(نيويورك) – قالت "هيومن رايتس ووتش'' اليوم إن أكثر من 42,400 أجنبي متهمين بأن لهم صلات مع "تنظيم الدولة الإسلامية" (المعروف أيضا بـ’داعش‘) ما زالوا متروكين من قبل بلدانهم في المخيمات والسجون في شمال شرق سوريا، رغم زيادة عمليات إعادة النساء والأطفال إلى أوطانهم في الأشهر الأخيرة. تحتجز السلطات التي يقودها الأكراد المعتقلين، ومعظمهم من الأطفال، إلى جانب 23,200 سوري، في ظروف تهدد حياتهم.
فاقمت الضربات الجوية والمدفعية التركية الأخيرة الخطر. لكن حتى قبل هجمات تركيا، قُتل ما لا يقل عن 42 شخصا خلال 2022 في مخيم الهول، وهو أكبر مخيم، بعضهم على يد موالين لداعش. قُتل أيضا مئات آخرون في محاولة داعش لاقتحام سجن في يناير/كانون الثاني. قال موظفون وعمال إغاثة ومحتجزون إن أطفالا غرقوا في حفر الصرف الصحي، وماتوا في حرائق الخيام، ودهستهم شاحنات مياه، ومات المئات نتيجة أمراض يمكن علاجها.
قالت ليتا تايلر، المديرة المشاركة لقسم الأزمات والنزاعات في هيومن رايتس ووتش: "تُبرز هجمات تركيا الحاجة الملحة لقيام جميع الحكومات بالمساعدة في إنهاء الاحتجاز غير القانوني لمواطنيها في شمال شرق سوريا، والسماح للجميع بالعودة إلى ديارهم ومحاكمة البالغين حسب الاقتضاء. مقابل كل شخص أعيد إلى المنزل، لا يزال سبعة آخرون محتجزين في ظروف جائرة، ومعظمهم من الأطفال".
الضربات الجوية التركية في منذ 20 نوفمبر/تشرين الثاني والتي استهدفت "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، القوة المسلحة في المنطقة، وقعت بالقرب من مخيم الهول وسجن الشركين، اللذان يضمان معا آلاف المحتجزين. قال محتجزون وأقارب محتجزين ومجموعات إغاثة وعائلات لـ هيومن رايتس ووتش إن الغارات، التي أسفرت بحسب تقارير عن مقتل ثمانية حراس، قطعت التيار الكهربائي مؤقتا، وأوقفت توصيل المياه والوقود والخبز، وقلصت الخدمات الطبية وغيرها من الخدمات المحدودة أصلا في الهول وروج، وهو مخيم احتجاز أصغر.
خلال رحلة إلى شمال شرق سوريا في مايو/أيار 2022 وما تلاها من مكالمات ورسائل نصية، قابلت هيومن رايتس ووتش 63 أجنبيا من المشتبه بانتمائهم إلى داعش وأفراد عائلاتهم في المخيمات والسجون ومراكز الاحتجاز الأخرى. تحدثت هيومن رايتس ووتش أيضا مع 44 من مديري وموظفي المخيمات ومراكز الاحتجاز، وعمال الإغاثة، والمسؤولين الحكوميين الأجانب، والأقارب في بلدان المحتجزين الأصلية.
وجدت هيومن رايتس ووتش أنه حتى قبل الضربات التركية، كانت الرعاية الطبية والمياه النظيفة والمأوى والتعليم والترفيه للأطفال غير كافية على الإطلاق. قالت الأمهات إنهن يخفين أطفالهن في خيامهن لحمايتهم من المعتدين الجنسيين وحراس المخيمات ومُجنِدي داعش والقتلة.
في روج، قالت ست نساء إن الحراس نقلوهن إلى مراكز احتجاز لأسابيع أو شهور، وفي بعض الحالات أساءوا إليهن جسديا وتركوا أطفالهن ليعولوا بأنفسهم. قال الفتيان وأمهاتهم إن الحراس أخفوا قسرا فتيان مراهقين من المخيمات ووضعوهم في مراكز احتجاز، حيث فقدوا الاتصال بأقاربهم لشهور أو سنوات.
في الهول، قال رجل عراقي إن موالين لداعش قتلوا العديد من أقاربه المقربين في المخيم عام 2022، واصفين إياهم بـ "الجواسيس". ثم قال: "تركوا لي رسالة [مكتوبة] مثبتة بسكين، تقول: "الله أكبر، الدولة الإسلامية باقية. إن ذبحك قريب".
في روج، قالت امرأة إن الحراس احتجزوها لعدة أيام في أوائل 2022 في مرحاض، حيث استجوبوها وعرضوها لصدمات كهربائية، واتهموها بالتورط في احتجاج في المخيم. قالت: "بقيت أخبرهم أنني لست متورطة، لكنهم استمروا في تعذيبي".
في سجن علايا، طالب مراهق فرنسي جريح خطفه الحراس من عائلته ووضعوه في زنزانة مزدحمة لمدة 23 ساعة في اليوم بتلقي الرعاية لذراعه التي أصيبت بالعجز، لكنه قال إن الأهم من ذلك كله، "أريد فقط أن أرى والدتي".
ينحدر الأجانب من 60 دولة. تم القبض على معظمهم من قبل قسد، وهي قوة مسلحة إقليمية يقودها الأكراد وتدعمها الولايات المتحدة، عندما هزمت داعش من آخر معقل لها في سوريا في أوائل عام 2019.
لم يمثل أي من الأجانب أمام سلطة قضائية في شمال شرق سوريا لتحديد ضرورة وقانونية احتجازهم، مما يجعل أسرهم تعسفيا وغير قانوني. الاحتجاز على أساس الروابط الأسرية فقط يرقى إلى عقوبة جماعية، وهي جريمة حرب.
