Skip to main content
تبرعوا الآن

(بيروت) - قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن الغارات الجوية والقصف المدفعي السوري-الروسي في 14 يونيو/حزيران 2017 على إحدى مدن محافظة درعا الجنوبية أوقع 10 مدنيين داخل إحدى المدارس وبقربها. قال السكان إنهم ليسوا على علم بأي هدف عسكري بالقرب من مكان الهجمات.

قال شهود عيان، إن إحدى الغارات الجوية أصابت ساحة مدرسة الشهيد كيوان في بلدة طفس، ما أدى إلى مقتل 8 أشخاص، من ضمنهم طفل، وأغلبهم أفراد أسرة نازحة من بلدة أخرى كانوا يختبئون هناك. وكان القصف المدفعي قبل الغارة بساعة تقريبا قد أودى بحياة شخصين، أحدهما طفل، قرب المدرسة. وهناك على الأقل 5 جرحى.

الحفرة التي خلفتها الغارة الجوية السورية-الروسية في 14 يونيو/حزيران 2017 في ساحة مدرسة الشهيد كيوان. 7 من أصل 8 ضحايا، بينهم طفل، ينتمون إلى عائلة نازحة كانت تتخذ من المدرسة ملجأ.  © 2017 خاص

قال بيل فان إسفلد، باحث أول في قسم حقوق الطفل في هيومن رايتس ووتش: "كانت توجد لافتة عند بوابة المدرسة الإعدادية بطفس كُتِب عليها 'حافظ على نظافة المدرسة'، إلا أن أرضية المكان تلطخت بدماء أسرة كاملة في 14 يونيو/حزيران. هذه الهجمات غير القانونية ستستمر على الأرجح، ما لم يُحاسب المسؤولون عنها".

قال شهود إنهم ليسوا على علم بمقتل أو إصابة أحد من أعضاء المجموعات غير الحكومية التي تقاتل الحكومة السورية، ولا بأي هدف عسكري بالقرب من مكان الهجمات. قال أحد السكان إنه كانت توجد مجموعات مسلحة معادية للحكومة مثل "فجر الإسلام" و"المعتز بالله" في طفس، 13 كم شمال مدينة درعا، ولكن ليس لأي منهما وجود بالقرب من المدرسة.

اتصلت هيومن رايتس ووتش هاتفيا وعبر "واتساب" بسكان وشهود من طفس وأحد أقارب الأسرة النازحة التي كانت تختبئ هناك. حجبنا أسماء بعض الذين تمت مقابلتهم من أجل حمايتهم. كما راجعت هيومن رايتس ووتش صورا ومشاهد فيديو شاركها الشهود. قدّم مستشفى طفس، الذي استقبل أغلب الضحايا، تقريرا موجزا يفصّل إصابات الضحايا. كانت القوات البرية الحكومية تتمركز على بعد نحو 5 كم جنوب شرق طفس.

لم تعلم هيومن رايتس ووتش بأي بيانات صدرت عن السلطات السورية أو الروسية حول الهجمات.

قال أحد سكان طفس إن مدرسة الشهيد كيوان كانت تضم 300 إلى 400 طالبا قبل انتفاضة 2011، وعددا مماثلا بعد ذلك، حيث أنه بعد فرار الكثيرين منهم من طفس، التحق العديد من النازحين من بلدات أخرى بالمدرسة. كانت المدرسة مقفلة للعطلة الصيفية في 14 يونيو/حزيران، ما حدّ من عدد الإصابات. كانت المدرسة قد تضررت جراء غارة جوية في نوفمبر/تشرين الثاني 2016 دون وقوع إصابات، وتابعت الدروس رغم أن بعض الأسر النازحة كانت تعيش بداخلها. قال شخص كان يسكن قرب المدرسة إن موظفي المرحلة الإعدادية قالوا له إنهم سيتابعون تعليم الطلاب في دوامين في المبنى غير المتضرر بانتظار ترميم المبنى المتضرر.

سيطرت قوى المعارضة السورية على طفس في أغسطس/آب 2013. جميع الشهود الذين قابلتهم هيومن رايتس ووتش قالوا إنه لم يكن هناك مقاتلون أو أي أهداف عسكرية أخرى في المناطق التي استُهدفت في 14 يونيو/حزيران أو بجوارها. قال أبو وصال، عامل في الدفاع المدني كان من بين المسعفين الذين تدخلوا بعد الهجوم: "المتمردون بعيدون عن البلدة، إنهم في المناطق الزراعية والقواعد القديمة". أصدر "الجيش السوري الحر" المعارض بيانا قال فيه إنه أطلق صواريخ وشنّ غارات مدفعية على آليات للجيش السوري عند نقطة تفتيش في خربة غزالة، نحو 15 كم شرق طفس، في 14 يونيو/حزيران.

