بعد أن أصدرت "المحكمة الجنائية الدولية" مذكرات اعتقال بحق قادة إسرائيليين ومسؤول من "حماس" في 21 نوفمبر/تشرين الثاني، سارع رئيس السياسة الخارجية في "الاتحاد الأوروبي" جوزيب بوريل إلى القول بوضوح أن "قرارات المحكمة الجنائية الدولية ملزمة لجميع الدول الأطراف في نظام روما الأساسي، بما يشمل جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي". ردُه تذكيرٌ بالسياسة الثابتة للاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء في دعم الجنائية الدولية، لا سيما عندما يتعلق الأمر بتنفيذ مذكرات الاعتقال.
وضع الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء على مر السنين سياسات وممارسات عديدة لدعم الاعتقالات أمام المحكمة الجنائية الدولية انطلاقا من التزاماتهم تجاه المحكمة، بما يشمل تأكيد حكومات الاتحاد على التزامها كأعضاء في المحكمة بتنفيذ اعتقالات داخل حدودها ودعم الدول الأعضاء الأخرى في المحكمة للوفاء بالتزاماتها.
ورغم ذلك، دعا رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان بالفعل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي يخضع لإحدى مذكرات الاعتقال، إلى زيارة المجر، قائلا إنه لن ينفذ المذكرة. لم تلتزم بعض الدول الأخرى في الاتحاد الأوروبي صراحةً بتنفيذ مذكرة الاعتقال، رغم تأكيدها على دعمها المحكمة، ما قد يعمق تصورات المعايير المزدوجة في دعم العدالة أمام المحكمة.
لضمان وقوف الدول الأعضاء في الاتحاد بحزم دفاعا عن العدالة في جميع قضايا المحكمة، نحدد في ورقة إحاطة جديدة التزامات وسياسات الاتحاد الأوروبي فيما يتعلق باستراتيجيات الاعتقال. فالدعم القوي من جانب الدولة يمكنه أن يحرز تقدما، فالرئيس الروسي فلاديمير بوتن، المطلوب من قبل المحكمة بتهمة ارتكاب جرائم خطيرة في أوكرانيا، تفادى مؤخرا حضور قمة "مجموعة الـ 20" في البرازيل، الدولة العضو في المحكمة. ولكن يُرجح بقاء التحديات التي تواجه اعتقالات المحكمة؛ صحيح أن بوتن تجنّب الذهاب إلى البرازيل، لكنه زار منغوليا، وهي أيضا دولة عضو في المحكمة، بدون مواجهة الاعتقال. وقد تم الطعن في هذا الحدث بشكل محق من قبل الاتحاد الأوروبي وأمام قضاة المحكمة.
تحمل كل مذكرة اعتقال صادرة عن الجنائية الدولية تحديات محددة، ويخلق عدم تنفيذها مناخا من الإفلات من العقاب. من شأن المحاولات الأخيرة لتقويض المحكمة، بما فيها تلك التي قامت بها إسرائيل وروسيا، والتهديدات بفرض عقوبات عليها من جانب المشرعين الأميركيين، المخاطرة بإلغاء كل ما بذله الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء لأجل المحكمة.
ضمان قدرة المحكمة على تنفيذ مذكرات الاعتقال سيتطلب الدفاع عنها في وجه الضغوط الخارجية والتدابير القسرية. يعني هذا أن دعم الاتحاد الأوروبي للاعتقالات يجب أن يشمل في الوقت الحاضر الاستعداد لتبني تدابير لحماية المحكمة من العقوبات الأميركية المحتملة.
المخاطر كبيرة، ولكن عندما يتولى الاتحاد الأوروبي دورا بارزا في دعم المحكمة بالشراكة مع الحكومات الداعمة للعدالة على الصعيد العالمي، من شأن هذا إحداث أثر إيجابي حتى في أصعب الظروف.