يُحتجَز الأجانب في شمال شرق سوريا بموافقة ضمنية أو صريحة من بلدانهم الأصلية. قامت بعض الدول، مثل المملكة المتحدة والدنمارك، بإسقاط الجنسية عن العديد من مواطنيها أو بعضهم، تاركة العديد منهم دون جنسية في انتهاك لحقهم في الجنسية.
قالت هيومن رايتس ووتش إن الحكومات التي تساهم عن علم وبشكل كبير في هذا الحبس التعسفي قد تكون متواطئة في الاحتجاز غير القانوني للأجانب. الاحتجاز غير القانوني الذي يُرتكب كجزء من "هجوم واسع النطاق أو منهجي موجه ضد أية مجموعة من السكان المدنيين"، ما يعني أن سياسة الدولة أو المنظمة لاحتجاز الأشخاص بشكل غير قانوني، يمكن أن يرقى إلى جريمة ضد الإنسانية.
منذ 2019، أعادت 34 دولة على الأقل أو سمحت بالعودة لأكثر من ستة آلاف أجنبي، بما في ذلك ما يقرب من أربعة آلاف إلى العراق المجاور، وفقا لأرقام من "الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا"، الهيئة الحاكمة في المنطقة، وجهات اتصال أخرى. زادت عمليات الإعادة إلى الوطن في 2022 مع إعادة أكثر من 3,100 أجنبي إلى أوطانهم حتى 1 ديسمبر/كانون الأول. منذ أكتوبر/تشرين الأول ، أعادت ثماني دول على الأقل رعاياها: 659 إلى العراق، و17 إلى أستراليا، وأربعة إلى كندا، و58 إلى فرنسا، و12 إلى ألمانيا، و40 إلى هولندا، و38 إلى روسيا، واثنان إلى المملكة المتحدة. قالت إسبانيا في نوفمبر/تشرين الثاني إنها ستعيد 16 مواطنا على الأقل بحلول نهاية العام. لم تُعد معظم الدول إلا القليل من الرجال، إذا فعلت أصلا. وجدت هيومن رايتس ووتش أن العديد من الأطفال الذين أعيدوا إلى وطنهم يندمجون بنجاح في بلدانهم الأصلية.
في رد مكتوب على طلبات هيومن رايتس ووتش للتعليق على معاملة المحتجزين، قالت الهيئة الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا إنها تبذل قصارى جهدها لدعم قانون حقوق الإنسان. أضافت أن "هذا لا يعني أنه لا توجد أخطاء هنا وهناك على مستوى الأفراد أو بعض المجموعات الصغيرة داخل القوات العسكرية". قالت إن الإدارة الذاتية "تأخذ في الاعتبار" أي تقارير عن إساءة معاملة المحتجزين.
حثّت الإدارة الذاتية الحكومات مرارا وتكرارا على إعادة مواطنيها، وفي غضون ذلك، زيادة المساعدات لضمان المعاملة الإنسانية للمحتجزين. دعت الإدارة الذاتية أيضا الحكومات إلى مساعدة السلطات الإقليمية في مقاضاة الأجانب المشتبه بانتمائهم إلى داعش. قال عبد الكريم عمر، المبعوث الأوروبي للإدارة والرئيس المشارك السابق للعلاقات الخارجية، لـ هيومن رايتس ووتش: "من الصعب جدا علينا أن نحمل هذا العبء بمفردنا".
أنفقت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، عضوا التحالف الدولي ضد داعش، ملايين الدولارات على سجون لاحتجاز المعتقلين في شمال شرق سوريا. لكن الحكومات الأجنبية لم تتخذ خطوات لتوفير المراجعة القضائية للمعتقلين.
قالت تايلر: "مع أن الظروف الأفضل ضرورية، إلا أن الاحتجاز إلى أجل غير مسمى دون مراجعة قضائية غير قانوني حتى في أفضل السجون. تُخاطر الدول بالتواطؤ في هذه الانتهاكات إذا سمحت باحتجاز ينتهك الحقوق الأساسية أو يخلق عقبات مباشرة أو غير مباشرة أمام عودة مواطنيها".
مخاوف أمنية
الحكومات التي توقفت عن إعادة مواطنيها تتذرع بمخاوف أمنية ورد فعل شعبي عنيف. بالإضافة إلى ذلك، قال مسؤولون من خمس حكومات لديها مواطنين محتجزين في شمال شرق سوريا لـ هيومن رايتس ووتش إن السلطات هناك في بعض الأحيان تضع شروط إعادة إلى الوطن ضاعفت من المهمة الصعبة بالفعل المتمثلة في إخراج مواطنيها.
لكن كبار المسؤولين في "الأمم المتحدة" والولايات المتحدة حثّوا الدول على إعادة مواطنيها، قائلين إن المحتجزين يمثلون تهديدا أكبر إذا تُركوا في شمال شرق سوريا، حيث يمكن للمتشددين من بينهم الفرار، لا سيما في الوقت الذي يتم فيه تحويل جهود قسد للرد على هجمات تركيا، ويمكن للأطفال أن يكونوا عرضة للتجنيد. ساعدت الولايات المتحدة، التي تقود التحالف الدولي ضد داعش المؤلف من 85 عضوا وأعادت 39 مواطنا، أي تقريبا جميع مواطنيها المحتجزين في المنطقة، العديد من البلدان على إخراج مواطنيها من أجل إعادتهم إلى أوطانهم.
في الوقت نفسه، من المفترض أن يصل إنفاق الجيش الأمريكي في 2022 155 مليون دولار أمريكي وطلب 183 مليون دولار لعام 2023 لتدريب وتجهيز ودفع رواتب آلاف من أفراد قسد والآسايش، وهي قوة أمنية إقليمية تقوم أيضا بحراسة المحتجزين. تستخدم الولايات المتحدة أيضا الأموال لزيادة الأمن في مخيم الهول وبناء سجن جديد في مدينة الرميلان وتجديد ما لا يقل عن ثلاثة مراكز احتجاز قائمة، بما في ذلك للفتيان.
