هناك تناقض مهول بين القرار الذي اعتمده "مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة" هذا الأسبوع بشأن ليبيا والتقرير النهائي لـ "بعثة تقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدة" الذي يُفصّل الانتهاكات والتجاوزات في ليبيا.
من جهة، وثّق خبراء الأمم المتحدة في التقرير "مجموعة واسعة من جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية" ضد الليبيين والمهاجرين العالقين في ليبيا، وأشاروا إلى أن قوات حرس السواحل الليبي المدعوم من "الاتحاد الأوروبي" كانوا من بين الجناة الرئيسيين الذين ارتكبوا جرائم ضد المهاجرين، وطالب الخبراء الاتحاد الأوروبي بوقف دعمهم.
من جهة أخرى، فإن القرار الضعيف لمجلس حقوق الإنسان، وبدلا من الإصرار على المساءلة عن الانتهاكات، اقتصر على دعم الأمم المتحدة في تقديم المساعدة الفنية وبناء القدرات للحكومة في طرابلس.
كيف حدث هذا؟ صاغت الحكومة الليبية نفسها مشروع القرار بشأن ليبيا - وهي ممارسة راسخة في مجلس حقوق الإنسان تستغلها الحكومات الساعية إلى تفادي التدقيق. بدلا من تعزيز النص الذي صاغته ليبيا، اقترح الاتحاد الأوروبي تعديلات هامشية فقط.
حتى أن إيطاليا ومالطا منحتا موافقتهما الرسمية على مشروع القرار الليبي الضعيف من خلال رعايته رسميا.
يُمثل القرار فشلا مزدوجا للاتحاد الأوروبي. أولا، التقاعس عن تطبيق نفس المعايير على حالات الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وعن دعم المساءلة على الجرائم الدولية الموثقة.
ثانيا، عدم الاعتراف النتيجة التي توصلت إليها بعثة تقصي الحقائق بأن الشركاء الرئيسيين للاتحاد الأوروبي في ليبيا يرتكبون جرائم ضد الإنسانية. بدلا من ذلك، "اعترض" الاتحاد على النتائج التي تنتقده بالقول إن تعاونه مع ليبيا يهدف إلى تعزيز إدارة الهجرة واحترام حقوق الإنسان، ووافق على قرار أنهى أي عملية إبلاغ لاحقة ذات صلة بتقرير الأمم المتحدة.
ينبغي للاتحاد الأوروبي التعجيل بتغيير مساره. يتعيّن عليه أن يؤيد ويضغط من أجل تنفيذ ومتابعة توصية التقرير وتوصية مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان بضرورة إنشاء مجلس حقوق الإنسان في دورته المقبلة آلية مستقلة لرصد انتهاكات حقوق الإنسان في ليبيا.
ينبغي للاتحاد الأوروبي أيضا تعليق التعاون مع السلطات الليبية وتطبيق العناية الواجبة بحقوق الإنسان بشكل صارم في تمويله لدول أخرى حتى تتوقف عن إرسال الناس إلى أماكن يواجهون فيها انتهاكات وظروف احتجاز غير إنسانية. كل يوم يتجاهل في خلاله الاتحاد الأوروبي الأدلة المتزايدة والموثقة على جرائم الكيانات التي يدعمها في ليبيا، يزداد تورطه في الانتهاكات في البحر الأبيض المتوسط وفي ليبيا.