(لندن، 5 نوفمبر/تشرين الثاني 2020) — قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم، في اليوم العالمي الأوّل ضدّ العنف والتنمّر في المدارس، بما فيه التنمّر على الإنترنت، إنّ على الحكومات حول العالم تعزيز جهودها عاجلا للحرص على سلامة الطلّاب في المدارس وعلى المنصّات الإلكترونية. لم تحظر حكومات عديدة بعد العقاب البدني، ويقصّر العديد منها في حماية الطلّاب من أشكال العنف المتعلقة بالمدرسة من عنف جنسي، وتنمّر، وعنف إلكتروني.
يتعرّض الطلّاب في معظم البلدان للعنف، والتنمّر، والتمييز. بحسب وكالات "الأمم المتحدة"، يواجه أكثر من 246 مليون طفل سنويا عنفا قائما على الجندر في المدارس أو محيطها، ويتعرّض/تتعرّض طالب/ة من ثلاثة للتنمّر والعنف الجسدي. يفيد/تفيد نصف المراهقين/ات في العالم عن التعرّض للعنف على يَد زملاء في المدرسة.
قالت إلين مارتينيز، باحثة أولى في حقوق الطفل في هيومن رايتس ووتش: "من المشين أن يتعرّض الطلّاب في بلدان عديدة لعنف مريع في المدارس قد يؤثر فيهم لبقية حياتهم. تؤثّر الانتهاكات الجسيمة مثل العنف الجنسي والجسدي بشدّة على كرامة الطلّاب، واستقلاليتهم البدنية، وقدرتهم على التعلّم والشعور بالأمان في المدرسة".
وجدت أبحاث هيومن رايتس ووتش بشأن معوّقات التعليم في أكثر من 15 بلدا أنّ الأطفال والشباب يختبرون أشكالا متعدّدة من العنف المدرسي القائم على الجندر. غالبا ما يفيد الطلّاب عن التعرض للعقاب البدني، والاستغلال الجنسي، والاعتداء والمضايقة، والعنف الجنسي، والتنمّر. غالبا ما يكون الأساتذة والمشرفون على المدرسة، إلى جانب طلّاب آخرين، مسؤولين عن ارتكاب هذه الانتهاكات.
كثيرا ما تتعرّض الفتيات، والأطفال ذوو إعاقة، والأطفال اللاجئون، والطلّاب المثليون/ات ومزدوجو/ات التفضيل الجنسي، ومتغيّرو/ات النوع الاجتماعي )مجتمع الميم( لدرجات عالية من العنف والتنمّر. في أغلب الأحيان، قلّما يحظى العنف ضدّ هؤلاء الأطفال باهتمام بسبب هيمنة المواقف التمييزية والمضرّة تجاههم والتي تديم الصمت والإفلات من العقاب.
على الرغم من إحراز تقدّم ملحوظ، لا يزال العقاب البدني في المدارس مشرّعا في 67 بلدا على الأقلّ، ولا يزال عدد كبير من الأساتذة يستخدمون العقاب البدني لضبط الصفوف وفرض سلطتهم. في لبنان، يتعرّض الأطفال غالبا للضرب، والصفع، والإذلال. في جنوب أفريقيا، يواجه بعض الطلاب ذوي الإعاقة، تحديدا الإعاقة الحسية والفكرية، العنف الجسدي، والاعتداء اللفظي، والإهمال من الأساتذة والمساعدين في المدارس العادية والمختصة.
يستمرّ التقصير في الإبلاغ عن العنف الجنسي في المدارس، بما في ذلك الاغتصاب، والاعتداء والاستغلال الجنسيان، في بلدان عديدة. في السنغال وتنزانيا، غالبا ما يستغلّ الأساتذة والمسؤولون في المدارس الفتيات جنسيا مقابل المال لتسديد رسوم الدراسة، والعلامات، واللوازم الأساسية مثل الفوط الصحية. أخبرت الكثير من الفتيات هيومن رايتس ووتش أنّهنّ لم يبلغن عن العنف الجنسي لأنّ المسؤولين في المدرسة لا يصدّقونهنّ، خصوصا عندما يكون الأساتذة هم مرتكبي هذه الأفعال.
يواجه طلّاب مجتمع الميم التنمّر، والتمييز، والعنف في بلدان عديدة، لكن غالبا ما يتمّ إقصاؤهم من السياسات أو التدابير المضادّة للتنمّر والمتّخذة للحدّ من العنف في المدارس. في اليابان وفيتنام، تؤدّي قلّة التدريب والمحاسبة للأساتذة إلى السماح بالتنمّر ضدّ طلّاب مجتمع الميم والمساهمة فيه.