مراكز الاحتجاز هي جهد يُبذل كحل مؤقت بانتظار عمليات الإعادة إلى الوطن بهدف "تحسين قدرة قسد على احتجاز المشتبه بانتمائهم إلى داعش بشكل آمن وإنساني"، حسبما قالت وزارة الدفاع الأمريكية لـ هيومن رايتس ووتش. ستساهم هذه المراكز أيضا في تحسين أوضاع أولئك المعرضين لخطر التعرض لأذى جسيم إذا أُعيدوا إلى بلادهم، وفقا لتقارير الوزارة. ينحدر عدة آلاف من المحتجزين من دول لديها سجلات في سوء استخدام مكافحة الإرهاب.
المملكة المتحدة، التي أعادت 11 مواطنا لكنّها تركت ما يقدر بنحو 60 آخرين، أنفقت ما لا يقل عن 20 مليون دولار على سجن جديد يسمى "بانوراما" للمحتجزين في الحسكة.
المحتجزون وأماكن الاحتجاز
لغاية 12 ديسمبر/كانون الأول، كانت قسد والآسايش تحتجز ما يقرب من 65,600 رجل وامرأة وطفل باعتبارهم من المشتبه بانتمائهم إلى داعش وأفراد عائلاتهم في المخيمات والسجون ومراكز الاحتجاز الأخرى في شمال شرق سوريا، وفقا لأرقام الإدارة الذاتية والحكومة الأمريكية.
هناك حوالي 37,400 أجنبي، بما في ذلك أكثر من 27,300 عراقي، محتجزون في مخيمَي الهول وروج. أكثر من ثلثي المحتجزين الأجانب في المخيمات هم من الأطفال، ومعظمهم دون سن الـ12. ما يقرب من ثلثهم من النساء. يحتجز المخيمان أيضا نحو 18,200 رجل وامرأة وطفل سوريين التي تعتبر أوضاعهم بائسة رغم أنهم يتمتعون بحرية حركة أكثر من الأجانب.
تحتجز قسد أيضا حوالي عشرة آلاف رجل وفتى في السجون ومراكز الاحتجاز المؤقتة، بما يشمل حوالي خمسة آلاف سوري وثلاثة آلاف عراقي وألفي شخص من أكثر من 20 دولة أخرى، بحسب وزارة الدفاع الأمريكية ومصادر أخرى. يُعتقد أن من بينهم 700 فتى سوري وأجنبي، وفقا لتقديرات أربعة مصادر مطلعة على المرافق، ومئات الشبان المحتجزين منذ أن كانوا أطفالا وفقا "لجنة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق في سوريا". وصول المساعدات الإنسانية إلى مراكز الاحتجاز هذه مقيد للغاية.
قالت خمسة مصادر إن ما لا يقل عن 180 من الفتيان الأجانب الآخرين يُقدر أنهم محتجزون في مراكز احتجاز وصفتها السلطات الإقليمية بشكل غير دقيق بأنها مراكز "إعادة تأهيل"، بما في ذلك "مركز الحوري" وسجن علايا ومركز جديد يسمى "أوركش".
في يناير/كانون الثاني، هاجم مقاتلو داعش سجن الصناعة في حي غويران بمدينة الحسكة في محاولة لإطلاق سراح حوالي أربعة آلاف رجل وصبي محتجزين بسبب صلات مزعومة بداعش، مما أدى إلى اندلاع معركة استمرت عشرة أيام مع قسد المدعومة بضربات جوية أمريكية وقوات أمريكية وبريطانية. قالت قسد إن أكثر من 500 من المهاجمين من داعش والمحتجزين والحراس وقسد قتلوا قبل استعادة السيطرة على السجن، لكنها لم تحدد عدد القتلى في صفوف المحتجزين. قال محتجزون داخل السجن أثناء المعركة لـ هيومن رايتس ووتش إن العديد من الأطفال كانوا من بين الجرحى والقتلى.
بدعوى مخاوف أمنية، رفضت سلطات شمال شرق سوريا طلبات هيومن رايتس ووتش المتكررة لتفقد زنازين السجون التي يُحتجز فيها رجال ونساء وفتيان أجانب.
تستخدم هيومن رايتس ووتش أسماء مستعارة وتحجب تفاصيل أخرى عن هوية معظم المحتجزين، الذين قالوا إنهم يخشون انتقام المحتجزين الموالين لداعش أو سلطات المخيمات.
العنف والموت في المخيمات
خلال زيارتين إلى روج والأخرى إلى الهول في مايو/أيار، كان المحتجزون يتوسلون المساعدة قائلين إنهم يعيشون تحت التهديد المستمر بالعنف والموت. في الهول، سمح المدراء لـ هيومن رايتس ووتش بدخول منطقتين صغيرتين فقط، قائلين إن عناصر داعش المسلحين يسيطرون على أجزاء كاملة من المخيم.
قابلت هيومن رايتس ووتش بشكل منفصل عشرة عراقيين وسوريين محتجزين في الهول قالوا إن أعضاء داعش في المخيم قتلوا أقاربهم، أو سرقوهم أو هددوهم أو أضروا بهم، متهمين إياهم بالتعاون مع سلطات المخيم.
أظهر رجل لـ هيومن رايتس ووتش جرحا في صدره قال إنه من محتجزين موالين لداعش أطلقوا النار عليه لأنهم اعتبروه مخبرا. قالت امرأة كانت تعمل في روضة أطفال في المخيم إن اثنين من عناصر داعش سرقاها وصوبا مسدسا نحوها وحذراها: "هذا آخر يوم تعملين فيه في الروضة وإلا سنقتلك". استقالت على الفور.
قالت مفوضية حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة إن 42 شخصا قتلوا في الهول من يناير/كانون الثاني إلى منتصف نوفمبر/تشرين الثاني، بينهم 22 امرأة وأربعة أطفال، و83 شخصا قتلوا في المخيم في 2021. بين عامي 2019 و2021، تم الإبلاغ عن مقتل أو وفاة ما لا يقل عن 972 محتجزا في الهول، كثير منهم أطفال، لأسباب أخرى، بما في ذلك الحوادث وسوء التغذية وانخفاض درجة الحرارة، وفقا لـ"منظمة الصحة العالمية" و"الهلال الأحمر الكردي".
قال مديرو المخيم إن صبيا عراقيا عمره ثمانية أعوام غرق في مايو/أيار في إحدى قنوات الصرف الصحي العديدة المكشوفة التي تقطع مخيم الهول. بعد أيام، شاهدت هيومن رايتس ووتش أطفالا يلعبون في قناة الصرف الصحي بالمخيم. قال مديرو المخيم إنه تم العثور على جثة عراقية مصابة بالرصاص في ذلك الشهر في حفرة الصرف الصحي في الهول. في نوفمبر/تشرين الثاني، عُثر على شقيقتين مصريتين، كلتاهما دون الـ15، ميتتين في قناة الصرف الصحي في الهول بعد تعرضهما للاغتصاب والطعن.
قالت مصادر من بينها منظمتا إغاثة تعملان في المنطقة إن عمال الإغاثة تعرضوا للتهديد أو السرقة أو حتى القتل، مما أجبرهم في بعض الحالات على تعليق العمليات.
في سبتمبر/أيلول، نفذت قسد، بمساعدة المخابرات العسكرية الأمريكية، عملية تمشيط للهول استمرت ثلاثة أسابيع، واعتقلت 300 من عناصر داعش المزعومين، وصادرت متفجرات وقنابل يدوية، وأطلقت سراح ستة نساء تم العثور عليهن مقيدات بالسلاسل ومعذبات، بما في ذلك امرأة إيزيدية قال الجيش الأمريكي إن داعش أسرها في 2014 في سن التاسعة.
لم يتم الإبلاغ عن جرائم قتل في روج، لكن أكثر من 12 امرأة هناك قلن إن النساء المواليات لداعش هددوهن وأطفالهن أو استهدفوهن. قالت امرأة فرنسية: " ألقين الحجارة عليّ وعلى ابني، قائلات إنه عليّ ارتداء الحجاب".
قال مديرو المخيمات في روج والهول وعمال إغاثة ونساء محتجزات في روج إن المحتجزين، أطفالا وكبارا، اعتدوا في بعض الأحيان على محتجزين آخرين جنسيا، بمن فيهم أطفال. قال عمال إغاثة إن بعض النساء يلجأن إلى العمل بالجنس لشراء الطعام والدواء لأطفالهن، ويخاطرن بالإعدام على يد عناصر داعش بسبب القيام بذلك، وغالبا ما يعمل الأطفال أو يتسولون للحصول على الطعام، مما يجعلهم عرضة للاستغلال.
من بين الحالات الأخرى، قال عامل إغاثة إن امرأتين حاملتين محتجزتين في المخيمات زعمتا إنهما تعرضتا للاغتصاب في 2022 من قبل رجال مقنعين تعتقدان أنهما من حراس المخيم، وإن رجلا محتجزا في المخيم اغتصب صبيا صغيرا.
قالت أم كندية في روج: "عندما كنا تحت حكم الدولة الإسلامية، كان علينا أن نجد مكانا آمنا لحماية أطفالنا من القنابل. الآن علينا أن نجد لهم مكانا آمنا لحمايتهم من الأشخاص الآخرين في المخيمات". كما العديد من النساء، قالت الأم إنها بحاجة أيضا إلى حماية أطفالها من الصدمات المتزايدة مع مرور السنين في المخيمات. قالت، قبل أيام، حاول ابنها الصغير شنق نفسه بحبل خيمة.
رعاية طبية غير كافية
في كلا المخيمين، قالت النساء المحتجزات إن نقص الأدوية والرعاية الطبية كان شديدا. قالت العديد من الأمهات في روج إن أطفالهن يعانون من ربو حاد تفاقم بسبب أبخرة من حقل نفط مجاور، لكنهن لم يتمكن من الحصول على ما يكفي من الأكسجين أو الأدوية الأخرى. قالت ثلاث نساء إن أطفالهن يحتاجون عملية جراحية يتعيّن عليهن دفع تكلفتها بأنفسهن، لكن لا توجد وسيلة لكسب المال داخل المخيم.
قالت النساء المحتجزات في كلا المعسكرين إن الحراس أخّروا أو رفضوا طلبات نقل النساء أو الأطفال المصابين بأمراض خطيرة أو المصابين إلى المستشفيات للحصول على الرعاية الطارئة، وإن بعضهم مات. وصف تقرير لـ" أطباء بلا حدود" عن مخيم الهول في سبتمبر/أيلول أن سلطات المخيم انتظرت طويلا لنقل طفلين صغيرين يحتاجان إلى رعاية طارئة إلى المستشفيات – يومين في حالة وساعات في أخرى – ماتا في الطريق دون والدتيهما.
قالت أميرة، أرملة مصرية عمرها 32 عاما محتجزة في روج مع طفليها الصغيرين، إنها تريد العودة إلى مصر، وهي دولة لديها سجل من الانتهاكات الجماعية ضد المشتبهين بالإرهاب، إذا تمكن أطفالها من تلقي الرعاية الطبية وبدء حياة جديدة هناك:
لدي طفلان، يبكيان طوال الوقت. يسألان، "لماذا نحن هنا؟" ابني مريض. لديه مشكلة في التنفس. في الليل يصدر أصواتا ويئن. يحتاج لعملية جراحية أو شيء ما لمساعدته على التنفس. [أقول] "لا بأس، لا بأس، ستكون بخير ... غدا سنخرج. ... وغدا يأتي ولا نغادر. … أرجوكم، أي شخص يرى هذه الرسالة، أي شخص مسؤول… من فضلكم تحركوا. من أجل الأطفال. من أجل حقوقهم.
قدّرت مصادر منها منظمات إغاثة أن مئات الفتيان والرجال المحتجزين الذين نُقلوا من الصناعة إلى سجن بانوراما بعد محاولة داعش اقتحام السجن في يناير/كانون الثاني يعانون من السل الذي لم يعالج منذ شهور، وأن العشرات يحتاجون إلى جراحة متخصصة أو علاج متقدم للجروح أو غيرها من الحالات الطبية.
نقص الغذاء والماء
يتكرر نقص الغذاء والمياه النظيفة، وخاصة في مخيم الهول. قال عامل إغاثة لـ هيومن رايتس ووتش إن المحتجزين في الهول لم يتلقوا حصصهم الغذائية الأساسية لمدة شهرين خلال الصيف. قال محتجزان إن السلطات في الهول منعت جميع المحتجزين في "الملحق"، الأقسام التي تحتجز أجانب غير عراقيين، لعدة أيام خلال تلك الفترة من الذهاب إلى سوق المخيم لشراء أغذية طازجة وحليب ومياه معبأة. قال المحتجزان إن السلطات منعت الدخول إلى السوق بعد أن اشتكت مجموعة نساء من سوء معاملة الحراس والمحققين.
في روج، قالت امرأة إن الحراس دخلوا قسما من المخيم في يونيو/حزيران وهددوا "بأخذ جميع الفتيان من سن 7 سنوات فما فوق" إذا لم تُرجع إحدى النساء الطعام الذي سرقته من السوق.
قال عمال إغاثة إن مخيم الهول عانى أيضا من نقص المياه بعد أن اشتبه مديرو المخيم في أن داعش كان يهرب أسلحة إلى المخيم عن طريق توصيل المياه.
نقل النساء والأطفال إلى مراكز احتجاز أخرى
وصفت سبع نساء في روج احتجازهن في أواخر 2021 وأوائل 2022 من قبل حراس المعسكر، اثنتان منهن احتُجزتا بعد أن نظم عدة محتجزات احتجاجا. احتجز الحراس حوالي 20 امرأة لفترات تراوحت بين بضعة أيام وأربعة أشهر، تاركين نحو 45 طفلا، بحسب 3 نساء. قالت أم فرنسية لديها أطفال صغار إنها احتُجزت لأربعة أشهر، أولا في مرحاض، ثم في السجن:
أغلقوا علينا المراحيض واستجوبونا. مكثت هناك ليومين، وهناك نساء أخريات لأوقات طويلة. قالوا لنا: "لن تخرجن أبدا. لن ترين أطفالكن أبدا. ستكون هذه أيامكن الأخيرة". أرجوكم، اسمحوا لي أن أعود إلى وطني مع أطفالي، حتى لو كان عليّ الذهاب إلى السجن. من أجل أطفالي. ليس لدينا حقوق هنا.
تُنقل النساء اللواتي تزعم السلطات الإقليمية أنهن كن شرطة آداب لدى داعش دوريا من المخيمات إلى سجن في الحسكة. منذ أكتوبر/تشرين الأول 2021، أمضى نحو 55 من أطفال النساء الليل معهن في السجن، وثماني ساعات يوميا في مركز رعاية نهارية يخضع لحراسة مشددة داخل مجمع في السجن يدعى هلات. قالت بروين حسين العلي، مديرة هلات، لـ هيومن رايتس ووتش في مايو/أيار، إن الأطفال تتراوح أعمارهم بين 18 شهرا و13 عاما.
توجد في هلات جدران مرتفعة تحمل رسومات لميكي ماوس ودونالد داك، ومقطورات قالت العلي إن الجيش الأمريكي تبرع بها ويستخدمها الأطفال في القيلولة ومشاهدة الأفلام وأنشطة أخرى، وحوض سباحة ومراحيض، لكن لم يكن هناك مياه في أي منها في اليوم الذي جرت في زيارة هيومن رايتس ووتش. كان أطفال من دول مثل المملكة المتحدة وفرنسا وروسيا وطاجكستان يلعبون في الفناء. قالت العلي إن المركز يفتقر إلى الأموال اللازمة للأطعمة الطازجة ودمى الأطفال.
قال عديد من الأطفال العشرة الذين تحدثت إليهم هيومن رايتس ووتش هناك إنهم يفضلون العيش في المخيمات المغلقة على قضاء الليالي في السجن.
سأل صبي عمره 11 عاما من طاجكستان، لديه ندبة على جمجمته قال إنها ناجمة عن غارة جوية: "لماذا نحن في السجن؟ متى سنخرج؟".
قالت فتاة عمرها 12 عاما من أذربيجان: "في السجن نجلس فقط ولا نفعل شيئا، لا شيء، لا شيء..
قالت العلي إنه خلال هجوم يناير/كانون الثاني على سجن الصناعة القريب، حاول انتحاريان من داعش تسلق جدران هلات لكنهما قُتلا على أيدي الحراس.
احتجاز الفتيان بمعزل عن عائلاتهم
قالت أمهات وفتيان نُقلوا وعديد من العاملين في المخيمات وعمال الإغاثة إن عشرات أو ربما مئات الفتيان أبعِدوا قسرا من مخيمي الهول وروج من قبل قوات الأسايش وقوات قسد، واحتُجزوا في مراكز احتجاز منفصلة عندما وصلوا إلى سن المراهقة أو اقتربوا منه. أفادت لجنة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق بشأن سوريا في سبتمبر/أيلول أن النقل شمل "عشرات الفتيان ممن تتراوح أعمارهم بين 10 سنوات و12 سنة" من مخيم الهول. وصف تقرير لـ أطباء بلا حدود في نوفمبر/تشرين الثاني هذه الممارسة بأنها "منتظمة ومنهجية".
قالت الأمهات في كثير من الحالات إن الحراس أخذوا الأطفال دون إبلاغ أمهاتهم، ولم تستجب سلطات المخيم لنداءات الأمهات لمعرفة مكان احتجاز أبنائهن لأسابيع أو شهور، الأمر الذي قد يجعل إبعادهم إخفاءً قسريا.
أقرت السلطات في شمال شرق سوريا بأخذ الفتيان لكنها رفضت تحديد عددهم أو مكان احتجازهم جميعا. قالت إن نحو 110 فتى محتجزون في مركز الحوري، وهو مبنى مغلق به فناء تسميه الإدارة الذاتية مركزا ترفيهيا، ثم يُنقل الفتيان الأكبر سنا إلى سجون عسكرية للرجال. يُحتجز في هذه السجون أيضا فتيان فصلتهم قسد عن ذويهم فورا عند اعتقالهم في عام 2019 أو قبل ذلك. قال عديد من عمال ومنظمات الإغاثة والمخيمات إنهم لا يعرفون جميع الأماكن التي نُقل الفتيان إليها.
قال باورمند رشو، المسؤول الإقليمي المشرف على الهول وروج، إن السلطات لم تأخذ سوى الفتيان الذين اعتبرتهم تهديدا أمنيا، ونفى اتهامات بأن السلطات لم تبلغ الأمهات بعمليات النقل. قال: "نحن لا نختطفهم. نقول: نحن نأخذ طفلك إلى مركز إعادة التأهيل".
"آبار"، أم مصرية محتجزة في روج، شرعت بالبكاء عندما قالت إن ابنها، الذي كان عمره 14 عاما آنذاك، كان من بين أربعة فتيان أُخذِوا دون سابق إنذار قبل ثمانية أشهر. قالت متوسلة: "من فضلكم، من فضلكم، هل يمكنكم مساعدتي في العثور عليه؟ لا أعرف شيئا عنه". أخبر مسؤولو المخيم الأم لاحقا أن ابنها نُقل إلى سجن غويران الذي هاجمه داعش في يناير/كانون الثاني. لعدة أشهر، اعتقدت آبار أن ابنها قد يكون من بين الموتى.
في يوليو/تموز، أعطى مسؤولو المخيم للأم صورة ورسالة صوتية قصيرة لابنها قال فيها إنه بخير، لكنه بدا هزيلا ويرتدي ملابس شتوية رغم أن الوقت كان صيفا، على حد قول أحد أفراد الأسرة لـ هيومن رايتس ووتش. حتى ديسمبر/كانون الأول، بعد 14 شهرا من أخذ ابنها، لم تر آبار ابنها.
"بدر"، صبي في مركز الحوري، قال إن عمره 15 عاما وإنه مواطن أمريكي، وإن حراسا مسلحين اقتادوه من الهول في ديسمبر/كانون الأول 2020، عندما كان في سوق المخيم: "دون علم عائلتي". قال إن آسريه احتجزوه لمدة شهر بمعزل عن العالم الخارجي في مرحاض مع 18 فتى ورجل آخر، ثم نقلوه إلى مركز الحوري:
خرجت لشراء بعض الحاجيات وأخذوني للتو من وسط المتجر. كنا أربعة أطفال. أرسلونا إلى سجون صغيرة، غرفتين. كان مرحاضا [مرحاض] ... أبقوني هناك لمدة شهر. ... قلنا لهم لماذا؟ لم نفعل أي شيء. قالوا "إذا كنت أكبر من 12 و13 عاما، لا يُسمح لك بالبقاء في المخيم". كان الجو باردا بالفعل في ذلك الوقت، ولم يسمحوا لنا بإحضار حقائبنا أو أي شيء، [ولا حتى] ملابسنا. ثم أحضرونا إلى هنا.
قال بدر إن والده أحضره وإخوته الثمانية ووالدته إلى سوريا للعيش تحت سيطرة داعش عام 2016، وأخبرهم أنهم ذاهبون للتخييم. قال إن السلطات سمحت بزيارتين فقط من أحد أفراد الأسرة منذ نقله إلى مركز الحوري.
أثناء زيارة هيومن رايتس ووتش، كان فتيان من نحو عشرين دولة من بينها الجزائر، وفرنسا، وألمانيا، والمغرب، وترينيداد، وروسيا يتجولون في فناء مركز الحوري، أو يجلسون بنظرات شاردة على أسرّة أطفال في مهاجع. قالت خديجة موسى، مديرة المخيم، إن منظمة إغاثة توفر تعليما أساسيا محدودا في مواضيع مثل الإنغليزية والعربية والرياضيات والموسيقى، لكن المركز يفتقر إلى الموارد الكافية.
مثل الفتية الآخرين الذين قابلتهم هيومن رايتس ووتش في مركز الحوري، قال بدر إنه في معظم الأوقات لا يفعل شيئا:
تعرفون كيف يفترض في عمرنا أن نكون، في الخارج، في المدارس، نأكل ونتجول، ونلعب، و[نلعب] كرة القدم، ونركب الدراجة، ونتعلم، وأشياء مثل هذه. لست وحدي، بل هناك كثير من الأطفال. ... لا أحد يريد البقاء، وأن يكبر هنا، ولا يفعل شيئا.