الأضرار التي لحقت بمدرسة الشهيد كيوان بسبب الغارة الجوية السورية-الروسية في 14 يونيو/حزيران 2017، والتي تسببت في مقتل 8 مدنيين، بينهم طفل.  © 2017 خاص.

شارك أبو وصال صورا التقطها للحفرة في ساحة المدرسة وبقايا القنبلة المستخدمة في الغارة الجوية، ولكنه من غير الممكن تحديد نوعها. لكن بسبب القرب بين مكان الإطلاق ومكان الإصابة، أحدثت القنبلة انفجارا كبيرا، وخلّفت شظايا، وآثارا حرارية ظاهرة على جثث الضحايا. أبو وصال وعامل آخر في الدفاع المدني ممن قدموا الإسعافات بعد الهجمات قالا إن جميع الجثث والمصابين الذين نقلوهم كانوا من المدنيين، وإنه لم تكن هناك أهداف عسكرية في المدرسة. لم تظهر أي أسلحة أو ملابس عسكرية في الصور والفيديوهات المصوَّرة بعد الحادثة التي عاينتها هيومن رايتس ووتش.

قال شهود إنهم لم يتمكنوا من رؤية الطائرة التي رمت القنابل. لكن تبدو طائرة ثابتة الجناحين لوقت قصير في فيديو نشرته "شاهد"، مؤسسة إعلامية محلية، على الانترنت ووصفته بأنه مشاهد الغارة الجوية الأولى على طفس. قال عامل آخر في الدفاع المدني إن غارتين أخريين ضربتا شمال وشرق طفس وتسببتا في إصابات طفيفة.

ذكرت "اليونيسف" في تقرير لها حصول 87 هجمة على مدارس أو عاملين في التعليم في سوريا في 2016، ما أدى إلى مقتل 255 طفلا في المدارس أو بجوارها. ذكرت "اللجنة السورية لحقوق الإنسان" في تقرير لها استهداف 132 "مؤسسة تعليمية" في 2016، بما في ذلك 113 غارة جوية سورية-روسية. وجدت "وحدة تنسيق الدعم"، وهي مجموعة إنسانية غير حكومية سورية، أن 27 بالمئة من مجموع 3373 مدرسة عاينتها في نوفمبر/تشرين الثاني وديسمبر/كانون الأول 2016 في 90 ناحية في سوريا تضررت بسبب الصراع.

حسب الأمم المتحدة، ثُلث أطفال سوريا غير ملتحقين بالمدارس وثلث المدارس متوقفة عن العمل لتضرّرها أو تهدّمها أو استخدامها من قِبل قوات عسكرية أو لإيواء المدنيين النازحين.

قال فان إسفلد: "لقد برهنت العملية السورية-الروسية المشتركة مرارا على استهتار بحياة المدنيين وسلامة المدارس، التي تشكل مستقبلا أفضل للبلاد. تبدو هجمات طفس غير قانونية، والضحايا يستحقون العدالة".

هجمات 14 يونيو/حزيران في طفس

أبو وصال وعامل آخر في الدفاع المدني ممن قدموا إسعافات بعد الهجمات قالا لـ هيومن رايتس ووتش، كل على حدة، إن في 14 يونيو/حزيران 2017، عند الظهر تقريبا، قتل هجوم مدفعي هبة الحسن، (12 عاما)، ومحمد الصلخدي الذي كان يبيع الخضار قرب ساحة العمري، وهي منطقة سكنية في وسط المدينة. كما قالا إن هجمات مدفعية أخرى ضربت مناطق شمال وغرب طفس في نفس الوقت تقريبا دون أن توقع إصابات، وتتابعت الهجمات لاحقا في ذلك اليوم. قال أبو وصال إن الهجمات المدفعية أتت من مناطق تحت سيطرة قوات الحكومة السورية بالقرب من طفس: تل الخضر وبانوراما درعا. قال شهود إن طفس تعرّضت لهجمات مدفعية متكررة من مناطق تحت سيطرة الحكومة.

