(بيروت) ـ قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن على السلطات السعودية عليها أن تسقط التهم عن محرر موقعالشبكة الليبرالية السعودية الحرة الإلكتروني، لانتهاكها حقه في حرية التعبير حول مسائل العقيدة والرموز الدينية. وجه الادعاء الاتهام إلى رائف بدوي بموجب قانون مكافحة الجريمة الإلكترونية لسنة 2007، بزعم أن موقعه الإلكتروني "يتطاول على القيم الدينية" إذ يوفر منصة للجدل الحر حول العقيدة والرموز الدينية.
تتضمن أدلة الادعاء خمس مقالات على الموقع الإلكتروني منسوبة إلى رائف بدوي وبعض أعضاء الموقع المجهولين، فيها انتقادات للسلطات الدينية السعودية، ومقالتين تتعلقان بمسائل لاهوتية، كما تقول لائحة الاتهام. إذا أدين رائف بدوي فسوف يواجه السجن لمدة قد تصل إلى 5 سنوات وغرامة قد تبلغ ثلاثة ملايين ريال سعودي (ثمانمائة ألف دولار أمريكي).
قال كريستوف ويلكي، باحث أول بقسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: "تخوض الحكومة السعودية معركة خاسرة إذا كانت تظن أن بوسعها خنق تبادل الأفكار حول الدين بحبس كل من يعبر عن رأيه. ليس من شأن الحكومة التفتيش في الآراء الدينية للسعوديين".
قالت زوجة رائف بدوي وأحد أصدقائه المقربين لـ هيومن رايتس ووتش إن قوات الأمن السعودية أوقفته واعتقلته في 17 يونيو/حزيران 2012، بينما كان يقود سيارته في جدة. كان رائف وآخرون قد أعلنوا على الموقع الإلكتروني عن يوم 7 مايو/أيار كيوم لليبراليين السعوديين، بأمل إثارة الاهتمام بنقاش مفتوح حول الفروق بين الديانة لدى جموع الشعب والديانة المسيسة، كما قال سعود الشمري، الأمين العام للموقع الإلكتروني.
كان رائف بدوي يعيش بعيداً عن بيته منذ شهور لتجنب التصادم مع الشرطة، رغم عدم اقتناعه بأنه مطلوب رسمياً للاعتقال، على حد تصريحه لـ هيومن رايتس ووتش في مارس/آذار.
في 18 مارس/ آذار قام الشيخ عبد الرحمن البراك، الفقيه المحافظ المعروف، بإصدار فتوىتعتبر رائف بدوي "كافراً...ومرتداً لا بد من محاكمته والحكم عليه بما تقتضيه أقواله". سرد البراك خمسة مما يعتبرها أسانيداً [لفتواه]، مثل ادعاء رائف بدوي المزعوم "بأن المسلمين واليهود والنصارى والملحدين كلهم سواء" وإظهار رائف بدوي المزعوم "للتضايق من شهر رمضان". كما استخف البراك أيضاً بإمكانية النقاش المفتوح في مثل تلك الأمور، قائلاً إنه حتى إذا لم تكن هذه أقوال رائف بدوي وإنما "نقلها عن غيره، فإن النقل لا يجوز إلا مع إنكار" مثل تلك الأقوال.
قالت هيومن رايتس ووتش إن السلطات السعودية دأبت على مضايقة رائف بدوي بملاحقات قضائية سياسية الدوافع بسبب مناقشاته حول الآراء الدينية. في مارس/آذار 2008 اعتقلالادعاء السعودي رائف بدوي واحتجزه للاستجواب، لإنشاء موقعه الإلكتروني أيضاً، لكنه أفرج عنه بعد يوم واحد. غادر رائف بدوي البلاد بعد توجيه الاتهام إليه رسمياً في مايو/أيار 2008، ثم عاد حين بدا الادعاء كأنما قرر عدم متابعة القضية، كما قال لـ هيومن رايتس ووتش. ومع ذلك فقد منعت السلطات رائف بدوي من السفر للخارجفي 2009 نتيجة للتهمة، كما جمدت مصالحه المالية فحرمته من مصدر دخله، حسب تصريحه لـ هيومن رايتس ووتش.
كان رائف بدوي قد قال لـ هيومن رايتس ووتش إنه خاف على حياته وعلى حياة أفراد أسرته منذ فتوى البراك في مارس/آذار، وتبرأ منه أبوه وأحد إخوته علناً واعتبراه كافراً. تذكر لائحة الاتهام أن والد رائف بدوي هو محرك الدعوى القانونية ضده، والتي تشمل أيضاً تهمة "العقوق بالأب"، رغم أن لائحة الاتهام لا تذكر مثالاً على هذا العقوق. قال أحد المقربين من رائف بدوي لـ هيومن رايتس ووتش إنه لم ير أباه منذ سنوات.
بدأت عائلة زوجة رائف بدوي أيضاً في التحريض عليه، كما قال لـ هيومن رايتس ووتش، مما أدى بزوجته وأطفالهما الثلاثة إلى مغادرة البلاد. علم رائف أن أقارب زوجته بسبيل رفع دعوى في جدة لتطليق زوجته منه بصفته مرتد، وليس من حقه الزواج من مسلمة في ظل الشريعة الإسلامية. ما زالت زوجة رائف وأطفاله خارج البلاد.
يحمي قانون حقوق الإنسان الدولي حرية التعبير، ولا تسمح المعايير الدولية بفرض القيود على المحتوى إلا في ظروف شديدة الضيق، مثل قضايا التشهير أو السب والقذف بحق الأفراد الطبيعيين، أو الأقوال التي تهدد الأمن القومي. وينبغي أن تكون القيود معرفة بشكل واضح، ومحددة، وضرورية، ومتناسبة مع التهديد الواقع على المصلحة المطلوب حمايتها.
إن مجرد اعتبار بعض الأقوال مسيئة إلى شخصية عامة لا يكفي لتبرير فرض العقوبات، كما قالت لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في تعليقها العام رقم 34 لعام 2011، بشأن الحدود المسموح بها لحرية التعبير. أما عن القيود المفروضة لحماية الأخلاق العامة فقد لاحظت اللجنة في تعليقها العام رقم 22 لعام 1993 بشأن حرية العقيدة "أن مفهوم الأخلاق مشتق من تقاليد اجتماعية وفلسفية ودينية عديدة؛ وبالتالي فإن فرض القيود بهدف حماية الأخلاق ينبغي أن يقوم على مبادئ غير مشتقة بشكل حصري من تقليد واحد".
قال كريستوف ويلكي: "بدلاً من حماية أرواح المواطنين السعوديين وحرياتهم، تعمد السلطات السعودية إلى إساءة استخدام نظامها القانوني لملاحقة أصحاب الآراء النقدية".