قال مصدران إن ما لا يقل عن 60 فتى وشابا أجنبيا محتجزون في سجن علايا العسكري. الأجانب في زنازين منفصلة عن 800 محتجز آخرين أغلبهم سوريون مدانون بالإرهاب. عندما زارت هيومن رايتس ووتش علايا في مايو/أيار، كان هناك 30 فتى وشابا أجنبيا محتجزين هناك. قال المصدران إن العدد ارتفع أثناء الحملة الأمنية في الهول.
قال مدير السجن فرهاد حسن في مايو/أيار إن الشباب محتجزون بمعزل عن الرجال في "مركز إعادة تأهيل". قال إن الفتيان من أكثر من 12 دولة، من بينها أفغانستان وفرنسا والمغرب وروسيا وباكستان.
قال أربعة شبان قابلناهم إن جميع الفتيان والشبان الثلاثين يُحبسون لمدة 23 ساعة في اليوم في زنزانة واحدة مزدحمة ومغلقة، فيها صنبور استحمام واحد ومرحاض واحد، مع الحد الأدنى من الأنشطة. قالوا إنهم يمضون الساعة المتبقية في فناء صغيرا جدا للعب جميعا في نفس الوقت. قال أحد الأطفال إنه لأكثر من شهر، لم تكن لديهم كرة قدم. قال الفتيان إنهم يفتقرون إلى الرعاية الطبية الكافية والطعام الطازج.
قال "ياسر" (19 عاما) من فرنسا، إن والديه أحضراه إلى سوريا عام 2014، وإن حراسا مسلحين اقتادوه من مخيم الهول عام 2020، ونقلوه أولا إلى الحوري ثم إلى علايا:
كنت جالسا في خيمتي وجاء المسلحين. قالوا: "ستعود بعد دقيقتين". لكنهم لم يعيدوني أبدا. نفسيا، أنا متعب حتى الموت. أنا فقط أريد والدتي. ... أنا أيضا بحاجة إلى طبيب. لا أستطيع تحريك يدي اليسرى. يدي ماتت.
كانت ذراع ياسر اليسرى متدلية على جانبه، ولديه ندبة متقاطعة في مؤخرة رأسه، قال إنها جروح ناجمة عن غارة جوية عام 2018. قال طبيب السجن إن الجراحين أجروا عملية جراحية لذراعه لكنه يحتاج إلى جراحة خاصة غير متوفرة في شمال شرق سوريا.
قال "كمال" (20 عاما) من ألمانيا، والذي أحضره زوج والدته إلى سوريا عندما كان عمره 11 عاما، إن الحراس المسلحين اختطفوه من روج أواخر عام 2019 في منتصف الليل، وأحضروه مع ثلاثة فتيان آخرين إلى مركز الحوري.
قال كمال إنه نُقل إلى علايا في مايو/أيار 2022. قال: "يُنقل الفتيان الآخرون أيضا. من المخيف أن أكون هنا. أحيانا يأتون [الحراس] فجأة، ولا نعرف ما الذي سيحدث". قال إنه منذ نقله من روج، رأى والدته وثلاثة من أشقائه الصغار مرة واحدة فقط في 2020. قال: "لا يمكنني الاتصال بوالدتي. أتمنى أن تتلقى رسائلي".
قال بعض الفتيان المحتجزين في علايا والحوري إنهم لم يتلقوا رسائل من أقاربهم لشهور في بعض الأحيان. قال أقارب إن التأخيرات كانت مماثلة أو أطول في سجون أخرى.
كان جاك ليتس (27 عاما) مواطنا كنديا بريطانيا إلى أن سحبت حكومة المملكة المتحدة جنسيته عام 2019. كتب ليتس رسالة إلى والدته في سبتمبر/أيلول 2021 من سجن في شمال شرق سوريا أخبرها فيها: "أمي، مضى أكثر من عام منذ أن أتى الصليب الأحمر لذلك تفاجأت عندما لم أجد رسالة جديدة". تلقت والدته، سالي لين، الرسالة بعد سبعة أشهر.
قال عديد من أفراد العائلات الذين لديهم أقارب مسجونون في شمال شرق سوريا إن المعلومات الواردة من الحكومات حول المحتجزين كانت شحيحة أو معدومة. كتبت امرأة كندية إلى السلطات الكندية بشأن شقيقها، الذي قالت إنه كان "مريضا جدا" عندما زارته في سجن شمال شرق سوريا عام 2021: "أربع سنوات مرت وأنا أطلب منكم توضيح حالة صحة أخي الجسدية والعقلية. هل لديكم تقرير طبي عن حالته الصحية؟".
في أكتوبر/تشرين الأول 2022، أعادت ألمانيا كمال مع 11 من النساء والأطفال الألمان. عندما وصل كمال، احتجزه مكتب المدعي العام الاتحادي فورا، قائلين إنهم يشتبهون في أنه قاتل مع داعش في سن 14 و15، وأنه بعد نقله من روج، ضرب وهدد صبية آخرين لمحاولة جعلهم يدعمون داعش.
قال عبد الكريم عمر، المسؤول في شمال شرق سوريا، إن الإدارة الذاتية كانت تسعى للحصول على تمويل دولي لـ 15 أو 16 مركزا لإعادة تأهيل الفتيان وربما الفتيات عندما يصبحن مراهقات. في 2021، شجبت فيونوالا ني أولاين، المقررة الخاصة المعنية بتعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية في سياق مكافحة الإرهاب، احتجاز الأولاد في الحوري وفي السجون ووصفتها بأنها "عملية فرز وفصل وإيداع للفتيان المراهقين بعيدا عن أمهاتهم" في "عملية بغيضة لا تتفق مع حقوق الطفل".