قال شهود إن عند الساعة 1 بعد الظهر تقريبا ألقت طائرة بأجنحة ثابتة 4 قنابل في وقت قصير. أصابت الغارة الأولى منطقة مفتوحة، مباشرة خلف مدرسة الشهيد كيوان، نحو 300 مترا جنوب الساحة التي استهدفها الهجوم المدفعي السابق. قال عامل آخر في الدفاع المدني إنه وصل إلى مكان الانفجار بعد دقائق قليلة، وإن غارة جوية ثانية أصابت ساحة المدرسة الأمامية بعد ذلك بقليل. قال: "رأيت القنبلة [الثانية] تصيب المدرسة لأنني كنت قريبا جدا، فدخلت أنا وفريقي المدرسة". شاهدت هيومن رايتس ووتش فيديو، قال عامل الدفاع المدني إنه صوّره في ذلك الوقت، يُظهر 5 جثث على الأقل ودماء وأشلاء عند مدخل المدرسة.

وصل أبو وصال بُعَيد الغارة الثانية، "3 دقائق تقريبا بعد الغارة الأولى، ما يكفي لتبتعد الطائرة". بين الجثث التي أزالها كانت جثة ابن عمه، أحمد ناجي كيوان، الذي يسكن بجوار المدرسة.

كانت المرة الأولى التي أرى فيها شيئا كهذا – كانت الأشلاء متناثرة في أرجاء المكان. كان هناك 6 جثث ورؤوس وأياد وأرجل مقطوعة، لم يبقَ أحدٌ على حاله. حاولنا أن نبحث عن ناجين فسمعنا صراخ أطفال. الناجيان الوحيدان هما الفتى [البراءة المصري] وفتاة. كانا [...] عالقين تحت الأفرشة والأثاث. أُقسم أن رائحة الدم والبقايا لا تزال حتى الآن على المعدن. عندما سقطت [القنبلة] حطمت الباب، الواجهة الحديدية للمدرسة. وجدنا إحدى الجثث وقد خرقتها قطعة من الباب في الصدر وخرجت من الظهر. شيء لا يوصَف.

قال شخص يسكن بجوار المدرسة إن الأشخاص السبعة الآخرين الذين قضَوا وأصيبوا في المدرسة كانوا من أصل 15 فردا تقريبا من أسرة موسعة كانوا يختبئون هناك منذ استولت القوات السورية على بلدتهم، عتمان، التي تبعد حوالي 10 كم، في فبراير/شباط 2016. تعرّف شهود ومجموعات سورية حقوقية على أفراد الأسرة الذين قُتلوا وهم: ياسمين المصري (13 عاما)، وأقرباؤها رامي ومحمد أحمد ومحمد إياد وأحمد ومحمود وزوجته بسمة الحاري (31 عاما). توفيت الحاري خلال خضوعها لعملية بسبب شظايا أصابتها في رأسها وصدرها وبطنها، حسب بيان صادر عن مستشفى طفس.

قال المستشفى في بيانه إنه تلقى جثث 7 أشخاص قضوا خلال الهجوم، بالإضافة إلى الحاري التي توفيت خلال العملية و4 أفراد آخرين من أسرة المصري أصيبوا بجروح، هم: البراءة محمد المصري (3 أعوام)، الذي أصيب بجروح في بطنه وتمزق شريان في ساقه، وفتى آخر وفتاة وامرأة (55 عاما) أصيبت بجروح في البطن ونُقلت إلى الأردن. يظهر في فيديو نشرته "أورينت نيوز" في 24 يونيو/حزيران على "يوتيوب" فتى يُدعى البراءة المصري وطبيب يصف إجراء عملية جراحية له.

قال شهود إن الطائرة شنت غارتين أخريين بُعيد استهداف المدرسة. وقال أبو وصال إن الغارة الثالثة أصابت طفلين عند استهدافها ثكنة عسكرية سابقة، 2.5 كم تقريبا شرق المدرسة، لجأ إليها نازحون من بلدات الشيخ مسكين وأبطع وقرفا وعتمان. وأصابت الغارة الرابعة أرضا بجوار مستودع تبغ سابق، يأوي نازحين على أطراف طفس دون إيقاع إصابات.

قال شخص آخر يعيش قرب طفس لـ هيومن رايتس ووتش إنه زار المدرسة في اليوم التالي للغارة، ممثلا عن منظمة للأطفال، وإنه التقى البراءة المصري في المستشفى. قال: "لم يعد لديه أحد، لا أم ولا أب. لم يعد هناك إلا عمّه الذي كان محطَّما. ذهبت لزيارته في اليوم التالي أيضا وعرضت عليه المساعدة". سُرّح الفتى من المستشفى بعد 5 أيام. قال أحد أفراد الأسرة إنه نُقل إلى مستشفى في الأردن مع قريب آخر.

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة