصول على إذن من الجيش الإسرائيلي للتوجه إلى حاجز إسرائيلي. ألحق القصف أضرارا بالشاحنة الأخيرة في القافلة. لم يصب أحد. قالت الأونروا إنها نسّقت مع السلطات الإسرائيلية قبل الهجوم تحرك الشاحنات المنوي إجراؤه، بما يشمل إبلاغ السلطات الإسرائيلية عندما وصلت إلى نقطة التوقف وعندما بدأ عمال الإغاثة في القافلة يسمعون نيران البحرية بالقرب من قافلتهم المتوقفة.

في 5 فبراير/شباط 2024، أصابت نيران البحرية الإسرائيلية شاحنة مساعدات تابعة للأونروا تحمل أغذية.  © 2024 أونروا

قال ممثل للأونروا إنه بسبب هذا الحادث، اضطرت الأونروا وشركاؤها إلى وقف أنشطة المساعدات المتجهة إلى شمال غزة لمدة 19 يوما، ما أثر على 200 ألف شخص. منذ 24 مارس/آذار، قيّدت الحكومة الإسرائيلية وصول الأونروا إلى شمال غزة، ورفضت السماح للوكالة بتوفير المساعدات الغذائية للشمال، على الرغم من تفويض الأونروا. وقد اتخذت السلطات الإسرائيلية خطوات أخرى قوّضت قدرة الأونروا على توزيع المساعدات في غزة، ما ساهم في تفاقم الوضع الإنساني المتردي، نظرا لأن الأونروا أبقت على أكبر عملية للمساعدات الإنسانية في غزة.

قال الجيش الإسرائيلي لـ "سي إن إن" في اليوم نفسه إنه يحقق في الحادث. قال مسؤول في الأونروا لـ هيومن رايتس ووتش إن السلطات الإسرائيلية اعترفت يومها بالهجوم وأشارت إلى أنها اتخذت "إجراءات وقائية لمنع تكرار وقوع هجوم مشابه مجددا".

الهجوم على مضافة تابعة لأطباء بلا حدود، 20 فبراير/شباط

بُعيد 8 مساء في 20 فبراير/شباط، أطلقت دبابة إسرائيلية النار من سلاح من عيار متوسط إلى كبير على مبنى سكني متعدد الطوابق في حي المواصي بخان يونس يسكنه فقط موظفو أطباء بلا حدود وأفراد عائلاتهم، وعددهم الإجمالي 64 شخصا. قتل الهجوم شخصين وأصاب سبعة آخرين. قالت أطباء بلا حدود إن السلاح كان قذيفة دبابة إسرائيلية، مشيرة إلى أن الموظفين لم يروا أي أهداف عسكرية في المنطقة وقتها ولم يتلقوا أي تحذير.

في 20 فبراير/شباط 2024، أطلقت دبابة إسرائيلية النار من سلاح من عيار متوسط إلى كبير على مبنى سكني متعدد الطوابق في حي المواصي في خانيونس بغزة، وكان المبنى يؤوي فقط موظفي "أطباء بلا حدود" وعائلاتهم. قُتل شخصان وأصيب سبعة آخرون.  © 2024 Mohammed Abed/MSF

تؤكد الصور والفيديوهات في تقرير لـ "سكاي نيوز" عن الهجوم والتي راجعتها هيومن رايتس ووتش وجود علم كبير لأطباء بلا حدود منسدل على جانب المبنى من الخارج وقت الهجوم. تُظهر الصور وصور الأقمار الصناعية أيضا انعزال المبنى وابتعاده قرابة 50 مترا عن أقرب مبنى مجاور له.

قالت أطباء بلا حدود إن قوات مسلحة أطلقت رشقات إضافية على الجزء الخارجي للمبنى وداخل الطابق الأرضي، مضيفة لـ هيومن رايتس ووتش أن تحقيقا مستقلا، معززا بروايات الشهود، أكد وجود دبابة إسرائيلية في المنطقة وقت وقوع الحادث. تُظهر التحقيقات أن المقذوف المسبب للانفجار قادم من دبابة "ميركافا" إسرائيلية، وأن آثار الرصاص من العيار الصغير على المبنى تتوافق مع التسليح الثانوي لدبابات الميركافا. تحققت هيومن رايتس ووتش من صورة نشرتها  أطباء بلا حدود على "إكس" (المعروف سابقا بـ "تويتر") في 22 فبراير/شباط تُظهر الأضرار اللاحقة بالجزء الخارجي من المبنى.

قالت أطباء بلا حدود إن المنظمة كانت قد شاركت إحداثيات المبنى مع السلطات الإسرائيلية قبل الهجوم. ولم تتلق أي تحذير. قالت المنظمة إنه بعد الهجوم، أكدت السلطات الإسرائيلية تلقيها إحداثيات المبنى.

ردا على الهجوم، قال الجيش الإسرائيلي لسكاي نيوز إن الدبابة فتحت النار على المبنى لأنه "حُدِّد على أنه مبنى يحدث فيه نشاط إرهابي"، متعهدا بإجراء فحص على يد "آلية تقصي وتقييم الحقائق" التابعة لهيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي، وهي هيئة "مستقلة" دائمة أنشئت عام 2014 لفحص "الحوادث الاستثنائية" التي تحدث أثناء العمليات العسكرية. لم يُعلن عن أي نتائج.

قالت المديرة العامة لأطباء بلا حدود ميني نيكولاي لسكاي نيوز بعد الحادث: "تؤكد عمليات القتل هذه الحقيقة القاتمة أنه لا يوجد في غزة مكان آمن، وأن الوعود بالمناطق الآمنة فارغة، وأن آليات منع الاشتباك غير موثوقة".

الهجوم على منزل لجأ إليه موظف في أنيرا، 8 مارس/آذار

في 13 أكتوبر/تشرين الأول، فرّت دعاء شوا وزوجها موسى شوا وطفلاهما ديما (13 عاما) وكريم (6 أعوام) من منزلهم في تل الهوى إلى شقة في الطابق الثاني من مبنى مكون من ثلاث شقق في الجنوب يملكها صديق في الزوايدة. قتل الهجوم ثلاثة أشخاص على الأقل وأصاب ثلاثة آخرين. قالت دعاء لـ هيومن رايتس ووتش إن الحي تجنب أسوأ القتال على مدار أشهر. أكدت أنيرا أن موسى كان منسق الإمدادات والخدمات اللوجستية في المنظمة، وأنه، عند انتقاله إلى الزوايدة، أبلغ زملاءه في المنظمة بإحداثيات المنزل.

في 8 مارس/آذار، قتل هجوم إسرائيلي على شقة في الزوايدة موسى شوا، منسق الإمدادات والخدمات اللوجستية التابع لـ "المنظمة الأمريكية لمساعدة اللاجئين في الشرق الأدنى" (أنيرا).  © خاص

 

عرضت أنيرا على نيويورك تايمز الرسائل الإلكترونية التي أرسلتها إلى السلطات الإسرائيلية والتي تضمنت إحداثيات المنزل، بالإضافة إلى صور فوتوغرافية للمبنى، لإبلاغها بأن ذلك المكان يقطن فيه أحد موظفيها مع عائلته. أكدت السلطات الإسرائيلية بدورها في رسائلها الإلكترونية أن الموقع "قيد المعالجة في النظام".

قالت دعاء إنه يوم الجمعة 8 مارس/آذار، حوالي الساعة 4 عصرا، أصابت غارة إسرائيلية المبنى بدون سابق إنذار. كان موسى، عندما وقعت الغارة، يقف عند مدخل الشقة مع بهاء الجفري، شقيق دعاء الذي كان يزورهما ويتحدث إلى دعاء. "كان في منتصف جملته عندما قُصفنا. لا أتذكر شيئا منذ تلك اللحظة، فقدت الوعي فورا ولم أستيقظ إلا لاحقا في المستشفى لأكتشف أنني فقدت موسى وأخي".

قالت دعاء إنها أُبلِغت لاحقا بأن موسى أصيب في كافة أنحاء جسمه وتوفي لدى وصوله إلى "مستشفى الأقصى". توفي بهاء لحظة القصف، وكانت لديه جروح في رأسه ووجهه. كريم، ابن دعاء البالغ من العمر 6 سنوات، أصيب في الرأس، لكن لم يدرك الطاقم الطبي أنه مصاب بكسر في الجمجمة ونزيف داخلي في الدماغ، وبالتالي ظلت إصاباته بدون علاج. توفي في "مستشفى العريش" في مصر لاحقا بعد 11 يوما من الهجوم.

نُقلت دعاء وكريم وديما بمساعدة أنيرا إلى مصر من غزة بعد ثمانية أيام من الهجوم. تسبب الهجوم في كسر يد دعاء اليمنى وجرح كبير في وجهها ورأسها. تسبب الهجوم كذلك في كسر في قدم ديما اليمنى، وإصابة جسدها ووجهها بجروح ناجمة عن شظايا معدنية، وحروق في يدها اليمنى. قالت دعاء إن الصديق الذي يملك المنزل الذي تعرضوا فيه للهجوم في غزة أصيب أيضا بحروق في وجهه.

قالت دعاء إنه، على حد علمها، كان يقطن في الشقتين الأخريين في بنايتهم مدنيّون، وإنها لا تعلم بوجود قوات مسلحة في الحي. تحققت هيومن رايتس ووتش من لقطات من "الجزيرة"، منشورة على "يوتيوب" في 9 مارس/آذار، للمبنى بعد الهجوم وتظهر أضرارا جسيمة في الطابق الثاني من المبنى، وخلص خبراء استشارتهم نيويورك تايمز إلى أن الهجوم نُفِّذ بذخائر دقيقة موجهة تطلق من الجو. قالت إسرائيل لنيويورك تايمز ردا على طلبها للتعليق إن الهجوم استهدف عضوا في "حماس" شارك في هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول في إسرائيل. قالت أنيرا إنها لم تتلق أي معلومات من إسرائيل حول من أو ماذا استُهدف أو السبب.

قالت دعاء: "لم نتلق أي تحذير من الإسرائيليين قبل الهجوم. أكثر ما يضايقني هو أن زوجي يعمل في منظمة أمريكية وكان الإسرائيليون يعرفون بوجودنا هناك. كان عليهم أن يرسلوا إلينا رسالة لتحذيرنا لكي نخرج". تقول دعاء إنها تسأل نفسها طوال الوقت: "لمَ لم يفعلوا ذلك؟" مضيفة، "كان الأمر يفوق خيالنا. دُمِّرت قلوبنا".  

 

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

المنطقة/البلد

الأكثر مشاهدة