المعايير القانونية الدولية
تتحمل الدول مسؤولية اتخاذ خطوات لحماية مواطنيها عندما يواجهون انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، بما فيها فقدان الحياة والتعذيب. يمكن أن يمتد هذا الالتزام ليشمل مواطني البلدان الأجنبية عندما يمكن أن تحميهم الإجراءات المعقولة من قبل حكوماتهم الأصلية من مثل هذا الضرر. ينص القانون الدولي لحقوق الإنسان أيضا على أن لكل فرد الحق في الجنسية. يقع على عاتق الحكومات التزام قانوني دولي بتوفير الحصول على الجنسية في أقرب وقت ممكن لجميع الأطفال المولودين في الخارج لأحد مواطنيها الذين سيكونون عديمي الجنسية لولا ذلك. لكل فرد الحق في الحصول على الغذاء الكافي والماء والملبس والمأوى والصحة العقلية والبدنية والمحاكمات العادلة. لجميع الأطفال الحق في التعليم.
احتجاز الأشخاص في ظروف لاإنسانية أو مهينة كما هو الحال في المخيمات والسجون في شمال شرق سوريا محظور تماما بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان وقوانين الحرب. كما تُحظر بشدة عمليات الإخفاء القسري، والتي تشمل رفض السلطات تقديم معلومات عن شخص احتجزته أو مكان احتجازه. إذا كانت عمليات الاخفاء القسري واسعة النطاق أو منهجية، تشكل جرائم ضد الإنسانية.
احتجاز الإدارة الذاتية للأجانب إلى أجل غير مسمى دون إتاحة الفرصة لهم للطعن في شرعية وضرورة حبسهم يشكل احتجازا تعسفيا وغير قانوني. الاحتجاز الجماعي لأفراد عائلات المشتبه بانتمائهم إلى داعش يعتبر عقابا جماعيا وجريمة حرب.
بموجب "اتفاقية حقوق الطفل"، لا ينبغي احتجاز الأطفال إلا كتدبير استثنائي يُلجأ إليه كملاذ أخير. يجب متابعة المسؤولية الجنائية للأطفال الذين ينتقلون إلى سن الرشد في ظروف استثنائية فقط. لا ينبغي فصل الأطفال عن والديهم في حالة عدم وجود تقييم مستقل يفيد بأن الانفصال يصبّ في مصلحة الطفل. يجب اعتبار الأطفال المرتبطين بالجماعات المسلحة ضحايا في المقام الأول.
في قرارات منفصلة في فبراير/شباط وأكتوبر/تشرين الأول، وجدت "لجنة الأمم المتحدة لحقوق الطفل" أن فرنسا وفنلندا انتهكتا الحق في الحياة والتحرر من المعاملة اللاإنسانية للأطفال الذين لم يُعادوا إلى وطنهم من شمال شرق سوريا. في سبتمبر/أيلول، خلصت "المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان" إلى أن فرنسا انتهكت حقوق النساء والأطفال الذين يسعون للعودة إلى الوطن من خلال عدم فحص طلباتهم بشكل ملائم وعادل.
تؤكد قرارات "مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة"، بما فيها القرار 2396 لعام 2017، على أهمية مساعدة النساء والأطفال المرتبطين بجماعات مثل داعش والذين قد يكونون أنفسهم ضحايا للإرهاب، بما فيه من خلال إعادة التأهيل وإعادة الإدماج.
التوصيات
على الدول إعادة المحتجزين إلى أوطانهم أو المساعدة في إعادتهم، مع إعطاء الأولوية للفئات الأكثر ضعفا بمن فيهم الأطفال وأمهاتهم. على كيانات الأمم المتحدة، بما فيها "المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين" و "اليونسيف"، وكذلك "التحالف العالمي لهزيمة داعش" والدول المانحة، العمل على إعادة توطين الأجانب بأمان خارج بلادهم الذين يواجهون فيها خطر الموت أو التعذيب وغيره من أشكال سوء المعاملة. على الحكومات تزويد الذين أعيدوا إلى بلادهم أو أعيد توطينهم بخدمات إعادة التأهيل وإعادة الإدماج، وأن تقاضي البالغين عند الاقتضاء.
في غضون ذلك، على هذه الدول والجهات المانحة وكيانات الأمم المتحدة والتحالف لهزيمة داعش زيادة المساعدات فورا لإنهاء المعاملة اللاإنسانية والمهينة الأخرى، من خلال الجهود التي تشمل تحسين الغذاء والمأوى والخدمات الطبية والتعليم للأطفال. عليها الحفاظ على وحدة العائلة عندما يكون ذلك في مصلحة الطفل الفضلى، ومساعدة السلطات المحلية على إخراج الأولاد والشبان من الاحتجاز العسكري. عليها زيادة التواصل بين المحتجزين وأفراد عائلاتهم في شمال شرق سوريا وفي بلدان الأصل، بما فيه بإثبات الحياة.
على هذه الحكومات والكيانات أيضا أن تعمد فورا إلى استئناف الجهود المتوقفة لإنشاء آلية قضائية في شمال شرق سوريا أو في أي مكان آخر للسماح لجميع الأجانب بالطعن في احتجازهم بشكل عادل، مما يسمح بالإفراج الفوري والطوعي والمرور الآمن لجميع الذين لن تُوجه إليهم تهما جنائية أو الذين لا يشكلون تهديدا أمنيا وشيكا.
على سلطات شمال شرق سوريا، بما فيها الإدارة الذاتية وقسد والأسايش، التعاون مع هذه الجهود، والسماح لجماعات الإغاثة والمراقبين المستقلين بالوصول غير المقيد إلى جميع مواقع الاحتجاز، وضمان العلاج الفوري للمحتجزين الذين يحتاجون إلى رعاية طبية متقدمة ومنقذة للحياة.