يؤثّر العنف الإلكتروني القائم على الجندر والمرتبط بالتجربة المدرسية بشكل متزايد على أطفال كثيرين. كما أنّه بات مدعاة قلق نتيجة ازدياد الفترة التي يقضيها الطلّاب على الإنترنت بسبب إقفال المدارس على خلفية تفشي فيروس "كورونا". يؤثّر التنمّر على الإنترنت أيضا في شباب وشابّات مجتمع الميم، إذ تنتقل الانتهاكات من الصفوف إلى المنصّات الإلكترونية. في الفلبين والولايات المتحدة، وصف طلّاب مجتمع الميم التعليقات والافتراءات المعادية لهم، بالإضافة إلى الشائعات سريعة الانتشار التي تسهّلها وسائل التواصل الاجتماعي. وجدت هيومن رايتس ووتش أنّ هذا التشهير العام والسخرية يتركان تداعيات سلبية على صحّة الأطفال النفسية وتحصيلهم الأكاديمي.
أضافت هيومن رايتس ووتش أنّ الدول التي تفتقد إلى سياسات واضحة وملزمة للمدارس لمعالجة جميع أشكال العنف والتنمّر، بما في ذلك الإلكتروني، غالبا ما تنشر ممارسات سيئة مشابهة. تفتقد مدارس كثيرة إلى سياسات لحماية الأطفال، وإلى إجراءات حماية هادفة للحرص على سلامة الأطفال الأكثر عرضة للخطر.
في بلدان عديدة، لا يتلقّى الأطفال تربية جنسية شاملة وملائمة لأعمارهم. تشكّل هذه المادّة الأساسية مقدِّمة للأطفال والأساتذة لمناقشة العنف القائم على الجندر، وتمكّن الأساتذة من تناول أحاديث حسّاسة أو صعبة بأساليب لا تسبب وصمة، كما أنّها تمكّن الأطفال من الإبلاغ عن انتهاكات أو تصرّفات مؤذية.
غالبا ما تفتقد المدارس أيضا إلى مرشدين وأساتذة مدرّبين كما يجب على حماية الأطفال. في أسوأ الحالات، يعجز مسؤولو المدارس عن حماية خصوصية الأطفال أو احترام سرّية شؤونهم، ما يعرّض الأطفال لوصمة العار، والإحراج، والانتقام. حتى عندما يبلغ الأطفال عن انتهاكات، لا يأخذ المسؤولون في المدارس دائما هذه الادعاءات جدّيا، أو يجرون تحقيقات، أو يحيلون القضايا إلى السلطات المختصّة.
ينبغي أن تعتمد الحكومات عاجلا سياسات وطنية ملزمة تؤمّن حماية الطلّاب في المدارس وفي الفضاءات الإلكترونية. كذلك، على البلدان حيث وُضعت هذه السياسات الحرص على أن تشمل تدابير لحماية الأطفال المعرّضين بشكل خاص لانتهاكات، بمَن فيهم الفتيات، وطلّاب مجتمع الميم، وذوو الإعاقة. على المدارس أن تمتلك أنظمة إبلاغ سرية ومتاحة، ومرشدين، أو أساتذة، أو مسؤولين مدرسيين يؤدّون دور نقاط اتصال لحماية الأطفال، ويكونون متوفّرين لتقديم الدعم الفوري للطلّاب المهدّدين بالاعتداءات أو الذين سبق أن اختبروها.
ينبغي أن تبني المدارس علاقات مع مراكز محلية لحماية الأطفال وصحتهم للحرص على الإنصات الملائم للأطفال الذين تعرّضوا لاعتداء، وإحالتهم للحصول على خدمات متعلقة بالصحة والصحة الجنسية والإنجابية المناسبة، بما في ذلك الوسائل العاجلة لمنع الحمل والإجهاض، عند الحاجة. على المدارس أن تؤمّن للطلّاب إمكانية الحصول على خدمات نفسية-اجتماعية، أي متعلقة بالصحة العقلية، تكون ملائمة، تشمل العلاج النفسي. ينبغي أن تقدّم المدارس تثقيفا جنسيا إلزاميا ملائما للعمر ودقيقا علميا.
قالت مارتينيز: "يحقّ للأطفال التعلّم في بيئة مادية أو إلكترونية آمنة، ويجب أن يكونوا قادرين على الوثوق بالراشدين الذين لديهم واجب قانوني وأخلاقي لحمايتهم. ينبغي أن ينير هذا المبدأ المهمّ جهود كلّ حكومة في معالجة آفة العنف والتنمّر في المدارس وعلى المنصّات الإلكترونية وفي القضاء عليها في نهاية المطاف".